موسوعة البحـوث المنــبرية

.

   تفسير سورة النور: أولاً: الآيات (1-10):                  الصفحة السابقة        (عناصر البحث)        الصفحة التالية         

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

أولاً: الآيات (1-10):

{سُورَةٌ أَنزَلْنَـٰهَا وَفَرَضْنَـٰهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا ءايَـٰتٍ بَيّنَـٰتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِى فَٱجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِى دِينِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ * ٱلزَّانِى لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ * وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَـٰتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَٱجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُواْ لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْفَـٰسِقُونَ * إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَاء إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَـٰدَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَـٰدَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ * وَٱلْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ ٱلْكَـٰذِبِينَ * وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا ٱلْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلْكَـٰذِبِينَ * وَٱلْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ * وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ }.

أسباب النزول:

قوله تعالى: {ٱلزَّانِى لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ }:

عن عبد الله بن عمرو أن رجلاً من المسلمين استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة يقال لها أم مهزول، وكانت تسافح[1]، وتشترط له أن تنفق عليه، قال: فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو ذكر له أمرها، فقال: فقرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلم: {وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ}[2]. وفي رواية عنه رضي الله عنه قال: أُنزلت: {وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ}[3].

وعن عبد الله بن عمرو أيضاً قال: كان رجل يقال له: مرثد بن أبي مرثد، وكان رجلاً يحمل الأسرى من مكة حتى يأتي بهم المدينة، قال: وكانت امرأة بغيّ بمكة يقال لها: عَناق، وكانت صديقةً له، وإنه كان وعد رجلاً من أسارى مكة يحمله، قال: فجئت حتى انتهيت إلى ظل حائط من حوائط[4] مكة في ليلة مقمرة، قال: فجاءت عَناق فأبصرت سواد ظلّي بجنب الحائط، فلما انتهت إليّ عرفته، فقالت: مرثد؟ فقلت: مرثد، فقالت: مرحباً وأهلاً، هلمّ فبِتْ عندنا الليلة، قلت: يا عناق حرّم الله الزنا، قالت: يا أهل الخيام هذا الرجل يحمل أسراكم، قال: فتبعني ثمانية، وسلكت الخندمة[5]، فانتهيت إلى كهفٍ أو غار، فدخلت فجاءوا حتى قاموا على رأسي، فبالوا، فظلَّ بولهم على رأسي، وأعماهم الله عنّي، قال: ثم رجعوا، ورجعت إلى صاحبي فحملته - وكان رجلاً ثقيلاً - حتى انتهيت إلى الإذخر[6]، ففككتُ عنه كَبْلَه[7]، فجعلت أحمله ويعينني حتى قدمت المدينة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله أنكح عناقاً؟ فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرد علي شيئاً حتى نزلت: {ٱلزَّانِى لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَٱلزَّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرّمَ ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ}، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا مرثد، الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة، والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك، فلا تنكحها))[8].

قوله تعالى: {وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَاء إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَـٰدَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَـٰدَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ}:

عن ابن عباس أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((البينة أو حدّ في ظهرك))، فقال: يا رسول الله إذا رأى أحدنا على امرأته رجلاً ينطلق يلتمس البينة؟! فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((البينة وإلا حدّ في ظهرك))، فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني صادق، فلينزلنّ الله ما يبرئ ظهري من الحد، فنزل جبريل، وأنزل عليه: {وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰجَهُمْ}، فقرأ حتى بلغ: {بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليها، فجاء هلال فشهد، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله ليعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب؟))، ثم قامت فشهدت، فلما كانت عند الخامسة وقّفوها، وقالوا: إنها موجبة، قال ابن عباس: فتلكَّأت[9] ونكصت[10]، حتى ظننّا أنها ترجع، ثم قالت: لا أفضح قومي سائر اليوم، فمضت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أبصروها، فإن جاءت به أكحل العينين، سابغ الأليتين[11]، خدَلَّج[12] الساقين فهو لشريك بن سحماء))، فجاءت به كذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي ولها شأن))[13].

وفي رواية أخرى عن ابن مسعود قال: إنا ليلة الجمعة في المسجد، إذ جاء رجل من الأنصار فقال: لو أن رجلاً وجد مع امرأته رجل فتكلم جلدتموه، أو قتل قتلتموه، وإن سكت سكت على غيض، والله لأسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان من الغد أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله، فقال: لو أن رجلاً وجد مع امرأته رجلاً فتكلم جلدتموه، أو قتل قتلتموه، أو سكت سكت على غيض، فقال: ((اللهم افتح))، وجعل يدعو، فنزلت آية اللعان: {وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَاء إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَـٰدَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَـٰدَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} وذكر الحديث[14].

القراءات:

1- {سُورَةٌ}:

1) {سورةٌ} بالرفع على أنها مبتدأ، وخبرها (أنزلناها)، وهذه قراءة الجمهور.

2) {سورةً} بالنصب على تقدير: أنزلنا سورة، وهي قراءة الحسن بن عبد العزيز وعيسى الثقفي ومجاهد وعيسى الكوفي وطلحة بن مصرّف[15].

2- {وَفَرَضْنَـٰهَا}:

1) {وفرَضْناها} بفتح الراء وتخفيفها، وهي قراءة الجمهور.

2) {فرّضناها} بتشديد الراء أي: قطعناها، وبها قرأ ابن كثير وأبو عمرو[16].

3- {ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِى}:

1) {الزانيةُ والزاني} بالرفع، وبها قرأ الجمهور.

2) {الزانيةَ والزاني} بالنصب على إضمار فعل، وهي قراءة عيسى بن عمر.

3) {الزانِ} بدون ياء، وهي قراءة ابن مسعود رضي الله عنه[17].

4- {وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا}:

1) {ولا تأخذكم} بالتاء، وهي قراءة الجمهور.

2) {ولا يأخذكم} بالياء، وبها قرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه والسلمي وابن مقسم وداود بن أبي هند عن مجاهد[18].

5- {رَأْفَةٌ}:

1) {رأْفة} بسكون الهمزة، وهذه قراءة الجمهور.

2) {رأَفة} بفتح الهمزة، وبها قرأ ابن كثير.

3) {رآفة} بالمد، كفَعالة، وهي قراءة ابن جريج[19].

6- { لاَ يَنكِحُ}:

1) {لا ينكحُ} بالرفع، و (لا) نافية، وقرأ بها الجمهور.

2) {لا ينكحْ} بالسكون، و (لا) ناهية، وهي قراءة عمرو بن عبيد[20].

7- {وَحُرّمَ ذٰلِكَ}:

1) {وحُرم ذلك} بالبناء للمفعول، وهي قراءة الجمهور.

2) {وحَرَّم ذلك} بالبناء للفاعل، أي: حرّم الله ذلك، وهي قراءة أبو البرهسم[21].

