موسوعة البحـوث المنــبرية 

.

   تفسير سورة النور: ثالث عشر: الآيات (62-64):              الصفحة السابقة            (عناصر البحث)        

 

 

ثالث عشر: الآيات (62-64):

{إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُواْ مَعَهُ عَلَىٰ أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُواْ حَتَّىٰ يَسْتَأذِنُوهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَأذِنُونَكَ أُوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا ٱسْتَأذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمُ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * لاَّ تَجْعَلُواْ دُعَاء ٱلرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَـٰلِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أَلا إِنَّ للَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبّئُهُمْ بِمَا عَمِلُواْ وَٱللَّهُ بِكُلّ شَىْء عَلِيمُ}.

أسباب النزول:

1- قال تعالى: {إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُواْ مَعَهُ عَلَىٰ أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُواْ حَتَّىٰ يَسْتَأذِنُوهُ}:

روي أن هذه الآية نزلت ي حفر الخندق حين جاءت قريش وقائدها أبو سفيان وغطفان وقائدها عيينة بن حصن فضرب النبي صلى الله عليه وسلم الخندق على المدينة وذلك في شوال سنة خمس من الهجرة فكان المنافقون يتسللون لواذاً من العمل ويعتذرون بأعذار كاذبة[1]. وقال مقاتل:هم المنافقون كان يثقل عليهم الحديث في يوم الجمعة ويعني بالحديث الخطبة فيلوذون ببعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حتى يخرجوا من المسجد وكان لا يصح للرجل أن يخرج من المسجد إلا بإذن من النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة بعد ما يأخذ في الخطبة وكان إذا أراد أحدهم الخروج أشار بأصبعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيأذن له من غير أن يتكلم الرجل لأن الرجل منهم كان إذا تكلم والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب بطلت جمعته[2].

القراءات:

1- قال تعالى: {ٱلَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً}:

1) {لِواذا}: بكسر اللام وهذه قراءة الجمهور.

2) {لَواذا}: بفتح اللام وقرأ بها زيد بن قطيب[3].

2- قوله تعالى: {لاَّ تَجْعَلُواْ دُعَاء ٱلرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء...}:

1) {بينكم}: على الظرفية وهذه قراءة الجمهور.

2) {نبيكم}: بنون مفتوحة وباء مكسورة وياء آخر الحروف مشددة بدل {بينكم} وهذه قراءة الحسن ويعقوب[4].

المفردات:

1- قال تعالى: {وَإِذَا كَانُواْ مَعَهُ عَلَىٰ أَمْرٍ جَامِعٍ لَّمْ يَذْهَبُواْ حَتَّىٰ يَسْتَـأذِنُوهُ}:

اختلف في الأمر الجامع ما هو؛ فقيل: المراد به ما للإمام من حاجة إلى جمع الناس فيه لإذاعة مصلحة من إقامة سنة في الدين أو لترهيب عدو بإجماعهم وللحروب. وقال مكحول والزهري: الجمعة من الأمر الجامع والحاصل أن الأمر الجامع هو الذي يعم نفعه أو ضررهُ وهو الأمر الجليل الذي يحتاج إلى اجتمع أهل الرأي والتجارب[5].

2- قوله تعالى: {لاَّ تَجْعَلُواْ دُعَاء ٱلرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُمْ بَعْضاً}: عن ابن عباس: كانوا يقولون: يا محمد يا أبا القاسم فنهاهم الله عز وجل عن ذلك إعظاماً لنبيه صلى الله عليه وسلم وقال: فقولوا يا نبي الله يا رسول الله وقال قتادة: أمر الله أن يهاب نبيه صلى الله عليه وسلم وأن يُبجل وأن يعظم وأن يسود. فهذا كله من باب الأدب في مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم والكلام معه وعنده كما أمروا بتقديم الصدقة عند مناجاته. القول الثاني في ذلك أن المعنى: أي لا تعتقدوا أن دعاءه على غيره كدعاء غيره فإن دعاءه مستجاب فاحذروا أن يدعوا عليكم فتهلكوا حكاه ابن أبي حاتم عن ابن عباس والحسن البصري وعطية العوفي. اهـ[6].

(هذا الوجه الأخير يأباه ظاهر القرآن لأن قوله تعالى: {كَدُعَاء بَعْضِكُمْ بَعْضاً} يدل على خلافه ولو أراد دعاء بعضهم على بعض لقال: لا تجعلوا دعاء الرسول عليكم كدعاء بعضكم على بعض فدعاء بعضهم بعضاً ودعاء بعضهم على بعض متغايران كما لا يخفى[7].

3- قوله تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً}: التسلل والانسلال: الخروج في خفية يقال: تسلل فلان من بين أصحابه إذا خرج بينهم[8].

{لِوَاذاً}: اللواذ من الملاوذة: وهي أن تستتر بشيء مخافة من يراك ولواذاً مصدر في موضع الحال أي متلاوذين أي يلوذ بعضهم ببعض[9].

