.

  حزب البعث: ثامنًا:  العلاقاة بين حزب البعث والشيوعية الماركسية:                (عناصر البحث)                         السابقة             التالية

 

8 ـ العلاقة بين حزب البعث والشيوعية الماركسية:

لما فكر عفلق في تأسيس حزب البعث وجد أن رفاقه من الشيوعيين قد سبقوه في التأسيس والانتشار، وأنهم قد أصبح لهم من الوجود ما يحسب له حسابه، فما الموقف الفكري والعملي الذي اتخذه البعثيون من الشيوعيين فكراً وتنظيماً؟

الواقع يثبت أن البعث قد أخذ كثيراً من الأفكار الشيوعية ونادى بها وجعلها أساساً لعقيدة، وإن كان قد حاول أن يلوّن هذه الأفكار بلونٍ قومي، وأن يلبسها عقلاً عربياً فوق القبّعة الغربية.

وطبيعي أن يتبنى البعث هذه الأفكار الماركسية ويدعو إليها تحت صبغة أخرى غير الصبغة اللينينية السْتالينية"([1]).

ذلك أن ميشيل عفلق يبتدئ تاريخه الفكري بماركس، كما يقول البعثيون، وأن البعثيين عندما يذكرون ريادة ميشيل عفلق في ندواتهم فإنهم كانوا يرددون: "إن تاريخ ميشيل عفلق الحقيقي هو تاريخه الفكري، لقد التقى على الانسجام والوفاق أخصب تيارات الفكر الإنساني من ماركس إلى نيتشه، ومن جيد إلى دستويفسكي وأهرنبورغ"([2]).

ويمكن إجمال القضايا التي اشترك فيها البعث مع الماركسية فيما يلي:

1-       العلمانية: وهي فصل الدين عن الحياة، وإن كان الماركسيون ينكرون الأديان أصلاً ويحاربونها صراحة، بينما يتبنى البعث أسلوباً آخر لمحاربة الدين الإسلام.

2-       الجدلية الديالكتيكية.

3-       الثورية.

4-       الحتمية، لكنها عند الماركسيين أممية، أما عند البعث فهي قومية عربية.

5-       الاشتراكية، وهي كذلك أممية عند أولئك، وقومية عربية عند هؤلاء.

أما في الممارسة فإن أوجه الشبه كثيرة جداً، وأظهرها الفتك والدموية بين أعضاء الحزب الواحد، والسفك المتواصل بين الرفاق، ومن أقرب الأمثلة إعدام صدام لرفيقه ووزير دفاعه حردان التكريتي وأعوانه.

وما حصل بين الرفاق الشيوعيين في عدن عام 1986م بين أنصار عبد الفتاح إسماعيل، وأنصار علي ناصر محمد.

ومن أوجه الشبه في الممارسات بين البعث والشيوعية الاضطهاد للشعوب التي يحكمونها، وانعدام الحرية في البلدان التي يتسلّطون عليها، بيد أن هناك أوجه افتراق بين البعثية والشيوعية([3]).


[1] حزب البعث (ص85).

[2] الأستاذ: حياة ميشيل عفلق (ص88).

[3] حزب البعث (ص86-87).

 

.