موسوعة البحـوث المنــبرية 

.

  عمل المرأة: سادساً: شبهات وردود:      الصفحة السابقة        (عناصر البحث)         الصفحة التالية 

 

سادساً: شبهات وردود:

الشبهة الأولى: "إن منعَ المرأة من العمل مطلقًا هو تعطيل لقوّة نصف المجتمع، ومن الظلم أن تبقى الإناث فارغات اليد من العمل، عاطلات عن الكسب، وإن البلدان الإسلامية اليوم في جملتها متخلّفة، وهذا يعني أنها تحتاج لبنائها إلى تجنيد كل الطاقات رجالاً ونساءً"[1].

والجواب:

1- إن المرأة إن أدّت واجباتها الأساسية كزوجة وأم وفرد له مسؤولياته في الأسرة على الوجه المطلوب الذي رسمه الإسلام لا تكون امرأةً عاطلة عن العمل بحال.

يقول برناردشو: "إن العمل الذي تنهض به النساء هو العمل الذي لا يمكن الاستغناء عنه، هو حمل الأجنة وولادتها... لكنهنّ لا يؤجرون على ذلك بأموال نقدية، وهذا ما جعل الكثير من الحمقى ينسون أنه عمل على الإطلاق".

2- من الشطط أن يمجَّد عمل المرأة خارج البيت مقابل تركها لمهمّتها البيتية الجسيمة، وعلى حساب أمومتِها وأنوثتها، وإنّ المتتبّع للآيات القرآنية والأحاديث النبوية المتعلّقة بنظام الأسرة يحسّ بعِظَم الدور المنوط بالمرأة وضخامة المسؤولية الملقاة على كاهلها.

3- إنّ مقوّمات مجد الأمة وتقدّمها ضربان: ضرب روحي يتمثل في قوة عقائدها واعتزازها بثروتها من القيم والمثل العليا، وضرب حسّي يتمثّل في قوة جيشها ونظامها واقتصادها، وكلما كان حظ الأمة من كلا هذين الضربين أوفر كان حظها من مجد الأمة وتقدمها أعلى وأبين، والإسلام جاء بتحقيق هذين الضربين، فأوكل المهمّة الأولى للمرأة بالقيام على تربية الأولاد وإنتاج ثمرات قرائحهم وغرس القيم المثلى في نفوسهم، كما أوكل المهمة الثانية للرجال بالقيام على الإنتاج وتنمية الثروة وكسب الرزق.

4- ليس بخاف أنّ التحسّر على بقاء المرأة في البيت دون مشاركتها في الأعمال الحرة نظرة غربية المولِد والمنشأ، والتي تدعو إلى تدنيس المحصَنات الغافلات المؤمنات تقليدًا للغرب[2].

الشبهة الثانية: إنّ من حقّ المرأة أن تعمل وتتكسّب من أيّ مهنة شاءت كما يفعل الرجل طالما أن ذلك نابع من رغبتها، ولها قدرات على العطاء والإنتاج والإبداع لا تقل عن الرجل، كما أن منعها من العمل لا يتمشّى مع روح العصر ومتطلباته، حيث تقضي ظروف المعيشة الراقية أن يتاح للمرأة صنوف الأعمال التي ترغب فيها[3].

والجواب:

1- إننا في هذا العصر نشهد على ملأ من الناس مشاركةَ النساء للرجال في كثير من الأعمال، فماذا حققت المرأة من وراء ذلك غير خراب البيوت الآمنة وانحلال الأخلاق وفساد المجتمع وتشرّد الأطفال وظهور البطالة في صفوف الرجال؟!

2- وإذا كانت المرأة نجحت في بعض الأعمال الحرة فلا يعني ذلك أن المرأة أثبتت كفاءتها في هذا المجال أو ذلك؛ لأن الحالات الفردية لا يمكن تعميم الحكم على ضوئها، وهب أن المرأةَ بالفعل برزت في عمل ما وفاقت فيه الرجال، فهل يعتدّ به وقد أخفقت في الأمومة وأضعفت الثروة الحقيقية للأمة، ألا وهي إنتاج القرائح النيّرة بتربية الأجيال؟!

3- بالاطلاع على معطَيات العلوم الحديثة الكاشفة عن مختلف حالات المرأة النفسية يتضح أن هناك عوائق ذاتية تؤثر على عمل المرأة وتخفق من أداء واجباتها المهنية، منها:

أ- أن كيان المرأة النفسي والجسدي قد خلقه الله على هيئة تخالف تكوين الرجل، وقد بني جسم المرأة ليتلاءم مع وظيفة الأمومة ملاءمة كاملة، كما أن نفسيتها قد هيئت لتكون ربة أسرة وسيدة البيت.

ب- يعتري النساء بحكم الأنوثة جملة من الحالات تمنعها قهريًا من العمل، كإصابتها بآلام الحيض والحمل والولادة ومتاعب الرضاع بعد ذلك، وصدق الله تعالى إذ يقول: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِى عَامَيْنِ} [لقمان:14].

ج- تمتاز المرأة بعاطفتها الجياشة، فمن الطبيعي أن يكون للمرأة تكوين عاطفي خاص لا يشبه تكوين الرجل، وعليه فإن إقحامها في الأعمال الرجالية الشاقة بَدَنيًا أو التي تحتاج إلى مجهود متواصل ظلم لها وإجحاف في حق المجتمع؛ لأنه صرف للقوة النافعة عن وظيفتها الأساسية وتعطيل للكفاءات والقدرات كذلك[4].


[1] تنظر الشبهات بتوسّع في: المرأة العصرية بين الماضي والحاضر لأحمد طه (ص: 75 – 76)، والإسلام وقضايا المرأة (ص: 221 – 222)، وبحوث المؤتمر الإقليمي الثاني للمرأة في الخليج (1/97)، وعمل المرأة وموقف الإسلام منه لعبد الرب (ص: 205 – 207).

[2] ينظر الرد بتوسع في: الإسلام وقضايا المرأة المعاصرة (ص: 230)، وعمل المرأة وموقف الإسلام منه لعبد الرب (ص: 208 – 213).

[3] ينظر: المرأة العصرية بين الماضي والحاضر (ص: 76)، وبحوث المؤتمر الإقليمي الثاني للمرأة (1/23)، والإسلام وقضايا المرأة المعاصرة (ص: 252 – 256)، وعمل المرأة وموقف الإسلام منه لعبد الرب (228 – 230).

[4] ينظر بتوسع: الإسلام وقضايا المرأة المعاصرة للخولي (ص: 252 – 254)، وعمل المرأة وموقف الإسلام منه (ص: 230 – 232).

 
.