الملف العلمي للأحداث الراهنة

.

  ذكر الله عز وجل: أولاً: بعض مسائل وأحكام الذكر المشروع:   الصفحة السابقة       الصفحة التالية      (الصفحة الرئيسة)

 

الفصل الأول: بعض مسائل وأحكام الذكر المشروع:

المبحث الأول: معنى الذكر وعلاقته بالدعاء:

1- معنى الذكر لغة:

الذكر لغة: مصدر ذَكر الشيء يذكره ذِكراً وذُكراً، وأصل الذكر في اللغة التنبيه على الشيء، ومن ذكَّرك شيئا فقد نبَّهك عليه، وإذا ذكَّرته فقد نبَّهته عليه[1].

ويأتي لمعان:

أ- الشيء يجري على اللسان، أي: ما ينطق به، يقال: ذكرت الشيء أذكره ذِكرا وذُكرًا إذا نطقت باسمه أو تحدَّثت عنه، ومنه قوله تعالى: {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا} [مريم:2].

ب- استحضار الشيء في القلب، ضد النسيان، قال تعالى حكاية عن فتى موسى عليه الصلاة والسلام: {قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى ٱلصَّخْرَةِ فَإِنّى نَسِيتُ ٱلْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلاَّ ٱلشَّيْطَـٰنُ أَنْ أَذْكُرَهُ} [الكهف:63].

قال الراغب الأصفهاني: "الذكر: تارة يقال ويراد به هيئة للنفس بها يُمكن للإنسان أن يحفظ ما يقتنيه من المعرفة، وهو كالحفظ إلا أن الحفظ يقال اعتبارا بإحرازه، والذكر يقال اعتبارا باستحضاره، وتارة يقال لحضور الشيءِ القلبَ أو القولَ، ولذلك قيل: الذكر ذكران: ذكر بالقلب، وذكر باللسان. وكل واحد منهما ضربان: ذكر عن نسيان، ذكر لا عن نسيان بل عن إدامة الحفظ"[2].

ويطلق الذكر على أمور كثيرة، ومنها ما نقله القاضي عياض عن الحربي أنه قال: "للذكر ستة عشر وجها: الطاعة، وذكر اللسان، وذكر القلب، والإخبار، والحفظ، والعظمة، والشرف، والخير، والوحي، والقرآن، والتوراة، واللوح المحفوظ، واللسان، والتفكر، والصلوات، وصلاة واحدة"، وزاد القاضي عياض أيضا فقال: "وقد جاء بمعنى التوبة، وبمعنى الغيب، وبمعنى الخطبة"[3].

2- معنى الذكر شرعا:

وأما شرعا فله معنيان:

أ- معنى عام: ويشمل كل أنواع العبادات من صلاة وصيام وحج وقراءة قرآن وثناء ودعاء وتسبيح وتحميد وتمجيد وغير ذلك من أنواع الطاعات؛ لأنها إنما تقام لذكر الله وطاعته وعبادته.

قال شيخ الإسلام: "كل ما تكلم به اللسان وتصوره القلب مما يقرِّب إلى الله من تعلّم علم وتعليمه وأمر بمعروف ونهي عن منكر فهو من ذكر الله"[4].

وقال عبد الرحمن بن سعدي: "وإذا أطلق ذكر الله شمل كل ما يقرِّب العبدَ إلى الله من عقيدة أو فكر أو عمل قلبي أو عمل بدني أو ثناء على الله أو تعلم علم نافع وتعليمه ونحو ذلك، فكله ذكر لله تعالى"[5].

ب- معنى خاص: وهو ذكر الله بالألفاظ التي وردت عن الله سبحانه وتعالى من تلاوة كتابه أو إجراء أسمائه أو صفاته العليا على لسان العبد أو قلبه مما ورد في كتاب الله سبحانه، أو الألفاظ التي وردت على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وفيها تمجيد وتنزيه وتقديس وتوحيد لله سبحانه وتعالى[6].

قال ابن علان: "أصل وضع الذكر هو ما تعبَّدنا الشارعُ بلفظه مما يتعلق بتعظيم الحق والثناء عليه"[7].

والمراد من الذكر: حضور القلب، فينبغي أن يكون هو مقصود الذاكر فيحرص على تحصيله ويتدبر ما يذكر، ويتعقَّل معناه[8].

3- العلاقة بين الذكر الدعاء:

سبق في تعريف الذكر بمعناه العام أنه يشمل جميع أنواع العبادات والطاعات ومن ضمنها الدعاء بنوعيه: دعاء المسألة ودعاء العبادة الذي هو بمعنى الذكر والثناء، فالدعاء نوع من أنواع الذكر ولون منه.

ولكن وردت نصوص كثيرة تدل على إطلاق الدعاء على الذكر الأعم من معنى دعاء المسألة، منها حديث جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الذكر: لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله))[9]، ومنها حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو عند الكرب يقول: ((لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب السموات والأرض ورب العرش العظيم))[10].

وقد وضح هذا الإشكال كثير من العلماء، منهم سفيان بن عيينة عندما سئل عن دعاء يوم عرفة فقال: هو ذكر وليس فيه دعاء، ولكن قال النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل: ((من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضلَ ما أعطي السائلين))[11].

قال: وقال أمية بن أبي الصلت في مدح عبد الله بن جدعان:

أأذكر حاجتي أم قد كفاني             حياؤُك إن شيمتك الحياء

إذا أثنى عليك المـرء يوما             كفاه من تعرُّضـك الثناء

قال سفيان: فهذا مخلوق حين نُسب إلى الكرم اكتفى بالثناء عن السؤال فكيف بالخالق؟![12].

وقال الخطابي: "إن الداعي يفتح دعاءه بالثناء على الله سبحانه ويقدمه أمام مسألته، فسمِّي الثناء دعاء، إذ كان مقدمةً له وذريعة إليه على مذهبهم في تسمية الشيء باسم سببه"[13].

وقال شيخ الإسلام: "إنَّ كلَّ واحد من الدعاء والذكر يتضمن الآخر ويدخل فيه"[14].