8- {ٱلْمُحْصَنَـٰتِ}:

1) {المحصَنات} بفتح الصاد، وبها قرأ الجمهور.

2) {المحصِنات} بكسر الصاد، وهي قراءة يحيى بن وثاب[22].

9- {بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء}:

1) {بأربعةِ شهداء} على إضافة الأربعة إلى الشهداء، وهي قراءة الجمهور.

2) {بأربعةٍ شهداء} بتنوين (أربعة)، وهي إما في موضع جر نعت لأربعة، أو بدل، أو حال من نكرة، أو تمييز، وقرأ بها عبد الله بن مسلم بن يسار وأبو زرعة بن عمرو بن جرير[23].

10- {وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَاء}:

1) {ولم يكن} بالياء، وهذه قراءة الجمهور.

2) {ولم تكن} بالتاء، وقرأ بها بعض القراء[24].

11- {بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء}:

1) {أربعُ شهادات} برفع (أربع) على الابتداء والخبر، وبها قرأ الكوفيون.

2) {أربع شهادات} بنصب (أربع) بتقدير فعليهم أن يشهد أحدهم أربعَ شهادات، وبهذه القراءة قرأ أهل المدينة وأبو عمرو[25].

12- {وَٱلْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ ٱللَّهِ}:

1) {والخامسةُ} بالرفع على الابتداء وبها قرأ الجمهور.

2) {والخامسةَ} بالنصب أي: وتشهد الشهادةَ الخامسة، وبها قرأ أبو عبد الرحمن وطلحة وعاصم في رواية حفص[26].

13- {أَنَّ لَعْنَةَ ٱللَّهِ}:

1) {أنّ لعنة الله عليه} بتشديد أنّ، وقرأ بها جمهور القراء.

2) {أنْ لعنة الله عليه} بتخفيف أنْ، وهي قراءة نافع[27].

14- {أَنَّ غَضَبَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا}:

1) {أنّ غضب الله} بتشديد أنّ، وقرأ بها جمهور القراء.

2) {أنْ غضب الله} بتخفيف أنْ، وهي قراءة نافع وغيره[28].

المفردات:

1- {سُورَةٌ}: السورة في اللغة: المنزلة الشريفة الرفيعة، ولذلك سُميّت سورة القرآن، لشرفها وعلو منزلتها، قال زهير بن أبي سلمى:

ألم ترَ أن الله أعطاك سورة             ترى كل ملك دونها يتذبذبُ[29]

2- {وَفَرَضْنَـٰهَا}: أصل الفَرْض: قطع الشيء الصلب، والتأثير فيه، و{فرَضْناها} بفتح الراء أي: أنزلنا فيها فرائض مختلفة، أما على قراءة {فرّضناها} بتشديد الراء أي: قطَّعناها في التنزيل، وأنزلناها نجماً نجماً، أي: جزءاً بعد جزء، وقسماً بعد قسم، وقيل: {فرّضناها} فصلناها وبينّاها، والمعنى واحد[30].

3- {ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِى}: الزنا: هو اسم لوطء الرجل امرأة في فرجها من غير نكاح ولا شبهة نكاح، ومن غير ملك ولا شبهة ملك، بمطاوعتها.

وقيل أيضاً: هو إدخال فرج في فرجٍ مشتهى طبعاً، محرّم شرعاً[31].

4- {فَٱجْلِدُواْ}: الجَلْد: الضرب على الجْلد، مثل: بَطَنَه ورَأَسَه إذا ضرب بطنه ورأسه[32].

5- {رَأْفَةٌ}: الرأفة: الرقة والرحمة، وقيل: أرقّ الرحمة[33].

6- {طَائِفَةٌ}: الطائفة: هي الفرقة من الناس التي تكون حافة ومحيطة بالشيء، من الطوف، وأقل الطائفة ثلاثة، وقيل: اثنان، وقيل: واحد، وقيل أربعة، وقيل عشرة[34].

7- {ٱلْمُحْصَنَـٰتِ}: التحصّن: التمنّع، ومنه الحِصْن لأنه يُمتنع فيه، ومنه الحِصان بكسر الحاء للفرس لأنه يمنع صاحبه، والحَصان بفتح الحاء: المرأة العفيفة، فالمحصنة هنا: الحرّة البالغة العفيفة[35].

8- {ٱلْفَـٰسِقُونَ}: الفِسْق: الخروج، ومنه قولهم: فسقت الرطبة، إذا خرجت عن قشرها[36]، وفسق الرجل: خرج عن الطاعة، وجاوز الحد بالمعصية[37].

9- {تَابُواْ}: التوب في اللغة: ترك الذنب على أجمل الوجوه، وهو أبلغ وجوه الاعتذار، فإن الاعتذار على ثلاثة أوجه: إما أن يقول المعتذر: لم أفعل، أو يقول: فعلت لأجل كذا، أو فعلت وأسأت وقد أقلعت، وفي الشرع: ترك الذنب لقبحه والندم على ما فرط منه، والعزيمة على ترك المعاودة، وتدارك ما أمكنه[38].

المعنى الإجمالي:

ينبّه تعالى في بداية هذه السورة على مكانتها وفضلها، وأنه أنزلها وفيها فرائض وأحكام، أو أنه نزلها مقطعة نجماً نجماً في أحكامها، وفيها آيات واضحات الدلالة، لعل العباد يتذكرون، ثم يبدأ في سرد أحكام الزناة، إناثاً وذكوراً، فأمر بجلد كل زانٍ وزانية مائة جلدة، وهو غير المحصن كما بينته السنة المطهرة، على أن لا يرحمهما ولا يشفق عليهما من يقيم الحد، أيَّ رحمة تلجئه إلى ترك الحد والتهاون فيه، وإن كنتم تؤمنون بالله فلتقيموا حدوده وتنفذوا أوامره، آمراً إياهم أن يشهد هذا الحد جماعة من الناس اتعاظاً وعبرة، وفضحاً للزانيين، وقيل: ليدعوا لهما بالتوبة والرحمة، ثم أخبر تعالى أن الزاني لا ينكح في الغالب إلا زانية أو مشركة، والعكس كذلك بالنسبة للزانية، وقيل: بل هو نهي عن أن ينكح العفيف الزانية، وأن تنكح العفيفة الزاني، وهو الأظهر، مؤكداً تحريم ذلك النكاح على المؤمنين حتى يتوب الزناة، ثم ذكر تعالى حكم الذين يرمون المحصنات العفيفات بالزنا، ويُسمى القذف، أن هؤلاء إذا لم يأتوا بأربعة شهداء -والقاذف منهم بالطبع- قد رأوا الفاحشة رأي عين، بأن يروا الفرج في الفرج، ويكونوا جميعاً عدولاً، فإنهم إن لم يشهدوا كلهم يجلدون ثمانين جلدة لكل واحد منهم، بالإضافة إلى عدم قبول شهادتهم، والحكم الثالث أنهم فسقة، حتى يتوبوا إلى الله تعالى مما اقترفوا بحق المقذوف، فإذا تابوا توبة صادقة نصوحاً تاب الله عليهم وغفر ذنبهم، وهو الغفور للذنوب جميعاً، الرحيم بعباده حيث شرع لهم ما يحفظ أعراضهم ويصونها، ثم خصّ بعد ذلك الأزواج الذين يرمون زوجاتهم بالفاحشة، وجعل لهم مخرجاً من إقامة الحد عليهم، فإنهم إذا لم يجدوا شهوداً فقد شرع لهم الحكيم العليم الملاعنة، وهو أن يجتمع بزوجته التي قدفها في مكان شريف كالمسجد ووقت شريف، وقيل: بعد صلاة العصر، بحضور الإمام أو من ينوب عنه، فيقسم الزوج أولاً بالله أربع مرات: إنه من الصادقين، ثم يذكره الإمام بأن الخامسة موجبة، وأنه سيكون بعدها مستحقاً لما ينطق به، فإذا أصر حلّفه الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، فإن ذكرها طُلقت منه عند أكثر العلماء، وحُرّمت عليه للأبد، ثم يتجه الإمام إلى الزوجة ويحلفها أربع مرات بالله إن زوجها لمن الكاذبين فيما رماها به من الزنا، فإذا ذكرتها فعل معها الإمام ما فعل مع الزوج قبل ذكر الخامسة، وهي أن غضب الله عليها إن كان زوجها من الصادقين، فإذا قالتها فقد درأت عن نفسها الحد، ويفرّق بينها وبين زوجها، وينفى الولد إذا وجد حمل عن الزوج، ولا يُنسب إليه، ثم ذكر تعالى رأفته بخلقه ولطفه بهم فيما شرع لهم من الفرج والمخرج من شدة ما يكون عليهم من الضيق: {وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} والجواب محذوف وتقديره: لخرجتم ولشق عليكم كثير من أموركم، وقيل تقدير المحذوف: لنالَ الكاذب منهما عذاب عظيم، ثم بيّن سبحانه مدى عِظم توبته على من تاب من عباده ولجأ إليه سبحانه ليغفر له الذنوب، وأنه تعالى حكيم فيما شرع لعباده من اللعان وفرض عليهم من الحدود، والحكيم من يضع الأمور في نصابها.

نصوص ذات صلة:

1- في قوله تعالى: {وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِى دِينِ ٱللَّهِ...} الآية دلالة على أهمية إقامة الحدود، وما ينتج عنه من قيام مجتمع مثالي مؤمن طاهر نقي، وقد جاء في السنة المطهرة ما يدل على فضل إقامة حدود الله عز وجل، كالحديث الذي يرويه أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حَدٌّ يُعمل في الأرض خير لأهل الأرض من أن يمطروا ثلاثين صباحاً))[39]. وفي رواية: ((...ثلاثين أو أربعين صباحاً))[40]، وفي رواية: ((...أربعين صباحاً))[41].

3- قوله تعالى: {وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَـٰتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء...} جاء ذكر هذه الآية في حديث نبوي، وهو ما رواه ابن عباس قال: لما نزلت: {وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَـٰتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَٱجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُواْ لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً} قال سعد بن عبادة وهو سيد الأنصار: أهكذا نزلت يا رسول الله؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا معشر الأنصار، أتسمعون إلى ما يقول سيدكم؟!)) قالوا: يا رسول الله لا تَلُمْه، فإنه رجل غيور، والله ما تزوج امرأة قط إلا بكراً، وما طلق امرأة له فاجترأ رجل منّا على أن يتزوجها من شدة غيرته، فقال سعد: والله يا رسول الله إني لأعلم إنها حق، وإنها من الله تعالى، ولكني قد تعجبت أني لو قد وجدت لكاعاً[42] تفخذها رجل، لم يكن لي أن أهيجه ولا أحركه حتى آتي بأربعة شهداء، فوالله لا آتي بهم حتى يقضي حاجته... وذكر الحديث بطوله، وفيه قصة هلال بن أمية رضي الله عنه السابقة مع زوجته[43].

الفوائـد:

1- في قوله تعالى: {ٱلزَّانِيَةُ وَٱلزَّانِى فَٱجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِى دِينِ ٱللَّهِ...} الآية، مجموعة من الفوائد، أهمها:

1) ذكر تعالى الذكر والأنثى هنا وكان يكفي الزاني، قيل: للتأكيد، كقوله تعالى: {وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا}، ويحتمل أن ذكرهما هنا لئلا يظن ظان أن الرجل لما كان هو الواطئ والمرأة محلّ ليست بواطئة فلا يجب عليها حدّ[44].

2) قدّم الله عز وجل ذكر الزانية حيث كان زنا النساء في ذلك الزمان فاشياً منتشراً، وكان لإماء العرب وبغايا الوقت رايات وكُنّ مجاهرات، وقيل: لأن الزنى في النساء أعرّ، وهو لأجل الحَبَل أضرّ، وقيل لأن الشهوة في المرأة أكثر وعليها أغلب فصدّرها تغليظاً لتردع شهوتها، وقيل: لأنها هي الأصل إذ الباعث فيها أقوى، ولولا تمكينها له لم يزنِ[45].

3) أن هذه الآية ناسخة لقوله تعالى: {وَٱللَـٰتِى يَأْتِينَ ٱلْفَـٰحِشَةَ مِن نّسَائِكُمْ فَٱسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مّنْكُمْ...} [النساء:15]، ولقوله تعالى: { وَٱللَّذَانَ يَأْتِيَـٰنِهَا مِنكُمْ فَـئَاذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا...} [النساء:16] باتفاق أهل العلم[46].

4) نصّت هذه الآية على حكم الزاني غير المحصن بأن يجلد مائة جلدة، وجاء في السنة أنه يُغرّب عاماً عن بلده، وبه أخذ جمهور العلماء خلافاً لأبي حنيفة حيث يرى أن التغريب إلى الإمام إن شاء غرّب وإن شاء لم يغرّب، وحجة الجمهور ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني قالا: إن رجلاً من الأعراب أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أنشدك الله إلاّ قضيت لي بكتاب الله، فقال الخصم الآخر -وهو أفقه منه- : نعم فاقض بيننا بكتاب الله، وأْذنْ لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قُل))، قال: إن ابني كان عسيفاً على هذا فزنى بامرأته، وإني أُخبرتُ أن على ابني الرجم، فافتديت منه بشاة ووليدة، فسألت أهل العلم فأخبروني أنما على ابني جلد مائة وتغريب عام، وأن على امرأة هذا الرجم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، لأقضينّ بينكما بكتاب الله، الوليدة والغنم ردٌّ، وعلى ابنك جلد مائةٍ وتغريب عام، اغْدُ يا أُنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها)) قال: فغدا علهيا فاعترفت، فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرُجمت[47].

