الملف العلمي للبحوث المنبرية لفقه وآداب وأحكام الصيام

.

  الاعتكاف: أولاً: تعريف الاعتكاف:                                                                                           قائمة محتويات هذا الملف  

 

أولاً: تعريف الاعتكاف:

أ- الاعتكاف لغة:

قال ابن فارس: "العين والكاف والفاء أصل صحيح يدل على مقابلة وحبس"([1]).

وهو من عكف على الشيء يعكف عكفاً وعكوفاً، أي: لزم المكان ([2]).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والتاء في الاعتكاف تفيد ضرباً من المعالجة والمزاولة؛ لأن فيه كلفة، كما يقال … عمل واعتمل وقطع وانقطع" ([3]).

ويسمى الاعتكاف جِوَاراً؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصغي إلي رأسه، وهو مجاور في المسجد، فأرجله، وأنا
حائض
([4]).

وفي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إني كنت أجاور هذه العشر، ثم بدا لي أجاور العشر الأواخر))([5]).

وعن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما قالا: (لا جوار إلاّ بصيام)([6]).

قال الحافظ: "ويؤخذ منه أن المجاورة والاعتكاف واحد" ([7]).

ب- والاعتكاف شرعاً:

اتفق الفقهاء رحمهم الله على أنّه في الشرع: لزوم مسجدٍ لطاعة الله، وإن كان بينهم تفاوتٌ في صياغة التعريف من حيث إثبات أو حذف بعض الشروط والأركان، كالنية، والإسلام، والصوم … الخ، تبعاً لاختلافهم في بعض المسائل.

فتعريف الحنفية:  هو اللبث في المسجد مع الصوم ونية الاعتكاف ([8]).

وتعريف المالكية: هو لزوم مسلمٍ مميِّز مسجداً مباحاً بصوم كافًّا عن الجماع ومقدماته يوماً وليلةً فأكثر للعبادة بنية ([9]).

وتعريف الشافعية: اللبث في المسجد من شخصٍ مخصوصٍ بنية ([10]).

وتعريف الحنابلة: هو لزومُ مسلمٍ لا غُسْل عليه، عاقلٍ ولو مميِّزاً، مسجداً ولو
ساعة، لطاعةٍ على صفةٍ مخصوصة
([11]).

وعرَّفه أبو محمد ابن حزم رحمه الله بأنه: " الإقامة في المسجد بنية التقرب الى الله عز وجل ساعة فما فوقها ليلاً أو نهاراً " ([12]).

والاعتكاف من الشرائع القديمة([13])، كما قال تعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَىٰ إِبْرٰهِيمَ وَإِسْمَـٰعِيلَ أَن طَهّرَا بَيْتِىَ لِلطَّائِفِينَ وَٱلْعَـٰكِفِينَ} [ البقرة: 125 ].


 

([1]) مقاييس اللغة (4/108)، مادة (عكف).

([2])  لسان العرب (9/255)، مادة (عكف).

([3])  شرح العمدة (2/707-الصيام).

([4])  أخرجه البخاري، في الاعتكاف، باب الحائض ترجل رأس المعتكف (2028) و(2029).

([5])  أخرجه البخاري، في فضل ليلة القدر، باب: تحري ليلة القدر (2018)، ومسلم في الصيام، باب: فضل ليلة القدر (1167).

([6])  أخرجه عبد الرزاق (4/353)، والبيهقي في الكبـرى (4/318). وصححـه الـحافظ في الفتـح (4/322).

([7])  فتح الباري (4/273).

([8]) الهداية مع فتح القدير (2/390).

([9])  الشرح الكبير للدردير مع حاشيته (1/541).

([10])  مغني المحتاج (1/449).

([11])  منتهى الإرادات (1/167).

([12])  المحلى (5/179).

([13])  انظر: مغني المحتاج (1/449)، الإقناع للشربيني (1/246)، الشرح الممتع (6/506).

 
.