إذاً فالعلاقة بين الذكر والدعاء كما يلي:

أ- إذا أريد بالدعاء دعاء العبادة فهو حينئذ مرادف للذكر.

ب- وإذا أريد بالدعاء دعاء المسألة فيكون حينئذ أخصَّ مطلقا من الذكر، ويكون الذكر أعم مطلقا منه؛ لأن الدعاء لا ينفك عن كونه ذكرا، وأما الذكر فيكون سؤالا ويكون غير سؤال.

ج- وتكون العلاقة بينهما التلازم، وذلك أن دعاء المسألة ذكر وثناء وتضرّع وافتقار كما أن في الذكر طلب جلب النفع ودفع الضر ورجاء الثواب وخوف العقاب.

والحاصل أن العلاقة بين الدعاء والذكر إما ترادف واتحاد، وإما عموم وخصوص مطلق، وإما تلازم، ولا يتصور انفكاك أحدهما عن الآخر، فلهذا كانت أغلب الكتب المصنفة في الأذكار تشمل على الأدعية وبالعكس[15].

ولكن الغالب إطلاق الذكر على معناه الخاص وإطلاق الدعاء على دعا المسألة، قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن: "إن الدعاء أكثر ما يستعمل في الكتاب والسنة واللغة ولسان الصحابة ومن بعدهم من العلماء في السؤال والطلب كما قال العلماء من أهل اللغة وغيرهم"[16].

المبحث الثاني: أنواع الذكر والمفاضلة بينها:

1- أنواع الذكر وأقسامه:

أولا: أنواع الذكر من حيث هو:

الذكر من حيث هو نوعان:

الأول: ذكر أسماء الله وصفاته، والثناء عليه بهما، وتنزيهه وتقديسه عما لا يليق به سبحانه. وهذا أيضا نوعان:

أ- إنشاء الثناء عليه بها من الذاكر، ومثال ذلك الأذكار الواردة في الأحاديث نحو: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ونحو ذلك.

وأفضل هذا النوع أجمعه للثناء وأعمه.

ب- الخبر عن الله بأحكام أسمائه وصفاته، نحو قولك: الله عز وجل يسمع أصوات عباده، ويرى حركاتهم ونحو ذلك.

وأفضل هذا النوع الثناء عليه بما أثنى به على نفسه، وبما أثنى به عليه رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل.

وهذا النوع منه ما هو حمد، ومنه ما هو ثناء، ومنه ما هو تمجيد.

فحمد الله: الإخبار عنه بصفات كماله سبحانه، مع محبته والرضا به.

والثناء على الله: تكرار المحامد شيئا بعد شيء.

وتمجيد الله: مدحه بصفات الجلال والعظمة والكبرياء والملك.

وقد جمع الله تعالى لعبده الأنواع الثلاثة في أول الفاتحة، ((فإذا قال العبد: {ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ} قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: {ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ} قال الله: أثنى علي عبدي، وإذا قال: {مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدّينِ} قال الله: مجدني عبدي))[17].

الثاني: ذكر أمره ونهيه وأحكامه.

وهو أيضا نوعان:

أ- ذكره بذلك إخبارا عنه بأنه أمر بكذا، ونهى عن كذا.

ب- ذكره عند أمره فيبادر إليه، وعند نهيه فيهرب منه.

فإذا اجتمعت هذه الأنواع للذاكر فذكرُه أفضل الذكر وأجلُّه وأعظمه.

ومن أنواع الذكر أيضا: طلب العلم، وذكر آلاء الله وإنعامه وإحسانه[18]، وذكره تعالى بتلاوة كتابه الكريم، وذكره بدعائه واستغفاره والتضرع إليه، والصلاة على نبيه صلى الله عليه.

ثانيا: أنواع الذكر من حيث الإطلاق والتقييد:

الذكر من هذه الحيثية نوعان:

الأول: الأذكار الواردة المرتبة المقيدة بحال أو زمان أو مكان، فيؤتى بالذكر على الوجه الذي ورد في زمانه أو مكانه أو حاله، وفي لفظه، وفي هيئة الداعي أو الذاكر به، من غير زيادة أو نقصان، أو تبديل كلمة بأخرى.

الثاني: الأذكار المطلقة، فيؤتى بالذكر على الوجه الذي ورد في لفظه.

ويجوز الذكر المطلق بغير الوارد بشروط:

أ- أن يتخير من الألفاظ أحسنها وأنبلها وأجمعها للمعاني وأبينها.

ب- أن يكون خاليا من أي محذور شرعا أو لفظا أو معنى.

ج- أن لا يتخذه سنّة راتبة يواظب عليها[19].

2- المفاضلة بين أنواع الذكر:

أولا: المفاضلة بين أنواع العبادات ومعرفة مراتب الأعمال عموما:

قال شيخ الإسلام: "وأما ما سألت عنه من أفضل الأعمال بعد الفرائض، فإنه يختلف باختلاف الناس فيما يقدرون عليه وما يناسب أوقاتهم، فلا يمكن فيه جواب جامع مفصَّل لكلِّ أحد، لكن مما هو كالإجماع بين العلماء بالله وأمره أن ملازمة ذكر الله دائما هو أفضل ما شَغل العبد به نفسَه في الجملة"[20].

وقال ابن القيم في معرض بيان اختلاف الناس في ذلك: "الصنف الرابع: قالوا: إن أفضل العبادة العمل على مرضاة الرب في كل وقت بما هو مقتضى ذلك الوقت ووظيفته... فأفضل العبادات في وقت الجهاد الجهاد، وإن آل إلى ترك الأوراد من صلاة الليل وصيام النهار، بل ومِن ترْك إتمام صلاة الفرض، كما في حالة الأمن. والأفضل في وقت حضور الضيف مثلا القيام بحقه والاشتغال به عن الورد المستحب، وكذلك في أداء حق الزوجة والأهل. والأفضل في أوقات السحر الاشتغال بالصلاة والقرآن والدعاء والذكر والاستغفار... فالأفضل في كل وقت وحال إيثار مرضاة الله في ذلك الوقت والحال، والاشتغال بواجب ذلك الوقت ووظيفته ومقتضاه.

