|
||
. | ||
أصول الأخلاق الإسلامية: تاسعًا: الغاية من الالتزام بالأخلاق الإسلامية: الصفحة السابقة (عناصر البحث) |
||
|
||
تاسعًا: الغاية من الالتزام بالأخلاق الإسلامية: 1- الحياة الطيبة في الدنيا: قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَـٰلِحًا مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَوٰةً طَيّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [النحل:97]. قال ابن عباس رضي الله عنهما: (الحياة الطيبة الرزق الحلال في الدنيا)[1]. وقال علي بن أبي طلب رضي الله عنه: (هي القناعة)[2]. قال الطبري: "وأولى الأقوال بالصواب قول من قال: تأويل ذلك: فلنحيينه حياة طيبة بالقناعة؛ وذلك أن من قنَّعه الله بما قسم له من رزق لم يكثِر للدنيا تعبَه، ولم يعظم فيها نصبُه، ولم يتكدَّر فيها عيشُه باتباعه بغيةَ ما فاته منها وحرصه على ما لعله لا يدركه فيها. وإنما قلت: ذلك أولى التأويلات في ذلك بالآية؛ لأن الله تعالى ذِكرُه أوعد قوما قبلها على معصيتهم إياه إن عصوه أذاقهم السوءَ في الدنيا والعذابَ في الآخرة، فقال تعالى: {وَلاَ تَتَّخِذُواْ أَيْمَـٰنَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُواْ ٱلْسُّوء بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ} فهذا لهم في الدنيا، {وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل:94] فهذا لهم في الآخرة، ثم أتبع ذلك ما لمن أوفى بعهد الله وأطاعه فقال تعالى: {مَا عِندَكُمْ} في الدنيا {يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٍ} [النحل:96] فالذي هذه السيئة بحكمته أن يعقب ذلك الوعد لأهل طاعته بالإحسان في الدنيا والغفران في الآخرة، وكذلك فعل تعالى ذكره. وأما القول الذي روي عن ابن عباس أنه الرزق الحلال، فهو محتمل أن يكون معناه الذي قلنا في ذلك من أنه تعالى يقنِّعه في الدنيا بالذي يرزقه من الحلال وإن قل، فلا تدعوه نفسه إلى الكثير منه من غير حله، لا أنه يرزقه الكثير من الحلال، وذلك أن أكثر العاملين لله تعالى بما يرضاه من الأعمال لم نرهم رُزقوا الرزقَ الكثير من الحلال في الدنيا، ووجدنا ضيق العيش عليهم أغلب من السعة"[3]. قال ابن كثير: "هذا وعد من الله تعالى لمن عمل صالحا وهو العمل المتابع لكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم من ذكر أو أنثى من بني آدم وقلبُه مؤمن بالله ورسوله وأن هذا العمل المأمور به مشروع من عند الله بأن يحييه الله حياةً طيبة في الدنيا وأن يجزيه بأحسن ما عمله في الدار الآخرة، والحياة الطيبة تشمل وجوهَ الراحة من أي جهة كانت"[4]. 2- الطمع في رضا الله، والفوز بنعيمه، والقرب من نبيه: قال الله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِىٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا ٱلَّذِينَ شَقُواْ فَفِى ٱلنَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَـٰلِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَـٰوٰتُ وَٱلأرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لّمَا يُرِيدُ * وَأَمَّا ٱلَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِى ٱلْجَنَّةِ خَـٰلِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ ٱلسَّمَـٰوٰتُ وَٱلأرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود:108]. وقال تعالى: {إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِى جَنَّـٰتٍ وَعُيُونٍ} [الحجر:45]. عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم))[5]. عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسَّن خلقَه))[6]. وعن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا، وإن أبغضكم إليَّ وأبعدكم مني مجلسا يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون))، قالوا: يا رسول الله، قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون؟ قال: ((المتكبرون))[7]. وعن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله ليبغض الفاحش البذيء))[8]. وعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أخبركم بمن يحرم على النار أو بمن تحرم عليه النار؟! على كل قريب هين سهل))[9]. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
[1] أخرجه الطبري في تفسيره (14/641). [2] أخرجه الطبري في تفسيره (14/642). [3] جامع البيان (14/643). [4] تفسير القرآن العظيم (2/586). [5] أخرجه أحمد (6/90، 133)، وأبو داود في كتاب الأدب (4798)، وصححه ابن حبان (480 ـ الإحسان ـ)، والحاكم (1/60)، ووافقه الذهبي، وقال الألباني: "صحيح". صحيح الترغيب والترهيب (2643). [6] أخرجه أبو داود في كتاب الأدب (4800)، قال الحافظ في الفتح (13/181): "وله شاهد عند الطبراني من حديث معاذ بن جبل"، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2648). [7] أخرجه الترمذي في الأدب (2018) وقال: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه"، وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أخرجه أحمد (2/185)، والبخاري في الأدب المفرد (272)، والبيهقي في الشعب (7986)، وصححه ابن حبان (485ـ الإحسان ـ)، وقال الهيثمي في المجمع (8/21): "إسناده جيد"، وله شاهد آخر من حديث أبي ثعلبة رضي الله عنه عند أحمد (4/193)، والطبراني في الكبير (22/221)، وصححه ابن حبان (482ـ الإحسان ـ)، وقال الهيثمي في المجمع (8/21): "رجال أحمد رجال الصحيح"، والأحاديث الثلاثة كلها في صحيح الترغيب (2897، 2650، 2662). [8] أخرجه أحمد (6/442، 446، 448)، وأبو داود في الأدب (4799)، والترمذي في كتاب البر والصلة (2002) وقال: "هذا حديث حسن صحيح"، وصححه ابن حبان (481 ـ الإحسان ـ)، والألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2641). [9] أخرجه أحمد (1/415)، والترمذي في كتاب صفة يوم القيامة (2488)، وابن حبان (469 ـ الإحسان ـ)، والطبراني في الكبير في (10/231)، وقال الترمذي: "حديث حسن غريب"، وجوّد المنذري في الترغيب (2/354) إسناد الطبراني، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1744)، وخرجه في السلسلة الصحيحة (938). |
||
. |