الملف العلمي

.

   النفاق : رابعاً: ذمّ النفاق في الكتاب والسنة:          الصفحة السابقة           الصفحة التاليـة          (الصفحة الرئيسة)

 

رابعًا: ذمّ النفاق في الكتاب والسنة:

قال ابن القيم: "كاد القرآن أن يكونَ كلّه في شأنهم؛ لكثرتهم على ظهر الأرض وفي أجواف القبور"[1].

1- قال الله تعالى: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [المنافقون:4].

قال الطبري: "يقول الله جل ثناؤه لنبيه صلى الله عليه وسلم: {هُمُ الْعَدُوُّ} يا محمد {فَاحْذَرْهُمْ}؛ فإن ألسنتهم إذا لقوكم معكم، وقلوبهم عليكم مع أعدائكم، فهم عين لأعدائكم عليكم"[2].

قال ابن القيم: "ومثل هذا اللفظ يقتضي الحصر، أي: لا عدوّ إلا هم، ولكن لم يرد ها هنا حصر العداوة منهم، وأنه لا عدوّ للمسلمين سواهم، بل هذا من باب إثبات الأولوية والأحقية لهم في هذا الوصف، وأنه لا يتوهّم بانتسابهم إلى المسلمين ظاهرًا وموالاتهم لهم ومخالطتهم إياهم أنهم ليسوا بأعدائهم، بل هم أحقّ بالعداوة ممن باينهم في الدار، ونصب لهم العداوة وجاهرهم بها؛ فإن ضرر هؤلاء المخالطين لهم المعاشرين لهم ـ وهم في الباطن على خلاف دينهم ـ أشدّ عليهم من ضرر من جاهرهم بالعداوة وألزم وأدوم؛ لأنّ الحرب مع أولئك ساعة أو أيّام ثم تنقضي ويعقبه النصر والظفر، وهؤلاء معهم في الديار والمنازل صباحًا ومساءً، يدلّون العدوّ على عوراتهم، ويتربّصون بهم الدوائر، ولا يمكنهم مناجزتهم، فهم أحقّ بالعداوة من المباين المجاهر، فلهذا قيل: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ}، لا على معنى أنه لا عدوّ لكم سواهم، بل على معنى أنهم أحقّ بأن يكونوا لكم عدوًّا من الكفار المجاهرين"[3].

وقال: "قد هتك الله سبحانه أستار المنافقين، وكشف أسرارهم في القرآن، وجلَّى لعباده أمورهم؛ ليكونوا منها ومن أهلها على حذر، وذكر طوائفَ العالم الثلاثة في أوّل سورة البقرة: المؤمنين والكفار والمنافقين، فذكر في المؤمنين أربع آيات، وفي الكفار آيتين، وفي المنافقين ثلاث عشرة آية؛ لكثرتهم وعموم الابتلاء بهم، وشدّة فتنتهم على الإسلام وأهله، فإنّ بلية الإسلام بهم شديدة جدًا؛ لأنهم منسوبون إليه وإلى نصرته وموالاته وهم أعداؤه في الحقيقة، يخرجون عداوته في كلّ قالب يظنّ الجاهل أنه عِلْم وإصلاح، وهو غاية الجهل والإفساد. فلِلّه كم من معقَل للإسلام قد هدموه، وكم من حِصن له قد قلعوا أساسه وخرّبوه، وكم من عَلَم له قد طمسوه، وكم من لواء له مرفوع قد وضعوه، وكم ضربوا بمعاول الشُّبه في أصول غراسه ليقلعوها، وكم عَمُّوا عيون موارده بآرائهم ليدفنوها ويقطعوها، فلا يزال الإسلام وأهله منهم في محنة وبليّة، ولا يزال يطرقه من شبههم سَرِيَّةُ بعد سريّة، ويزعمون أنهم بذلك مصلحون {أَلا إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْمُفْسِدُونَ وَلَـٰكِن لاَّ يَشْعُرُونَ} [البقرة:12]، {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوٰهِهِمْ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَـٰفِرُونَ} [الصف:8]"[4].