وهؤلاء هم أهل التعبد المطلق، والأصناف قبلهم أهل التعبد المقيَّد، فمتى خرج أحدهم عن النوع الذي تعلَّق به من العبادة وفارقه يرى نفسَه كأنه قد نقص وترك عبادتَه، فهو يعبد الله على وجه واحد؛ وصاحب التعبّد المطلق ليس له غرض في تعبّدٍ بعينه يؤثره على غيره، بل غرضه تتبع مرضاة الله تعالى أين كانت، فمدار تعبّده عليها، فهو لا يزال متنقلا في منازل العبودية، كلما رفعت له منزلة عمل على سيره إليها، واشتغل بها حتى تلوح له منزلة أخرى، فهذا دأَبه في السير حتى ينتهي سيره. فإن رأيت العلماء رأيته معهم، وإن رأيت العبَّاد رأيته معهم، وإن رأيت المجاهدين رأيته معهم، وإن رأيت الذاكرين رأيته معهم، وإن رأيت المتصدقين المحسنين رأيته معهم، وإن رأيت أرباب الجمعية وعكوف القلب على الله رأيته معهم. فهذا هو العبد المطلق، الذي لم تملكه الرسوم، ولم تقيِّده القيود، ولم يكن عمله على مراد نفسه وما فيه لذتها وراحتها من العبادات، بل هو على مراد ربه، ولو كانت راحة نفسه ولذتها في سواه"[21].

وقال أيضا: "فهذا أصل نافع جدا، يفتح للعبد به باب معرفة مراتب الأعمال وتنزيلها منازلها، لئلا يشتغل بمفضولها عن فاضلها، فيربح إبليس الفضل الذي بينهما، أو ينظر إلى فاضلها فيشتغل به عن مفضولها وإن كان ذلك وقته، فتفوته مصلحته بالكلية، لظنه أن اشتغاله بالفاضل أكثر ثوابا وأعظم أجرا.

وهذا يحتاج إلى معرفة بمراتب الأعمال وتفاوتها ومقاصدها، وفقهٍ في إعطاء كل عمل منها حقه، وتنزيله في مرتبته، وتفويته لما هو أهم منه، أو تفويت ما هو أولى منه وأفضل، لإمكان تداركه والعود إليه، وهذا المفضول إن فات لا يمكن تداركه، فالاشتغال به أولى وهذا كترك القراءة لرد السلام وتشميت العاطس وإن كان القرآن أفضل، لأنه يمكنه الاشتغال بهذا المفضول والعود إلى الفاضل، بخلاف ما إذا اشتغل بالقراءة فاتته مصلحة رد السلام وتشميت العاطس، وهكذا سائر الأعمال إذا تزاحمت، والله تعالى الموفق"[22].

ثانيا: المفاضلة بين أنواع الذكر:

قال ابن القيم: "قراءة القرآن أفضل من الذكر، والذكر أفضل من الدعاء، هذا من حيث النظر لكل منهما مجردا، وقد يعرض للمفضول ما يجعله أولى من الفاضل بل يُعيِّنُه، فلا يجوز أن يُعدَل عنه إلى الفاضل، وهذا كالتسبيح في الركوع والسجود، فإنه أفضل من قراءة القرآن فيهما، بل القراءة فيهما منهي عنها نهيَ تحريم أو كراهة، وكذلك التسميع والتحميد في محلهما أفضل من القراءة، وكذلك التشهد، وكذلك (رب اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني) بين السجدتين أفضل من القراءة، وكذلك الذكر عقيب السلام من الصلاة ذكر التهليل والتسبيح والتكبير والتحميد أفضل من الاشتغال عنه بالقراءة، وكذلك إجابة المؤذن والقول كما يقول أفضل من القراءة، وإن كان فضل القرآن على كل كلام كفضل الله تعالى على خلقه، لكن لكل مقام مقال، متى فات مقاله فيه وعُدل عنه إلى غيره اختلت الحكمة وفاتت المصلحة المطلوبة منه.

وهكذا الأذكار المقيدة بحال مخصوصة أفضل من القراءة المطلقة، والقراءة المطلقة أفضل من الأذكار المطلقة، اللهم إلا أن يعرض للعبد ما يجعل الذكر أو الدعاء أنفع له من قراءة القرآن، مثاله أن يتفكر في ذنوبه، فيحدث ذلك له توبة واستغفارا، أو يعرض له ما يخاف أذاه من شياطين الإنس والجن، فيعدل إلى الأذكار والدعوات التي تحصنه وتحوطه.

وكذلك أيضا قد يعرض للعبد حاجة ضرورية إذا اشتغل عن سؤالها [بتلاوة] أو ذكر لم يحضر قلبه فيهما، وإذا أقبل على سؤالها والدعاء لها اجتمع قلبه كله على الله تعالى، وأحدث له تضرعا وخشوعا وابتهالا، فهذا يكون اشتغاله بالدعاء والحالة هذه أنفع، وإن كان كل من القراءة والذكر أفضل وأعظم أجرا"[23].

وكذلك الأعمال المتَّحدة في الجنس تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والمحبة والتعظيم والإجلال وقصد وجه المعبود وحده دون شيء من الحظوظ سواه، وتتفاضل أيضا بتجريد المتابعة، فتتفاضل الأعمال بحسب تجريد الإخلاص والمتابعة تفاضلا لا يحصيه إلا الله سبحانه[24].

المبحث الثالث: ما يكون به الذكر:

قال ابن القيم بعدما ذكر أنواع الذكر: "وهي تكون بالقلب واللسان تارة، وذلك أفضل الذكر، وبالقلب وحده تارة، وهي الدرجة الثانية، وباللسان وحده تارة، وهي الدرجة الثالثة.

فأفضل الذكر ما تواطأ عليه القلب واللسان، وإنما كان ذكر القلب وحده أفضل من ذكر اللسان وحده لأن ذكر القلب يثمر المعرفة، ويهيِّج المحبة، ويثير الحياء، ويبعث على المخافة، ويدعو إلى المراقبة، ويزع عن التقصير في الطاعات والتهاون في المعاصي والسيئات، وذكر اللسان وحده لا يوجب شيئا من هذه الآثار، وإن أثمر شيئا منها فثمرة ضعيفة"[25].

