الملف العلمي للبحوث المنبرية لفقه وآداب وأحكام الصيام

.

  الدروس المستفادة من رمضان: سابعًا: رمضان شهر التوبة والتقوى:                                                       قائمة محتويات هذا الملف  

 

7 ـ رمضان شهر التوبة والتقوى:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلّقت أبواب النار، وصفدت الشياطين))([1]).

قال القاضي عياض: "ويحتمل أن يكون فتح أبواب الجنة عبارة عما يفتحه الله تعالى لعباده من الطاعات في هذا الشهر التي لا تقع في غيره عموما كالصيام والقيام، وكذلك تغليق أبواب النار وتصفيد الشياطين عبارة عما ينكفون عنه من المخالفات"([2]).

رمضان فرصة لأرباب الذنوب للتوبة:

يا من ما كفاه الذنب في رجب        حتى عصى الله في شهر شعبان

لقد أظلك شهر الصوم بعدهمـا       فلا تصيّره أيضاً شهر عصيان([3])

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصلِّ عليَّ، ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان، ثم انسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجلٍ أدرك عنده أبواه الكبر، فلم يدخلاه الجنة))([4]).

رمضان موسم لتكفير الذنوب والخطايا:

عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: ((الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنب الكبائر))([5]).

رمضان مدرسة للتربية على التقوى، وهي حِكمة من حكم تشريع صومه:

قال تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183].

قال القرطبي: "قيل: معناه هنا: تضعفون، فإنه كلما قل الأكل ضعفت الشهوة، وكلما ضعفت الشهوة قلّت المعاصي، وهذا وجد مجازي حسن، وقيل: لتتقوا المعاصي، وقيل: هو على العموم، ولأن الصيام كما قال عليه السلام: ((الصيام جُنّة ووجاء)) وسبب تقوى، لأنه يميت الشهوات"([6]).

وقال ابن كثير: "{لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} لأن الصوم فيه تزكية للبدن، وتضييق لمسالك الشيطان، لهذا ثبت في الصحيحين: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء))([7])"([8]).

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه))([9]).

قال ابن المنير: "هو كناية عن عدم القبول كما يقول المغضب لمن رد عليه شيئاً طلبه عنه فلم يقم به: لا حاجة لي بكذا، فالمراد: رد الصوم المتلبس بالزور، وقبول السالم منه"([10]).


 

([1])  مسلم (1079) في الصيام، باب فضل شهر رمضان.

([2])  نقلاً عن شرح مسلم للنووي (7/188).

([3])  لطائف المعارف (ص282).

([4])  الترمذي (3545) في الدعوات، باب قول رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم أنف رجلٍ، أحمد (7402) ونحوه عند ابن خزيمة (1888) في الصيام، باب استحباب الاجتهاد في رمضان.

([5])  صحيح مسلم (333) في الطهارة، باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان.

([6])  تفسير القرطبي (2/275-276).

([7])  البخاري (5065) في النكاح، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم من استطاع ، ومسلم (1400) في النكاح، باب: استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه.

([8])  تفسير ابن كثير (1/219).

([9])  البخاري (1903) في الصوم، باب من لم يدع قول الزور والعمل به في الصوم.

([10])  نقلاً عن فتح الباري (4/117).

 
.