|
||
. | ||
أصول الأخلاق الإسلامية: سادسًا: ارتباط معظم أحكام الشريعة بالأخلاق: الصفحة السابقة (عناصر البحث) الصفحة التالية |
||
|
||
سادسًا: ارتباط معظم أحكام الشريعة بالأخلاق: إن مما لا شك فيه أن أحكام الشريعة الإسلامية وتكاليفها تنقسم إلى أقسام، فمنها: أحكام عقدية، وهي ما كانت الغاية منها ابتلاء إرادة العبد في أمور غيبية اعتقادية، يرفقها إذعان وتسليم. وأحكام تعبدية، وهي ما كانت الغاية منها ابتلاء العبد في مجال العبادة المحضة. وأحكام المعاملات المالية، وهي ما كانت الغاية ابتلاء العبد في مجال المال... إلخ فالأحكام الاعتقادية مرتبطة بالأسس الأخلاقية، وذلك أن الإذعان والتسليم للحقائق الغيبية فضيلة خلقية، يدفع إليها أحد الأسس الأخلاقية الجذرية، ألا وهو حب الحق وإيثاره، وإن إنكارها رذيلة خلقية يدفع إليها كراهية الحق وردُّه. وأما الأحكام التعبدية فارتباطها بالأسس الأخلاقية يظهر فيما يلي: أن موجب العبادة لله طاعة أمره وشكره على نعمه بإعلان الخضوع له والتقرب إليه. أما طاعة من تجب طاعته فهي ظاهرة خلقية يدفع إليها أيضا حبُّ الحق وإيثاره؛ لأن من تجب طاعته فحقه أن يطاع، ومن يتمتَّع بخلق حبِّ الحق وإيثاره فإن خلقه يدفعه إلى تأدية هذا الحق لمستحقه. وأما شكر المنعم على نعمه فهو أيضا ظاهرة خلقية يدفع إليها حب الحق وإيثاره والاعتراف بفضل المتكرم سبحانه وتعالى، قال الله تعالى: {لَّن يَسْتَنكِفَ ٱلْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا للَّهِ وَلاَ ٱلْمَلَـئِكَةُ ٱلْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعًا * فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ فَيُوَفّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُمْ مّن فَضْلِهِ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْتَنكَفُواْ وَٱسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذّبُهُمْ عَذَابًا أَلُيمًا وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا} [النساء:171، 172]، وقال سبحانه: {إِنَّ ٱلَّذِينَ عِندَ رَبّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} [الأعراف:106]، وقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ، فَقِيلَ لَهُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟! قَالَ: ((أَفَلا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا))[1]. وأما المعاملات المالية فارتباطها بالأسس الأخلاقية يظهر جليا إذا علمت أن المعاملات المالية قائمة على أسس من الأخلاق، وهي: الحق والعدل والصدق والأمانة والوفاء[2]. |
||
. |