وقال: "وأفضل الذكر وأنفعه ما تواطأ فيه القلب واللسان، وكان من الأذكار النبوية، وشهد الذاكر معانيَة ومقاصده"[26].

والمراد بالذكر باللسان أن يتحرَّك به اللسان ويسمع نفسه على الأقل إن كان ذا سمع، ولم يكن هناك لغط يمنع السماع.

وذكر اللسان على الوجه المبيَّن يتأدَّى به الذكر المكلَّف به في الصلاة ونحوها، ولا يجزئ في ذلك مجرَّد إمرار الذكر المطلوب على القلب، قال الفقهاء: وذلك معلوم من أقواله صلى الله عليه وسلم أن من قال كذا فله من الأجر كذا، فلا يحصل ذلك إلا بما يصدق عليه القول.

وأما الذكر القلبي فهو بمعنى تذكّر عظمة الله عند أوامره ونواهيه وإرادة الفعل الذي فيه رضاه فيفعله، أو الذي فيه سخطه فيتركه، والتفكير في عظمة الله وجبروته وآياته في أرضه وسماواته ومصنوعاته[27].

وتتفاوت مراتب الناس في الذكر باختلاف ما يحصل به ذكرهم، قال شيخ الإسلام: "فإن الناس في الذكر أربع طبقات:

إحداها: الذكر بالقلب واللسان، وهو المأمور به.

الثاني: الذكر بالقلب فقط، فإن كان مع عجز اللسان فحسن، وإن كان مع قدرته فتركٌ للأفضل.

الثالث: الذكر باللسان فقط، وهو كون لسانه رطبا بذكر الله، وفيه حكاية التي لم تجد الملائكة فيه خيرا إلا حركة لسانه بذكر الله، ويقول الله تعالى: ((أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه))[28].

الرابع: عدم الأمرين وهو حال الخاسرين"[29].

المبحث الرابع: حكم الذكر:

الذكر محبوب مطلوب من كل أحد مرغَّب فيه في جميع الأحوال، إلا في حالات ورد الشرع باستثنائها، كحال الجلوس على قضاء الحاجة.

وأجمع العلماء على جواز الذكر بالقلب واللسان للمحدث والجنب والحائض والنفساء، وذلك بالتسبيح والتهليل والتحميد والتكبير والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم والدعاء وغير ذلك، ولكن لا يقرأ القرآن الجنب والحائض والنفساء[30].

وقد ذكر العلماء الأحوال التي يكره فيها الذكر[31]:

فمن ذلك: حالة الجلوس على قضاء الحاجة، وفي حالة الجماع، وفي حالة الخطبة لمن يسمع صوت الخطيب، وفي القيام في الصلاة بل يشتغل بالقراءة، وفي حالة النعاس.

وذكروا الأحوال التي يستحب فيها قطع الذكر بسبب عارض ثم العودة إليه بعد زواله:

فمن ذلك: إذا سُلِّم عليه ردَّ السلام ثم عاد إلى الذكر، وكذا إذا عطس عنده عاطس شمته ثم عاد إلى الذكر، وكذا إذا سمع المؤذن، وكذا إذا رأى منكرا أزاله أو معروفا أرشده إليه، وكذا إذا غلبه النعاس ونحوه.

وكل محرم أو مكروه من قول أو عمل لا يجوز افتتاحه بشيء من ذكر الله تعالى، لما فيه من الامتهان، وافتتاح المعصية بالطاعة[32].

المبحث الخامس: بعض آداب الذكر:

للذكر آداب يستدعيها كمال المذكور وجلاله، و إذا روعيت كانت أولى بالقبول، لذا ينبغي أن يكون الذاكر على أكمل الصفات.

وهذه بعض الآداب التي ينبغي للذاكر مراعاتها واتصافه بها عند ذكر الله تعالى:

1- الطهارة: أن يكون الذاكر في حال طهارة من الأحداث والأخباث، وكذلك أن يكون فمه نظيفا، مزيلا تغيره بالسواك. ولا يشترط ذلك بالإجماع. ويلحق بذلك أيضا أن يكون المكان طاهرا؛ لعموم الأمر بالبعد عن النجاسة.

2- استقبال القبلة.

3- الإخلاص والمتابعة: وذلك أنهما ركنا قبول جميع الأعمال، فلا يقبل الله عملا فيه حظ لكائن من كان، وكذلك يجب المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم؛ لذا ينبغي أن يكون الذكر في نفس الذاكر، لأن الإخفاء أدخل في الإخلاص، وأن يكون على سبيل التضرع والخشوع والتذلل والخضوع والاعتراف بالتقصير ليتحقق ذِلَّة العبودية والانكسار لعظمة الربوبية، قال تعالى: {وَٱذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ ٱلْجَهْرِ مِنَ ٱلْقَوْلِ بِٱلْغُدُوّ وَٱلآصَالِ وَلاَ تَكُنْ مّنَ ٱلْغَـٰفِلِينَ} [الأعراف:205].

4- الاستعانة بالله تعالى، عن معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ((والله ـ يا معاذ ـ إني لأحبك، فلا تنس أن تقول دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك، وحسن عبادتك))[33].

5- خفض الصوت: من آكد آداب الذكر والدعاء خفض الصوت وعدم الجهر به، كما قال تعالى: {وَٱذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ ٱلْجَهْرِ مِنَ ٱلْقَوْلِ بِٱلْغُدُوّ وَٱلآصَالِ وَلاَ تَكُنْ مّنَ ٱلْغَـٰفِلِينَ} [الأعراف:205].

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فجعل الناس يجهرون بالتكبير، فقال النبي صلى الله عليه عنه: ((أيها الناس، ارْبَعوا عن أنفسكم، إنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبا، إنكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم))[34].

وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه أخرج جماعة من المسجد يهلِّلون ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم جهرا، وقال لهم: (ما أراكم إلا مبتدعين).

وذلك أن الذاكر يناجي ربه، والله تعالى قد وسع سمعه الأصوات، ولأن ذلك أقرب للخشوع وأبعد للرياء.

