الملف العلمي للبحوث المنبرية لفقه وآداب وأحكام الصيام

.

  توديع رمضان واستقبال العيد: رابعًا: ملحقات البحث:                                                                   قائمة محتويات هذا الملف  

 

رابعاً: ملحقات البحث:

مواعظ:

- قال ابن الجوزي عن العشر الأواخر:

"إخواني: راعوا حق هذه الأيام مهما أمكنكم، واشكروا الذي وهب لكم السلام ومكّنكُم، فكم مؤمّل لم يبلغ ما أمّل، وإن شككت فتلمّحْ جيرانك وتأمّل، كم من أناس صلّوا معكم في أول الشهر التراويح، وأوقدوا في المساجد طلبًا للأجر المصابيح، اقتنصهم قبل تمامه الصائد فقهروا،  وأسرتهم المصايد فأسروا، وغمسهم التلف في بحره فمُقِلوا، ولم ينفعهم المال والآمال لما نقلوا، أدارت عليهم المنون رحاها، وحكّ وجوههم الثرى فمحاها، فأعدمتهم صومًا وفطرًا، وزودتهم من الحنوط عطرًا، وأصبح كل منهم في اللحد سطرًا، هذا حالك يا من لا يعقل أمرًا، كم تحرض وما ينفع التحريض، ونعرض لك باللوم وما يجدي التعريض، يا من لا ينتبه بالتصريح، ولا بالتعريض، يا متعوضًا ما يفنى عما يبقى بئس التعويض، كم يقال لك ولا تقيل، والحر تكفيه الملامة، أمارة الخير ما تخفى، طرف الفتى يخبر عن ضميره، تالله إن رائضك لمثقف يضع الهناء مواضع النقب، ارعويت لاستويت، لو صح منك الهوى أرشدت للحيل، زاحم التائبين، وادخل في حزب البكّائين، وكل غريب للغريب نسيب"([1]).

- وقال عن وداع رمضان:

" إخواني: إن شهر رمضان قد قرب رحيله، وأزف تحويله، وهو ذاهب عنكم بأفعالكم وقادم عليكم غدًا بأعمالكم، فيا ليت شعري ماذا أودعتموه، وبأي الأعمال ودّعتموه؟! أتراه يرحل حامدًا صنيعكم أو ذامًا تضييعكم؟ ما كان أعظم بركات ساعاته، وما كان أحلى جميع طاعاته، كانت ليالي عتق ومباهاة، وأوقاته أوقات خدم ومناجاة، ونهاره زمان قربة ومصافاة، وساعاته أحيان اجتهاد ومعاناة، فبادروا البقية بالتقية قبل فوات البر، ونزول البرية، وتخلى عنك جميع البرية.

أين المخلص المتعبد؟ أين الراهب المتزهد؟ أين المنقطع المنفرد؟ أين العامل المجود؟ هيهات بقي عبد الدنيا ، ومات السيد، وهلك من خطؤه خطأ وعاش المتعمد، وصار مكان الخاشعين كل منافق متمرد، رحل عنك شهر الصيام، وودعك زمان القيام، ولحَّ النصيح وقد لام، أفتشرق شمس الإيقاظ وتنام، فاستدرك ما قد بقي من الأيام، قد رأيتك توانيت في الأولى والثانية والثالثة فما بعد أن دنا الصباح"([2]).

-       وقال ابن رجب عن وداع رمضان:

"عباد الله: إن شهر رمضان قد عزم على الرحيل، ولم يبق منه إلا القليل، فمن منكم أحسن فيه فعليه التمام، ومن كان فرّط فليختمه بالحسنى، فالعمل بالختام، فاستمتعوا منه فيما بقي من الليالي اليسيرة والأيام، واستودعوه عملاً صالحًا يشهد به عند الملك العلاّم، وودّعوه عند فراقه بأزكى تحية وسلام.

لقد ذهبت أيامه وأطعتم، وكتبت عليكم فيه آثامه وما أضعتم، وكأنكم بالمشمّرين فيه وقد وصلوا وانقطعتم، أترى ما هذا التوبيخ لكم أو ما سمعتم؟!

قلوب المتقين إلى هذا الشهر تحن، ومن ألم فراقه تئن.

كيف لا يجري للمؤمن على فراقه دموع، وهو لا يدري هل بقي له في عمره إليه رجوع؟!

أين حرق المجتهدين في نهاره؟ أين قلق المتهجدين في أسحاره؟

إذا كان هذا جَزَعُ مَنْ رَبِح فيه، فكيف حال من خسر في أيامه ولياليه ؟ ماذا ينفع المفرط فيه بكاؤه، وقد عظمت فيه مصيبته وجل عزاؤه؟ كم نصح المسكين فما قبل النصح! كم دعي إلى المصالحة فما أجاب إلى الصلح، كم شاهد الواصلين فيه، وهو متباعد ! كم مرت به زمر السائرين وهو قاعد، حتى إذا ضاق به الوقت وحاق به المقت، ندم على التفريط حين لا ينفع الندم، وطلب الاستدراك في العدم.

يا شهر رمضان ترفّق، دموع المحبين تدفّق، قلوبهم من ألم الفراق تَشقّق، عسى وقفة للوداع تطفئ من نار الشوق ما أحرق، عسى ساعة توبة وإقلاع ترفوا من الصيام كل ما تخرق، عسى منقطع عن ركب المقبولين يلحق، عسى أسير الأوزار يطلق، عسى من استوجب النار يعتق، عسى رحمة المولى لها العاصي يوفق"([3]).

- وقال ابن الجوزي في استقبال العيد:

"والله ما عيد يعقوب إلا لقاء يوسف، ولا أيام تشريق الصديق إلا الغار، يا مَنْ عزم على المعاصي في شوال، أللشهر احترمت أم لرب الشهر؟! ويحك! رَبّ الشهرين واحد، تقول: أصلح رمضان وأفسد غيره، وعزمك في رمضان على الزلل في شوال، أفسْدتَ رمضان، إذا طالبت نفسك في شوال بشرب الخمر فذكّرْها سيلان العين على الخد في اللحد، وعمل البِلَى في المفاصل، لعلّ الكف يكف، هيهات ليس المحب من غيره البعد والهجر، ولا المخلص من حركة الثواب والأجر، لكنه من تساوي عنده الوصل والصد، وإلفه على كل حال الجد والكد"([4]).

شعر:

قال بعضهم:

سلام من الرحمن كل أوان                 على خير شهر قد مضى وزمان

سلام على شهر الصيام فإنه                أمـان مـن الرحمن أي أمـان

لئن فنيت أيامك الغر بغتـة                فما الحزن من قلبي عليك بفان([5])

وقال آخر:

ليـس عيد المحب قصـد المصـلّى       وانتظار الخـطيب والسـلطـان

إنما العيد أن تكـون لـدى الحـ         ـب كريمــا مقربـاً في أمان([6])


 

([1])  التبصرة (ص107-108).

([2])  التبصرة (2/109/110).

([3])  لطائف المعارف (ص386) وما بعدها بتصرف يسير.

([4])  التبصرة (2/118).

([5])  لطائف المعارف لابن رجب (ص387).

([6])  التبصرة (2/121).

 
.