موسوعة البحـوث المنــبرية

.

  ما يتعلق بالمسافر من أحكام الصلاة: ثالثاً: الصلاة على الراحلة:                 الصفحة السابقة         (عناصر البحث)        الصفحة التالية     

 

ثالثًا: الصلاة على الراحلة:

استفاض عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي على راحلته في السفر قِبَل أيِّ وجه توجهت به، وكان يوتر عليها غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة:

فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته حيث توجهت فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة([1]).

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في السفر على راحلته حيث توجهت به يومئ إيماءً صلاة الليل إلا الفرائض، ويوتر على راحلته([2]).

وعن عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته حيث توجهت به([3]).

قال الحافظ رحمه الله: "وقد أخذ بمضمون هذه الأحاديث فقهاء الأمصار، إلا أن أحمد وأبا ثور كانا يستحبان أن يستقبل القبلة بالتكبير حال ابتداء الصلاة"([4]).

وأما الفريضة فلا بد أن ينزل ويستقبل القبلة إلا من عذر، قال ابن بطال: "أجمع العلماء على اشتراط ذلك، وأنه لا يجوز لأحد أن يصلي الفريضة على الدابة من غير عذر، حاشا ما ذكر في صلاة شدة الخوف"([5]).

ومن الأعذار أيضًا أن يكون المسافر على ظهر سفينة أو على متن طائرة، فإنه يجوز له والحالة هذه أن يصلي عليها الفريضة، ويلزمه استقبال القبلة طيلة صلاته حتى ولو تحولت السفينة أو الطائرة، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "حكم الصلاة فيما إذا تغير اتجاه الطائرة أن يستدير المصلي في أثناء صلاته إلى الاتجاه الصحيح، كما قال ذلك أهل العلم في السفينة في البحر أنه إذا تغير اتجاهها فإنه يتجه إلى القبلة ولو أدى ذلك إلى الاستدارة عدة مرات، والواجب على قائد الطائرة إذا تغير اتجاه الطائرة أن يقول للناس: قد تغير الاتجاه فانحرفوا إلى الاتجاه الصحيح، هذا في صلاة الفريضة أما النافلة فلا يشترط ذلك لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم"([6]).

وقد لخص الشيخ رحمه الله أحكام الصلاة على الطائرة فقال: "يصلي النافلة في الطائرة وهو جالس على مقعده حيث كان اتجاه الطائرة، ويومئ بالركوع والسجود، ويجعل السجود أخفض من الركوع.

لا يصلي الفريضة في الطائرة إلا إذا كان يتمكن من الاتجاه إلى القبلة في جميع الصلاة، ويتمكن أيضًا من الركوع والقيام والقعود والسجود.

إذا كان لا يتمكن من ذلك فإنه يؤخر الصلاة حتى يهبط في المطار فيصلي على الأرض، فإن خاف خروج الوقت قبل الهبوط أخرها إلى وقت الثانية إن كانت مما يجمع إليها كالظهر مع العصر والمغرب مع العشاء، فإن خاف خروج وقت الثانية صلاهما قبل أن يخرج الوقت على متن الطائرة، يفعل ما يستطيع من شروط الصلاة وأركانها وواجباتها.

مثلاً: لو أقلعت الطائرة قبيل غروب الشمس وغابت الشمس وهو في الجو فإنه لا يصلي المغرب حتى تهبط في المطار، وينزل فيصلي على الأرض، فإن خاف خروج وقت المغرب أخرها إلى وقت العشاء فصلاهما جمع تأخير بعد نزوله، فإن خاف خروج وقت العشاء وذلك عند منتصف الليل صلاهما قبل أن يخرج الوقت.

وكيفية صلاة الفريضة في الطائرة: أن يقف ويستقبل القبلة فيكبر ويقرأ الفاتحة وما تسن قراءته قبلها من الاستفتاح أو بعدها من القرآن، وإن لم يعلم القبلة ولم يخبره بها أحد يثق به اجتهد وتحرى وصلى حيث يكون اجتهاده، ثم يركع ثم يرفع من الركوع ويطمئن قائمًا، ثم يسجد ثم يرفع من السجود ويطمئن جالسًا، ثم يسجد الثانية، ثم يفعل كذلك في بقية صلاته، فإن لم يتمكن من السجود جلس وأومأ بالسجود جالسًا.

تكون صلاة المسافر في الطائرة قصرًا فيصلي الرباعية ركعتين كغيره من المسافرين"([7]).


 


([1]) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة [400]، ومسلم في كتاب المساجد [540].

([2]) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة [1000]، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين [700].

([3]) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة [1093]، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين [701].

([4]) فتح الباري (2/575).

([5]) انظر: فتح الباري (2/575).

([6]) إعلام المسافرين (ص 25).

([7]) إعلام المسافرين (ص 29 ـ 30).

 

.