والطريقة المثلى في هذا الباب أن يجهر في الموضع الذي ورد فيه الجهر، ويسر في الموضع الذي ورد فيه الإسرار، والموضع الذي لم يرد فيه الدليل على الجهر أو السر فالذاكر فيه بالخيار ولكن لا بد للذاكر فيه من ملاحظة قوله تعالى: {قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ أَيّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ ٱلأسْمَاء ٱلْحُسْنَىٰ وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَٱبْتَغِ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً} [الإسراء:110][35].

قال الشيخ بكر أبو زيد: "مما تقدم يتبين أن الأصل في الذكر والدعاء هو الإسرار، وحدُّه: التلفظ بتحرك اللسان بالحروف من مخارجها بصوت أقلّه أن يسمع نفسه. والجهر: هو التلفظ بتحريك اللسان بالحروف من مخارجها بصوت يسمعه غيره ممن يليه، ولا حدَّ لأعلاه.

والجهر في الذكر والدعاء استثناء لا يكون إلا بما ورد به الشرع، وهو دائر بين الوجوب والاستحباب، وأكثره في الذكر، أو في الذكر المشوب بالدعاء.

فمن الذكر الذي يجب الجهر به بقدر يحصل منه المقصود: الأذان والإقامة وتكبيرات الإمام وتسميعه وقراءته في الصلاة الجهرية وتكبيرات التبليغ عند الحاجة وإلقاء السلام للخروج من الصلاة والسلام وجوابه والحمد عند العطاس وتشميته والدعاء بقوم والتأمين عليه.

ومن الذي يسن الجهر به بقدر يحصل به المقصود: التأمين في الصلاة وعلى الدعاء والتكبير في العيدين والذكر بعد الصلاة والتلبية والتكبير في الحج وقراءة القرآن والتسمية على الذبيحة.

ثم أحدث الناس جماعة أو فرادى الجهرَ الجهير، والمبالغةَ في رفع الصوت والصياحَ والصيحة، والذكر والدعاء بالجوقة وبمكبر الصوت، وما يتبع ذلك من الترنيم والتلحين والتطريب والترجيع واللحن بالتحزين، حتى تسننوا بتصويت التقبيل للحجر الأسود"[36].

6- الحرص على جوامع الذكر: والمراد بجوامع الذكر ما يقيِّد فيه الذاكرُ لفظَ الذكر بعدد كبير أو مقدار عظيم، وقد ورد في الإرشاد إلى ذلك أحاديث كثيرة، منها حديث جويرية أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها، ثم رجع بعد ما أضحى وهي جالسة، فقال: ((ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟!)) قالت: نعم، قال: ((لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات، لو وُزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضاء نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته))[37].

قال الأُبي: "يدل الحديث على أن الذكر الجامع يحصل به من الثواب ما ليس كذلك"[38].

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستحب الجوامع من الدعاء ويدَع ما سوى ذلك[39].

المبحث السادس: فضل الذكر ومجالسه والتحذير من الغفلة عنه:

1- فضل الذكر:

ذكر الله عز وجل هو خير الأعمال وأزكاها وأفضلها، وهو من أجلّ الطاعات، وباب الله الأعظم المفتوح بينه وبين عبده ما لم يغلقه العبد بغفلته، وروح الأعمال الصالحة، فإذا خلا العمل عن الذكر كان كالجسد الذي لا روح فيه[40].

وقد جاءت نصوص كثيرة وعديدة في فضله وأهميته وعلو شأنه ومنزلته وعظيم فائدته وأثره على العبد في الدنيا والآخرة وحاجته إليه.

وهذه النصوص مع كثرتها متنوعة، إما مرغبة فيه بذكر ثواب الذاكرين وفضيلة الذكر، وإما آمرة بذكر الله سبحانه، وإما منفِّرة عن نسيان ذكر الله والغفلة عنه بجعل عدم الذكر من صفات المنافقين والكافرين.

ولقد أخبر الله سبحانه بأن ذكره أكبر من كل شيء فقال: {وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت:45]، فذكر الله أكبر من كل شيء، فهو أفضل الطاعات لأن المقصود بالطاعات كلها إقامةُ ذكره، فهو سر الطاعات وروحها، قال شيخ الإسلام: "إن في الصلاة فائدتين عظيمتين: إحداهما: نهيها عن الفحشاء والمنكر، والثانية: اشتمالها على ذكر الله وتضمنها له. وما تضمنته من ذكر الله أعظم من نهيها عن الفحشاء والمنكر"[41].

وقال سبحانه: {إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَـٰتِ وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ وَٱلْقَـٰنِتِينَ وَٱلْقَـٰنِتَـٰتِ وَٱلصَّـٰدِقِينَ وَٱلصَّـٰدِقَـٰتِ وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَٱلصَّـٰبِرٰتِ وَٱلْخَـٰشِعِينَ وَٱلْخَـٰشِعَـٰتِ وَٱلْمُتَصَدّقِينَ وَٱلْمُتَصَدّقَـٰتِ وٱلصَّـٰئِمِينَ وٱلصَّـٰئِمَـٰتِ وَٱلْحَـٰفِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَٱلْحَـٰفِـظَـٰتِ وَٱلذٰكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذٰكِرٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيما} [الأحزاب:35].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في طريق مكة، فمرَّ على جبل يقال له: جُمْدان، فقال: ((سيروا، هذا جمدان، سبق المفرِّدون)) قيل: وما المفرِّدون يا رسول الله؟ قال: ((الذاكرون الله كثيرا والذاكرات))[42].

وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: (ذهب الذاكرون اللهَ بالخير كلِّه)[43].

ومتى يكون العبد من الذاكرين الله كثيرا؟

قال أبو عمرو بن الصلاح مبينا القدر الذي يصير به العبد من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات: "إذا واظب على الأذكار المأثورة المثبتة صباحا ومساء في الأوقات والأحوال المختلفة ليلا ونهارا، وهي مبينة في كتاب عمل اليوم والليلة، كان من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات، والله أعلم"[44].