أما إن كان مُحصناً؛ وهو الذي وطئ في نكاح صحيح وهو حُرّ بالغ عاقل، فإنه يُرجم بالحجارة حتى يموت، كما في هذا الحديث وغيره من الأحاديث، وفي حديث عمر رضي الله عنه أنه قال: لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل: لا نجد الرجم في كتاب الله، فيضلّوا بترك فريضة أنزلها الله، ألا وإن الرجم حقٌ على من زنى وقد أحصن إذا قامت البيّنة أو كان الحبل أو الاعتراف، ألا وقد رجم رسول الله ورجمنا بعده[48].

وعلى هذا فجمهور العلماء - ومنهم أبو حنيفة ومالك والشافعي- على أن المحصن يُرجم فقط، وذهب أحمد إلى أنه يُجلد للآية فهي عامة، ويُرجم بما ثبت بالسنة، واستدلوا بفعل علي بن أبي طالب حين أقام الحد على امرأة يقال لها: شرّاحة الهمدانية، فقد جلدها يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة، وقال: أجلدها بكتاب الله، وأرجمها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم[49].

وأما المماليك فالحد عليهم نصف الحد على الأحرار خمسون جلدة؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَـٰحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى ٱلْمُحْصَنَـٰتِ مِنَ ٱلْعَذَابِ} [النساء:25][50].

5) أجمع العلماء على أن الجلد بالسوط يجب، والسوط الذي يجلد به يكون سوطاً بين سوطين، لا شديداً ولا ليّناً[51].

6) واختلفوا في المواضع التي تُضرب، فقال مالك: الحدود كلها لا تُضرب إلا في الظهر، وكذلك التعزير، وقال الشافعي: جميع الأعضاء إلا الوجه والفرج، وضرب ابن عمر رضي الله عنهما في رجلي أمة زنتْ، وقال أبو يوسف صاحب أبي حنيفة: يُضرب الرأس وقيل غير ذلك، ولا شك أن حجة من قال: في الظهر هو قوله صلى الله عليه وسلم لهلال في الحديث السابق: ((البيّنة أو حد في ظهرك))[52]، وهي حجة قوية، ولعل الأمر متروك للإمام بما يراه مناسباً. والله أعلم.

7) واختلفوا هل يُضرب قائماً أو قاعداً، والظاهر أن الرجل يُضرب قائماً والمرأة قاعدة ليكون أستر لها[53].

8) واختلفوا هل يُجرّد المحدود أم لا، فقيل: يجرّد ويترك على المرأة ما يسترها دون ما يقيها الضرب، وقيل: الإمام مخيّر إن شاء جرّد وإن شاء ترك، ويروى عن ابن مسعود: ((لا يحلّ في هذه الأمة تجريد ولا مدّ))[54].

9) أن يكون الضرب متوسطاً، غير مبرِّح، ولكنه مؤلم، لا يجرح ولا يبضع، قالوا: ولا يخرج الضارب يده من تحت إبطه، أي لا يُري إبطه[55].

10) قال أهل العلم: الحد الذي أوجبه الله في الزنى والخمر والقذف وغير ذلك ينبغي أن يقام بين أيدي الحكام، ولا يقيمه إلا فضلاء الناس وخيارهم؛ لأن الحدود قربة تعبديّة شرعية يجب المحافظة على فعلها وقدرها ومحلها وصالحها، ويختارهم الإمام لذلك، كما كانت الصحابة تفعل، فإن عثمان لم أتي بالوليد وقد سَكِر وصلى بالناس الصبح ركعتين ثم قال: أزيدكم؟! فقال عثمان لعلي: يا علي قم فاجلده، وأمر علي الحسن ليجلده فلم يقم، فأمر عبد الله بن جعفر، فقام يجلده وعليّ يعد حتى بلغ أربعين، فقال: أمسك، ثم قال: جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين وجلد أبو بكر أربعين، وجلد عمر ثمانين، وكُلٌّ سنّة، وهذا أحبّ إليّ[56].

11) قد عُلم حد الخمر والزنا وغيرهما فلا يجب أن يُتعدى، ولكن للإمام تقديره في حال دون أخرى، فقد رووا أن عمراً أُتي بسكران في رمضان فجلده مائة، ثمانين حد الخمر، وعشرين لهتك حرمة الشهر، ولعب رجل بصبي فضربه الوالي ثلاثمائة سوط أيام الإمام مالك فلم ينكر عليه، فعلى الإمام تقدير الحد بما يرى، بمشورة أهل العلم والفضل[57].

12) شروط الإحصان الذي يجب على من توفرت فيه وزنى إقامة الحد هي: الإسلام، والبلوغ، والعقل، والحرية، والعقد الصحيح، والوطء المباح الذي لا شبهة فيه، وزاد بعضهم أن لا يبطل إحصانهما بالارتداد، وأن يكون كل واحد من الزوجين مساوياً للآخر في شروط الإحصان، فلو تزوج الحر المسلم البالغ العاقل أمة أو صبية أو مجنونة أو كتابية ثم دخل بها فلا يصير محصناً، وهو بعيد[58]. وقال بعضهم: بل يُرجم الكافر لحديث اليهوديين اللذين رجمهما رسول الله صلى الله عليه وسلم[59].

13) لا يشترط الإحصان في الرقيق، فيقام الحد على من أحصن ومن لم يحصن منهم، لقول علي رضي الله عنه: يا أيها الناس، أقيموا على أرقائكم الحد، من أحصن منهم ولم يحصن، فإن أمةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم زنتْ، فأمرني أن أجلدها، فإذا هي حديثة عهد بنفاس، فخشيت إن جلدتها أن أقتلها، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((أحسنت))، وفي رواية قال له: ((اتركها حتى تماثل))[60].

14) واختلفوا في العبد هل يُغرّب أو لا؟ والظاهر أنه لا يُغرّب لأنه مال مملوك لسيده، وفي تغريبه إضرار بالمالك وهو لا ذنب له، وهذا دليل على أنه لا يُرجم أيضاً ولو كان محصناً، لأن إهلاكه بالرجم إضرار بمالكه، ويؤيد كل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا زنت الأمة فتبيّن زناها فليجلدها ولا يثرب[61]، ثم إن زنت فليجلدها ولا يثرّب، ثم إن زنت الثالثة فليبعها ولو بحبل من شَعَر))[62]، ولم يذكر صلى الله عليه وسلم تغريباً في حقها[63]، مع تكرارها للفعل.

