موسوعة البحـوث المنــبرية 

.

   ذم التشبه بالكفار: ثامنًا: أسباب وقوع المسلمين في التشبه بالكفار:           الصفحة السابقة        (عناصر البحث)        الصفحة التالية   

 

ثامنًا: أسباب وقوع المسلمين في التشبه بالكفار:

"إن ما نلمسه اليوم من ظاهرة تشبه المسلمين بغيرهم من الأمم الكافرة أمرٌ له بواعثه ودوافعه وأسبابه العديدة التي تضافرت على الوصول بالأمة الإسلامية إلى هذه الظاهرة.

ومن هذه الدوافع والأسباب ما هو داخلي، ومنها ما هو خارجي"[1].

أولاً: الأسباب الداخلية:

1- الانحرافات العقدية.

2- الركود العلمي والفكري.

3- التنازع السياسي.

4- التعصب المذهبي.

5- التخلف المادي والاقتصادي.

6- الهزيمة النفسية والانبهار بالحضارة الغربية.

فهذه هي أهم الأسباب الداخلية لوجود ظاهرة تشبه المسلمين بالكفار، وهي أسباب لم يزل بعضها يأخذ بحجز البعض، حتى انتهى الأمر ببعض المسلمين إلى فقدانهم للمناعة الذاتية والقدرة على المقاومة، وشاع بين بعض ضعاف النفوس من المسلمين روح الانهزام الفكري, فأصبحوا بذلك مهيّئين لاستقبال البديل الغربي في العقيدة وفي الشريعة والحكم، وفي الفكر والثقافة والأخلاق، وغير ذلك من المجالات التي غزاها الفكر الوافد[2].

ثانيًا: الأسباب الخارجية:

ومنها مكايد الكفار للإسلام والمسلمين.

"وهذا حاصل من أول ظهور الإسلام حتى اليوم. فالكفار بمختلف مللهم وعقائدهم وأديانهم وأهوائهم كادوا ولا يزالون يكيدون للإسلام.

فكان من مكائدهم إيقاع المسلمين في كثير مما كانوا عليه من أمور العقائد والعادات والأعياد والسلوك.

ولذلك نجد أن أغلب أسباب الافتراق في الأمة هي مكائد الكافرين.

وما من فرقة افترقت عن الأمة إلا ونجد أن من أسباب افتراقها وجود طوائف من الكفار, إما أن يكونوا أسهموا في بثها وترويجها بين أهل الأهواء والبسطاء من المسلمين، أو كانوا رؤوسًا فيها أو من أتباعها.

فمكائد الكفار أصحاب الديانات والملل هي من أهم أسباب وقوع المسلمين في التشبه.

والله سبحانه وتعالى أخبرنا بذلك في مثل قوله تعالى: {وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلاَ ٱلنَّصَـٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة:120]، وفي مثل قوله تعالى: {لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ ٱلْبَغْضَاء مِنْ أَفْوٰهِهِمْ وَمَا تُخْفِى صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ} [آل عمران:118]، ومثل قوله تعالى: {مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ وَلاَ ٱلْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مّنْ خَيْرٍ مّن رَّبّكُمْ} [البقرة:105]، ومثل قوله تعالى، {إِن تُطِيعُواْ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَـٰبِكُمْ} [آل عمران:149]، وقال: {إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَـٰنِكُمْ كَـٰفِرِينَ} [آل عمران:100].

إذًا فالكفار لا شك أنهم حرصوا ـ ولا يزالون من أحرص الناس ـ على صرف المسلمين عن دينهم، وهم الآن يبذلون جهودًا أكثر من أي وقت مضى، وكل مسلم متأمل لواقع المسلمين الآن في العالم كله يدرك تكالب الكفار على الأمة المسلمة اليوم، لمحاولة فرض أحوال وأمور الكافرين من عقائد ومن عادات ومن أنظمة ومن سياسات وأخلاق وغيرها"[3].

وهناك أسباب أخرى نذكر بعضًا منها باختصار وهي كما يلي:

1- الحروب الصليبية الأولى.

2- الغزو الفكري.

3- الاستعمار.

4- الابتعاث الطلابي.

وهناك سبب داخلي خارجي في وقوع المسلمين في التشبه بالكفار، ألا وهو كيد المنافقين؛ فهم يعيشون بين ظهراني المسلمين، مظهرين الإسلام ومبطنين الكفر, وهم الأداة الفعّالة والقوية في خدمة الكفار قديمًا وحديثًا، فالمنافقون الذين بين المسلمين لهم أثر كبير في جرّ المسلمين إلى التشبه، سواء منهم من كان كافرًا وأظهر الإسلام للكيد بالمسلمين، أو كان مسلمًا وارتدّ عن دين الله في الباطن، أو كان زنديقًا مظهرًا للإسلام محرّفًا له[4].


[1] التدابير الواقية (1/84).

[2] التدابير الواقية (1/105-106).

[3] رسالة (من تشبه بقوم فهو منهم) (ص 32-33).

[4] رسالة (من تشبه بقوم فهو منهم) (ص 34-35) بتصرف.

 
.