موسوعة البحـوث المنــبرية

.

  من آداب السفر: رابعاً:  آداب عند الشروع في السفر:                  الصفحة السابقة         (عناصر البحث)          الصفحة التالية     

 

رابعا: آداب عند الشروع في السفر:

1- توديع الأهل:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ودعني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه))([1]).

والسنّة أن يقول له الذي يودِّعه ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كان إذا ودَّع أحدًا قال: ((أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك))([2]).

قال الخطابي: "الأمانة هنا أهله ومن يخلفه، وماله الذي عند أمينه. قال: وذكر الدين هنا، لأن السفر مظنة المشقة، فربما كان سببًا لإهمال بعض أمور الدين".

2- طلب الوصية:

عن أنس رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني أريد سفراً فزوّدني، فقال: ((زوَّدك الله التقوى))، قال: زدني، قال: ((وغفر ذنبك))، قال: زدني بأبي أنت وأمي، قال: ((ويسَّر لك الخير حيثما كنت))([3]).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا رسول الله، إني أريد أن أسافر فأوصني، قال: ((عليك بتقوى الله تعالى، والتكبير على كل شرف))، فلمّا ولَّى الرجل قال: ((اللهم اطوِ له البعيد، وهوِّن عليه السفر))([4]).

3- الدعاء عند الخروج من البيت:

عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: ما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيتي قط إلا رفع طرفه إلى السماء، فقال: ((اللهم إني أعوذ بك أن أضِل أو أُضل، أو أزِل أو أُزل، أو أظلِم أو أُظلم، أو أجهَل أو يُجهل عليّ))([5]).

4- دعاء ركوب الدابة:

عن علي بن ربيعة قال: شهدت علي بن أبي طالب رضي الله عنه أُتي بدابة ليركبها، فلما وضع رجله في الركاب قال: بسم الله، فلما استوى على ظهرها، قال: الحمد لله، ثم قال: {سُبْحَـٰنَ ٱلَّذِى سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَىٰ رَبّنَا لَمُنقَلِبُونَ} [الزخرف:13، 14]. ثم قال: الحمد لله ثلاث مرات، ثم قال: الله أكبر ثلاث مرات، ثم قال: سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، ثم ضحك، فقيل: يا أمير المؤمنين، من أي شيء ضحكت؟ قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فعل مثل ما فعلت ثم ضحك، فقلت: يا رسول الله، من أي شيء ضحكت؟ قال: ((إن ربك سبحانه يعجب من عبده إذا قال: اغفر لي ذنوبي، يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري))([6]).

5- دعاء السفر:

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى على بعيره خارجاً إلى سفر كبّر ثلاثًا، ثم قال: (({سُبْحَـٰنَ ٱلَّذِى سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَىٰ رَبّنَا لَمُنقَلِبُونَ} [الزخرف:13-14]، اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى، اللهم هوّن علينا سفرنا هذا، واطوِ عنا بُعده، اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل)). وإذا رجع قالهنّ، وزاد فيهن: ((آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون))([7]).

وعثاء السفر: شدته ومشقته.

وكآبة المنظر: تغير النفس وانكسارها من الحزن والهم.

وسوء المنقلب: سوء المرجع، أن يرجع من سفره فيجد أهله قد أصيبوا بمصيبة([8]).

6- اختيار الرفقة الصالحة:

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده))([9]).

وعن ابن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب))([10]).

قال الطبري: "هذا الزجر زجر أدب وإرشاد لما يُخشى على الواحد من الوحشة والوحدة، وليس بحرام، فالسائر وحده في فلاة وكذا البائت في بيت وحده لا يأمن من الاستيحاش، لا سيما إذا كان ذا فكرة رديئة وقلب ضعيف، والحق أن الناس يتباينون في ذلك"([11]).

قال الأوزاعي: "الرفيق بمنزلة الرقعة من الثوب، إذا لم تكن مثله شانته"([12]).

7- اختيار أمير على الرفقة:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا خرج ثلاثة فليؤمروا أحدهم))([13]).

8- استحباب السفر يوم الخميس:

عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: لقلَّما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إذا خرج في سفر إلا يوم الخميس([14]).


 


([1]) ابن ماجه (2825) بسند ضعيف، وصححه الألبانِي في صحيح سنن ابن ماجه (2278).

([2]) أحمد (2/358)، وصححه الألباني في الصحيحة (16).

([3]) أخرجه الترمذي (3444)، وقال: "حديث حسن غريب"، وقال الألباني في صحيح سنن الترمذي (3/156): "حسن صحيح".

([4]) أخرجه الترمذي (3445)، وقال: "حديث حسن"، وحسّن الألباني إسناده في صحيح سنن الترمذي (2740).

([5]) أبو داود (5094)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (4248).

([6]) أبو داود (2602)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (2267).

([7]) مسلم (1342).

([8]) انظر: الغرر السافر (323).

([9]) البخاري (2998).

([10]) أبو داود (2607)، والترمذي (1674)، وقال الترمذي: "حديث حسن"، وحسَّنه الألباني في صحيح سنن أبي داود (2271).

([11]) انظر: فتح الباري (6/53-54).

([12]) الغرر السافر (308).

([13]) حديث حسن، رواه أبو داود (2601)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (2272).

([14]) البخاري (2949).

 

.