وقال جل وعز مادحا أصحاب العقول السليمة أنهم يذكرونه في كل أحوالهم؛ في حال قيامهم أو قعودهم أو على جنوبهم: {إِنَّ فِى خَلْقِ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ وَٱخْتِلَـٰفِ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ لآيَـٰتٍ لأوْلِى ٱلألْبَـٰبِ * ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَـٰماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِى خَلْقِ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَـٰطِلاً سُبْحَـٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:190، 191].

قال الألباني: "وليس المراد الجمع بين هذه الأحوال في المجلس الواحد كما يفعل بعض الجهال"[45].

وقال تعالى: {رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَـٰرَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَاء ٱلزَّكَـوٰةِ} [النور:37].

قال ابن كثير: "يقول تعالى: لا تشغلهم الدنيا وزخرفها وزينتها وملاذ بيعها وربحها عن ذكر ربهم الذي هو خالقهم ورازقهم، والذين يعلمون أن الذي عنده هو خير لهم وأنفع مما بأيديهم؛ لأن ما عندهم ينفد وما عند الله باق، ولهذا قال تعالى: {لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَـٰرَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِيتَاء ٱلزَّكَـوٰةِ} أي: يقدمون طاعته ومراده ومحبته على مرادهم ومحبتهم"[46].

وقال عز وجل: {ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ ٱللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ} [الرعد:28].

فإن ذَكَر العبد ربَّه يطمئنُّ إليه قلبه ويسكن، فإذا اضطرب القلب وقلق فليس له ما يطمئنُّ به سوى ذكر الله. وقيل: المراد بالذكر هنا القرآن[47].

وقال تعالى: {فَٱذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ وَٱشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ} [البقرة:152].

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إليّ شبرا تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إليّ ذراعا تقربت إليه باعا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة))[48].

قال الحسن البصري وغيره: "إن الله يذكر من ذكره، ويزيد من شكره، ويعذِّب من كفره"[49].

وقال تعالى آمرا عباده المؤمنين بكثرة الذكر لربهم تبارك وتعالى المنعم عليهم بأنواع النعم وصنوف المنن لما لهم في ذلك من جزيل الثواب وجميل المآب: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً * هُوَ ٱلَّذِى يُصَلّى عَلَيْكُمْ وَمَلَـئِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مّنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَكَانَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً} [الأحزاب:41-43].

عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم ((ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟)) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((ذكر الله عز وجل))[50].

وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثرت عليّ، فأخبرني بشيء أتشبَّث به، قال: ((لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله))[51].

وقال سبحانه: {وَٱذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ ٱلْجَهْرِ مِنَ ٱلْقَوْلِ بِٱلْغُدُوّ وَٱلآصَالِ وَلاَ تَكُنْ مّنَ ٱلْغَـٰفِلِينَ} [الأعراف:205].

أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم وأمتُه في هذا من باب أولى أن يذكروا الله تعالى، ونهاهم عن ضده وهو الغفلة، وكذلك أرشدهم إلى بعض آداب ذكره عز وجل بأن يخلصوا له في ذكره، ويذكروه متضرعين ومتذللين وخاضعين ومعترفين بتقصيرهم لتتحقق فيهم ذلة العبودية والانكسار لعظمة الربوبية، خائفين وجلين أن لا يقبل منهم، وبأصوات خافضة، بألسنتهم وبقلوبهم معًا ليلا ونهارا.

وقال تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَـٰسِكَكُمْ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكْرِكُمْ ءابَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} [البقرة:200].

وفي هذه الآية أمر الله بالذكر بالكثرة والشدة لشدة حاجة العبد إليه، وعدم استغنائه عنه طرفة عين.

وقد جاء الذكر في القرآن على عشرة أوجه:

1- الأمر به مطلقا ومقيدا، كقوله تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً  *وَسَبّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الأحزاب:41، 42].

2- النهي عن ضده من الغفلة والنسيان، كقوله تعالى: {وَٱذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ ٱلْجَهْرِ مِنَ ٱلْقَوْلِ بِٱلْغُدُوّ وَٱلآصَالِ وَلاَ تَكُنْ مّنَ ٱلْغَـٰفِلِينَ} [الأعراف:205].

3- تعليق الفلاح باستدامته وكثرته، كقوله: {يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَٱثْبُتُواْ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال:45].

4- الثناء على أهله، والإخبار بما أعد الله لهم من الجنة والمغفرة، كقوله: {وَٱلذٰكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذٰكِرٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيما} [الأحزاب:35].

5- الإخبار عن خسران من لها عنه بغيره، كقوله: {ٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوٰلُكُمْ وَلاَ أَوْلَـٰدُكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ} [المنافقون:9].

6- أنه سبحانه جعل ذكره لهم جزاء لذكرهم له، كقوله سبحانه: {فَٱذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ} [البقرة:152].

7- الإخبار أنه أكبر من كل شيء، كقوله تعالى: {وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت:45].

8- أنه جعله خاتمة الأعمال الصالحة، كما كان مفتاحها، مثل ما ختم به الصلاة كقوله: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ ٱلصَّلَوٰةَ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ قِيَـٰماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ} [النساء:103]، وختم به شعيرة الصيام بقوله: {وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة:182]، وختم به الحج في قوله: {فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَـٰسِكَكُمْ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَذِكْرِكُمْ ءابَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} [البقرة:200].

9- الإخبار عن أهله بأنهم هم أهل الانتفاع بآياته، وأنهم أولو الألباب دون غيرهم، كقوله تعالى: {إِنَّ فِى خَلْقِ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ وَٱخْتِلَـٰفِ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ لآيَـٰتٍ لأوْلِى ٱلألْبَـٰبِ * ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَـٰماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِى خَلْقِ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَـٰطِلاً سُبْحَـٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:190، 191].

10- أنه جعله قرين جميع الأعمال الصالحة وروحَها، فمتى عدمته كانت كالجسد بلا روح، كقرنه بالصلاة في قوله تعالى: {وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِذِكْرِى} [طه:14]، وقرنه بالجهاد كما في قوله: {يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَٱثْبُتُواْ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال:45].

