الملف العلمي للأحداث الراهنة

.

  العدل: ثامناً: من آثار السلف وأقوال العلماء:      الصفحة السابقة        الصفحة التالية      (الصفحة الرئيسة)

 

ثامنا: من آثار السلف وأقوال العلماء:

1. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إن الله إنما ضرب لكم الأمثال، وصرف لكم القول لتحيى القلوب، فإن القلوب ميتة في صدورها حتى يحييها الله، من علم شيئاً فلينفع به، إن للعدل أماراتٍ وتباشير، فأما الأمارات فالحياء والسخاء والهين واللين. وأما التباشير فالرحمة. وقد جعل الله لكل أمر باباً، ويسّر لكل بابٍ مفتاحاً، فباب العدل الاعتبار ومفتاحه الزهد، والاعتبار ذكر الموت والاستعداد بتقديم الأموال. والزهد أخذ الحق من كل أحدٍ قبله حقٌ، والاكتفاء بما يكفيه من الكفاف، فإن لم يكفه الكفاف لم يغنه شيءٌ...)[1].

2. قال ربعيُّ بن عامر رضي الله عنه لرستم قائد الفرس ـ لما سأله: ما جاء بكم؟ـ: (الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبى قاتلناه حتى نفيء إلى موعود الله). قالوا: وما موعود الله؟ قال: (الجنة لمن مات على قتال من أبى، والظفر لمن بقي)[2].

3. قال سعيد بن جبير في جوابٍ لعبد الملك عن العدل: "العدل على أربعة أنحاء: العدل في الحكم لقوله تعالى: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَٱحْكُم بَيْنَهُم بِٱلْقِسْطِ} [المائد:42]، والعدل في القول لقوله تعالى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَٱعْدِلُواْ} [الأنعام:152]، والعدل في الفدية لقوله تعالى: {وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ} [البقرة:123]، والعدل في الإشراك، قال تعالى: {ثْمَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام:1]"[3].

4. قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (إنما أهلك من كان قبلكم أنهم منعوا الحق حتى اشتري، وبسطوا الجور حتى افْتُديَ)[4].

5. قال عمر بن عبد العزيز: (إذا دعتك قُدرتك على ظلم الناس، فاذكر قدرة الله تعالى عليك، ونفاد ما تأتي إليهم وبقاء ما يأتون إليك)[5].

6. قال ابن تيمية: "إن الناس لم يتنازعوا في أن عاقبة الظلم وخيمة، وعاقبة العدل كريمة، ويُروى (الله ينصر الدولة العادلة، وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة) [6].

7. قال الغزالي: "إن حظ العبد من العدل أمرٌ ظاهرٌ لا يخفى، فأوَّل شيء يجب عليه من العدل في صفات نفسه أن يجعل الشهوة والغضب أسيرين تحت إشارة العقل والدين، فإنه لو جعل العقل خادماً للشهوة والغضب فقد ظلمه، هذا في الجملة، أما تفصيلات ما يجب عليه في العدل في نفسه فمراعاة حدود الشرع كلها، وإن عدله في كل عُضو أنه يستعمله على الوجه الذي أذن الشرع فيه. وأما عدله في أهله وذويه فأمر ظاهرٌ يدل عليه العقل الذي وافقه الشرع، وإما إن كان من أهل الولاية فإن العدل في الرعية من أوجب واجباته"[7].

8. قال ابن حزم: "أفضل نعم الله تعالى على المرء أن يطبعه على العدل وحبّه وعلى الحقّ وإيثاره"[8].

9. قال ابن الجوزي: "الظلم يشتمل على معصيتين: أخذ مال الغير بغير حق، ومبارزة الرب بالمخالفة، والمعصية فيه أشد من غيرها لأنه لا يقع غالباً إلا بالضعيف الذي لا يقدر على الانتصار. وإنما ينشأ الظلم عن ظلمة القلب ولو استنار بنور الهدى لاعتبر، فإذا سعى المتّقون بنورهم الذي حصل لهم بسبب التقوى اكتنفت ظلمات الظلم الظالم، حيث لا يغني عنه ظلمهُ شيئاً"[9].

10. قال ابن القيم: "التوحيد والعدل هما جماع صفات الكمال"[10].

11. وقال: "الإنسان خُلق في الأصل ظلوماً جهولاً، ولا ينفك عن الجهل والظلم إلا يُعلّمه الله ما ينفعه، ويُلهمه رشده، فمن أراد به خيراً علَّمه ما ينفعه، فخرج به عن الجهل، ونفعه بما علَّمه فخرج به عن الظلم ومن لم يرد به خيراً أبقاه على أصل الخلقة. فأصل كل خيرٍ هو العلم والعدل، وأصل كل شرٍ هو الجهل والظلم"[11].

12. وقال أيضاً: "والظلم عند الله عز وجل يوم القيامة له دواوين ثلاثة: ديوان لا يغفر الله منه شيئاً، وهو الشرك به، فإن الله لا يغفر أن يشرك به، وديوانٌ لا يترك الله تعالى منه شيئاً، وهو ظلم العباد بعضهم بعضاً، فإن الله تعالى يستوفيه كله. وديوانٌ لا يعبأُ الله به، وهو ظلم العبد نفسه بينه وبين ربه عز وجل فإن هذا الديوان أخفّ الدواوين وأسرعها محواً، فإنه يمحى بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحية والمصائب المكفِّرة ونحو ذلك. بخلاف ديوان الشرك، فإنه لا يُمحى إلا بالتوحيد، وديوان المظالم لا يمحى إلا بالخروج منها إلى أربابها واستحلالهم منها. ولما كان الشرك أعظم الدواوين الثلاثة عند الله عز وجل حرّم الجنة على أهله، فلا تدخل الجنة نفسٌ مشركة"[12].

13. قال الشيخ محمد بن يحيا الزبيدي: "إن المظلوم إذا شكا إلى الله تعالى اقتضى عدل الله عز وجل الإيقاع بظالمه، فيحب الله سبحانه وتعالى أن يجهر المظلوم بالشكوى، ليكون الإيقاع بالظالم مبسوط العذر عند الخلق، وزاجراً لأمثاله عن أمثال فاعله، وإنما يُمهل الظالم من جهة أن الخلق إذا ملك أحدكم مملوكين فجُني على أحدهم جناية فإن أرشها لسيّده، فالخلقُ ملكٌ لله عز وجل فلا اعتراض عليه"[13].


[1] انظر: البداية والنهاية لابن كثير (7/37).

[2] انظر: البداية والنهاية لابن كثير (7/40).

[3] انظر: التوقيف على مهمات التعاريف للمناوي (ص506).

[4] انظر: الآداب الشرعية لابن مفلح (1/179).

[5] انظر: سير أعلام النبلاء (5/131).

[6] مجموع الفتاوى (28/62، 63).

[7] بتصرف شديد من المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى له (ص98-101).

[8] مداواة النفوس (ص90).

[9] انظر: فتح الباري (5/121).

[10] التفسير القيم (ص179).

[11] إغاثة اللهفان (2/136، 137) بتصرف.

[12] الوابل الصيب من الكلم الطيب (ص33).

[13] انظر: الآداب الشرعية (1/246).

 

.