2- قال الله تعالى: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُون (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ} [البقرة:17، 18].

قال ابن كثير: "وتقدير هذا المثل أن الله سبحانه شبّههم في اشترائهم الضلالة بالهدى وصيرورتهم بعد البصيرة إلى العمى بمن استوقد نارًا، فلما أضاءت ما حوله وانتفع بها وأبصر بها ما عن يمينه وشماله وتأنّس بها فبينا هو كذلك إذ طفئت ناره، وصار في ظلام شديد، لا يبصر ولا يهتدي، وهو مع هذا أصمّ لا يسمع، أبكم لا ينطق، أعمى لو كان ضياء لما أبصر، فلهذا لا يرجع إلى ما كان عليه قبل ذلك، فكذلك هؤلاء المنافقون في استبدالهم الضلالة عوضًا عن الهدى، واستحبابهم الغيّ على الرشد. وفي هذا المثل دلالة على أنهم آمنوا ثم كفروا، كما أخبر تعالى عنهم في غير هذا الموضع. والله أعلم"[5].

وقال ابن القيم: "قال: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} ولم يقل: بنارهم؛ لأن النار فيها الإحراق، وكذلك حال المنافقين ذهب نور إيمانهم بالنفاق، وبقي في قلوبهم حرارة الكفر والشكوك والشبهات، تغلي في قلوبهم قد صليت بحرها وأذاها وسمومها ووهجها في الدنيا، فأصلاهم الله تعالى إياها يوم القيامة نارا موقدة، تطّلع على الأفئدة. فهذا مثل من لم يصحبه نور الإيمان في الدنيا، بل خرج منه وفارقه بعد أن استضاء به، وهو حال المنافق عرف ثم أنكر، وأقرّ ثم جحد، فهو في ظلمات أصمّ أبكم أعمى، كما قال تعالى في حقّ إخوانهم من الكفار: {وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـآيَـٰتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِى ٱلظُّلُمَـٰتِ} [الأنعام:39]"[6].

 3- قال الله تعالى: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19) يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة:19، 20].

قال ابن كثير: "هذا مثل آخر ضربه الله تعالى لضربٍ آخر من المنافقين، وهم قوم يظهر لهم الحق تارة، ويشكّون تارة أخرى، فقلوبهم في حال شكّهم وكفرهم وتردّدهم كصيّب، والصيّب المطر نزل من السماء في حال ظلمات، وهي الشكوك والكفر والنفاق، ورعد وهو ما يزعج القلوب من الخوف، فإن من شأن المنافقين الخوف الشديد والفزع، كما قال تعالى: {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِم} [المنافقون:4]، وقال: {وَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مّنكُمْ وَلَـٰكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ (56) لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَئًا أَوْ مَغَـٰرَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ} [التوبة:56، 57]، والبرق هو ما يلمع في قلوب هؤلاء الضرب من المنافقين في بعض الأحيان من نور الإيمان، ولهذا قال: {يَجْعَلُونَ أَصْـٰبِعَهُمْ فِى ءاذَانِهِم مّنَ ٱلصَّوٰعِقِ حَذَرَ ٱلْمَوْتِ وَٱللَّهُ مُحِيطٌ بِٱلْكـٰفِرِينَ} [البقرة:19]، أي: ولا يجدي عنهم حذرهم شيئا لأن الله محيط بقدرته، وهم تحت مشيئته وإرادته، كما قال: {هَلُ أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْجُنُودِ (17) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (18) بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِى تَكْذِيبٍ (19) وَٱللَّهُ مِن وَرَائِهِمْ مُّحِيطٌ} [البروج:17-20] بهم. ثم قال: {يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} أي: لشدته وقوته في نفسه وضعف بصائرهم وعدم ثباتها للإيمان، {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا} أي: كلما ظهر لهم من الإيمان شيء استأنسوا به واتبعوه، وتارة تعرض لهم الشكوك فأظلمت قلوبهم فوقفوا حائرين"[7].

