موسوعة البحـوث المنــبرية 

.

   ذم التشبه بالكفار: عاشرًا: سبل الوقاية من التشبه بالكفار:              الصفحة السابقة        (عناصر البحث)       

 

عاشرًا: سبل الوقاية من التشبه بالكفار:

إن من أجلّ نعم الله تعالى على المسلمين أن مَنَّ عليهم بالإسلام, وأرسل عليهم أفضل رسله، وأنزل عليهم أفضل كتبه، وهداهم إلى صراطه المستقيم، وبيّن لهم طريقه القويم, وكذلك أرشدهم كيف يصونون دينهم وعقيدتهم من الشرك والشبهات.

ومعلوم أن من أصل دروس دين الله وشرائعه وظهور الكفر والمعاصي التشبه بالكافرين[1]، لذا لم يقتصر الشارع على تحريم التشبه بالكفار فحسب, بل بادر بسد جميع السبل والمنافذ المؤدية إلى ذلك، وبيان ذلك فيما يلي[2]:

أولاً: بناء شخصية الفرد المسلم:

وذلك من خلال تكوين روح الاعتداد بالنفس وروح الجماعة وروح الاعتزاز بالدين لدى المسلم:

1- تكوين روح الاعتداد بالنفس لدى المسلم:

إن مما يدفع بعض الناس إلى تقليد الآخرين والتشبه بهم ومحاكاتهم ضعف شخصيتهم وشعورهم بالهزيمة النفسية من الداخل، مما يجعلهم يفقدون الثقة بأنفسهم، فيتقاعسون عن القيام بواجباتهم، ويفتقدون الأخذ بزمام المبادرة والمسارعة إلى الأعمال واقتحام العقبات، فيكتفون باتباع النماذج الجاهزة من الكفار الذين يعتقدون فيهم القوة، ويرون أنهم القدوة التي ينبغي أن تحتذى.

ومن هنا فإن الإسلام في سعيه إلى وقاية المسلم من التشبه بالكفار عمل على تقوية شخصيته الاستقلالية، عن طريق تحقيق فرديته أي: اعتداده بنفسه، والحفاظ على ذاتيتها واستقلالها، وذلك بتحقيق كرامته الإسلامية الإنسانية، وضمان حرياته العامة، وتقرير مسؤوليته الشخصية، وربط قلبه بالله وحده.

فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: (لا يكونن أحدكم إمّعة)، قالوا: وما الإمعة يا أبا عبد الرحمن؟ قال: (يقول: إنما أنا مع الناس، إن اهتدَوا اهتديت، وإن ضلّوا ضلَلت، ألا ليوطِّن أحدكم نفسه على إن كفر الناس أن لا يكفر)[3].

قال الزمخشري: "الإمّعة هو الذي يتبع كلَّ ناعق، ويقول لكل أحد: أنا معك، لأنه لا رأي له يرجع إليه"[4].

وقال القاري: "فيه إشعار بالنهي عن التقليد المجرّد حتى في الأخلاق, فضلاً عن الاعتقادات والعبادات"[5].

2- تكوين روح الجماعة لدى المسلم:

اعتنى الإسلام بتكوين روح الجماعة لدى المسلم إلى جانب تكوين روح الاعتداد بالنفس لديه، حتى يتكون المجتمع من أفراد أقوياء متعاونين متحابين متساندين صفًا واحدًا كأنهم بنيان مرصوص، تتكاتف جهودهم للعمل لهذا الدين والانتصار له وإقامة الأمة الإسلامية القوية المنيعة التي تتأبى على الذل والهوان، وتترفع عن الخضوع للكفار والتبعية لهم.

ومن الطرق التي سلكها الإسلام لتكوين الروح الجماعية لدى المسلم ما يلي:

أ- تقوية أواصر الأخوة الإسلامية بين المسلمين والتحذير من كلّ ما يزعزعها.

ب- تكوين الوعي الكامل بوحدة الأمة الإسلامية وترابط مصالح الفرد والجماعة.

