الملف العلمي لعيد الحب

.

  عيد الحب: أولاً: مقدمة في بيان معنى العيد:                            الصفحة السابقة                 الصفحة التالية   

 

أولاً: مقدمة في بيان معنى العيد، وبيان ارتباط الأعياد بالدين، والتحذير من مشابهة الكفار ومشاركتهم في أعيادهم، وكلام العلماء في ذلك:

العيد: اسم جنس يدخل فيه كل يوم أو مكان. وكلمةُ العيد في اللغة تطلق على كل يوم فيه جمع، وسمي عيداً لعوده مرة بعد مرة.

قال ابن تيمية: العيد اسم لما يفعل من العبادات والعادات.

والأعياد التي جعلها الله لنا أمةَ الإسلام عيدان فقط، قال صلى الله عليه وسلم وهو ينهى الأنصار عن الاحتفال بعيدهم في الجاهلية: ((إن الله قد أبدلكما خيراً منها: يوم الأضحى وعيد الفطر)) [رواه أبو داود ح 1134، والنسائي 1556، وأحمد ح 1241].

قال ابن تيمية: فصل: أعياد الكفار كثيرة مختلفة وليس على المسلم أن يبحث عنها ولا يعرفها، بل يكفيه أن يعرف في أي فعل من الأفعال أو يوم أو مكان أن سبب هذا الفعل أو تعظيم هذا المكان والزمان من جهتهم، ولو لم يعرف أن سببه من جهتهم فيكفيه أن يعلم أنه لا أصل له في دين الإسلام، فإنه إذا لم يكن له أصل فإما أن يكون قد أحدثه بعض الناس من تلقاء نفسه أو يكون مأخوذا عنهم، فأقل أحواله أن يكون من البدع. [اقتضاء الصراط المستقيم (1\192)].

أدلة تحريم الاحتفال بأعياد الكفار:

جاءت الأدلة الشرعية تحذر من التشبه بالكافرين عموماً، كما حذرت من المشاركة في أعيادهم خصوصاً.

ومن النصوص التي جاءت تحذر من المشاركة في أعيادهم:

- قال تعالى في وصف عباد الرحمن: {وَٱلَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ} [الفرقان:72]. قال ابن سيرين: هو الشعانين (عيد من أعياد النصارى). وقال مجاهد: أعياد المشركين ونحوه مروي عن الضحاك.

- قال تعالى: {لّكُلّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ} [الحج:67].

- قال تعالى: {لِكُلّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَـٰجاً} [المائدة:48].

 قال ابن تيمية: الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك التي قال الله سبحانه لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا وقال لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه كالقبلة والصلاة والصيام فلا فرق بين مشاركتهم في العيد وبين مشاركتهم في سائر المناهج فإن الموافقة في جميع العيد موافقةفي الكفر والموافقة في بعض فروعه موافقة في بعض شعب الكفر بل الأعياد هي من أخص ما تتميز به بين الشرائع ومن أظهر ما لها من الشعائر فالموافقة فيها موافقة في أخص شرائع الكفر وأظهر شعائره ولا ريب أن الموافقة في هذا قد تنتهي إلى الكفر في الجملة وشروطه وأما مبدؤها فأقل أحواله أن تكون معصية وإلى هذا الاختصاص أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله إن لكل قوم عيدا وإن هذا عيدنا وهذا أقبح من مشاركتهم في لبس الزنار ونحوه من علاماتهم فإن تلك علامة وضعية ليست من الدين وإنما الغرض منها مجرد التمييز بين المسلم والكافر.

 وأما العيد وتوابعه فإنه من الدين الملعون هو وأهله فالموافقة فيه موافقة فيما يتميزون به من أسباب سخط الله وعقابه وإن شئت أن تنظم هذا قياسا تمثيليا قلت العيد شريعة من شرائع الكفر أو شعيرة من شعائره فحرمت موافقتهم فيها كسائر شعائر الكفر وشرائعه وإن كان هذا أبين من القياس الجزئي ثم كل ما يختص به ذلك من عبادة وعادة فإنما سببه هو كونه يوما مخصوصا وإلا فلو كان كسائر الأيام لم يختص بشيء وتخصيصه ليس من دين الإسلام في شيء بل هو كفر به.