وقال ابن القيم: "صاب عليهم صيِّب الوحي، وفيه حياة القلوب والأرواح، فلم يسمعوا منه إلا رعد التهديد والوعيد والتكاليف التي وُظِّفت عليهم في المساء والصباح، فجعلوا أصابعهم في آذانهم، واستغشوا ثيابهم، وجدّوا في الهرب والطلب في آثارهم والصياح، فنودي عليهم على رؤوس الأشهاد، وكشفت حالهم للمستبصرين، وضرب لهم مثلان بحسب حال الطائفتين منهم: المناظرين والمقلدين، فقيل: {أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ}. ضعفت أبصار بصائرهم عن احتمال ما في الصيّب من بروق أنواره وضياء معانيه، وعجزت أسماعهم عن تلقي وعوده ووعيده وأوامره ونواهيه، فقاموا عند ذلك حيارى في أودية التيه، لا ينتفع بسمعه السامع، ولا يهتدي ببصره البصير، {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}"[8].

4- قال الله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} [البقرة:16].

قال ابن القيم: "خرجوا في طلب التجارة البائرة في بحار الظلمات، فركبوا مراكب الشبه والشكوك، تجري بهم في موج الخيالات، فلعبت بسفنهم الريح العاصف، فألقتها بين سفن الهالكين، {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ}"[9].

5- قال الله تعالى: {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاء} [النساء:143].

قال الطبري: "عنى بذلك أن المنافقين متحيّرون في دينهم، لا يرجعون إلى اعتقاد شيء على صحة، فهم لا مع المؤمنين على بصيرة، ولا مع المشركين على جهالة، ولكنهم حيارى بين ذلك"[10].

6- عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين، تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة))[11].

قال النووي: "العائرة: المترددّة الحائرة، لا تدري لأَيِّهِمَا تتبع، ومعنى تعير أي: تردَّد وتذهب"[12].

7- قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا} [النساء:145].

قال الطبري: "يعني جل ثناؤه بقوله: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} أن المنافقين في الطبق الأسفل من أطباق جهنم، وكلّ طبق من أطباق جهنم درك"[13].

8- قال الله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} [التوبة:68].

9- عن أبي موسى رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المؤمن الذي يقرأ القرآن ويعمل به كالأترُجّة طعمها طيّب وريحها طيّب، والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن ويعمل به كالتمرة طعمها طيّب ولا ريح لها، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كالريحانة ريحها طيّب وطعمها مرّ، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كالحنظلة طعمُها مرّ أو خبيث وريحها مرّ))[14].

10- عن عبد الله بن كعب، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مثل المؤمن كالخامة من الزرع، تفيؤها الريح مرة وتعدلها مرة، ومثل المنافق كالأرزة، لا تزال حتى يكون انجعافها مرّة واحدة))[15].

قال المهلّب: "معنى الحديث: أنّ المؤمن حيث جاءه أمر الله انطاع له، فإن وقع له خير فرح به وشكر، وإن وقع له مكروه صبر ورجا فيه الخير والأجر، فإذا اندفع عنه اعتدل شاكرا.

والكافر لا يتفقّده الله باختياره، بل يحصل له التيسير في الدنيا؛ ليتعسّر عليه الحال في المعاد، حتى إذا أراد الله إهلاكه قصمه، فيكون موته أشدّ عذابا عليه، وأكثر ألما في خروج نفسه"[16].

وقال غيره: "المعنى: أن المؤمن يتلقّى الأعراض الواقعة عليه لضعف حظّه من الدنيا، فهو كأوائل الزرع شديد الميلان لضعف ساقه، والكافر بخلاف ذلك، وهذا في الغالب من حال الاثنين"[17].

11- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أخوف ما أخاف على أمتي كلّ منافق عليم اللسان))[18].

