|
||
. |
||
أصول الأخلاق الإسلامية: ثانيًا: أقسام الأخلاق: الصفحة السابقة (عناصر البحث) الصفحة التالية |
||
|
||
ثانيًا: أقسام الأخلاق: 1- تنقسم الأخلاق من حيث ذاتها إلى قسمين: أ- أخلاق جبلية: عن أُمُّ أَبَانَ بِنْتُ الْوَازِعِ بْنِ زَارِعٍ عَنْ جِدِّهَا زَارِعٍ وَكَانَ فِي وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ قَالَ: لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَجَعَلْنَا نَتَبَادَرُ مِنْ رَوَاحِلِنَا فَنُقَبِّلُ يَدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِجْلَهُ، قَالَ: وَانْتَظَرَ الْمُنْذِرُ الأشَجُّ، حَتَّى أَتَى عَيْبَتَهُ فَلَبِسَ ثَوْبَيْهِ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ: ((إِنَّ فِيكَ خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ: الْحِلْمُ وَالأَنَاةُ))، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أَتَخَلَّقُ بِهِمَا أَمْ اللَّهُ جَبَلَنِي عَلَيْهِمَا؟ قَالَ: ((بَلْ اللَّهُ جَبَلَكَ عَلَيْهِمَا))، قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ[1]. قال ابن القيم: "فدل على أن من الخلق ما هو طبيعة وجبلَّة وما هو مكتسب"[2]. ب- أخلاق مكتسبة: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ نَاسًا مِنْ الأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُم، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ، حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ: ((مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ،وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنْ الصَّبْرِ))[3]. قال ابن القيم: "فإن قلت: هل يمكن أن يقع الخُلق كسبيا أو هو أمر خارج عن الكسب؟ قلت: يمكن أن يقع كسبيا بالتخلق والتكلُّف حتى يصير له سجيةً وملكة"[4]. 2- وتنقسم الأخلاق من حيث علاقتها إلى قسمين أيضا: أخلاق في حق الله تعالى، وأخلاق مع عباد الله تعالى. عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ))[5]. قال ابن رجب: "فهذه الوصية وصية عظيمة جامعة لحقوق الله وحقوق عباده"[6]. وقال: "قوله صلى الله عليه وسلم: ((وخالق الناس بخلق حسن)) هذا من خصال التقوى، ولا تتم التقوى إلا به، وإنما أفرده بالذكر للحاجة إلى بيانه، فإن كثيرا من الناس يظن أن التقوى هي القيام بحق الله دون حقوق عباده، فنصَّ له على الأمر بإحسان العشرة للناس، فإنه كان قد بعثه إلى اليمن معلِّما لهم ومفقِّها وقاضيا، ومن كان كذلك فإنه يحتاج إلى مخالقة الناس بخلق حسن ما لا يحتاج إليه غيره مما لا حاجة للناس به ولا يخالطهم، وكثيرا ما يغلب على من يعتني بالقيام بحقوق الله والانعكاف على محبته وخشيته وطاعته إهمال حقوق العباد بالكلية أو التقصير فيها. والجمع بين القيام بحقوق الله وحقوق عباده عزيز جدا لا يقوى عليه إلا الكمَّل من الأنبياء والصديقين"[7]. وقال ابن القيم: "حسن الخلق قسمان: أحدهما مع الله عز وجل، وهو أن يعلم أن كل ما يكون منك يوجب عذرا، وكل ما يأتي من الله يوجب شكرا، فلا تزال شاكرا له معتذرا إليه سائرا إليه بين مطالعة منته وشهود عيب نفسك وأعمالك. والقسم الثاني: حسن الخلق مع الناس، وجماعه أمران: بذل المعروف قولا وفعلا، وكفُّ الأذى قولا وفعلا"[8].
[1] أخرجه أبو داود في الأدب، باب: في قبلة الرجل (5225) واللفظ له، والبزار (2746)، والطبراني (5313)، والبيهقي في الكبرى (7/102). وأصله في مسلم في الإيمان (17) من حديث أبى سعيد الخدري رضي الله عنه. [2] مدارج السالكين (3/315). [3] أخرجه البخاري في الزكاة، باب: الاستعفاف عن المسألة (1469) واللفظ له، ومسلم في الزكاة (1053). [4] مدارج السالكين (3/315). [5] أخرجه أحمد (5/153)، والترمذي في البر والصلة، باب: ما جاء في معاشرة الناس (1987) واللفظ له، والدارمي في الرقاق، باب: في حسن الخلق (2791). قال الترمذي" :هذا حديث حسن صحيح ". وانظر كلام الحافظ ابن رجب عليه في جامع العلوم (1/395). وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (1618). [6] جامع العلوم والحكم (1/398). [7] المصدر السابق (1/454). [8] تهذيب السنن (7/161-162). |
||
|
||
. |