الملف العلمي للأحداث الراهنة

.

  الظلم: ثانياً: الله تعالى حرم الظلم على نفسه:         الصفحة السابقة              الصفحة التالية            (الصفحة الرئيسة)

 

ثانياً: الله تعالى حرم الظلم على نفسه:

قال تعالى: {إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [النساء:40].

وقال تعالى: {وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لّلْعَـٰلَمِينَ} [آل عمران:108].

وعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال: ((يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا)) الحديث[1].

قال الطحاوي في عقيدته: "يفعل ما يشاء وهو غير ظالم أبداً".

قال الشارح ابن أبي العز: "الذي دلّ عليه القرآن من تنزيه الله نفسه عن ظلم العباد يقتضي قولاً وسَطاً بين قولي القدرية والجبرية، فليس ما كان من بني آدم ظلماً وقبيحاً يكون منه ظلماً وقبيحاً كما تقوله القدرية والمعتزلة ونحوهم، فإنّ ذلك تمثيل لله بخلقه، وقياس له عليهم، وهو الربّ الغني القادر، وهم العباد الفقراء المقهورون. وليس الظلم عبارة عن الممتنِع الذي لا يدخل تحت القدرة، كما يقوله من يقوله من المتكلّمين وغيرهم، يقولون: إنّه يمتنع أن يكون في الممكن المقدور ظلم، بل كلّ ما كان ممكناً فهو منه لو فعله عدلٌ، إذ الظلم لا يكون إلا من مأمور من غيره منهيّ، والله ليس كذلك، فإنّ قوله تعالى: {فَلاَ يَخَافُ ظُلْماً وَلاَ هَضْماً} [طه:112]، وقوله تعالى: {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـٰمٍ لّلْعَبِيدِ} [فصلت:46]، و {وَمَا ظَلَمْنَـٰهُمْ وَلَـٰكِن كَانُواْ هُمُ ٱلظَّـٰلِمِينَ} [الزخر:76]... يدلّ على نقيض هذا القول، ومنه قوله الذي رواه عنه رسوله: ((يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا)) فهذا يدلّ على شيئين:

أحدهما: أنه حرّم على نفسه الظلم، والممتنع لا يوصف بذلك.

الثاني: أنّه أخبر أنه حرّمه على نفسه، كما أخبر أنه كتب على نفسه الرحمة، وهذا يبطل احتجاجَهم بأن الظلم لا يكون إلا من مأمور منهيّ والله ليس كذلك، فيقال لهم: هو سبحانه كتب على نفسه الرحمة، وحرم على نفسه الظلم، وإنما كتب على نفسه وحرم على نفسه ما هو قادر عليه، لا ما هو ممتنع عليه"[2].


[1] أخرجه مسلم في البر والصلة (2577).

[2] شرح العقيدة الطحاوية (659-660).

 

.