4- قال تعالى: {أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ}: قال ابن عباس: الفتنة هنا القتل. وقبل: الزلازل والأهوال. وقيل: سلطان جائر يُسلط عليهم وقيل: الطبع على القلوب بشؤم مخالفة الرسول[10].

المعنى الإجمالي:

هذا إرشاد من الله تعالى لعباده المؤمنين أنهم إذا كانوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم أمر جامع: أي من ضرورته ومصلحته أن يكونوا فيه جميعاً كالجهاد والمشاورة ونحو ذلك من الأمور فالمؤمن بالله ورسوله حقاً لا يذهب لأمر من الأمور لا يرجع إلى أهله ولا يذهب لبعض الحوائج التي يشذ بها عنهم إلا بإذن من الرسول صلى الله عليه وسلم أو نائبه من بعده ثم مدح الله تبارك وتعالى أولئك المؤمنين على فعلهم هذا وعلى أدبهم مع رسوله فقال: {إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَـأذِنُونَكَ أُوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ} ولكن هل يأذن لهم أولاً؟ ذكر لإذنه شرطين:

أحدهما: أن يكون لشأن من شئونهم وشغل من أشغالهم.

الثاني: أن يشاء الإذن فتقتضيه المصلحة من دون مضرة بالآذن.

ومع هذا إذا استأذن وأذن له بشرطيه أمر الله رسوله أن يستغفر له لما عسى أن يكون مقصراً في الاستئذان.

ثم نهى الله عباده أن ينادوا نبيه صلى الله عليه وسلم بمحمد أو بأبي القاسم ونحو ذلك من ألفاظ النداء العارية عن الأدب والاحترام وأمرهم أن يجلوه ويبجلوه ويوقروه في النداء بأن يقولوا: يا نبي الله يا رسول الله. ولما مدح الله المؤمنين بالله ورسوله الذين إذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه توعد من لم يفعل ذلك وذهب من غير استئذان فهو وإن خفي عليكم بذهابه فالله يعلمهم وسيجازيهم على ذلك أتم الجزاء ولهذا قال: {فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَـٰلِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} وفي نهاية السورة أخبر جل شأنه أنّ له من في السموات والأرض ملكاً وعبيداً يتصرف فيهم بحكمه القدري وحكمه الشرعي {قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ} أي قد أحاط علمه بما أنتم عليه من خير وشر وعلم جميع أعمالكم ويوم القيامة يخبرهم بجميع أعمالهم دقيقها وجليلها إخباراً مطابقاً لما وقع منهم ويستشهد عليهم أعضاءهم. ولما قيد علمه بأعمالهم ذكر العموم بعد الخصوص فقال: {وَٱللَّهُ بِكُلّ شَىْء عَلِيمُ}[11].

نصوص ذات صلة:

1- قال تعالى: {لاَّ تَجْعَلُواْ دُعَاء ٱلرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُمْ بَعْضاً}:

هذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة دلت عليه آيات أخرى من كتاب الله كقوله تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَرْفَعُواْ أَصْوٰتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ ٱلنَّبِىّ وَلاَ تَجْهَرُواْ لَهُ بِٱلْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَـٰلُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ * إِنَّ ٱلَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوٰتَهُمْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ أُوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ ٱمْتَحَنَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ} [الحجرات:2]، وقوله: {يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رٰعِنَا وَقُولُواْ ٱنظُرْنَا وَٱسْمَعُواْ} [البقرة:105].

2- قال الله تعالى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَـذِنُونَكَ أُوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ}:

جاء في معنى هذه الآية حديث:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم فإذا أراد أن يقوم فليسلم فليست الأولى بأحق من الآخرة))[12].

3- قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَـٰلِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}:

ومعنى هذه الآية تدل عليه آيات كثيرة من كتاب الله كقوله جل وعلا: {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} [المطفيين:14]، وقوله تعالى: {فَلَمَّا زَاغُواْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف:5]، وقوله تعالى: {فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ ٱللَّهُ مَرَضًا} [البقرة:10]، وقوله تعالى: {وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَىٰ رِجْسِهِمْ} [التوبة:125][13].

4- قال تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ}:

بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه يعلم ما عليه خلقه أي من الطاعة والمعصية وغير ذلك وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية مع أنه معلوم بالضرورة من الدين جاء مبيناً في آيات كثيرة كقوله تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِى شَأْنٍ وَمَا تَتْلُواْ مِنْهُ مِن قُرْءانٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبّكَ مِن مّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي ٱلأرْضِ وَلاَ فِى ٱلسَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذٰلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِى كِتَابٍ مُّبِينٍ} [يونس:61]، وقوله تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَىٰ كُلّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [الرعد:33]، وقوله: {سَوَاء مّنْكُمْ مَّنْ أَسَرَّ ٱلْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِٱلَّيْلِ وَسَارِبٌ بِٱلنَّهَارِ} [الرعد:10]، وقوله: {أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ} [الملك:14][14].

