الملف العلمي للشهر المحرم

.

  الشهر المحرم: ثانياً: ما ورد في صيام المحرم:                الصفحة السابقة                  الصفحة التالية 

 

ثانياً: ما ورد في صيام المحرم.

1 – عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الصيام بعد رمضان شهر اللّه المحرّم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل))[1].

قال النووي: "قوله صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم)) تصريح بأنه أفضل الشهور للصوم"[2].

وقال الشوكاني: "وفيه دليل على أنّ أفضل صيام التّطوّع صوم شهر المحرّم, ولا يعارضه حديث أنس عند التّرمذيّ قال: سئل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: أيّ الصّوم أفضل بعد رمضان؟ قال: ((شعبان لتعظيم رمضان))[3]؛ لأنّ في إسناده صدقة بن موسى وليس بالقويّ"[4].

وحمله ابن رجب على أنّ صيامه أفضل في التّطوّع المطلق بالصّيام بدليل قوله عليه أفضل الصّلاة والسّلام: ((أفضل الصّلاة بعد المكتوبة جوف اللّيل))، قال: "ولا شكّ أنّ الرّواتب أفضل, فمراده بالأفضليّة في الصّلاة والصّوم التّطوّع المطلق, وقال: صوم شعبان أفضل من صوم المحرّم; لأنّه كالرّاتبة مع الفرائض. قال: فظهر أنّ فضل التّطوّع ما كان قريبا من رمضان, قبله أو بعده, وذلك ملتحق بصيام رمضان لقربه منه, وهو أظهر"[5].

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "اختلف العلماء رحمهم الله أيهما أفضل: صوم شهر المحرم أم صوم شهر شعبان؟ فقال بعض العلماء: شهر شعبان أفضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصومه كله، أو إلا قليلا منه، ولم يحفظ عنه أنه كان يصوم شهر المحرم، لكنه حثَّ على صيامه بقوله: ((إنه أفضل الصيام بعد رمضان))، قالوا: ولأن صوم شعبان ينزَّل منزلة الراتبة قبل الفريضة، وصوم المحرم ينزل منزلة النفل المطلق، ومنزلة الراتبة أفضل من منزلة النفل المطلق، وعلى كل فهذان الشهران يسن صومهما"[6].

2- عن علي رضي الله عنه أنه سمع رجلاً يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قاعد فقال: يا رسول الله، أي الشهر تأمرني أن أصوم بعد شهر رمضان؟ فقال: ((إن كنت صائماً بعد شهر رمضان فصم المحرّم، فإنه شهر الله، فيه يوم تاب الله فيه على قوم ويتوب فيه على قوم آخرين))[7].

وبما تقدم يتبين مشروعية صيام شهر محرم واستحبابه، قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "شهر محرم مشروع صيامه وشعبان كذلك، وأما عشر ذي الحجة فليس هناك دليل عليه، لكن لو صامها دون اعتقاد أنها خاصة، أو أن لها خصوصية معينة فلا بأس. أما شهر الله المحرم فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم))، فإذا صامه كله فهذا طيب، أو صام التاسع والعاشر والحادي عشر فذلك طيب، وهكذا شعبان فقد كان يصومه صلى الله عليه وسلم"[8].


[1]  أخرجه مسلم في الصيام (1163).

[2]  شرح صحيح مسلم (8/55).

[3]  أخرجه الترمذي في الزكاة (663)، وقال: "هذا حديث غريب، وصدقة بن موسى ليس عندهم بذاك القوي".

[4]  نيل الأوطار (4/241 ـ 242).

[5]  لطائف المعارف.

[6]  الشرح الممتع (6/469).

[7]  أخرجه الدارمي (1756)، والترمذي (741) وقال: "حسن غريب"، وفي سنده النعمان بن سعد – الراوي عن علي – لم يرو عنه غير ابن أخته عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي، فهو مجهول، وعبد الرحمن هذا متفق على ضعفه. انظر: الميزان (4/265) والتهذيب (10/453)، ولذا ضعفه الألباني فأورده في ضعيف الترغيب والترهيب (614).

  [8]مجموع فتاوى سماحة الشيخ في الزكاة والصيام، إعداد الطيار (ص 269).

 

.