موسوعة البحـوث المنــبرية

.

  عقيدة اليهود: ثانيًا: عقيدة اليهود في الملائكة الأبرار:          الصفحة السابقة        (عناصر البحث)        الصفحة التالية   

 

ثانيًا عقيدة اليهود في الملائكة الأبرار:

1- وجود الملائكة وحقيقتهم:

انقسم اليهود في الإيمان بالملائكة إلى أقسام:

فقسم لا يؤمن بوجود الملائكة وهم طائفة الصدوقيين، وهم فرقة صغيرة أنكروا وجود الملائكة والأرواح[1].

وقسم يؤمن بوجود الملائكة، لكنهم منحرفون في أصلهم وتقسيمهم ووظائفهم.

وزعم بعضهم أن الملائكة خيال موجود في الأذهان، فسجّل ابن كمونة اليهودي تصوّر حكماء وفلاسفة اليهود في الملائكة بقوله: "قالت الحكماء: إن الصور التي يراها الأنبياء من الملائكة وغيرهم هي من قبيل الأحلام الصادقة التي يراها غيرهم في حالة النوم، وإنما يختلف ذلك بالشدّة والضعف، فالأنبياء تبلغ قوة ذلك فيهم إلى حدّ اليقين وعدم الارتياب بخلاف غيرهم"[2].

وقال الحاخام ميمونيد: "الأجرام السماوية هي صالحو الملائكة، ولذلك تراهم يعقلون ويفهمون"[3].

2- أصل الملائكة وأقسامها:

يزعم مؤمنو اليهود بالملائكة بأنهم خلقوا من النار[4]. وجاء في التلمود: "الملائكة قسمان: قسم لا يطرأ عليه الموت، وهو الذي خلق في اليوم الثاني، وقسم يطرأ عليه الموت وهو قسمان أيضًا:

  أ- من يموت بعد مكثه زمنًا طويلاً قدّر له فيه الحياة بأجله، وهو الذي خلق في اليوم الخامس.

ب- من يموت في يوم خلقه بعد أن يرتل الله ويقرأ التلمود ويسبّح التسابيح، وهو الذي خلق من النار، وقد أهلك الله منهم جيشًا جرارًا بواسطة إحراقه بطرف إصبعه الخنصر"[5].

3- زعمهم أن الملائكة بنات الله تعالى:

قال الله تعالى: {وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ٱلْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ ٱلجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (158) سُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (159) إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ} [الصافات:158-160].

قال قتادة: قالت اليهود: إن الله تبارك وتعالى تزوّج إلى الجن، فخرج منها الملائكة، قال: سبحانه سبّح نفسه[6].

4- عداوتهم لجبريل عليه السلام:

قال الله تعالى: {قُلْ مَن كَانَ عَدُوّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ مُصَدّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ (97) مَن كَانَ عَدُوّا لّلَّهِ وَمَلـئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَـٰلَ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَـٰفِرِينَ} [البقرة: 97، 98].

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: بلغ عبد الله بن سلام مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فأتاه فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهنّ إلا نبيّ، قال: ما أول أشراط الساعة؟ وما أوّل طعام يأكله أهل الجنة؟ ومن أي شيء ينزع الولد إلى أبيه؟ ومن أي شيء ينزع الولد إلى أخواله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خبّرني بهنّ آنفًا جبريل))، قال: فقال عبد الله: ذاك عدوّ اليهود من الملائكة.. الحديث[7].

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن نفرًا من اليهود قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم يسألونه، فكان من سؤالهم: من وليّك من الملائكة؟ فعندها نجامعك أو نفارقك، قال: ((فإن وليي جبريل عليه السلام، ولم يبعث الله نبيًا قط إلا وهو وليّه))، قالوا: فعندها نفارقك، لو كان وليّك سواه من الملائكة لتابعناك وصدقناك، قال: ((فما يمنعكم من أن تصدقوه؟)) قالوا: إنه عدونا، قال: فعند ذلك قال الله عز وجل: {قُلْ مَن كَانَ عَدُوّا لِّجِبْرِيلَ...}[8].


[1] انظر: قاموس الكتاب المقدس (ص 539). والفكر الديني الإسرائيلي لحسن ظاظا (ص 259). ومقارنة الأديان لأحمد شلبي (ص 230).

[2] تنقيح الملل الثلاث لسعد ابن منصور بن كمونة اليهودي (ص 11).

[3] انظر: الكنز المرصود (ص 59).

[4] انظر: جهود الإمامين (ص 199).

[5] انظر: الكنز المرصود في قواعد التلمود، ترجمة الدكتور يوسف نصر الله (ص 58).

[6] جامع البيان (21/121).

[7] رواه البخاري في أحاديث الأنبياء، باب: خلق آدم (3329).

[8] رواه أحمد (1/278).

 

.