ج- تقرير المسؤولية الجماعية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

د- التأكيد على الجماعة في الشعائر التعبدية المشروعة أداؤها جماعة كالصلاة المفروضة.

هـ- الدعوة الصريحة إلى لزوم جماعة المسلمين وترك التفرق.

وإذْ يَهْتم الإسلام هذا الاهتمام الكبير بأن يكون المسلم متآلفًا مع الجماعة، فإنه لا يترك هذه الروح الجماعية بدون شروط تجب مراعاتها، ولهذا جاءت النصوص الكثيرة تبين هذه الشروط التي يجب توفرها في تنمية الروح الجماعية، ولعل أهم هذه الشروط أن يكون الاجتماع والتآلف والتآخي على أساس الإيمان والتقوى والعمل الصالح، كما قال تعالى: {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي ٱلدّينِ} [التوبة:11].

ومن هذا الباب جاء الحث على اختيار الرفقة الصالحة حتى تكون وسيلة للتعاون على الخير والمحافظـة على شـخصية المسلم ووقايتها من الذوبان والانحلال الذي ربما جـر ـ والعياذ بالله ـ إلى التشبه بالكفار.

فعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد ريحًا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحًا خبيثة))[6].

وإن الروح الجماعية وعملية اختيار الرفقة الصالحة إذا تم تكوينهما وترسيخهما في نفس المسلم تكون لهما آثار إيجابية في حياة المسلمين أفرادًا وجماعات ودولاً وشعوبًا، ومن تلكم الآثار ما يلي:

أ- التعلم والتعليم واكتساب الخبرات.

ب- اكتشاف صفات النفس.

ج- التأدب والتأديب.

د- بعث الأمل في النفس وتجديد النشاط.

هـ- التعاون من أجل التمكين لدين الله في الأرض.

و- حفظ الهيبة والكرامة الإسلامية.

ز- بث روح التراحم والتوادد بين المسلمين.

3- تكوين روح الاعتزاز بالدين لدى المسلم:

إن الإسلام في سعيه لتكوين روح الاعتزاز بالدين لدى المسلم يتعامل مع الفرد من خلال قواه المختلفة: قواه العقلية، وقواه العاطفية، فلا يكتفي بمخاطبة عقله دون وجدانه، ولا بمخاطبة وجدانه دون عقله، بل يتعامل مع هذا وذاك، يتعامل مع العقل لكونه مركز الإدراك والتمييز، ويتعامل مع الوجدان باعتباره وعاء المشاعر والأحاسيس, ويتعامل مع الإرادة لكونها مركز التوجيه واتخاذ القرار النهائي.

يتعامل الإسلام مع الفرد من خلال هذه القوى ليصل إلى تأكيد انتمائه إلى الإسلام بعقائده وعباداته وأخلاقه ومعاملاته، بل أكثر من هذا ليصل به إلى أن يصبح معتزًا بهذا الانتماء إلى الإسلام بمعناه الواسع، فيكون محبًا له، متبعًا لأحكامه ومعرضًا عن اتباع ما سواه من الأديان والمناهج البشرية.

والمقصود بالاعتزاز بالدين هو شعور المسلم بالرفعة والغلبة والقوة على أعداء الله وآلهتهم، الشعور بعلو الإيمان على الكفر، وبعلو الإسلام على سائر الأديان السماوية وعلى ملل الكفر كلها، والشعور بأن شعوب هذه الأمة الإسلامية هم الأعلون على سائر شعوب الأمم الأخرى ما تمسكوا بالإسلام، وشعور المسلم بمحبة الله تعالى له، وبمحبته هو لله ولرسوله ودينه، ثم توكله على الله سبحانه واستمداد العون منه وحده، قال تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِى ٱللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلْكَـٰفِرِينَ يُجَـٰهِدُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ يَخَـٰفُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذٰلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَٱللَّهُ وٰسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة:54].

والله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالاعتزاز بالدين، فقال سبحانه: {قُلِ ٱدْعُواْ شُرَكَاءكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ m إِنَّ وَلِيّىَ ٱللَّهُ ٱلَّذِى نَزَّلَ ٱلْكِتَـٰبَ وَهُوَ يَتَوَلَّى ٱلصَّـٰلِحِينَ} [الأعراف:195، 196].