2- فضل مجالس الذكر:

مجالس الذكر أفضل المجالس وأزكاها وأشرفها وأنفعها:

فهي رياض الجنة في الدنيا، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا))، قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: ((حلق الذكر))[52].

وهي مجالس الملائكة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لله تعالى ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر...)) الحديث[53]، وفي رواية مسلم: ((إن لله ملائكة سيارة فُضُلا يتتبعون مجالس الذكر...)).

وإن الله عز وجل يباهي بمجالس الذكر ملائكته كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خرج معاوية رضي الله عنه على حلقة في المسجد فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله، قال: آلله ما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا: ما أجلسنا إلا ذاك، قال: أما إني لم أستحلفكم تهمةً لكم، وما كان أحد بمنزلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم أقلّ عنه حديثا مني، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه فقال: ((ما أجلسكم؟)) قالوا: جلسنا نذكر الله ونحمده على ما هدانا للإسلام ومنّ به علينا، قال: ((آلله ما أجلسكم إلا ذاك؟)) قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك، قال: ((أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم، ولكنه أتاني جبريل فأخبرني أن الله يباهي بكم الملائكة))[54].

ومجالس الذكر سبب لنزول السكينة وغشيان الرحمة وحفوف الملائكة بالذاكر، فعن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما أنهما شهدا على النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة، وغشيتهم الرحمة، ونزلت عليهم السكينة، وذكرهم الله فيمن عنده))[55].

3- التحذير من الغفلة عن ذكر الله عز وجل:

قال تعالى: {وَٱذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ ٱلْجَهْرِ مِنَ ٱلْقَوْلِ بِٱلْغُدُوّ وَٱلآصَالِ وَلاَ تَكُنْ مّنَ ٱلْغَـٰفِلِينَ} [الأعراف:205].

أمر الله في هذه الآية عباده بذكره تعالى، ونهاهم عن ضده وهو الغفلة.

وعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره مثل الحي والميت))[56]، ولفظ مسلم: ((مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت)). فتضمن هذان اللفظان أن القلب الذاكر كالحي في بيوت الأحياء، والقلب الغافل كالميت في بيوت الأموات، ولا ريب أن أبدان الغافلين قبور لقلوبهم، وقلوبهم فيها كالأموات في القبور، كما قيل:

فنسيان ذكرِ الله مـوتُ قلوبـهـم       وأجسامُهم قبل القبـور قبــور

وأرواحهم في وحشة من جسـومهم      وليس لهم حتى النشـور نشـور[57]

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله تعالى فيه، إلا قاموا عن مثل جيفة حمار، وكان عليهم حسرة))[58].

المبحث السابع: فوائد الذكر وآثاره:

لذكر الله عز وجل من الفوائد الدنيوية والأخروية ما لا يمكن حصره ولا استقصاؤه، وكيف يمكن حصر فضل الله أو استقصاء نعمائه وآلائه وقد قال سبحانه: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ ٱلإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم:34][59].

فمن هذه الفوائد:

1- أن ذكر الله عز وجل يقوي صلة العبد بربه، وذلك أنه يورث الذاكر رضا الله ومحبته ومراقبته والإنابة إليه والقرب منه وأنه معه والهيبة له وذكر الله تعالى له كما في قوله تعالى: {فَٱذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ} [البقرة:152]، وقوله صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى: ((من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم))[60]، ويذكره الله عند الشدة، ويزيل الوحشة بين العبد وبين ربه، ويوجب له الأمان من نسيانه الذي هو سبب شقاء العبد في معاشه ومعاده، وأنه أصل موالاة الله عز وجل ورأسها، والغفلة أصل معاداته وأسها، ويوجب صلاة الله وملائكته على الذاكر.

2- أن ذكر الله عز وجل يطرد الشيطان ويقمعه ويكسره، ولا يحرز العبد نفسه من الشيطان إلا بذكر الله تعالى، كما جاء في حديث الحارث الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((وآمركم أن تذكروا الله تعالى، فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعا، حتى إذا أتى على حصن حصين فأحرز نفسه منهم، كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله تعالى..))[61].

3- أنه يزيل الهم والغم عن القلب، ويجلب له الفرح والسرور والبسط، ويقويه وينوره، ويورث حياة القلب، وينبهه من نومه، ويوقظه من سنته، وأنه قوت القلب والروح، وأن في القلب قسوة لا يذيبها إلا ذكر الله تعالى، وأنه شفاؤه ودواؤه، ويذهب عنه الخوف.

4- أنه أيسر العبادات وهو من أجلها وأفضلها، وأنه من أكبر العون على طاعة الله، وله من بين الأعمال لذة لا يشبهها شيء، قال مالك بن دينار: "وما تلذذ المتلذذون بمثل ذكر الله عز وجل، فليس شيء من الأعمال أخف مؤونة منه، ولا أعظم لذة"[62]، وقال الحسن البصري: "تفقدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء: في الصلاة، وفي الذكر، وفي قراءة القرآن، فإن وجدتم وإلا فاعلموا أن الباب مغلق"[63]. وأن إدامته تنوب عن التطوعات، وتقوم مقامها سواء كانت بدنية أو مالية أو بدنية مالية، كحج التطوع.

5- أن كثرة ذكر الله أمان من النفاق، قال تعالى: {إِنَّ ٱلْمُنَـٰفِقِينَ يُخَـٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ قَامُواْ كُسَالَىٰ يُرَاءونَ ٱلنَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً} [النساء:142]، قال كعب بن مالك رضي الله عنه: (من أكثر ذكر الله برئ من النفاق)[64].

6- أنه يكسو الذاكر المهابة والحلاوة والنضرة.

7- ويفتح له بابا عظيما من أبواب المعرفة.

8- وأنه سبب اشتغال اللسان عن الغيبة والنميمة والكذب والفحش والباطل.

9- وأنه يجلب الرزق والنعم، ويدفع النقم.

10- وأنه يسهل الصعب، وييسر العسير، ويخفف المشاق، وأنه يعطي للذاكر قوة، حتى إنه ليفعل مع الذكر ما لم يطق فعله بدونه.

