الملف العلمي للبدعة

.

   البدعة: ثامناً:  الآيات القرآنية:                                                        الصفحة السابقة              الصفحة التالية

 

ثامناً: الآيات القرآنية :

1-   {وَٱعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعًا} [آل عمران: 103].

قال ابن مسعود رضي الله عنه: (حبل الله الجماعة) [أخرجه الطبري في تفسيره: 4/30].

قال القرطبيُّ: "فأوجب تعالى علينا التمسك بكتابه وسنة نبيه والرجوع إليهما عند الاختلاف، وأمرنا بالاجتماع على الاعتصام بالكتاب والسنة اعتقادا وعملا، وذلك سبب اتفاق الكلمة وانتظام الشتات الذي يتم به مصالح الدنيا والدين، والسلامة من الاختلاف، وأمر بالاجتماع، ونَهى عن الافتراق الذي حصل لأهل الكتابين" [جامع أحكام القرآن: 4/164].

2- {وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ ٱلْبَيّنَـٰتُ} [آل عمران:105].

قال القرطبيُّ: "يعني اليهود والنصارى في قول جمهور المفسرين، وقال بعضهم: هم المبتدعة من هذه الأمة" [تفسير القرطبيّ: 4/166].

3-   {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [آل عمران: 106].

قال ابن عبَّاس رضي الله عنهما: (تبيض وجوه أهل السنة، وتسود وجوه أهل البدعة) [القرطبيُّ: 4/167، تفسير ابن كثير: 2/76].

قال القرطبيُّ: "فمن بدَّل أو ابتدع في دين الله ما لا يرضاه الله، ولم يأذن به الله فهو من المطرودين عن الحوض المبتعدين منه المسودي الوجوه، وأشدهم طردًا وإبعادًا من خالف جماعة المسلمين وفارق سبيلهم، كالخوارج على اختلاف فرقها، والروافض على تباين ضَلالها، والمعتزلة على أصناف أهوائها، فهؤلاء كلهم مبدلون ومبتدعون، وكذلك الظلمة المسرفون في الجور والظلم وطمس الحق، وقتل أهله وإذلالهم، والمعلنون بالكبائر المستخفون بالمعاصي، وجماعة أهل الزيع والأهواء والبدع، كلٌّ يُخاف عليهم أن يكونوا عُنُوا بالآية والخبر كما بيَّنا" [تفسير القرطبيّ: 4/168].

4-   {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخْتِلَـٰفًا كَثِيرًا} [النساء:82].

أمر الله تعالى بالجماعة والائتلاف، ونَهى عن الفُرقة والاختلاف، والبدعة سبب من أسباب الاختلاف.

قال قتادة: "ولعمري لو كان أمر الخوارج هُدىً لاجتمع، ولكنّه كان ضلالاً فتفرق، وكذلك الأمر إذا كان من عند غير الله وجدت فيه اختلافًا كثيرًا" [أخرجه الطبريّ في تفسيره: 3/178].

5-  {وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ نُوَلّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا} [النساء:115].

قال ابن كثير: "أي: ومن سلك غير طريق الشريعة التي جاء بها الرسول -صلى الله عليه وسلم- فصار في شقٍ والشرع في شق، وذلك عن عمدٍ منه بعدما ظهر له الحقّ، وتبيَّن له، واتضح له". [تفسير ابن كثير: 2/365].

6-  {ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة:3].

قال مالك: "من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة؛ فقد زعم أن محمدًا خان الرسالة؛ لأنَّ الله يقول: {ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}، فما لم يكن يومئذ ديناً؛ فلا يكون اليوم دينًا". [الاعتصام: 1/64].

قال ابن كثير: "هذه أكبر نعم الله عز وجل على هذه الأمة، حيث أكمل تعالى به لهم دينهم، فلا يحتاجون إلى دين غيره، ولا إلى نبي غير نبيهم صلوات الله وسلامه عليه، ولهذا جعله الله خاتم الأنبياء، وبعثه إلى الإنس والجن، فلا حلال إلا ما أحله، ولا حرام إلا ما حرّمه، ولا دين إلا ما شرعه، وكل شيء أخبر به فهو حق وصدق، ولا كذب فيه ولا خلل". [تفسير ابن كثير: 3/23]

7-  {يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبّكَ} [المائدة:67].

قالت عائشة: (من حدثك أن محمدًا كتم شيئًا مما أنزل عليه فقد كذب). [البخاري: 4612].

وقالت: (لو كان محمد -صلى الله عليه وسلم- كاتمًا من القرآن شيئًا لكتم هذه الآية: {وَتُخْفِي فِى نِفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَـٰهُ} [الأحزاب:37]). [البخاري: 7420].

8-   {مَّا فَرَّطْنَا فِي ٱلكِتَـٰبِ مِن شَيْءٍ} [الأنعام: 38].

{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ تِبْيَانًا لّكُلّ شَيْءٍ} [النحل:89].

قال مجاهد: "تبيانًا للحلال والحرام" [تفسير القرطبيّ: 10/164].

قال القرطبيُّ: "أي ما تركنا شيئًا من أمر الدين إلاَّ وقد دللنا عليه في القرآن، إمَّا دلالة مبيَّنة مشروحة، وإمَّا مجملة يتلقى بيانَها من الرسول عليه الصلاة والسلام، أو من الإجماع، أو من القياس الذي ثبت بنص الكتاب، قال الله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ تِبْيَانًا لّكُلّ شَيْءٍ} [النحل:89]. وقال: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ ٱلذّكْرَ لِتُبَيّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل:44]. وقال: {وَمَا ءاتَـٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَـٰكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ} [الحشر:7]. فأجمل في هذه الآية وآية النحل ما لم ينص عليه مما لم يذكره، فصدق خبر الله بأنه ما فرط في الكتاب من شيءٍ إلاَّ ذكره، إمَّا تفصيلاً وإمَّا تأصيلاً، وقال: {ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة:3]." [تفسير القرطبي: 6/420].

