الملف العلمي للمولد النبوي

.

  الشباب بين الاتباع والابتداع: ثانياً: تعريف السنة والبدعة:       الصفحة السابقة       الصفحة التالية     (الصفحة الرئيسة)

 

ثانياً: تعريف السنة والبدعة:

1- تعريف السنة لغة:

السنة الطريقة والسيرة[1].

قال الأزهري: "السنة الطريقة المحمودة المستقيمة"[2].

2- تعريف السنة شرعا:

قال الشاطبي: "ويطلق ـ أي: لفظ السنة ـ في مقابلة البدعة؛ فيقال: فلان على سنة إذا عمل على وفق ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم، كان ذلك مما نص عليه في الكتاب أو لا، ويقال: فلان على بدعة إذا عمل على خلاف ذلك"[3].

قال ابن رجب: "السنة هي الطريق المسلوك؛ فيشمل ذلك التمسك بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون، من الاعتقادات والأعمال والأقوال، وهذه هي السنة الكاملة، ولهذا كان السلف قديمًا لا يطلقون السنة إلاّ على ما يشمل ذلك كله، وروي ذلك عن الحسن والأوزاعي والفضيل بن عياض"[4].

قال محمد رشيد رضا: "المراد بالسُنة هنا معناها اللغوي، وهي الطريقة المخصوصة للسلوك المتبعة بالفعل في أمر الدين ـ فعلاً وتركًا ـ من عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فالتعريف فيها للعهد، وليس المراد بها ما اصطلح عليه علماء الحديث من إطلاقها على أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته وشمائله، ولا ما اصطلح عليه الفقهاء من إطلاقها على ما واظب عليه صلى الله عليه وسلم على غير سبيل الوجوب؛ فإن جميع فرق المبتدعة في الإسلام يأخذون بالسنة بمعنييها الأخيرين على اصطلاحات لهم وقواعد في إثباتها ونفيها وتأويلها وتعارضها..." [5].

3- تعريف أهل السنة:

قال ابن حزم: "وأهل السنة الذين نذكرهم أهل الحق، ومن عداهم فأهل البدعة؛ فإنهم الصحابة رضي الله عنهم، وكل من سلك نهجهم من خيار التابعين، ثم أصحاب الحديث ومن اتبعهم من الفقهاء جيلاً فجيلاً إلى يومنا هذا، ومن اقتدى بهم من العوام في شرق الأرض وغربها رحمة الله عليهم"[6].

قال ابن الجوزي: "ولا ريب في أن أهل النقل والأثر المتبعين آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وآثار أصحابه هم أهل السنة؛ لأنهم على تلك الطريق التي لم يحدث فيها حادث وإنما وقعت الحوادث والبدع بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه"[7].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في تعريفه لأهل السنة: "هم المتمسكون بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما اتفق عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان"[8].

وقال: "فمن قال بالكتاب والسنة والإجماع كان من أهل السنة والجماعة"[9].

قال عبد الرحمن بن ناصر السعدي: "فأهل السنة المحضة السالمون من البدع الذين تمسكوا بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الأصول كلها، أصول التوحيد والرسالة والقدر ومسائل الإيمان وغيرها، وغيرهم من خوارج ومعتزلة وجهمية وقدرية ورافضة ومرجئة ومن تفرع عنهم كلهم من أهل البدع الاعتقادية"[10].

4- تعريف البدعة لغة:

قال ابن فارس: "الباء والدال والعين أصلان لشيئين:

أحدهما: ابتداء الشيء وصنعه لا عن مثال سابق مثال، والله بديع السموات والأرض.

الثاني: الانقطاع والكلال كقولهم: أبدعت الراحلة إذا كلت وعطبت"[11].

وفي اللسان:"بدع الشيء يبدعه بَدْعًا وابتدعه: أنشأه وبدأه، وبدع الركيّة: استنبطها وأحدثها.

والبدعة: الحدث، وما ابتدع من الدين بعد الإكمال.

ابن السكيت: البدعة كلّ محدثة"[12].

5- تعريف البدعة شرعًا:

قال الشاطبي: "طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية، يقصَد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه"[13].

قال ابن رجب: "والمراد بالبدعة ما أحدِث مما لا أصل له في الشريعة يدلّ عليه، وأما ما كان له أصل من الشرع يدلّ عليه فليس ببدعة شرعًا وإن كان بدعة لغة"[14].

قال السيوطي: "البدعة عبارة عن فعلةٍ تصادم الشريعة بالمخالفة أو توجب التعاطي عليها بزيادة أو نقصان"[15].

قال ابن تيمية: "البدعة في الدين هي ما لم يشرعه الله ورسوله، وهو ما لم يأمر به أمر إيجاب ولا استحباب، فأما ما أمر به أمر إيجاب أو استحباب وعلم الأمر به بالأدلة الشرعية فهو من الدين الذي شرعه الله، وإن تنازع أولو الأمر في بعض ذلك، وسواء كان هذا مفعولاً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو لم يكن"[16].


[1] النهاية لابن الأثير (2/409).

[2] تهذيب اللغة (12/301).

[3] الموافقات (4/4).

[4] جامع العلوم والحكم (ص 262).

[5] انظر: مقدمة صيانة الإنسان للسهسواني (ص 7).

[6] الفصل لابن حزم (2/271).

[7] تلبيس إبليس (ص 21)، وعنه مقرّاً له السيوطي في الأمر بالاتباع (ص 88).

[8] مجموع الفتاوى (3/375).

[9] مجموع الفتاوى (3/346).

[10] الفتاوى السعدية (ص 63).

[11] مقاييس اللغة (1/209).

[12] لسان العرب (9/ 351).

[13] الاعتصام (1/37).

[14] جامع العلوم والحكم (ص 265).

[15] الأمر بالاتباع (ص 88).

[16] مجموع الفتاوى (4/ 107-108).

 

.