الملف العلمي لعيد الحب

.

   عيد الحب: رابعاً: الحياة الزوجية والأسرية الناجحة إنما تقوم على المودة والرحمة:   الصفحة السابقة                الصفحة التالية

 

رابعاً: الحياة الزوجية والأسرية الناجحة إنما تقوم على المودة والرحمة:

-   لعل البعض متأثراً بما تبثه وسائل الإعلام والأفلام والمسلسلات ليل نهار، لعله يظن أنه لا يمكن أن ينشأ زواج ناجح إلا إذا قامت علاقة حب كما يقولون بين الشاب والفتاة حتى يتحقق الانسجام التام بينهما ومن ثم تكون حياة زوجية – إن وجدت – ناجحة.

 وناهيك عما في ذلك الكلام من دعوة للاختلاط والانحلال وكثير من الانحرافات الخلقية وما ينشأ عنه من فساد كبير وجرائم عظيمة وضياع للحرمات والأعراض، لن نتناول الرد على هذه الدعوى من هذا المنطلق، بل لن نقوم نحن بالرد لأننا– عند القوم – رجعيون – متزمتون – متطرفون إلخ هذا القاموس... لندع الأرقام، والمتقدمين والمتفتحين هم الذين يفندون هذه الدعوى الخاطئة:

1-   ففي دراسة أجرتها جامعة القاهرة (وهي جامعة علمية محايدة لا جهة إسلامية حتى يشكك فيها) حول ما أسمته زواج الحب، والزواج التقليدي – جاء في الدراسة:

·  الزواج الذي يأتي بعد قصة حب تنتهي 88% من حالاته بالإخفاق. أي بنسبة نجاح لا تتجاوز 12%.

·  وأما ما أطلقت عليه الدراسة الزواج التقليدي فقد حققت 70% من حالات النجاح.

 وبعبارة أخرى فإن عدد حالات الزواج الناجحة في الزواج الذي يسمونه تقليدياً تعادل ستة أضعاف ما يسمى بـ"زواج الحب" [رسالة إلى مؤمنة 255].

2-  وهذه الدراسة أكدتها جامعة سيراكوز الأميركية في دراسة تبين منها بما لا يقبل الشك إطلاقاً أن الحب أو العشق ليس ضمانة لزواج ناجح بل في الأغلب يؤدي إلى الإخفاق، وما هذه النسب المخيفة في حالات الطلاق إلا تصديق لهذه الحقائق.

 ويقول الدكتور صول جوردن الأستاذ المحاضر في الجامعة السابقة تعليقاً على هذه الظاهرة، يقول: "إنك حين تكون في حالة حب؛ فإن العالم كله بالنسبة إليك يدور حول شخص من تحب، ويأتي الزواج ليثبت عكس ذلك، وليهدم تصوراتك كلها، لأنك تكتشف أن هناك عوالم أخرى لابد أن ننتبه لوجودها ليس عوالم البشر فقط ؛ بل عوالم المفاهيم والقيم والعادات التي لم تكن لتنتبه لوجودها من قبل" [رسالة إلى مؤمنة].

ويقول د. فريد ريك كونيغ، أستاذ علم النفس الاجتماعي بجامعة تولين: "إن الحب الرومانسي قوي، وعاطفي جداً، ولكنه لا يدوم، بينما الحب الواقعي مرتبط بالأرض والحياة ويستطيع أن يصمد أمام التجربة..".

ويضيف: "إنه من المستحيل أن يصل الإنسان إلى تطويع العواطف القوية في الحب الرومانسي؛ إن هذا الحب يبدو مثل الكعكة، يحس الإنسان بالمتعة وهو يتناولها، ثم يجيء زمن الهبوط، بينما الحب الواقعي هو الذي يعني تقاسم الحياة اليومية، والتعاون من أجل أن يستمر، وفي مثل هذا التعاون يستطيع الإنسان أن يصل إلى حاجته الإنسانية" [ملحق جريدة القبس لعدد (5537) نقلاً من رسالة إلى حواء (296)].

·  وذلك الذي يتحدث عنه الكاتب ولا يدركه ويسميه الحب الواقعي هو ما عبر القرآن عنه بالمودة في قوله تعالى: {وَمِنْ ءايَـٰتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوٰجاً لّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لايَـٰتٍ لّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم:21].

 فالصلة بين الزوجين صلة مودة ورحمة، وليست علاقة عشق وهيام وصبابة وغرام؛ فهي صلة محبة هادئة "مودة" وصلة "رحمة" متبادلة، لا أوهام عشقية لا تثبت على أرض الواقع، ولا خيالات غرامية لم يقم عليها أي زواج ناجح.

وما أفقه عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قال ـ مخاطبًا النساء ـ: إذا كانت إحداكن لا تحب الرجل منا فلا تخبره بذلك فإن أقل البيوت ما بني على المحبة وإنما يتعاشر الناس بالحسب والإسلام.

 

 

.