الملف العلمي للبحوث المنبرية لفقه وآداب وأحكام الصيام

.

  شروط وجوب الصوم: رابعًا: القدرة على الصوم:                                                                             قائمة محتويات هذا الملف  

 

4.     القدرة على الصوم:

قال تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184].

قال ابن جرير الطبري: "يعني بقوله جل ثناؤه: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا} من كان منكم مريضاً، ممن كلِّف صومه، أو كان صحيحاً غير مريض وكان على سفر {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} يقول: فعليه صوم عدة الأيام التي أفطرها في مرضه أو في سفره، {مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} يعني من أيام غير أيام مرضه أو سفره"([1]).

قال ابن العربي: "للمريض ثلاثة أحوال:

أحدها: ألا يُطيق الصوم بحالٍ، فعليه الفطر واجباً.

الثاني: أنّه يقدر على الصوم بضررٍ ومشقةٍ؛ فهذا يستحب له الفطر، ولا يصوم إلا جاهل.

الثالث: قال محمد بن إسماعيل البخاري: "اعتللت بنيسابور عِلةً خفيفة ً، وذلك في شهر رمضان، فعادني إسحاق بن راهويه في نفرٍ من أصحابه، فقال لي: أفطرت يا أبا عبد الله ! فقلت: نعم، فقال: خشيت أن تضعف عن قبول الرخصة، قلت: أنبأنا عَبْدان، عن ابن المبارك، عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: من أيِّ المرض أُفطر؟ قال: من أي مرض كان، كما قال الله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا}"([2]).

وقال الكيا الهراسي: "يقتضي جواز الإفطار على اسم المرض والسفر، إلا أن المريض الذي لا يضره الصوم مخصوصٌ إجماعاً، ولا يعرف له مأخذ أقوى من الإجماع، وأطلق السفر، ولم يذكر له حداً، والمسافة القريبة لا تسمى سفراً في العرف"([3]).

وقال ابن قدامة: "أجمع أهل العلم على إباحة الفطر للمريض في الجملة، و الأصل فيه قوله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184]. والمرض المبيح للفطر هو الشديد الذي يزيد بالصوم أو تُخشى تباطؤ برئه، قيل لأحمد: متى يفطر المريض؟ قال: إذا لم يستطع، قيل: مثل الحمى؟ قال: وأي مرضٍ أشد من الحمى"([4]).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فالمريض له أن يؤخر الصوم باتفاق المسلمين، وليس له أن يؤخر الصلاة باتفاق المسلمين، والمسافر له أن يؤخر الصيام باتفاق المسلمين، وليس له أن يؤخر الصلاة باتفاق المسلمين"([5]).

وقال ابن كثير: "أي المريض والمسافر لا يصومان في حال المرض والسفر لما في ذلك من المشقة عليهما، بل يفطران ويقضيان بعدة ذلك من أيام أُخر"([6]).


 

([1]) جامع البيان (3/418).

([2])  أحكام القرآن لابن العربي (1/77).

([3])  أحكام القرآن للكيا الهراسي (1/62).

([4])  المغتي (4/403)، وانظر: بدائع الصنائع (2/94)، البناية في شرح الهداية (4/76)،الذخيرة (2/516) التذكرة لابن الملقن (ص78).

([5])  مجموع الفتاوى (22/31).

([6])  تفسير ابن كثير (1/203).

 
.