15) واختلفوا أيضاً في تغريب الأنثى، فمن قال تُغرّب استدل بعموم أدلة التغريب وظاهرها شمول الأنثى، كقوله صلى الله عليه وسلم: ((خذوا عنّي، خذوا عنّي، قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيّب بالثيّب جلد مائة والرجم))[64]. واستدل المانعون بالدليل نفسه لقوله صلى الله عليه وسلم: ((البكر بالبكر))، والظاهر أنه شامل للأنثى أيضاً، كما استدل المانعون بأحاديث نهي المرأة عن السفر بدون محرم[65]، والذي يظهر أنها إذا وجدت محرماً متبرعاً للسفر معها وكان محل التغريب محلاً مأموناً لا تخشى فيه فتنة فإنها تُغرّب، وإلا فلا لأن المحرم لا ذنب له، ولا تسافر بدون محرم لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك[66].

16) واختلفوا هل يُحفر للمرجوم أم لا؟ فقد ورد في حديث ماعز عند مسلم أنه لم يُحفر له في رواية[67]، وفي رواية أنه حُفر له[68]، والمثبت مقدم على النافي، ويستوي في ذلك الذكر والأنثى، لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بأن يحفر للغامدية رضي الله عنها إلى صدرها لما أراد رجمها، كما في الحديث السابق[69].

17) في قوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ} قيل: شهود الطائفة ليكون أبلغ في زجرهما وأنجع في ردعهما، فإن في ذلك تقريعاً وتوبيخاً وفضيحة، وقيل: حضور الطائفة للدعاء لهما بالتوبة والرحمة[70].

واختلفوا في عدد هذه الطائفة، والراجح أن أي جماعة تفي بالغرض، ولا دليل على عدد معين[71].

2- في قوله تعالى: {ٱلزَّانِى لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً...}:

1- اختلف أهل التفسير في مراد هذه الآية على أقوال:

الأول: أن المقصد تشنيع الزنى وتبشيع أمره، وأنه محرم على المؤمنين. ونُقل عن ابن عباس وأصحابه أن النكاح في الآية هو الوطء.

الثاني: أنها خاصة بامرأة يقال لها: عَنَاق، وقد تقدم حديث مرثد في قصته معها.

الثالث: أنها خاصة بأم مَهْزول، وقد تقدم حديثها أيضاً.

الرابع: أنها نزلت في أهل الصفة، حيث لم يكن لهم في المدينة مساكن ولا عشائر، وهم من المهاجرين، وكان بالمدينة بغايا متعالنات بالفجور، مخاصيب بالكسوة والطعام، فهمّ أهل الصفة أن يتزوجوهن فيأووا إلى مساكنهن ويأكلوا من طعامهن، فنزلت هذه الآية صيانة لهم، ولا يخفى بُعْده.

الخامس: أن المقصود هنا الزاني المحدود والزانية المحدودة، أي: الذين أقيم عليهم الحد، فلا يجوز لزانٍ محدود أن يتزوج إلا محدودة، واستدلوا بحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله: ((لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله))[72].

السادس: أنها منسوخة بقوله تعالى بعد آيات من سورة النور نفسها: {وَأَنْكِحُواْ ٱلأيَـٰمَىٰ مِنْكُمْ...} والظاهر الأول، وقصة عناق سبب نزولها وتشهد للقول الأول، ولا شك أن الحكم عام[73].

2- استدل الإمام أحمد بهذه الآية على أنه لا يصح العقد من الرجل العفيف على المرأة البغي ما دامت كذلك حتى تُستتاب، فإن تابت صح العقد عليها، وإلا فلا، وكذا لا يصح تزويج المرأة الحرّة بالرجل الفاجر المسافح حتى يتوب توبة صحيحة[74].

3- {وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَـٰتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَٱجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُواْ لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْفَـٰسِقُونَ * إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}:

1) نصت هذه الآية على بيان حكم القاذف للمحصنة، وهي الحرة البالغة العفيفة، وأنه يترتب على قذفه هذا ثلاثة أمور، وذلك إذا لم يأت بأربعة شهداء يشهدون برؤيتهم الواقعة-:

الأول: أن يُجلد ثمانين جلدة هو ومن معه إذا لم يتموا أربعة شهداء.

الثاني: أن ترد شهادته أبداً.

الثالث: أنه فاسق ليس بعدل لا عند الله، ولا عند الناس[75].

2) نصّت الآية على قذف الذكور للإناث، وقد أجمعوا على أن قذف الذكور للذكور، أو الإناث للإناث، أو الإناث للذكور لا فرق بينه وبين ما نصّت عليه الآية للجزم بنفي الفارق بين الجميع[76].

3) للقذف عند العلماء شروط تسعة: شرطان في القاذف وهما:

    1- العقل. 2- والبلوغ.

وشرطان في المقذوف به:

    1- وهو أن يقذف بوطء يلزمه فيه حد؛ كالزنا واللواط.

    2- أو بنفيه من أبيه دون سائر المعاصي.

وخمسة في المقذوف:

    1- العقل. 2- والبلوغ. 3- والإسلام. 4- والحرية.

    5- والعفة عن الفاحشة التي رُمي بها، كان عفيفاً من غيرها أم لا[77].

4) اتفقوا على أنه إذا صرّح بالزنى كان موجباً للحد، فإن عرّض ولم يصرّح، قيل: أوجب وقيل: لا، والصواب: أن التعريض إن كان يُفهم منه معنى القذف فهماً واضحاً من القرائن فإن صاحبه يُحدّ، لأن الجناية على عرض المسلم تتحقق بكل ما يفهم منه ذلك فهماً واضحاً، ولئلا يتذرّع بعض الناس لقذف بعضهم بألفاظ التعريض التي يفهم منها القذف بالزنا، والظاهر أنه على قول من قال: إن التعريض بالقذف لا يوجبه فلا بد من تعزير المعرِّض بالقذف للأذى الذي صدر منه لصاحبه بالتعريض[78].

5) جمهور العلماء على أنه لا حد على من قذف رجلاً من أهل الكتاب أو امرأة منهم، وقال سعيد بن المسيب وابن أبي ليلى والزهري: عليه الحد إن كان لها ولد من مسلم، وفيه قول ثالث وهو أنه إن قذف النصرانية تحت المسلم جُلد. أما إذا قذف النصراني المسلم الحر فعليه ما على المسلم ثمانون جلدة لا خلاف فيه[79].

6) جمهور العلماء على أن العبد إذا قذف الحرّ جُلد أربعين جلدة لأنه حدّ يتشطّر كالرق ولقوله تعالى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى ٱلْمُحْصَنَـٰتِ مِنَ ٱلْعَذَابِ} [النساء:25]، وروي عن ابن مسعود وعمر بن عبد العزيز وغيرهما أنه يجلد ثمانين كالحر، لأن الآية في حد الزنا وهو حق لله تعالى، أما القذف فلا يقاس على الزنا لأنه حق لآدمي، والجناية لا تختلف بالرق والحرية، ولو كان يختلف لذكر كما ذُكر في الزنا، كما أن القذف جناية على عرض إنسان معين، والردع عن الأعراض حق للآدمي فيُردع العبد كما يردع الحر، وهو الأظهر والله أعلم[80].