والاعتزاز بالدين بهذا المعنى لا يتأتى إلا بمعرفة حقيقة هذا الدين، والتعرف على محاسنه ومزاياه، وعلى خصائصه وضرورته للإنسان واستغنائه به عن غيره. ذلك لأن الاعتزاز بالشيء ناتج عن محبته، ومحبة الشيء ناتجة عن معرفته.

ومن طرق تكوين روح الاعتزاز بالدين لدى المسلم غرْس محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ومحبة الإسلام والأمة الإسلامية في القلوب، وكذلك دعوة المسلمين بالقول الصريح إلى طلب العزة من الله وحده والإعراض عما سواه، وإبراز محاسن أركان الإسلام الأساسية وفضائل هذه الأركان على غيرها في الأديان السماوية، فضلاً عن الأديان الوضعية.

ومن أهم آثار ونتائج تكوين روح الاعتزاز بالدين لدى المسلم ما يلي:

أ- تحقيق العبودية الكاملة لله عز وجل.

ب- اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم والاقتداء به.

ج- إخلاص الولاء لله ورسوله وللمؤمنين.

ثانيًا: تحصين وصيانة شخصية المسلم بعد بنائها وتكوينها:

إن من محاسن الدين الإسلامي حفظ وصيانة شخصية المسلم بعد إعدادها وبنائها وتكوينها، وذلك من الانصياع والذوبان والتأثر بالكفار أو الخضوع لهم أو موالاتهم والركون إليهم.

ومن أهم طرق تحصين شخصية المسلم بعد بنائها ما يلي:

1- التمسك بمبدأ الولاء والبراء:

وذلك لوضع الحاجز النفسي بين الطائفتين، الذي يمنع من تسرب الأفكار واختراق العادات والقيم والتقاليد، لأن ذلك أعون على مفاصلة الكفار.

يقول عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ: "أصل الموالاة الحب، وأصل المعاداة البغض، وينشأ عنهما من أعمال القلوب والجوارح ما يدخل في حقيقة الموالاة والمعاداة كالنصرة والأنس والمعاونة، وكالجهاد والهجر ونحو ذلك من الأعمال، والولي ضد العدو"[7].

2- مخالفة الكفار وعدم التشبه بهم في عقائدهم وعباداتهم وأخلاقهم وعاداتهم وسائر ما يختصون به.

3- التزام ضوابط وشروط التعامل مع غير المسلمين في حالة السلم:

ومن تلكم الشروط ما يلي:

أ- أن لا يترتب على هذا التعامل مذلة على المسلم ولا على الدين.

ب- أن لا تؤدي إلى ولاية الكافر على المسلم ولا إلى تسلطه عليه.

ج- أن لا تكون فيها موالاة للكافر، ولا تشبه به، ولا ركون إليه، أو نحو ذلك من صور الموالاة.

ثالثًا: تحصين وصيانة ديار الإسلام من نفوذ الكفار:

لم يكتف الإسلام بصيانة شخصية المسلم من التأثر بالكفار عن طريق تطعيمه عقديًا وتعبديًا وأخلاقيًا، وعن طريق رسم المنهج الصحيح لتعامله مع الكفار لمنع تسرُّب أيِّ أثر من آثارهم إليه؛ إذ لا بد أن تتوازى مع عملية صيانة شخصية المسلم عمليةُ صيانة أخرى للبيئة التي يعيش فيها، بمكافحة أسباب انتشار أوبئة الكفر والفسق في هذه البيئة، لذلك اتخذ الإسلام بعض التدابير الواقية، ومنها:

1- منع دخول الكفار إلى بعض الديار الإسلامية وهي حدود الحرمين الشريفين فضلاً عن إقامتهم فيها، كما سمح بدخولهم فقط دون الاستيطان في بعض الديار الأخرى وهي الحجاز، لما لهذه الأماكن من أهمية خاصة في قلوب المؤمنين؛ فهي مهبط الوحي ومبعث النبي صلى الله عليه وسلم ومنطلق الدعوة الإسلامية، فأولى بأن يمنع الكفار من دخولها والاستيطان فيها، للحفاظ على نقاوتها؛ لتبقى مشاعل النور والهدى للمسلمين كلما داهمتهم دياجير ظلمات التشبه بالكفار.

