موسوعة البحـوث المنــبرية

.

   للتشاؤم والطيرة: أولاً: تعريف وبيان                                                        الصفحة السابقة                 الصفحة التالية   

 

أولا: تعريف وبيان:

التشاؤم لغة: تفاعلٌ من الشؤم وهو خلاف اليُمن، وأصل هذه الكلمة يدل على الجانب اليسار([1])، ولذا سميت أرض الشام شاما لأنها عن يسار الكعبة([2]).

والطيرة لغة: فِعَلَة بالكسر ففتحتين وقد تسكن العين من التطيُّر، ولم يجئ على هذا المثال إلا هذا والخِيَرة([3])، وأصل الكلمة واحد يدل على خفة الشيء في الهواء ومن ذلك الطير([4])، قال ابن الأثير رحمه الله: "وأصله فيما يقال: التطير بالسوانح والبوارح من الطير والظباء وغيرهما"([5]).

والمراد بهما في لسان الشرع: هو توهُّم وتوقُّع حصول المكروه بمرئي أو معلوم أو مسموع.

فمثال المرئي التطير برؤية أصحاب العاهات والبوم وغير ذلك.

ومثال المعلوم التشاؤم ببعض الأيام، أو بعض الشهور، أو بعض السنوات.

ومثال المسموع التشاؤم بسماع كلمة نحو: يا خسران، أو يا خائب([6]).

ومما يلحق بذلك النحس، وهو لغة: أصل واحد يدل على خلاف السعد، وجمعه أنحُس ونُحوس([7]).

وقد ورد في القرآن الكريم قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِى أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ} [فصلت:16]، قال ابن جرير رحمه الله: "وأَولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: عني بها أيام مشائيم ذات نحوس؛ لأن ذلك هو المعروف من معنى النحس في كلام العرب"([8])، وقال تعالى أيضا: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِى يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرّ} [القمر:19]، قال ابن جرير رحمه الله: "في يوم شر وشؤم لهم"([9]).

وأما الفأل فهو ضد الطيرة، والجمع فؤول، قال ابن الأثير رحمه الله: "يقال: تفاءلت بكذا وتفأَّلت على التخفيف والقلب، وقد أُولع الناس بترك همزه تخفيفاً"([10])، وقال ابن حجر: "الفأل مهموز وقد لا يهمز، قال أهل المعاني: الفال فيما يحسُن وفيما يسوء، والطيرة فيما يسوء فقط، وقال بعضهم: الفال فيما يحسُن فقط والفال ما وقع من غير قصد بخلاف الطيرة"([11]).

وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم بالكلمة الطيبة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم سئل: ما الفأل؟ فقال: ((الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم))([12]).

فمثال ذلك أن يكون الرجل مريضاً فيسمع من يقول: يا سالم، أو يطلب ضالة فيسمع من يقول: يا واجد، فيعجبه ذلك ويتفاءل به.


 


([1]) انظر: معجم مقاييس اللغة (3/239) مادة (ش أ م).

([2]) انظر: هدي الساري (ص 205).

([3]) انظر: النهاية في غريب الحديث (3/152) مادة (ط ي ر).

([4]) انظر: معجم مقاييس اللغة (3/435-436) مادة (ط ي ر).

([5]) النهاية في غريب الحديث (3/152) مادة (ط ي ر).

([6]) انظر: القول المفيد على كتاب التوحيد لابن عثيمين (2/77).

([7]) انظر: معجم مقاييس اللغة (5/401)، لسان العرب (7/4366) مادة (ن ح س).

([8]) جامع البيان (24/103).

([9]) جامع البيان (27/98).

([10]) النهاية لابن الأثير (3/405)، وانظر: لسان العرب (11/513). مادة (ف أ ل).

([11]) هدي الساري (ص 256).

([12]) أخرجه البخاري في الطب (5754)، ومسلم في السلام (2223).

 

.