7) أجمعوا على أن الحر إذا قذف العبد فإنه لا يُجلد لقوله عليه الصلاة والسلام: ((من قذف مملوكه وهو بريء مما قال جُلد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال))[81]، ولتباين مرتبتيهما، قالوا: وإنما كان ذلك في الآخرة لارتفاع المِلْك واستواء الشريف والوضيع والحر والعبد، ولم يكن لأحد فضل إلا بالتقوى[82].

8) أن الزنا هو الحكم الوحيد الذي يفتقر إلى أربعة شهداء دون سائر الحقوق؛ رحمة من الله بعباده وستراً لهم[83].

9) يشترط في الشهود الأربعة على واقعة الزنا أن يكونوا جميعاً رجالاً لقوله عز وجل: {فَٱسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مّنْكُمْ} [النساء:15]، وأن يروا الفرج في الفرج كالمرود[84] في المكحلة، وأن تكون رؤيتهم في موطن واحد، وإن اضطرب أحدهم في شهادته جُلد الثلاثة الباقين كما فعل عمر رضي الله عنه في قصة المغيرة، حيث شهد عليه أبو بكرة الثقفي وأخوه نافع وشبل بن معبد وزياد بن أبيه بالزنى، فلما استشهدهم عمر اضطرب زياد فلم يشهد بصراحة الزنى، فجلد عمر الباقين[85].

10) {إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}:

اتفق أهل العلم على أن الاستثناء هنا لا يرجع على الجلد لأنه قد حصل، واختلفوا هل يرجع الاستثناء على عدم قبول الشهادة والفسق، فإذا تاب قُبلت شهادته ورُفع عنه الفسق، أم أن الاستثناء يعود على الجملة الأخيرة فيرفع عنه الفسق، ولكن لا تُقبل شهادته أبداً، قال بالأول الجمهور، وبالثاني أبو حنيفة، واستُدل للجمهور بأن تخصيص التقييد بالجملة الأخيرة دون ما قبلها مع كون الكلام واحداً في واقعة شرعية من متكلم واحد خلافُ ما تقتضيه لغة العرب، وبأن التوبة تجبُّ ما قبلها، والزاني نفسه إذا تاب قُبلت توبته، واستدل من خالفهم بقوله تعالى: {أَبَداً} وأن الضمير يعود لأقرب مذكور، والصواب قول الجمهور[86].

11) أن حد القذف لا يُقام على القاذف إلا إذا طلب المقذوف إقامة الحدّ عليه، لأنه حق له[87].

12) من قذف جماعة بكلمة واحدة فعليه حدّ واحد، لأن الحد إنما وجب بإدخال المعرّة والنقص على المقذوفين، فإذا حُدّ حداً واحداً ظهر كذب القاذف، وزالت المعرة، وحصل به شفاء الغيظ بحدّه أما من رمى جماعة بكلمات فإنه يتعدد عليه الحدّ بعدد الكلمات التي قذف بها، لأنه قذف كل واحد قذفاً مستقلاً لم يشاركه فيه غيره، ولو حُدّ حداً واحداً لم يظهر به كذبه على الثاني، ولا تزول عنه به المعرّة[88].

13) ذكر الله تعالى في الآية النساء لأنهن أهمّ، ورميهنّ بالفاحشة أشنع، وأنكر للنفوس، وقذف الرجل داخل في الآية بالمعنى كما تقدم بالإجماع[89].

14) لا شهادة للنساء في الحدود لقوله تعالى: {فاستشهدوا عليهن أربعة منكم} [النساء:15][90].

4- {وَٱلَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوٰجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَاء إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَـٰدَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَـٰدَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ * وَٱلْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ ٱلْكَـٰذِبِينَ * وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا ٱلْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ ٱلْكَـٰذِبِينَ * وَٱلْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ * وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ }:

1) في هذه الآيات شرع الله اللعان أو الملاعنة بين الزوجين، إذا رمى الرجل امرأته بالزنا، أو نفى ولده، فيحضر إلى الإمام فيشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين فيما رماها به، ثم يوقفه الإمام ويخبره أن الخامسة موجبة لما يقوله، فإذا أصرّ ذكر في الخامسة أن عليه لعنة الله إن كان من الكاذبين، فإذا قال ذلك بانت منه وحرُمت عليه أبداً، ووقع عليها حد الزنا، ولا يُدرأ عنها إلا أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماها به، فإذا قالتها فعل معها الإمام كما فعل مع الزوج، فإذا أصرت قالت الخامسة وهي أن غضب الله عليها إن كان صادقاً فيما قال، ثم يُفرق بينهما[91].

2) اللعان يُشرع لكل زوجين حرّين كانا أو عبدين، مؤمنين أو كافرين، فاسقين أو عدلين ولا بد أن يكونا مكلَّفَيْن، ولا لعان بين الرجل وأمَتَه، ولا بينه وبين أم ولده[92].

3) اختُلف في الشهادات المذكورة هنا فقيل:

    1- هي شهادات لأن الله سماها كذلك.

   2- هي أيمان لقوله تعالى: {أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِٱللَّهِ} فلفظ الجلالة هنا يدل على أنها أيمان.

    3- أيمان مؤكدة بلفظ الشهادة.

    4- شهادات مؤكدة بلفظ الأيمان.

ومحصلة الخلاف، أن من قال: هي شهادات أنه لا يصح عنده اللعان إلا ممن تجوز منه الشهادة، فيشترط في الملاعن والملاعنة العدالة وغيرها من شروط قبول الشهادة، ومن قال: إنها أيمان صح عنده اللعان من كل زوجين ولو كانا لا تصح شهادتهما لفسق أو غيره من مسقطات الشهادة. والظاهر أنها أيمان مؤكدة بالشهادة لقوله تعالى: {فَشَهَـٰدَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَـٰدَاتٍ بِٱللَّهِ}، ولقوله تعالى: {فَيُقْسِمَانِ بِٱللَّهِ لَشَهَـٰدَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَـٰدَتِهِمَا} [المائدة:107]، والمراد بالشهادة هنا اليمين، وهناك غيرها من الأدلة[93].

4) البدء في اللعان يكون بما بدأ الله به وهو الزوج، ومن بدأ بالمرأة لم يجُز لأنه عكس ما رتبه الله تعالى[94].

5) يفتقر اللعان إلى أربعة أشياء:

    1- عدد الألفاظ: وهي أربعة.

    2- المكان: ويُقصد به أشرف البقاع، وهو المسجد.

    3- الوقت: وقالوا هو بعد صلاة العصر.

    4- جمع الناس: بأن يكونوا أربعة أنفس فصاعداً.

فاللفظ وجمع الناس مشروطان، والزمان والمكان مستحبان[95].

6) الجمهور على أن الزوجين إذا تلاعنا نُفي الولد عن الزوج ولن يُنسب إليه، ويفرق بين الرجل والمرأة لا يتناكحان أبداً[96].

