الملف العلمي للبحوث المنبرية لفقه وآداب وأحكام الصيام

.

  شروط وجوب الصوم: خامسًا: أن يكون مقيمًا:                                                                             قائمة محتويات هذا الملف  

 

5.   أن يكون مقيماً:

قال تعالى: {فَمَـن كَـانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفـَرٍ فَعدَّةٌ مِّنْ أَيَّـامٍ أُخَـرَ}([1]) [البقرة:184].

وقد اختلف العلماء في صوم رمضان في السفر:

فذهب جماهير العلماء إلى جواز الصوم في السفر وينعقد ويجزئه.

1-       قال الكاساني: "ولأن جواز الصوم للمسافر في رمضان مجمع عليه"([2]).

2-       وقال ابن القاسم: "قال مالك: الصيام في رمضان في السفر أحب إليَّ لمن قوى عليه"([3]).

3-       وقال النووي: "ومذهبنا جوازهما (أي جواز الصوم والفطر في السفر)، وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد والجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم"([4]).

4-       وقال ابن قدامة: "وجواز الفطر للمسافر ثابت بالنص والإجماع؛ وأكثر أهل العلم على أنه إن صام أجزاه"([5]).

وخالف أهل الظاهر فقالوا: لا يصح صوم رمضان في السفر، فإن صامه لم ينعقد، ويجب قضاؤه.

قال أبو محمد بن حزم: "ومن سافر في رمضان فَفَرْضٌ عليه الفطر إذا تجاوز ميلاً أو بلغه أو إزاءه، وقد بطل صومه حينئذ لا قبل ذلك، ويقضي بعد ذلك في أيامٍ أُخر"([6]).

والراجح: ما عليه جماهير العلماء، أنه يجوز الصوم في السفر، لمن قدر عليه، والفطر لمن لحقه ضررٌ ومشقة.

فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (كنا نغزوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان، فمنَّا الصائم ومنَّا المفطر، فلا يجد الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم، يرون أن من وجد قوةً فصام، فإنَّ ذلك حسنٌ. ويرون أن من وجد ضعفاً فأفطر، فإن ذلك حسنٌ)([7]).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لا تَعِبْ على من صام، ولا على من أفطر، قد صام رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر، وأفطر)([8]).

قال النووي: "فيه دلالة لمذهب الجمهور في جواز الصوم والفطر جميعاً"([9]).

وقول جماهير العلماء، فيه إعمال لجميع الأحاديث، وهذا أولى من الأخذ ببعضها وترك الآخر.

قال النووي: "وأمّا الأحاديث التي احتج بها المخالفون فمحمولة على من يتضرر بالصوم، وفي بعضها التصريح بذلك، ولا بد من هذا التأويل للجمع بين الأحاديث"([10]).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ومن هذا الباب الصوم والفطر للمسافر في رمضان، فإنّ الأئمة الأربعة اتفقوا على جواز الأمرين"([11]).


 

([1])  تقدم أقوال العلماء في مسألة القدرة على الصوم.

([2])  بدائع الصنائع (2/95).

([3])  المدونة الكبرى (1/180).

([4])  المجموع (6/269).

([5])  المغني (4/406).

([6])  المحلى (6/243).

([7])  أخرجه مسلم في كتاب الصيام، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر رقم (1116).

([8])  أخرجه مسلم في كتاب الصيام باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر ... رقم (1113).

([9])  صحيح مسلم بشرح النووي (7/328).

([10])  المجموع (6/271).

([11])  مجموع الفتاوى (22/287).

 
.