9-   {إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ} [الأنعام: 57].

10-  {وَأَنَّ هَـٰذَا صِرٰطِي مُسْتَقِيمًا فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام:153].

قال مجاهد عن السبل: "البدع والشهوات". [الدارمي: 1/68، الدر المنثور: 3/386].

وقيل لابن مسعود: ما الصراط المستقيم؟ قال: (تركنا محمد في أدناه، وطرفه في الجنة، وعن يمينه جواد، وعن يساره جواد، وثمّ رجال يدعون من مرّ بهم، فمن أخذ في تلك الجواد انتهت به إلى النار، ومن أخذ على الصراط انتهى به إلى الجنة).

11-   {إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا} [الأنعام: 159].

قال البغويُّ: "هم أهل البدع والأهواء" [شرح السنّة: 1/210].

12-  {وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [الأعراف:33].

قال ابن كثير: "وأغلظ من كلِّ ذلك، وهو القول على الله بلا علم، فيدخل في هذا كل كافر، وكل مبتدع أيضًا" [تفسير ابن كثير: 1/293].

13-   {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء:36].

عن ابن عباس: (قوله: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}، يقول: لا تقل) [أخرجه الطبريُّ في تفسيره: 15/85].

14- {قُلْ هَلْ نُنَبّئُكُم بِٱلأَخْسَرِينَ أَعْمَـٰلاً * ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 104].

روي أنّ ابن الكواء الخارجيّ سأل عن هذه الآية، فقال ابن عباس: (أنت وأصحابُك) [تفسير الطبريّ:16/34].

قال الطبريّ: "والصواب من القول في ذلك عندنا أن يُقال: إنَّ الله عزَّ وجلَّ عنى بقوله: {قُلْ هَلْ نُنَبّئُكُم بِٱلأَخْسَرِينَ أَعْمَـٰلاً} كلَّ عاملٍ عملاً يحسبه فيه مصيبا، وأنّه لله بفعله ذلك مطيعٌ مُرْضٍ، وهو بفعله ذلك لله مسخط، وعن طريق أهل الإيمان به جائرٌ، كالرهابنة والشمامسة وأمثالهم من أهل الاجتهاد في ضلالتهم، وهم مع ذلك من فعلهم واجتهادهم بالله كفرة، من أهل أيِّ دينٍ كانوا" [تفسير الطبريّ: 16/34].

15-  {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُواْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} [النور:51].

قال ابن كثير: "أخبر تعالى عن صفة المؤمنين المستجيبين لله ولرسوله، الذين لا يبغون دينا سوى كتاب الله وسنة رسوله، فقال: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُواْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا}".[التفسير 6/81].

16-  {فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَـٰلِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:63].

قال ابن كثير: "وقوله: {فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَـٰلِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} أي عن أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: سبيله هو، ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله، فما وافق ذلك قبل، وما خالفه فهو مردود وفاعله، كائنًا من كان، كما ثبت في الصحيحين وغيرهما، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))". [التفسير: 6/67].

قال ابن أبي العز: "كل فريق من أرباب البدع يعرض النصوص على بدعته وما ظنه معقولاً، فما وافقه قال: إنه محكم، وقبله واحتج به، وما خالفه قال: إنه متشابه ثم ردّه وسمّى ردّه تفويضاً، أو حرّفه، وسمّى تحريفه تأويلاً، فلذلك اشتد إنكار أهل السنة عليهم". [شرح الطحاوية: ص: 399].

17-  {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مّنَ ٱللَّهِ} [القصص:50].

استفهام إنكاري بمعنى النفي، قال السيوطيُّ: "أي لا أضلَّ" [الجلالين: 515].

18-  {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36].

قال الطبريّ: "يقول تعالى ذكره: لم يكن لمؤمن بالله ورسوله ولا مؤمنة إذا   قضى الله ورسوله في أنفسهم قضاءً أن يتخيروا مِن أمرهم من غير الذي قضى فيهم، ويخالفوا أمر الله وأمر رسوله وقضاءهما فيعصوهما، ومن يعص الله ورسوله فيما أمرَا أو نَهيَا {فَقَدْ ضَلَّ ضَلَـٰلاً مُّبِينًا} [الأحزاب:36]. يقول: فقد جار عن قصد السبيل سبيل الهدى والرشاد" [22/11].

19-  {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَا أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءابَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ ٱلشَّيْطَـٰنُ يَدْعُوهُمْ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ} [لقمان:21].

قال ابن تيمية: "وصار الشيطان بسبب قتل الحسين - رضي الله عنه - يحدث للنّاس بدعتين: بدعة الحزن والنوح يوم عاشوراء من اللطم والصراخ، والبكاء، والعطش، وإنشاء المراثي، وما يفضي إلى ذلك من سبِّ الصحابة، ولعنهم ... وكذلك بدعة السرور والفرح". [منهاج السنة: 4/554].

20-    {وَرَهْبَانِيَّةً ٱبتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَـٰهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ٱبْتِغَاء رِضْوٰنِ ٱللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَـآتَيْنَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مّنْهُمْ فَـٰسِقُونَ} [الحديد:27]

عن أبي سعيد الخدريِّ أنّ رجلاً جاءه، فقال: أوصني. فقال: (سألت عما سألت عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قبلك، أوصيك بتقوى الله، فإنّه رأس كل شيء، وعليك بالجهاد فإنه رهبانية الإسلام، وعليك بذكر الله وتلاوة القرآن، فإنّه روحك في السماء وذكرك في الأرض) [المسند 11365].

 
.