7) اختلفوا هل يشترط الرؤية في اللعان أم لا؟ على قولين، فمن لم يشترط الرؤية قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال للزوج: ((اذهب فأتِ بها))، ولم يكلفه ذكر الرؤية، كما أجمعوا أن الأعمى يلاعن وهو لا يرى، ومن قال لا بد من الرؤية استدل بحديث هلال بن أمية المتقدم وفيه أنه رأى بعينه وسمع بأذنه، وهو نص في أنه لا بد من الرؤية، وأيضاً اشترطوا أن يرى الفرج في الفرج كالمرود في المكحلة، وهو الراجح[97].

8) تجوز ملاعنة الأخرس إذا فُهم عنه ذلك[98].

9) إذا قذف الرجل زوجته ثم أبى فقد اختلفوا هل يجب عليه الحد أم لا؟ قال أبو حنيفة: لا حد عليه لأن الله تعالى قد جعل على الأجنبي الحد، وعلى الزوج اللعان، فلما لم ينتقل اللعان إلى الأجنبي لم ينتقل الحد إلى الزوج، ويسجن الزوج حتى يلاعن؛ لأن الحدود لا تؤخر.

وقال مالك والشافعي وجمهور الفقهاء: إذا لم يلتعن الزوج وجب عليه الحد، لأن اللعان له براءة كالشهود للأجنبي، فإن لم يأت الأجنبي بأربعة شهداء حُدّ، فكذلك الزوج إن لم يلتعن، وفي حديث ابن مسعود المتقدم في أسباب النزول ما يدل على ذلك لقول الأنصاري: لو أن رجلاً وجد مع امرأته رجلاً فتكلم جلدتموه، أو قتل قتلتموه، وإن سكت سكت على غيظ... وهو الراجح[99].

10) في قوله تعالى: {أَنَّ غَضَبَ ٱللَّهِ عَلَيْهَا إِن كَانَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} تخصيص الغضب بالمرأة للتغليظ عليها لكونها أصل الفجور ومادته، ولأن النساء يكثرن اللعن عادة كما جاء في الحديث المتفق عليه[100]، ومع استكثارهن منه لا يكون له في قلوبهن كبير موقع، بخلاف غضب الله تعالى[101].

11) في قوله تعالى: {أَنَّ لَعْنَةَ ٱللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ ٱلْكَـٰذِبِينَ}:

استُدل به على جواز الدعاء باللعن على كاذب معيّن، إن كان الداعي صادقاًَ[102].

12) قوله تعالى: {وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ}:

قال الزجاج: المعنى: ولولا فضل الله لنال الكاذب منهما عذاب عظيم[103].


[1] تسافح السفّاح: الزنا، يقال: سافحها مسافحة وسفاحاً. الصحاح للجوهري (1/375).

[2] أخرجه أحمد في مسنده (2/159)، وضعّف إسناده أحمد شاكر في تعليقه على المسند (6480).

[3] أخرجها أيضاً أحمد (2/225)، وضعف إسنادها أيضاً أحمد شاكر في تعليقه على المسند (7099، 7100)، وانظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/168)، تفسير القرآن العظيم لابن كثير (3/422).

[4] الحائط: الجدار، ويُطلق على الأرض المحاطة؛ كالحديقة وغيرها، انظر: تهذيب اللغة للأزهري (5/185).

[5] الخَندمة: جبل أوجبال بمكة. انظر: معجم البلدان لياقوت الحموي (2/449).

[6] الإذخر: نبت طيب الريح، كانت قريش تستخدمه في كفن الموتى. انظر: تهذيب اللغة للأزهري (7/322)، وأذاخر: تُنية بين مكة والمدينة، دخل منها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل بأعلى مكة. انظر: الروض المعطار للحميري (ص 21).

[7] كَبْلَه: الكَبْل - بفتح الكاف وسكون الباء -: القيد الضخم. انظر صحاح الجوهري (5/1808).

[8] أخرجه الترمذي في تفسير القرآن، باب: ومن سورة النور (3177) بهذا اللفظ، وقال: حسن غريب، وأخرجه أيضاً أبو داود في النكاح، باب في قوله تعالى: {الزاني لا ينكح إلا زانية} (2051) مختصراً، والنسائي في النكاح، باب تزويج الزانية (3228) بنحو لفظ الترمذي، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي (2538). وانظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/168)، تفسير القرآن العظيم لابن كثير (3/422).

[9] تلكأت: أي تباطأت وتوقفت، تفسير القرآن العظيم لابن كثير (3/422).

[10] نكصت: نكص أي رجع. صحاح الجوهري (3/1060).

[11] سابغ الأليتين: أي عظيم الأليتين تامّهما. انظر: النهاية لابن الأثير (2/338).

[12] خذلج الساقين: أي ممتلئ الساقين. انظر صحاح الجوهري (1/309).

[13] أخرجه البخاري في تفسير القرآن، باب: (ويدرأ عنها العذاب...) (4747). وانظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/183)، تفسير القرآن العظيم لابن كثير (3/426-428).

[14] أخرجه مسلم في اللعان، باب: حدثنا زهير بن حرب... (1495).

[15] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/158)، فتح القدير للشوكاني (4/6).

[16] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/158)، فتح القدير (4/6-7).

[17] انظر: الجامع لأحكام القرآن (12/159-160)، فتح القدير (4/7)، روح المعاني للألوسي (18/76).

[18] انظر: روح المعاني (18/83).

[19] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/166)، فتح القدير (4/8).

[20] انظر: روح المعاني (18/87).

[21] انظر: روح المعاني (18/88).

[22] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/172)، فتح القدير (4/12).

[23] انظر: الجامع لأحكام القرآن القرطبي (12/178)، فتح القدير (4/12).

[24] انظر: روح المعاني (18/105).

[25] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/182)، فتح القدير (4/15)، روح المعاني (18/105).

[26] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/183)، فتح القدير (4/15)، روح المعاني (18/106).

[27] انظر: فتح القدير للشوكاني (4/15)، روح المعاني للألوسي (18/106).

[28] انظر: روح المعاني (18/106).

[29] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/158)، فتح القدير (4/605).

[30] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/158)، تفسير القرآن العظيم لابن كثير (3/1417)، فتح القدير (4/6-7).

[31] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/159)، فتح القدير (4/7)، روح المعاني (18/78).

[32] انظر: فتح القدير (4/7)، روح المعاني (18/77).

[33] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/166)، فتح القدير (4/8).

[34] انظر: تفسير القرآن العظيم (3/420)، فتح القدير (4/8)، روح المعاني (18/83-84).

[35] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (5/120) و (12/172)، تفسير القرآن العظيم لابن كثير (3/424)، فتح القدير (4/12).

[36] انظر: صحاح الجوهري (4/1543)، مفردات الراغب (ص 636).

[37] انظر: فتح القدير (4/13).

[38] انظر: مفردات الراغب (ص 169).