2- سمح الإسلام بدخول وإقامة الكفار في سائر الديار الإسلامية الأخرى سواء كانت إقامتهم إقامة دائمة مؤبدة كأهل الذمة، أو كانت إقامة مؤقتة كالمستأمنين، وذلك تلبية لمطالب الحياة البشرية القائمة على التعاون وتبادل المنافع، وطبقًا لطبيعة دين الإسلام الدعوية التي تقتضي التغلغل بين الأمم والشعوب الأخرى لإبلاغ دعوة الإسلام إليها.

3- منع تمكين الكفار في دار الإسلام, فإن الأصل في تمكين الكفار في الأرض حصول الفساد والضلال فيها، وتأسيسًا على هذا الأصل سعى الإسلام إلى منع تمكين الكفار في دار الإسلام متخذًا في ذلك التدابير الواقية التالية:

أ- منع تولية الكافر على المسلمين ولاية عامة في الدولة الإسلامية حدًا من تمكين الكفار فيها، وتفاديًا لخضوع المسلمين لسلطانهم المتنافي مع قوله تعالى: {وَلَن يَجْعَلَ ٱللَّهُ لِلْكَـٰفِرِينَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [النساء:141].

ب- قيّد الإسلام ملكية الكفار للعقار في الدولة الإسلامية، حيث ملكهم فقط منافع الأراضي دون رقابها، ومن ثم لا يسمح لهم باستخدام أراضيهم في إقامة المعابد الشركية، أو الملاهي وأماكن المعاصي، كما لا يسمح لهم بالوقف والوصية على هذه الأماكن.

ج- فرض الإسلام قيودًا شرعية على الصادرات من الدولة الإسلامية وعلى الواردات إليها، فلا يسمح بتصدير السلاح وصغار العبيد وكل ما فيه قوة للكفار على حرب المسلمين، لأن ذلك يؤدي إلى تمكينهم من دار الإسلام، كما لا يسمح بتوريد ما هو محرم شرعًا إلى داخل الدولة الإسلامية حفاظًا على عقيدة المسلمين وأخلاقهم.

4- كفل الإسلام لغير المسلمين المقيمين على أرضه كافة الحقوق والحريات التي يحتاجها الإنسان في حياته، وألزمهم في مقابل ذلك بواجبات تهدف إلى كسر شوكتهم في دار الإسلام، ومن هذه الواجبات:

أ- حملهم على الخضوع لأحكام الشرع الإسلامي فيما يتعلق بالمسؤولية المدنية والمسؤولية الجنائية دون ما يتعلق بالعقيدة.

ب- منعهم من الإساءة لشعائر الإسلام، فلا يجوز لهم التعرض لدين الإسلام، ولا لكتاب الله ولا لرسوله بإهانة أو طعن أو تحريف أو تكذيب، كما يجب عليهم الامتناع عن كل ما فيه ضرر بالمسلمين في دينهم ونفوسهم وأعراضهم وأموالهم.

ج- منعهم من إظهار شعائر دينهم درءًا للفتنة في الدين، ومنعهم من التظاهر بالمنكرات التي يستحلونها وأقروا عليها بموجب عقد الذمة أو الأمان، حيث إن إظهار ذلك مما يغري بعض سفهاء المسلمين بتناوله تشبهًا بهم.

د- منع الذميين من التشبه بالمسلمين في اللباس والهيئات، وفي الأسماء والكنى والألقاب والمراكب, ومن التعالي على المسلمين في المساكن, وألزمهم بالغيار؛ وهو لبس علامة فارقة تميزهم عن المسلمين في المجتمع، حتى يمكن إنزال كل فريق منزلته، ويعطى ما يستحقه من حقوق، ويطالب بأداء ما يجب عليه من واجبات.