11- وأنه رأس الشكر، فما شكر الله تعالى من لم يذكره، وجمع الله بينهما قال تعالى: {فَٱذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ وَٱشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ} [البقرة:152]، وكذلك جمع بينهما النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ((والله ـ يا معاذ ـ إني لأحبك، فلا تنس أن تقول دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك، وحسن عبادتك))[65].

12- أنه يجعل الدعاء مستجابا، فالدعاء الذي تقدمه الذكر والثناء أفضل وأقرب إلى الإجابة من الدعاء المجرد كما في حديث فضالة بن عبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يدعو في صلاته لم يحمد الله تعالى ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقد عجل هذا))، ثم دعاه فقال له أو لغيره: ((إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه عز وجل والثناء عليه، ثم ليصلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو بعدُ بما شاء))[66].

13- أنه منجاة من عذاب الله تعالى قال معاذ رضي الله عنه: (ما عمل العبد عملا أنجى له من عذاب الله من ذكر الله)[67].

14- وأنه غرس الجنة، كما في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقيت ليلة أسري بي إبراهيم الخليل عليه السلام فقال: يا محمد أقرئ أمتك السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر))[68].

15- وأن الذكر نور للذاكر في الدنيا، ونور له في قبره، ونور له في معاده، ويسعى بين يديه على الصراط.


[1] تهذيب الأسماء واللغات (3 / 111).

[2] مفردات ألفاظ القرآن (ص 328-329).

[3] مشارق الأنوار (1/269).

[4] مجموع الفتاوى (10/661).

[5] الرياض النضرة (ص245).

[6] الذكر وأثره في دنيا المسلم و آخرته (ص17-20).

[7] الفتوحات الربانية شرح الأذكار النووية (1/ 396).

[8] الأذكار (ص31).

[9] رواه الترمذي (3383)، وابن ماجه (2/1249)، وحسنه الألباني في الصحيحة (3/484)، وصحيح ابن ماجه (2/319).

[10] أخرجه البخاري (6345).

[11] أخرجه الترمذي (2926)، والبيهقي في الاعتقاد (ص101- 102)، وعبد الله بن أحمد في السنة (128).

[12] انظر: فتح الباري (11/ 176- 177).

[13] شأن الدعاء (ص206).

[14] الفتاوى (15/ 19)، وانظر: بدائع الفوائد (3/10).

[15] انظر: الدعاء ومنزلته من العقيدة الإسلامية (1/ 77- 78).

[16] فتح المجيد (ص180).

[17] رواه مسلم (395).

[18] انظر: الوابل الصيب (ص162- 165).

[19] انظر: تصحيح الدعاء (ص42- 43).

[20] الفتاوى (10/ 660)، وانظر أيضا (10/ 427- 429).

[21] مدارج السالكين (1/354).

[22] الوابل الصيب (ص168-171).

[23] الوابل الصيب (ص168-169)، وانظر أيضا: الفتاوى الكبرى (1/ 233).

[24] انظر: المنار المنيف في الصحيح والضعيف (ص33).

[25] الوابل (ص165).

[26] الفوائد (ص186).

[27] انظر: الفتوحات الربانية (1/106-108).

[28] رواه البخاري معلقا، انظر: الفتح (13/417)، وابن ماجة (3792)، وحسن إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (1331).

[29] الفتاوى (10/566).

[30] انظر: الأذكار (ص28-29).

[31] المصدر السابق (ص31).

[32] انظر: تصحيح الدعاء (ص47-48).

[33] رواه أبو داود (1522).

[34] رواه البخاري (4205)، ومسلم (2704)

[35] نزل الأبرار (ص8).

[36] تصحيح الدعاء (ص90-92).

[37] رواه مسلم (4/2090).

[38] شرح الأبي على صحيح مسلم (7/142-143).

[39] أخرجه أبو داود (1482)، وجوَّد إسناده النووي في الأذكار، وصححه الألباني في صحيح الجامع (4825).

[40] مدارج السالكين (2/476).

[41] انظر: مدارج السالكين (2/478-479). وهناك أقوال أخرى في تفسير الآية منها: أنكم إذا ذكرتموه ذكركم، فكان ذكره لكم أكبر من ذكركم له. وقيل: ولذكر الله أكبر من أن يبقى معه فاحشة ومنكر، بل إذا تم الذكر محق كل خطيئة ومعصية.

[42] رواه مسلم (676).

[43] شعب الإيمان (558).

[44] انظر: الأذكار للنووي (ص27-28).

[45] التعليق على رياض الصالحين (ص75).

[46] تفسير ابن كثير: (3/306).

[47] مدارج السالكين (2/579-580).

[48] أخرجه البخاري بلفظه (7405)، ومسلم (2675).

[49] ذكره ابن كثير في تفسيره (1/ 202).

[50] المسند (5/ 195)، الترمذي (5/ 458)، ابن ماجه (3790)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2629).

[51] الترمذي بلفظه (3375)، وابن ماجه (3793).

[52] أخرجه أحمد (12114)، والترمذي في (3510) وقال: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث ثابت عن أنس".

[53] البخاري (6408)، ومسلم (2689).

[54] رواه مسلم (2701).

[55] رواه مسلم (2700).

[56] البخاري (6407)، ومسلم (779).

[57] مدارج السالكين (2/ 483).

[58] رواه أبو داود (4855).

[59] ذكر ابن القيم في الوابل الصيب قرابة المائة فائدة، وقال: إنها أكثر من ذلك.

[60] سبق تخريجه.

[61] رواه الترمذي (2863، 2864).

[62] البيهقي في شعب الإيمان (704)، والأصفهاني في الترغيب (1371).

[63] ذكره ابن القيم في مدارج السالكين: 2 / 476

[64] شعب الإيمان (1/ 415).

[65] رواه أبو داود (1522).

[66] رواه أحمد (6/ 18)، والترمذي (3477)، و أبو داود (1481).

[67] الموطأ (1/ 211)، وشعب الإيمان (519).

[68] رواه الترمذي (3462).

 

.