5- وقال تعالى: {وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبّئُهُمْ بِمَا عَمِلُواْ}:

وما دلت عليه هذه الآية الكريمة من كونه جل وعلا يخبرهم يوم القيامة بما عملوا جاء موضحاً في آيات كثيرة كقوله تعالى: {يُنَبَّأُ ٱلإِنسَـٰنُ يَوْمَئِذِ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ} [القيامة:12]، وقوله: {وَوُضِعَ ٱلْكِتَـٰبُ فَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يٰوَيْلَتَنَا مَا لِهَـٰذَا ٱلْكِتَـٰبِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرًا وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف:49][15].

الفوائـد:

1- بين سبحانه وتعالى في أول السورة أنه أنزل آيات بينات وإنما النزول على محمد صلى الله عليه وسلم فختم السورة بتأكيد الأمر في متابعته عليه السلام ليعلم أن أوامره كأوامر القرآن[16].

2- قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَـٰلِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ}:

بهذه الآية احتج الفقهاء على أن الأمر على الوجوب ووجهها أن الله تبارك وتعالى قد حذر من مخالفة أمره وتوعد بالعقاب عليها بقوله: {أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} فتحرم مخالفته فيجب امتثال أمره[17].

3- قد دل استقراء القرآن العظيم أن الفتنة فيه أطلقت على أربعة معانٍ:

الأول: أن يراد بها الإحراق بالنار كقوله تعالى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ فَتَنُواْ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ} [البروج:10] أي أحرقوهم، وقوله جل وعلا:{يَوْمَ هُمْ عَلَى ٱلنَّارِ يُفْتَنُونَ} [الذاريات:13].

الثاني: وهو أشهرها إطلاق الفتنة على الاختبار كقوله تعالى: {وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء:35]، وقوله: {وَأَلَّوِ ٱسْتَقَـٰمُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَـٰهُم مَّاء غَدَقاً * لّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} [الجن:16، 17].

الثالث: إطلاق الفتنة على نتيجة الاختبار إن كانت سيئة كقوله تعالى: {وَقَـٰتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدّينُ} [الأنفال:39]، فقوله: {حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ} أي حتى لا يبقى شرك على أصح التفسيرين.

الرابع: إطلاق الفتنة على الحجة كما في قوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَٱللَّهِ رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام:23]، أي لم تكن حجتهم كما قال به بعض أهل العلم[18].

4- قال الله تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ}:

قد للتحقيق كما قال قبلها: {قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً} وقال تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلْمُعَوّقِينَ مِنكُمْ} [الأحزاب:18]، وقال: {قَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّتِى تُجَادِلُكَ} [المجادلة:1]، وغيرها. فكل هذه الآيات فيها تحقيق الفعل بغد كقول المؤذن تحقيقاً وثبوتاً: قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة[19].

تم بحمد الله وتوفيقه تفسير سورة النور،،،

 


[1] انظر: الجامع لأحكام القرآن (12/321)، وفتح القدير (4/59).

[2] انظر: تفسير القرآن العظيم (3/318).

[3] انظر: فتح القدير (4/58)، وروح المعاني (18/226).

[4] روح المعاني (18/225).

[5] انظر: الجامع لأحكام القرآن (12/320)، وفتح القدير (4/57).

[6] انظر: تفسير القرآن العظيم (3/318).

[7] أضواء البيان (6/252).

[8] انظر: الجامع لأحكام القرآن (12/322)، وفتح القدير (4/58).

[9] انظر: الجامع لأحكام القرآن (12/322)، وفتح القدير (4/58).

[10] انظر: الجامع لأحكام القرآن (12/323).

[11] انظر: الجامع لأحكام القرآن (12/320)، وتفسير القرآن العظيم (3/317)، وقتح القدير (4/57)، وروح المعاني (18/223)، وتيسير الكريم الرحمن (5/451).

[12] أخرجه الإمام أحمد في مسنده برقم (9372)، وأبو داود في كتاب الأدب باب: في السلام إذا قام من المجلس (5208)، والترمذي في الاستئذان والآداب باب: ما جاء في التسليم عند القيام وعند العقود (2706)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن. والحديث صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم (4340)، وانظر: تفسير القرآن العظيم (3/318).

[13] انظر: أضواء البيان (6/255).

[14] انظر: أضواء البيان (6/255).

[15] انظر: أضواء البيان (6/257).

[16] الجامع لأحكام القرآن (12/320).

[17] انظر: الجامع لأحكام القرآن (12/322-323)، وأضواء البيان (6/253).

[18] انظر: أضواء البيان (6/254-255).

[19] انظر: تفسير القرآن العظيم (3/319).

 
.