رابعًا: الدعوة والاحتساب في مواجهة التشبه بالكفار:

لم يكتف الإسلام بتشريع سبل الوقاية فقط، بل حمّل أيضًا الدعاة والمحتسبين وظائف ومسؤوليات لترجمة تلك التدابير إلى واقع عملي ملموس وإلى نموذج تطبيقي مشاهد. حيث إن التدابير الإسلامية لتكوين شخصية المسلم والتدابير الواقية من تأثر المسلم بالكفار والتدابير الواقية من نفوذ الكفار في دار الإسلام تحتاج إلى من يبيّنها للناس، ويدعوهم إليها بمختلف الوسائل والأساليب، ويقيم الحجج عليها، ويدفع شبه المخالفين عنها، وهذه مهمة الدعاة.

كما أن تلك التدابير تحتاج أيضًا إلى من يَحْمِل الناس على السير وفق مقتضياتها، ويمنعُهم من مخالفتها، ويؤدِّب المنحرفين عنها، ويتخذ في ذلك كافة الوسائل والأساليب الممكنة لتحقيق الأمور المذكورة، ومن هنا تأتي مهمة المحتسبين.

فمن الوظائف والواجبات الملقاة على عاتق الدعاة والمحتسبين في هذا الصدد ما يلي:

1- الدعوة والاحتساب لمواجهة التشبه العقدي:

وذلك بما يلي:

أ- كشف النقاب عن الحركات والتنظيمات العاملة على تقويض العقيدة الإسلامية، كمنظمات التنصير والماسونية والصهيونية وغيرها.

ب- الحرص على بيان العقيدة الصحيحة وتوضيحها للأمة، وتحذيرها من الشرك والبدع.

ج- الاحتساب على المظاهر الشركية والبدعية المؤدية إلى الغلو في الدين وفي الأشخاص.

2- الدعوة والاحتساب لمواجهة التشبه التعبدي:

يجب على الدعاة بيان العبادة الصحيحة وأحكامها وشروطها، وما يضاد ذلك من البدعة المحدثة في الشعائر التعبدية، وقايةً للأمة من التخبط في أوحال بدع وطقوس الأمم الكافرة, التي طالما تسربت إلى العبادات الإسلامية بسبب الجهل الذي يعيش فيه غالب المسلمين.

3- الدعوة والاحتساب في مواجهة التشبه الأخلاقي:

وذلك بما يلي:

أ- الكشف عن الوسائل والأساليب المستخدمة لتقويض الدعائم الخلقية للشعوب الإسلامية، فأعداء الإسلام يتسترون وراء شعارات مختلفة، ويلبسون أقنعة متنوعة، ويتسمّون بأسماء متعددة، مع أن الحقيقة والجوهر واحد. وهم يزرعون أفكارهم بالأساليب المختلفة الخبيثة، المباشرة منها وغير المباشرة، فتنتشر هذه الأفكار كانتشار الجراثيم في البيئة.

وجراثيم الأمراض الخلقية التي يبثها أعداء الإسلام بالوسائل المختلفة الخفية منها والظاهرة قد لا تظهر آثارها في حينها على الأفراد لوجود مقاومة عقدية أو اجتماعية، ولكن مع مرور الأيام تظهر وقد استفحل الأمر واستعصى, مما يجعل الكشف المبكّر والدائم عن تلك الوسائل والأساليب التي يستخدمها أعداء الأمة لزرع جراثيم الأمراض الخلقية في أوساط المسلمين أمرًا له الأهمية القصوى في مواجهة التشبه الأخلاقي.

ومن تلك الوسائل: إنشاء النوادي وبيوت الشباب التي يستخدمونها في ترويج المسكرات والمخدرات، ونشر الأفلام والصحف والمجلات الخليعة والماجنة ونشر تجارة الجنس عن طريق الملاهي والمراقص الليلية وفرق الرقص، وتشجيع السياحة إلى بلاد الكفر، والسماح بالتعري على شواطئ البحار والأنهار، وعن طريق ما يسمونه بالأدب المكشوف، وهو عبارة عن الكتب والقصص الجنسية التي لا تتورع عن تزيين سبل الفساد للشباب.

