الملف العلمي للبحوث المنبرية لفقه وآداب وأحكام الصيام

.

  زكاة الفطر: ثامنًا: مصارفها:                                                                                                    قائمة محتويات هذا الملف  

 

8- مصارف زكاة الفطر:

أجمع أهل العلم قاطبة على مشروعية صرف زكاة الفطر للفقراء والمساكين ([1]).

إلاّ أنّهم اختلفوا فيمن عداهم من الأصناف الثمانية المذكورين في قوله تعالى: {إِنَّمَا ٱلصَّدَقَـٰتُ لِلْفُقَرَاء وَٱلْمَسَـٰكِينِ وَٱلْعَـٰمِلِينَ عَلَيْهَا وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى ٱلرّقَابِ وَٱلْغَـٰرِمِينَ وَفِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ فَرِيضَةً مّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة:60]، على ثلاثة أقوال:

القول الأول:

يجوز صرف زكاة الفطر لجميع أو بعض الأصناف المذكورين في آية الزكاة.

وهو مذهب الحنفية ([2])، والحنابلة على الصحيح([3]).

واستدلوا بعموم قوله تعالى: {إِنَّمَا ٱلصَّدَقَـٰتُ لِلْفُقَرَاء وَٱلْمَسَـٰكِينِ وَٱلْعَـٰمِلِينَ عَلَيْهَا وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى ٱلرّقَابِ وَٱلْغَـٰرِمِينَ وَفِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ فَرِيضَةً مّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة:60].

ولأنّها زكاة مثل باقي الزكوات فتصرف في مصرفها.

القول الثاني:

تجب قسمة زكاة الفطر على الأصناف الثمانية جميعهم أو من وجد منهم، هذا إذا أعطاها للإمام ليقسمها، أما إذا أراد قسمتها بنفسه فرقها في ستة أصناف وسقط عنه سهم العاملين، المؤلفة قلوبهم، فإن لم يجد الأصناف الستة فرقها فيمن وجد منهم.

وهذا مذهب الشافعية([4]).

واستدلوا بقوله تعالى: {{إِنَّمَا ٱلصَّدَقَـٰتُ لِلْفُقَرَاء وَٱلْمَسَـٰكِينِ وَٱلْعَـٰمِلِينَ عَلَيْهَا وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى ٱلرّقَابِ وَٱلْغَـٰرِمِينَ وَفِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ فَرِيضَةً مّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة:60].

ووجه الدلالة: أنه جعل ما انطلق عليه اسم الصدقة مستحقًا لمن اشتملت عليه الآية، ولأنها صدقة واجبة فوجب أن لا يختص بها صنف مع وجود غيره كزكوات الأموال.

القول الثالث:

تُخص زكاة الفطر بالفقراء والمساكين ولا تصرف لمن عداهم.

وهو مذهب المالكية ([5])، ورواية عن أحمد([6]).

ومن أدلتهم: حديث ابن عباس رضي الله عنهما وفيه: ((طعمة للمساكين)) ([7]).

قالوا: فهذا نصّ في أنّ ذلك حق للمساكين دون سواهم من الأصناف.

ولأنّها أشبه بالكفارات من جهة تعلقها بالبدن لا بالمال، فلا يجزئ إطعامها إلا لمن يستحقها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهذا القول أقوى في الدليل"([8]).

ونصره ابن القيم في الزاد([9])، وصححه العثيمين([10]).

1/8 جواز إعطاء الجماعة ما يلزم الواحد وعكسه:

أجاز جمهور العلماء([11])، إعطاء جماعة من المساكين الصاع الواحد وكذا العكس.

قال ابن الجلاب: "ويجوز دفع الصاع إلى مسكين واحد أو مسكينين أو أكثر من ذلك، ويجوز دفع أصــواع عـدة إلى مســكين واحد"([12]).

وقال ابن عثيمين: "إذا كان إنسان عنده عشر فطر، فإنه يجوز أن يعطيها لفقير واحد، وإذا كان إنسان عنده فطرة واحدة فيجوز أن يعطيها عشرة فقراء..." ([13]).

2/8 جواز إعطاء زكاة الفطر لمستحق يبيعها بعد قبضها:

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: "إذا كان من أخذها [أي زكاة الفطر] مستحقًا جاز له بيعها بعد قبضها ؛ لأنّها صارت بالقبض من جملة أملاكه"([14]).


 

([1])  انظر: بداية المجتهد لابن رشد (2/554).

([2])  حاشية ابن عابدين (2/79).

([3])  الفروع لابن مفلح (2/54)، الإنصاف (7/137).

([4])  الأم (2/69)، الحاوي للماوردي (4/430)، مغني المحتاج (3/116).

([5])  التفريع (1/296)، حاشية الدسوقي (1/508).

([6])  الفروع (2/540).

([7])  تقدم تخريجه.

([8])  مجموع الفتاوى (25/73)، وما بعدها.

([9])  زاد المعاد (2/44).

([10])  الشرح الممتع (6/184).

([11])  انظر: المغني لابن قدامة (4/316).

([12])  التفريع (1/296).

([13])  الشرح الممتع (6/185).

([14])  فتاوى اللجنة الدائمة (9/380).

 
.