قال المناوي: "قوله: ((عليم اللسان)) أي: كثير علم اللسان، جاهل القلب والعمل، اتخذ العلم حرفة يتأكّل بها، ذا هيبة وأُبّهة، يتعزّز ويتعاظم بها، يدعو الناس إلى الله، ويفرّ هو منه، ويستقبح عيبَ غيره، ويفعل ما هو أقبح منه، ويظهر للناس التنسّكَ والتعبّد، ويسارر ربّه بالعظائم، إذا خلا به ذئب من الذئاب لكن عليه ثياب، فهذا هو الذي حذّر منه الشارع صلى الله عليه وسلم هنا حذرا من أن يخطفك بحلاوة لسانه، ويحرقك بنار عصيانه، ويقتلك بنتن باطنه وجنانه"[19].

12- عن جابر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم من سفر، فلما كان قرب المدينة هاجت ريح شديدة تكاد أن تدفن الراكب، فزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((بعثت هذه الريح لموت منافق))، فلما قدم المدينةَ فإذا منافق عظيم من المنافقين قد مات[20].

قال النووي: "أي: عقوبةً له، وعلامة لموته، وراحةً للبلاد والعباد به"[21].

13- عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معيَ غيري تركته وشركَه))[22].

قال النووي: "ومعناه أنا غنيّ عن المشاركة وغيرها، فمن عمل شيئًا لي ولغيري لم أقبله، بل أتركه لذلك الغير. والمراد: أن عمل المرائي باطل لا ثواب فيه، ويأثم به"[23].

14- عن جندب رضي الله عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من سَمَّعَ سَمَّعَ الله به، ومن يُرَائِي يُرَائِي الله به))[24].

قال الخطابي: "من عمل عملا على غير إخلاص وإنما يريد أن يراه الناس ويسمعوه جوزي على ذلك بأن يشهره الله ويفضحه، فيشيدوا عليه ما كان يبطنه ويسرّه من ذلك"[25].

وقال النووي: "قال العلماء: معناه من رايا بعمله وسمّعه الناس ليكرموه ويعظّموه ويعتقدوا خيره سمَّع الله به يوم القيامة الناس وفضحه. وقيل: معناه من سمّع بعيوبه وأذاعها أظهر الله عيوبه. وقيل: أسمعه المكروه. وقيل: أراه الله ثوابَ ذلك أن يعطيَه إياه ليكون حسرة عليه. وقيل: معناه من أراد بعمله الناس أسمعه الله الناسَ، وكان حظَّه منه"[26].


[1] مدارج السالكين (1/388).

[2] جامع البيان (28/108).

[3] طريق الهجرتين (ص710-711).

[4] مدارج السالكين (1/377).

[5] تفسير القرآن العظيم (1/54).

[6] الوابل الصيب (78).

 [7] تفسير القرآن العظيم (1/57-58) بتصرف.

 [8] مدارج السالكين (1/380-381).

[9] مدارج السالكين (1/350).

[10] جامع البيان (5/335-336).

[11] أخرجه مسلم في صفات المنافقين وأحكامهم (2784).

[12] شرح صحيح مسلم (17/128).

[13] جامع البيان (5/338).

[14] أخرجه البخاري في فضائل القرآن، باب: إثم من راءى بقراءة القرآن أو تأكّل به (5059) واللفظ له، ومسلم في صلاة المسافرين (797).

[15] أخرجه البخاري في المرضى، باب: ما جاء في كفارة المرض (5643) واللفظ له، ومسلم في صفة القيامة (2810).

[16] ينظر: فتح الباري (10/107).

[17] ينظر: فتح الباري (10/107).

[18] أخرجه أحمد (1/22)، وعبد بن حميد (11)، والبزار (305)، والبيهقي في الشعب (1777)، قال الهيثمي في المجمع (1/187): "رجاله موثقون"، وصححه الضياء المقدسي في المختارة (1/343)، والألباني في صحيح الجامع (237).

[19] فيض القدير (2/419).

[20] أخرجه مسلم في صفات المنافقين وأحكامهم (2782).

[21] شرح صحيح مسلم (17/127).

[22] أخرجه مسلم في الزهد والرقائق (2985).

[23] شرح صحيح مسلم (18/116).

[24] أخرجه البخاري في الرقاق، باب: الرياء والسمعة (6499)، ومسلم في الزهد والرقائق (2987).

[25] أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري (3/2257).

[26] شرح صحيح مسلم (18/116).

 

.