ب- القيام بتزكية النفوس بالأخلاق الحميدة:

المهمة الثانية التي يجب على الدعاة ـ وهم في مضمار المواجهة مع ظاهرة التشبه الأخلاقي ـ أن يعملوا على تزكية نفوس المسلمين بالأخلاق الحميدة، وذلك بالعمل على إثارة دواعي التمسك بالأخلاق الحميدة لدى الناشئة، وتنفيرهم من دواعي التحلل منها، وبيان مدى فائدة وفضيلة التحلي بالخلق الكريم، وتبصيرهم بعواقب الانحلال الخلقي الوخيمة.

ج- الاحتساب على توريد البضائع المحرمة.

د- القيام بمراقبة المطبوعات.

هـ- القيام بالاحتساب على الكفار المقيمين في ديار الإسلام في مجال الأخلاق.

4- الدعوة والاحتساب في مواجهة التشبه الثقافي:

مجال الفكر والثقافة من أخطر مجالات تشبه المسلمين بالكفار لكونه سببًا في غيره من مجالات التشبه الأخرى، وقد استخدم الكفار في التغريب الثقافي للشعوب الإسلامية وسيلتين خطيرتين:

إحداهما: المناهج التعليمية، وهي أهم وسيلة لتغيير الشعوب وتشكيلها, وتغيير هويتها حسب الغايات والأهداف التي تراد لها.

ثانيهما: وسائل الإعلام، وهذه لا تقل خطورة عن الوسيلة السابقة، إن لم تكن أخطر منها في عصرنا الحاضر، لسعة انتشارها وسهولة استخدامها ومناسبتها لمختلف فئات الأمة، فقد كان للإعلام في بعض البلاد الإسلامية بوسائله المتعددة دور بارز وخطير ساهمت به مع المناهج التعليمية في طمس معالم الثقافة الإسلامية وتشويهها، وفي التحريض على التشبه بثقافة غير المسلمين وفكرهم ومعارفهم.

ومن هنا كان لا بد لمواجهة التشبه الثقافي من إصلاح المناهج التعليمية ووسائل الإعلام معًا، وذلك بما يلي:

أ- الدعوة إلى التأصيل الإسلامي للعلوم الاجتماعية والإنسانية.

ب- الدعوة إلى التوجيه الإسلامي للعلوم المختلفة.

ج- الاهتمام بدعوة الأقليات المسلمة في بلاد الكفر.

د- الاحتساب على المدارس الأجنبية القائمة في بلاد المسلمين، وإخضاعها تحت الإشراف والرقابة.

هـ- الاحتساب على أهل الذمة في مجال التعليم والثقافة.

خامسًا:دعاء الله سبحانه بالهداية إلى الاستقامة:

لا شك أن التشبه بالكفار انحراف عن الصراط المستقيم إلى صراط المغضوب عليهم أو الضالين.

قال ابن تيمية: "وهذا الانحراف أمر تتقاضاه الطباع ويزينه الشيطان، فلذلك أمر العبد بدوام دعاء الله سبحانه بالهداية إلى الاستقامة التي لا يهودية فيها ولا نصرانية أصلاً"[8].

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا،،،

*       *         *


 


[1] انظر: اقتضاء الصراط المستقيم (1/352).

[2] انظر: التدابير الواقية من التشبه بالكفار، للدكتور عثمان دوكوري.

[3] أخرجه الطبراني في الكبير (9/152)، وأبو نعيم في الحلية (1/136-137)، وروي معناه مرفوعا ولا يصح.

[4] الفائق في غريب الحديث (1/57).

[5] انظر: تحفة الأحوذي (6/145).

[6] أخرجه البخاري في الذبائح والصيد, باب: المسك (5534)، ومسلم في البر والصلة, باب: استحباب مجالسة الصالحين (2628).

[7] الرسائل والمسائل النجدية (3/290).

[8] اقتضاء الصراط المستقيم (1/83).

 
.