 الوجه الثاني من الاعتبار أن ما يفعلونه في أعيادهم معصية لله لأنه إما محدث مبتدع وإما منسوخ وأحسن أحواله ولا حسن فيه أن يكون بمنزلة صلاة المسلم إلى بيت المقدس هذا إذا كان المفعول مما يتدين به وأما ما يتبع ذلك من التوسع في العادات من الطعام واللباس واللعب والراحة فهو تابع لذلك العيد الديني كما أن ذلك تابع له في دين الإسلام فيكون بمنزلة أن يتخذ بعض المسلمين عيدا مبتدعا يخرجون فيه إلى الصحراء ويفعلون فيه من العبادات والعادات من جنس المشروع في يوم الفطر والنحر أو مثل أن ينصب بنية يطاف بها ويحج إليها إذ العيد كما قدمنا اسم لما يفعل من العبادات والعادات اقتضاء الصراط (ج: 1 ص: 249).

4- وعن عبد الله بن عمرو قال: قال عليه الصلاة والسلام: ((من بنى بأرض المشركين وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت حشر معهم يوم القيامة)) [رواه البيهقي في السنن الكبرى 9/234].

5- قال عطاء بن يسار (من كبار التابعين) قال عمر: إياكم ورطانة الأعاجم وأن تدخلوا على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم.

الأعياد من خصائص الأديان:

- جاء في حديث عائشة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((يا أبا بكر إن لكل قوم عيداً وهذا عيدنا)) [رواه مسلم 892، والبخاري 952].

- وفي حديث عقبة بن عامر أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب)) [أبو داود 2418].

- عن أنس قدم رسول الله عليه الصلاة والسلام المدينة، ولهم يومان يلعبون فيها، فقال: ((ما هذا اليومان؟ قالوا: كنا نلعب بهما في الجاهلية فقال رسول الله: إن الله قد أبدلكما خيراً منها: يوم الأضحى وعيد الفطر). [رواه أبو داود ح 1134، والنسائي 1556، وأحمد ح 1241].

وقال ابن تيمية: هذا الحديث وغيره قد دل على أنه كان للناس في الجاهلية أعياد يجتمعون فيها ومعلوم أنه لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم محا الله ذلك عنه فلم يبق شيء من ذلك ومعلوم أنه لولا نهيه ومنعه لما ترك الناس تلك الأعياد لأن المقتضى لها قائم من جهة الطبيعة التي تحب ما يصنع في الأعياد خصوصا أعياد الباطل من اللعب واللذات ومن جهة العادة التي ألفت ما يعود من العيد فإن العادة طبيعة ثانية وإذا كان المقتضى قائما قويا فلولا المانع القوي لما درست تلك الأعياد وهذا يوجب العلم اليقيني بأن إمام المتقين صلى الله عليه وسلم كان يمنع أمته منعا قويا عن أعياد الكفار ويسعى في دروسها وطموسها بكل سبيل) اقتضاء الصراط المستقيم1/207.

علة النهي عن التشبه بالكافرين:

وذلك أن المشابهة ولو في أمور دنيوية تورث المحبة الموالاة.

 قال ابن تيمية: "لو اجتمع رجلان في سفر أو بلد غريب وكانت بينهما مشابهة في العمامة أو الثياب أو الشعر أو المركوب ونحو ذلك لكان بينهما من الائتلاف أكثر مما بين غيرهما، وكذلك تجد أرباب الصناعات الدنيوية يألف بعضهم بعضاً ما لا يألفون غيرهم" فإذا كانت المشابهة في أمور دينية فإن إفضاءها إلى نوع من الموالاة أكثر وأشد، والمحبة لهم تنافي الإيمان.

نصوص الشريعة تأمر بمخالفة الكافرين واجتناب أفعالهم الدينية والدنيوية ومن ذلك:

1- قال أبو هريرة: كان رسول الله عليه الصلاة والسلام إذا تبع جنازة قال: ((انبسطوا بها ولا تدبّوا دبيب اليهود بجنائزها)) [رواه أحمد 8542].

2- جاء في الصحيح أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم)) [رواه مسلم ح 2103، والبخاري 3275].

وفي السنن أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: ((غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود)) [رواه الترمذي 1752، والنسائي 5073، وأحمد 7492].

 قال إسحاق بن إبراهيم النيسابوري سمعت أبا عبد الله (أحمد بن حنبل) يقول لأبي: يا أبا هاشم أخضب ولو مرة، أحب لك أن تختضب ولا تشبه باليهود.

3- وقال عليه الصلاة والسلام: ((خالفوا المشركين: أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى)) [رواه البخاري ح 5553، مسلم 259].

قال المروذي: سألت أبا عبد الله (الإمام أحمد) عن حلق القفا فقال: هو من فعل المجوس، ومن تشبه بقوم فهو منهم.

4- وقال عليه الصلاة والسلام: ((خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم)) [رواه أبو داود ح 652، والحاكم 1/ 260 وقال الذهبي: صحيح].

5- وقال عليه الصلاة والسلام: ((فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر)) [رواه مسلم 1096].

