الملف العلمي للأضحية

.

  الأضحية: خامساً:  حكمها:                                الصفحة السابقة                 الصفحة التالية

 

خامسًا: حكمها:

اختلف العلماء في حكم الأضحية إلى قولين هما:

القول الأول: الوجوب على المقيم الموسر، وبه قالت الحنفية([1]) واستظهره شيخ الإسلام ابن تيمية([2])، والشيخ ابن عثيمين([3]) رحمهما الله.

ومما استدلوا به:

حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من كان له سعة ولم يضحِّ فلا يقربن مصلانا))([4]).

وعن مخنف بن سليم رضي الله عنه قال: كنا وقوفاً مع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة، فقال: ((يا أيها الناس، إن على كل أهل بيت في كل عام أضحية وعتيرة)) الحديث([5]).

وعن جندب بن سفيان رضي الله عنه أنه شهد رسول الله صلى  الله عليه وسلم يوم النحر صلى ثم خطب فقال: ((من ذبح قبل أن يصلي فليذبح مكانها أخرى، ومن كان لم يذبح فليذبح بسم الله))([6]).

القول الثاني: أنها سنة مستحبة، وهو قول المالكية([7])، والشافعية([8])، والحنابلة([9])، وإليه ذهب أبو محمد بن حزم([10])، رحم الله الجميع.

ومما استدلوا به:

حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمسن من شعره وبشره شيئاً))([11]).

قالوا: علق الذبح على الإرادة، والواجب لا يعلق على الإرادة([12]).

وعن جابر رضي الله عنه قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الأضحى بالمصلى، فلما قضى خطبته نزل من منبره، وأتى بكبش فذبحه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ((بسم الله والله أكبر، اللهم هذا عني وعمن لم يضح من أمتي))([13]).

قالوا: فمن لم يضح منا، فقد كفاه تضحية النبي صلى الله عليه وسلم، وناهيك بها أضحية([14]).

وعن أبي سريحة أو أبي سريج الغفاري قال: أدركت أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، كانا لا يضحيان، في بعض حديثهم: كراهية أن يقتدى بهما([15]).

واستدل بعضهم بالبراءة الأصلية، وأنه لا دليل صحيح صريح يعتمد عليه الموجبون.

وذهبت اللجنة الدائمة للإفتاء إلى أنها: سنة كفاية([16]).


([1]) انظر: بدائع الصنائع (5/62).

([2]) انظر: مجموع الفتاوى (23/162).

([3]) انظر: الشرح الممتع (7/455).

([4]) أخرجه أحمد (2/321)، وابن ماجه في الأضاحي، باب: الأضاحي واجبة هي أم لا؟ (3123)، والدارقطني (4/285)، والبيهقي (9/260)، والحاكم (4/231 ـ 232) والحديث اختلف في وقفه ورفعه. قال البيهقي (9/260): "بلغني عن أبي عيسى الترمذي أنه قال: الصحيح عن أبي هريرة موقوفًا". وممن رجح الوقف أيضًا المنذري في الترغيب (2/155).

([5]) أخرجه أحمد (4/215)، والترمذي في الأضاحي، باب: الأذان في أذن المولود (1518)، والنسائي في الفرع والعتيرة (4224)، وأبو داود في الضحايا، باب: ما جاء في إيجاب الأضاحي (2788)، وابن ماجه في الأضاحي، باب: الأضاحي واجبة هي أم لا؟ (3125) من طريق ابن عون عن أبي رملة عامر عن مخنف بن سليم، وأبو رملة لا يعرف، والحديث فيه اضطراب. وقال الترمذي: "حسن غريب ولا نعرف هذا الحديث إلا من هذا الوجه"، وضعفه القرطبي في المفهم (5/350)، ونقل التضعيف عن أبي محمد عبد الحق وغيره.

([6]) أخرجه البخاري في التوحيد، باب: السؤال بأسماء الله تعالى والاستعاذة بها (7400) واللفظ له، ومسلم في الأضاحي (1960).

([7]) انظر: بداية المجتهد (1/415)، القوانين الفقهية (ص186)، الشرح الكبير (2/118)، المفهم (5/348).

([8]) انظر: الأم (2/345)، المهذب (1/237)، المجموع (8/385) ، مغني المحتاج (4/282).

([9]) انظر: المتسوعب (4/355)، المغني (13/360)، الإنصاف (4/14).

([10]) انظر: المحلى (7/355).

([11]) أخرجه مسلم في: الأضاحي، باب: نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة... (1977).

([12]) انظر: المغني لابن قدامة (13/361)، والمحلى (7/355).

([13]) أخرجه الترمذي في الأضاحي، باب: العقيقة بشاة (1521)، وأبو داود في الضحايا، باب: في الشاة يضحى بها عن جماعة (2810)، وابن ماجه في الأضاحي، باب: أضاحي رسول الله صلى الله عليه وسلم (3121). قال الترمذي: "هذا حديث غريب من هذا الوجه، والعمل على هذا عند أهل العلم". وصححه الألباني في صحيح أبي داود (2436).

([14]) انظر: شرح الزركشي (8/386).

([15]) أخرجه البيهقي (9/295). وصححه الألباني في الإرواء (1139).

([16])انظر: فتاوى اللجنة (11/394).

 

.