[39] أخرجه أحمد (2/402)، والنسائي في كتاب قطع السارق، باب الترغيب، في إقامة الحد (4904).

[40] أخرجها أحمد (2/362).

[41] أخرجها ابن ماجة في الحدود، باب: إقامة الحدود (2538). وصححه الألباني بروايتيه في السلسلة الصحيحة (231)، وانظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/166)، تفسير القرآن العظيم لابن كثير (3/419).

[42] لكاعاً: امرأة لكاع: أي لئيمة، ورجل لُكَع. انظر: صحاح الجوهري (3/1280).

[43] أخرجه أحمد (1/238-239)، وصحح إسناده أحمد شاكر في تعليقه على المسند (2131).

[44] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/160).

[45] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/160)، روح المعاني (18/78).

[46] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (5/82 وما بعدها) و (12/159)، فتح القدير (4/7).

[47] أخرجه البخاري في كتاب الشروط، باب: الشروط التي لا تحل في الحدود (2725)، ومسلم في الحدود، باب: من اعترف على نفسه بالزنا (1698).

[48] أخرجه البخاري في الحدود، باب: الاعتراف بالزنا (6829) و (6830)، ومسلم في الحدود، باب: مرجم الثيب في الزنى (1691) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

[49] أخرجه أحمد (1/93، 107، 140)، وعبد الرزاق (13350)، وصححه الحاكم (4/364-365)، قال الهيثمي: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. مجمع الزوائد (6/248)، وصحح أحمد شاكر إسناده في تعليقه على المسند، رقم (716، 839)، وصححه الألباني في إرواء الغليل (2340).

[50] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/159-161)، تفسير القرآن العظيم لابن كثير (3/417-419)، فتح القدير (4/7)، أضواء البيان (6/5، 13-14، 41-48).

[51] انظر: الإجماع لابن عبد البر (ص 161)، رقم (699). الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/161).

[52] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/162)، روح المعاني (18/77-78).

[53] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/162)، روح المعاني (18/78).

[54] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/162)، روح المعاني (18/96).

[55] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/163).

[56] أخرجه مسلم في الحدود، باب: حد الخمر (1707).

[57] انظر: أحكام القرآن لابن العربي (3/335)، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/164).

[58] انظر: روح المعاني (18/80).

[59] أخرجه البخاري في الجنائز، باب: الصلاة على الجنائز بالمصلى والمسجد (1329)، و (4556) عن ابن عمر رضي الله عنهما.

[60] أخرجه مسلم في الحدود، باب: تأخير الحد عن النفساء (1705)، وانظر: روح المعاني (18/82).

[61] يثرّب: التثريب: التأنيب والتعيير والاستقصاء في اللّوم، صحاح الجوهري (1/92).

[62] أخرجه البخاري في البيوع، باب: بيع العبد الزاني (2152)، ومسلم: في الحدود، باب: رجم اليهود أهل الذمة في الزنى (1703) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وقد فهم البخاري عدم نفي الأمة فقال في كتاب الحدود: باب: لا يُثرّب على الأمة إذا زنت ولا تنفى.

[63] انظر: روح المعاني (18/82)، أضواء البيان (6/66-67).

[64] أخرجه مسلم في الحدود، باب: حد الزنا (1690) عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه.

[65] أخرجه البخاري في تقصير الصلاة، باب في كم يقصر الصلاة (1086-1088) عن أبي هريرة رضي الله عنه، ومسلم في الحج، باب: سفر المرأة مع محرم... (1338) عن ابن عمر رضي الله عنهما.

[66] انظر: روح المعاني (18/82)، أضواء البيان (6/65-66).

[67] صحيح مسلم: كتاب الحدود، باب: من اعترف على نفسه بالزنا (1694) عن بريدة رضي الله عنه.

[68] صحيح مسلم: كتاب الحدود، باب: من اعترف على نفسه بالزنا (1695) عن بريدة رضي الله عنه.

[69] انظر: أضواء البيان (6/49-53).

[70] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/167)، تفسير القرآن العظيم لابن كثير (3/420)، روح المعاني (18/83).

[71] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/166)، روح المعاني (18/83).

[72] أخرجه أبو داود في النكاح، باب في قوله تعالى: {الزاني لا ينكح إلا زانية} (2052)، والحاكم (2/166)، قال ابن العربي: وهذا معنى لا يصح نظراً، كما لا يثبت نقلاً. أحكام القرآن (3/338).

[73] انظر: أحكام القرآن لابن العربي (3/336-339)، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/167-169) فتح القدير (4/8-9).

[74] انظر: تفسير القرآن العظيم لابن كثير (3/421).

[75] انظر: تفسير سورة النور لشيخ الإسلام ابن تيمية (ص 37-38)، تفسير القرآن العظيم لابن كثير (3/424).

[76] أضواء البيان (6/89).

[77] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/173).

[78] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/173-174)، أضواء البيان (6/94-99).

[79] انظر: الإجماع لابن عبد البر (ص 162)، رقم (705)، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/174)، فتح القدير (4/12).

[80] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/174)، أضواء البيان (6/92-93).

[81] أخرجه البخاري في الحدود، باب: قذف العبد (6858)، ومسلم في الأيمان، باب: التغليظ على من قذف مملوكه بالزنا (1660) من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه.

[82] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/174-175)، أضواء البيان (6/93-94).

[83] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/176).

[84] المِرْوَد: هو الميل الذي يوضع في المكحلة. انظر: عون المعبود على سنن أبي داود لشمس الحق العظيم آبادي (12/72).

[85] انظر: الجامع لأحكام القرآن (5/84) و (12/178)، وسير أعلام النبلاء (3/6، 27-28)، وانظر: كلام المحقق، أضواء البيان (6/15-18).

[86] انظر: تفصيل المسألة: في الجامع لأحكام القرآن (12/178-179)، تفسير القرآن العظيم لابن كثير (3/424-425)، وفتح القدير (4/13-14)، أضواء البيان (6/89-92).

[87] انظر: أضواء البيان (6/101).

[88] انظر: أضواء البيان (6/104-107).

[89] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/172).

[90] انظر: روح المعاني (18/108).

[91] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/185)، تفسير القرآن العظيم لابن كثير (3/425).

[92] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/186).

[93] انظر: أضواء البيان (6/134-138).

[94] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/191-192).

[95] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/193، 195)، أضواء البيان (6/147).

[96] انظر: الجامع لأحكام القرآن (12/194).

[97] انظر: الجامع لأحكام القرآن (12/185).

[98] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/187).

[99] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/191).

[100] صحيح البخاري: كتاب الحيض، باب: ترك الحائض الصوم (304) عن أبي سعيد، وصحيح مسلم: كتاب الإيمان، باب: بيان نقصان الإيمان... (80) عن ابن عمر رضي الله عنهما.

[101] انظر: فتح القدير (4/16)، روح المعاني (18/106).

[102] انظر: روح المعاني (18/111).

[103] فتح القدير (4/16).

 

.