[وفي أبي داود ح 2343 والحاكم 1/ 431]، ((لا يزال الدين ظاهراً ما عجل الناس الفطر، لأن اليهود والنصارى يؤخرون)).

6- وعن ابن عباس: حين صام رسول الله عليه الصلاة والسلام يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، قال رسول الله: ((إذا كان العام المقبل إن شاء الله – صمنا اليوم التاسع)) قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم. [رواه مسلم 1134].

وفي مسند أحمد أنه عليه الصلاة والسلام قال: ((صوموا يوم عاشوراء وخالفوا فيه اليهود، صوموا قبله يوماً أو بعده يوماً)) [رواه أحمد ح2155].

7- وجاء عن ابن عمر بإسناد صحيح: قال رسول الله أو قال عمر: ((إذا كان لأحدكم ثوبان فليصل فيهما، فإن لم يكن إلا ثوب فليتزر به ولا يشتمل اشتمال اليهود)) [رواه أبو داود ح 35].

8- وفي الصحيحين أن معاوية قال على المنبر عام حج وقد تناول قصة من شعر: يا أهل المدينة أين علماؤكم؟ سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام ينهى عن قبل هذه ويقول: ((إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذها نساؤهم)) [رواه البخاري ح 3468].

وفي رواية لمسلم:أنه عليه الصلاة والسلام قال: (إنكم أحدثتم زي سوء وإن نبي الله نهى عن الزور).

وجاء رجل بعصا على رأسها خرقة فقال معاوية: (ألا وهذا الزور)، قال قتادة: يعني ما يكثر به النساء أشعارهن من الخرق. [رواه مسلم ح2127].

9- وفي سنن سعيد بن منصور من حديث أبي عبد الرحمن الصنابحي (من كبار التابعين) أن رسول الله عليه الصلاة والسلام قال: ((لا تزال أمتي على مسكة ما لم ينتظروا بالمغرب اشتباك النجوم مضاهاة لليهودية، ولم ينتظروا بالفجر محاق النجوم مضاهاة للنصرانية، ولم يكِلوا الجنائز إلى أهلها)).

10- وقد جاء في الحديث: ((نهى رسول الله عليه الصلاة والسلام أن يجلس الرجل في الصلاة وهو معتمد على يده)) [رواه أبو داود 992].

 وهذا ابن عمر رضي الله عنهما يبين علة ذلك، فقد رأى رجلاً يتكئ على يده اليسرى وهو قاعد في الصلاة فقال له: (لا تجلس هكذا، فإن هكذا يجلس الذين يعذبون) وفي رواية: (تلك صلاة المغضوب عليهم) [رواه أبو داود 994].

11- وعن عائشة: (أنها كانت تكره أن يجعل يده في خاصرته وتقول إن اليهود تفعله) [رواه البخاري ح 3458].

12- صلى رسول الله قاعداً والصحابة قياماً فلما سلم قال: ((إن كدتم آنفا تفعلون فعل فارس والروم: يقومون على ملوكهم وهو قعود فلا تفعلوا، ائتموا بأئمتكم، إن صلى قائماً فصلوا قياماً، وإن صلى قاعداً فصلوا قعوداً)) [رواه مسلم ح 314، وأبو داود ح 606]. وفي رواية أخرى لأبي داود: ((لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضها بعضاً)) [ح 5230].

13- وقال عمر: (كان أهل الجاهلية لا يفيضون من جُمَع حتى تطلع الشمس. ويقولون: أشرق ثبير كيما نغير، قال: فخالفهم النبي عليه الصلاة والسلام وأفاض قبل طلوع الشمس). [رواه البخاري ح 1684]

14- وقال عليه الصلاة والسلام: ((لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها، فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة)) [البخاري ح 5426، مسلم ح 2067].

15- وعند ابن أبي عاصم بإسناد رجاله ثقات أن معاوية قال: (إن تسوية القبور من السنة وقد رفعت اليهود والنصارى فلا تشبهوا بهم).

وفي صحيح مسلم أن علياً قال: (أمرني النبي عليه الصلاة والسلام أن لا أدع قبراً مشرفاً إلا سويته ولا تمثالاً إلا طمسته) [رواه مسلم ح 969].

16- ولما لقي كروم بن سفيان النبي عليه الصلاة والسلام في الحج قال: يا رسول الله إني نذرت إن ولد لي ولد ذكر أن أنحر على رأس بوانة في عقبة من الثنايا عدة من الغنم،.. فقال رسول الله: ((هل بهن من هذه الأوثان شيء؟ قال: لا، قال: فأوف بما نذرت به الله)) [رواه أبو داود 3314 وأحمد 26524].

 

.