موسوعة البحـوث المنــبرية

.

  ما يتعلق بالمسافر من أحكام الصلاة: رابعاً:  صلاة الجماعة:                الصفحة السابقة          (عناصر البحث)       الصفحة التالية     

 

رابعًا: صلاة الجماعة:

المسافر إذا لم يكن نازلاً فإنه لا تجب عليه صلاة الجماعة، إلا إذا كانوا جماعة مسافرين فإنه يلزمهم في هذه الحالة أن يؤذنوا لصلاة الفريضة، وأن يصلوها جماعة، فعن مالك بن الحويرث قال: أتى رجلان النبي صلى الله عليه وسلم يريدان السفر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا أنتما خرجتما فأذّنا ثم أقيما ثم ليؤمكما أكبركما))([1]), وفي رواية للترمذي([2]): ((إذا سافرتما فأذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما))، وقال: "والعمل عليه عند أكثر أهل العلم، يختارون الأذان في السفر، وقال بعضهم: تجزئ الإقامة، إنما الأذان على من يريد أن يجمع الناس، والقول الأول أصح، وبه يقول أحمد وإسحاق".

وأما إذا كان المسافر نازلاً في بلد، فإن كان في مكان يُسمع منه النداء فإنه تجب عليه حينئذ صلاة الجماعة، وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن رجل في سفر يسمع النداء للصلاة من مكان إقامته، فهل يجب عليه أن يصلي في المسجد؟

فأجاب: "إذا سمعتَ الأذان وأنت في محل الإقامة وجب عليك أن تحضر إلى المسجد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي استأذنه في ترك الجماعة: ((هل تسمع النداء؟)) قال: نعم، قال: ((فأجب))([3])، وقال عليه الصلاة والسلام: ((من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر))([4]).

وليس هناك دليل يدل على تخصيص المسافر من هذا الحكم إلا إذا كان في ذهابك للمسجد تفويتُ مصلحة لك في السفر، مثل أن تكون محتاجًا إلى الراحة والنوم فتريد أن تصلي في مقر إقامتك من أجل أن تنام، أو كنت تخشى إذا ذهبت إلى المسجد أن يتأخر الإمام في الإقامة وأنت تريد أن تسافر، وتخشى من فوات الرحلة عليك، أو ما أشبه ذلك"([5]).

لا خلاف بين العلماء في صحة صلاة المقيم خلف المسافر، وأنه إذا سلّم الإمام المسافر من ركعتين قام المقيم ليتم صلاته([6]).

وذهب جمهور العلماء إلى أن المسافر إذا اقتدى بالمقيم فصلاته صحيحة، وأن عليه الإتمام سواء أدرك أول الصلاة أو آخرها؛ لما أخرجه مسلم([7]) عن موسى بن سلمة الهذلي قال: سألت ابن عباس: كيف أصلي إذا كنت بمكة إذا لم أصل مع الإمام؟ فقال: (ركعتين سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم)، وفي لفظ عند أحمد([8]) قال: إنا إذا كنا معكم صلينا أربعًا، وإذا رجعنا إلى رحالنا صلينا ركعتين؟! قال: (تلك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم).

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "يجب على من ائتم بمقيم وهو مسافر أن يتم الصلاة سواء أدرك الصلاة من أولها، أو أدرك الركعتين الأخيرتين، أو أدرك ركعة، أو حتى لو أدرك التشهد الأخير، يجب عليه أن يتم صلاته لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتمّوا))([9])"([10]).


 


([1]) أخرجه البخاري في كتاب الأذان [630]، ومسلم في المساجد [674].

([2]) في كتاب الصلاة من سننه [205].

([3]) رواه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة [653] من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

([4]) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة [551]، وابن ماجه في كتاب المساجد [793] من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه[645].

([5]) إعلام المسافرين (ص 37 ـ 38).

([6]) انظر: المغني لابن قدامة (3/146).

([7]) في كتاب صلاة المسافرين من صحيحه [688].

([8]) في المسند (1/216).

([9]) أخرجه البخاري في كتاب الأذان [636]، ومسلم في كتاب المساجد [602] من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

([10]) إعلام المسافرين (ص 39).

 

.