الملف العلمي للبحوث المنبرية لفقه وآداب وأحكام الصيام

.

مراحل تشريع الصوم: أولاً: الحكمة من التدرج في تشريع الصوم:                                                                    قائمة محتويات هذا الملف

 

الحكمة من التدرج في تشريع الصيام:

لم يفرض الصوم جملة واحدة ، وإنما شرع على التدرج ، قال ابن القيم في بيان الحكمة من ذلك : " لما كان ـ أي الصوم ـ  غيرَ مألوف لهم ولا معتاد ، والطباع تأباه ، إذ هو هجر مألوفها ومحبوبها ، ولم تذق  بعدُ  حلاوته وعواقبه المحمودة ، وما في طيه من المصالح والمنافع، فخيرت بينه وبين الإطعام ، وندبت إليه ، فلما عرفت علته – يعني حكمته – وألفته ، وعرفت ما ضمنه من المصالح والفوائد : حتم عليها عيناً ، ولم يقبل منها سواه ، فكان التخيير في وقته مصلحة، وتعيين الصوم في وقته مصلحة ، فاقتضت الحكمة البالغة شرع كل حكم في وقته ؛ لأن المصلحة فيه في ذلك الوقت " ([1]) .

وقال ابن حجر الهيثمي: " وحكمته – أي التدرج – الرفق بالأمة ؛ لأنهم لما لم يألفوا الصوم كان يقينه عليهم ابتداء فيه مشقة ، فخيروا بينه وبين الفدية أولاً ، ثم لما قوي يقينهم ، واطمأنت نفوسهم : حتم عليهم الصوم وحده ، ونظير ذلك أنه صلى الله عليه وسلم أول ما بعث لم يكلف الناس إلا بالتوحيد فقط ، ثم استمر على ذلك مدة مديدة ، ثم فرض عليهم من الصلاة ما ذكر في سورة المزمل ، ثم نسخ ذلك كله بالصلوات
الخمس،وكان كلما ازداد ظهوراً وتمكناً:ازدادت الفرائض وتتابعت،كل ذلك لما قررته من الرفق والتدرج في المراتب حتى تؤخذ بحقها"
([2]) .


 

([1]) مفتاح دار السعادة ( 2 / 377 ) ، وانظر : ( 2 / 386 ) منه .

([2]) إتحاف أهل الإسلام بخصوصيات الصيام ( ص : 78 ) ، وللتوسع انظر : العبادات وتطور تشريعها في زمن الوحي، لمحمد أنيس عبادة ، والتدرج في التشريع : ( مقال في مجلة الأزهر – السنة 37 ، ص : 146 وما بعدها ) لبدر المتولي عبد الباسط ، ورفع الحرج في الشريعة الإسلامية( ص :74 – 78 ) ليعقوب الباحسين .

 
.