موسوعة البحـوث المنــبرية

.

  ما يتعلق بالمسافر من أحكام الصلاة: سادساً:  صلاة النافلة:                                    (عناصر البحث)       الصفحة السابقة                   

 

سادسًا: صلاة النافلة:

ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من أوجه كثيرة أنه كان يصلي التطوع في السفر، على راحلته وعلى غير راحلته، إلا أنه لم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى الرواتب، لا القبلية ولا البعدية، غير ما كان من الوتر وسنة الفجر، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يدعهما حضرًا ولا سفرًا.

فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: صحبت النبي صلى الله عليه وسلم فلم أره يسبّح في السفر، وقال الله عز وجل: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب:21]([1]).

ومراده رضي الله عنه بالتسبيح السنة الراتبة، بدليل قوله رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في السفر على راحلته حيث توجهت، يومئ إيماء صلاة الليل، إلا الفرائض، ويوتر على راحلته([2]).

قال ابن القيم رحمه الله: "وهذا هو الظاهر من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يصلي قبل الفريضة المقصورة ولا بعدها شيئًا، ولكن لم يكن يمنع من التطوع قبلها ولا بعدها، فهو كالتطوع المطلق، لا أنه سنه راتبة للصلاة، كسنة صلاة الإقامة، ويؤيد هذا أن الرباعية قد خففت إلى ركعتين تخفيفًا على المسافر فكيف يجعل لها سنة راتبة يحافظ عليها وقد خفف الفرض إلى ركعتين؟!! فلولا قصد التخفيف على المسافر، وإلا كان الإتمام أولى به، ولهذا قال عبد الله بن عمر: (لو كنت مسبحًا لأتممت)([3])، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى يوم الفتح ثمان ركعات ضحى([4]) وهو إذ ذاك مسافر"([5]).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "الأفضل للمسافر أن يتنفل بالنوافل كلها: صلاة الليل وصلاة الضحى والوتر وراتبة الفجر والتطوع المطلق، ولا يترك إلا راتبة الظهر والمغرب والعشاء فقط، والباقي يصليها كما يصلي في الحضر"([6]).


 


([1]) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة [1101].

([2]) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة [1000]، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين [700].

([3]) أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين [689].

([4]) أخرجه البخاري في كتاب الصلاة [357]، ومسلم في كتاب الحيض [336] من حديث أم هانئ رضي الله عنها.

([5]) زاد المعاد (1/474 ـ 475).

([6]) إعلام المسافرين (ص 45).

 

.