موسوعة البحـوث المنــبرية

.

  التشاؤم والطيرة: عاشرًا: صور من التشاؤم والتطير في واقعنا المعاصر:                   الصفحة السابقة               الصفحة التالية    

 

عاشرا: صور من التشاؤم والتطير في واقعنا المعاصر:

في زماننا اليوم أخذ التطير والتشاؤم بعداً آخر، فصار الناس المُبتلَون بذلك يذهبون إلى الكهان والسحرة، وإلى من يدعي ما يسمَّى بقراءة الكفِّ والفنجان أو البندول أو ورق اللعب.

وآخرون يعتقدون في الأبراج وأن مستقبل حياتهم متوقف على كون الواحد منهم قد ولد في برج كذا أو برج كذا!!

ومن الصور ما ذكره ابن عثيمين رحمه الله في قوله: "وبعض الناس قد يفتح المصحف لطلب التفاؤل، فإذا نظر ذِكرَ النار تشاءم، وإذا نظر ذِكرَ الجنة قال: هذا فأل طيب، فهذا مثل عمل الجاهلية الذين يستقسمون بالأزلام"([1]).

ومن الصور: ما تسمع من بعض الناس إذا دخل عليه شخص فجأة ونحو ذلك يقول: خير يا طير، فهذه كلمة ينطق بها بعض الناس ولا يعنون ما تتضمنه من الباطل، ولكنها من إرث الجاهلية فيجب اجتنابها.

ومن الصور: أن بعضهم يعلق على بيته أو دابته حذاءً بالياً أو خرفةً بِلون معين، يتفاءل بها ويزعم أنها تدفع الحسد والحوادث عنه وعن سيارته!!

ومن الصور: تشاؤم بعض الناس بمن يشبك أصابعه وبمن يكسر عوداً في مجلس عقد النكاح، ويعتقد أن ذلك يفسد الزواج.

ومن الصور: أن بعض الناس يفسر ما يصدر من الإنسان من أحاسيس أو حركات غير إرادية من مثل (رفيف العين) فيعدنها إشارة لرجوع المسافر، ومثل: (طنين الأذن) ويربطونها بوجود من يغتاب الشخص وينم عنه، ومثل: (الحكة في اليد اليمنى) وأنها تبشر بقدوم رزق، أو (الحكة في اليد اليسرى) وأنها تشير إلى صرف المال وغيرها كثير([2]).

ومن الصور ما ذكره بعضهم أنه ينزل في كل سنة ثلاثمائة وعشرون ألفاً من البليات، وكل ذلك في يوم الأربعاء الأخير من صفر، فيكون ذلك اليوم أصعب أيام السنة كلها، فمن صلى في ذلك اليوم أربع ركعات، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة، وسورة الكوثر سبع عشرة مرة والإخلاص خمس عشرة مرة، والمعوذتين مرة، ويدعو بعد السلام بهذا الدعاء، حفظه الله بكرمه من جميع البليات التي تنزل في ذلك اليوم ولم تحم حوله بلية في تلك السنة، وهذا هو الدعاء: بسم الله الرحمن، اللهم يا شديد القوة، ويا شديد المحال، يا عزيز، يا من ذلت لعزتك جميع خلقك، اكفني من شر خلقك، يا محسن، يا مجمل، يا متفضل، يا منعم، يا متكرم، يا من لا إله إلا أنت، ارحمني برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم بسِرِّ الحَسَن وأخيه وجده وأبيه وأمه وبنيه، اكفني شر هذا اليوم وما ينزل فيه، يا كافي المهمات، ويا دافع البليات، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين([3]).

وكذلك ما يفعله بعض الناس في اجتماعهم في آخر أربعاء من شهر صفر بين العشاءين في بعض المساجد، ويتحلقون إلى كاتب يرقم لهم على أوراق آيات السلام السبعة على الأنبياء؛ كقوله تعالى: {سَلَـٰمٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِى ٱلْعَـٰلَمِينَ} [الصافات:79]، ثم يضعونها في الأواني، ويشربون من مائها، ويعتقدون أن هناك سرا في كتابتها في هذا الوقت، ثم يتهادونها إلى البيوت.

ونظير هذا تشاؤم بعض الناس في بعض الأقطار الإسلامية من عيادة المريض يوم الأربعاء وتطيرهم منه([4]).

ومن الناس من يتجنب الزواج والختان في شهر صفر تطيرا منه، وقد جاء في بعض أجوبة اللجنة الدائمة للإفتاء ما نصه: "ما ذكر من عدم التزوج أو الختان ونحو ذلك في شهر صفر نوع من التشاؤم من هذا الشهر، والتشاؤم من الشهور أو الأيام أو الطيور ونحوها من الحيوانات لا يجوز؛ لما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر))، والتشاؤم بشهر صفر من جنس الطيرة المنهي عنها، وهو من عمل الجاهلية وقد أبطله الإسلام. وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم"([5]).


([1]) القول المفيد (2/86).

([2]) انظر في ذلك: التشاؤم والتطير في حياة الناس للشيخ خالد بن عبد الرحمن الشايع (ص31) وما بعدها.

([3]) انظر: رسالة روي الظمآن في فضائل الأشهر والأيام (ص4).

([4]) انظر: إصلاح المساجد (ص116).

([5]) فتاوى اللجنة الدائمة (10775).

 

.