الملف العلمي لبدع الروافض

.

  الأمر بالاتباع وذم الابتداع: الفصل الثالث: أهمية هذا الأصل وفضله:  الصفحة السابقة     الصفحة التالية   (الصفحة الرئيسة)

 

الفصل الثالث: أهمية هذا الأصل وفضلُه:

هذا الأصل أصل عظيم جداً وله أهمية كبيرة، ومما يوضح أهميته:

1.  أن الله تعالى أمر به:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "قد أمرنا الله تعالى باتباع ما أنزل إلينا من ربنا وباتباع ما يأتي منه من الهدى، وقد أنزل علينا الكتاب والحكمة كما قال تعالى: {وَٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مّنَ ٱلْكِتَـٰبِ وَٱلْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ} [البقرة:231]، والحكمة من الهدى قال تعالى: {وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ} [النور:54]، والأمر باتباع الكتاب والقرآن يوجب الأمر باتباع الحكمة التي بعث بها الرسول وباتباعه وطاعته مطلقاً"[1].

2. أنه من لوازم الشهادة للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ودليل هذا الأصل كثير في الكتاب والسنة، وهو أصل الإسلام: شهادة أن لا إله إلا الله، وشهادة أن محمداً رسول الله، وهو متفق عليه بين الذين أوتوا العلم والإيمان قولاً واعتقاداً، وإن خالفه بعضهم عملاً وحالاً، فليس عالم من المسلمين يشكُّ في أن الواجب على الخلق طاعة الله ورسوله وأن ما سواه إنما تجب طاعته حيث أوجبها الله ورسوله"[2].

وقال أيضاً: "الأصل الثاني: حق الرسول صلى الله عليه وسلم، فعلينا أن نؤمن به ونطيعه ونتبعه ونرضيه ونحبه ونسلم لحكمه وأمثال ذلك، قال تعالى: {مَّنْ يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ ٱللَّهَ} [النساء:80]، وقال تعالى: {وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ} [التوبة:62]، وقال تعالى: {قُلْ إِن كَانَ ءابَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوٰنُكُمْ وَأَزْوٰجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوٰلٌ ٱقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَـٰرَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَـٰكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّىٰ يَأْتِىَ ٱللَّهُ بِأَمْرِهِ} [التوبة:24]، وقال تعالى: {فَلاَ وَرَبّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِى أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلّمُواْ تَسْلِيماً} [النساء:65]، وقال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ} [آل عمران:31]، وأمثال ذلك"[3].

3. أن الالتزام به عصمة من الضلال والشقاء:

قال تعالى: {فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَاىَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَىٰ} [طه:123].

قال ابن عباس رضي الله عنهما: (تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة)[4].

4. أن الإعراض عنه سبب للقلق والشك والحيرة:

قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ ٱلْقِيـٰمَةِ أَعْمَىٰ} [طه:124].

قال ابن كثير: "أي: من خالف أمري وما أنزلته على رسولي وأعرض عنه وتناساه وأخذ من غيره هداه {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً} أي: ضنكاً في الدنيا فلا طمأنينة له ولا انشراح لصدره، بل صدره ضيق حرج لضلاله وإن تنعَّم ظاهرُه ولبس ما شاء وأكل ما شاء وسكن حيث شاء، فإن قلبه ما لم يخلص إلى اليقين والهدى فهو في قلق وحيرة وشك، فلا يزال في ريبة يتردَّد فهذا من ضنك المعيشة"[5].

5. أن الالتزام بهذا الأصل سبب للفلاح:

قال ابن تيمية: "فلا فلاح إلا باتباع الرسول، فإن الله خصَّ بالفلاح أتباعه المؤمنين وأنصاره كما قال تعالى: {فَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِى أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ} [الأعراف:157]، أي: لا مفلح إلا هم"[6].

6. أن الالتزام بهذا الأصل سببٌ للهداية:

قال تعالى: {فَـئَامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ٱلنَّبِىّ ٱلأمّىّ ٱلَّذِى يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَكَلِمَـٰتِهِ وَٱتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف:158].

قال ابن جرير: "أي: فاهتدوا به أيها الناس، واعملوا بما أمركم أن تعملوا به من طاعة الله لكي تهتدوا فترشدوا وتصيبوا الحق في اتباعكم إياه"[7].

وقال تعالى: {وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ} [النور:54].

قال ابن جرير: "وإن تطيعوا ـ أيها الناس ـ رسولَ الله فيما يأمركم وينهاكم ترشدوا وتصيبوا الحق في أموركم"[8].

7. أن الالتزام بهذا الأصل سبب لمرافقة المنعَم عليهم:

قال تعالى: {وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مّنَ ٱلنَّبِيّينَ وَٱلصّدّيقِينَ وَٱلشُّهَدَاء وَٱلصَّـٰلِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً} [النساء:69].

قال ابن جرير: "ومن يطع الله والرسول بالتسليم لأمرهما وإخلاص الرضا لحكمهما والانتهاء إلى أمرهما والانزجار عما نهيا عنه من معصية الله فهو مع الذين أنعم الله عليهم بهدايته والتوفيق لطاعته في الدنيا من أنبيائه، وفي الآخرة إذا دخل الجنة"[9].

8. أن الإعراض عن هذا الأصل سبب للفتنة والعذاب:

قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَـٰلِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:63].

قال ابن كثير: "أي: فليحذر وليخش من خالف شريعةَ الرسول باطناً وظاهراً {أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} أي: في قلوبهم من كفر أو نفاق أو بدعة {أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي: في الدنيا بقتل أو حبس أو نحو ذلك"[10].

قال ابن تيمية: "وهذا مما اتفقت عليه الكتب المنزلة من السماء وبُعث به جميع الرسل، ولهذا قصَّ الله علينا أخبارَ الأمم المكذِّبة للرسل وما صارت إليه عاقبتُهم وأبقى آثارهم وديارَهم عبرةً لمن بعدهم وموعظة، وكذلك مسَخ من مسَخ قردةً وخنازيرَ لمخالفتهم لأنبيائهم، وكذلك من خسف به وأرسل عليه الحجارة من السماء وأغرقه في اليم وأرسل عليه الصيحة وأخذه بأنواع العقوبات، وإنما ذلك بسبب مخالفتهم للرسل وإعراضهم عما جاؤوا به واتخاذهم أولياء من دونه، وهذه سنته سبحانه فيمن خالف رسلَه وأعرض عما جاؤوا به واتَّبع غير سبيلهم ولهذا أبقى الله سبحانه آثار المكذبين لنعتبر بها ونتَّعظ لئلا نفعل كما فعلوا فيصيبنا ما أصابهم"[11].


[1] مجموع الفتاوى (19/82).

[2] مجموع الفتاوى (19/68).

[3] مجموع الفتاوى (3/101-110).

[4] أخرجه ابن جرير في تفسيره (16/225).

[5] تفسير القرآن العظيم (3/187).

[6] مجموع الفتاوى (19/97).

[7] جامع البيان (6/88).

[8] جامع البيان (9/342).

[9] جامع البيان (4/165).

[10] تفسير القرآن العظيم (3/491).

[11] مجموع الفتاوى (19/97-98).

 

.