الملف العلمي للبدعة

.

   البدعة: خامساً:  الردّ على الشبهات على الترتيب:                                      الصفحة السابقة              الصفحة التالية

 

خامساً: الردّ على الشبهات على الترتيب:

1-   قال الشاطبيُّ ردًّا على المستدل بالحديث: "يلزم منه التعارض بين الأدلة، على أنَّ السبب الذي جاء لأجله الحديث هو الصدقة المشروعة، بدليل ما في الصحيح من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صدر النهار فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار - أو العباءة - متقلدي السيوف، عامتهم من مضر، بل كلهم من مضر، فتمعر وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما رأى بِهم من الفاقة، فدخل ثم خرج، فأمر بلالاً فأذَّن وأقام فصلَّى، ثم خطب، فقال: {يَـأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ} إلى آخر الآية: {إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء:1]. والآية التي في الحشر: {ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [الحشر: 18]. وبعد: تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره، حتى قال: ولو بشق تمرة))، قال: فجاءه رجل من الأنصار بِصُرَة كادت كفه تعجز عنها، بل قد عجزت، قال: ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتهلل كأنه مذهبة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء)) فتأملوا قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من سنّ سنة حسنة)) تجدوا ذلك فيمن عمل بمقتضى المذكور على أبلغ ما يقدر عليه، حتى بتلك الصرّة، فانفتح بسببه باب الصدقة على الوجه الأبلغ، فسرّ بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى قال: ((من سن في الإسلام سنة حسنة)) الحديث، فدل على أنَّ السنة هاهنا مثل ما فعل الصحابي، وهو العمل بما ثبت كونه سنّة". [الاعتصام: 1/142-145]

2-  قال ابن رجب: "وأمَّا ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع، فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية، فمن ذلك قول عمر - رضي الله عنه - لما جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد في المسجد، وخرج ورآهم يصلون كذلك، فقال: نعمت البدعة هذه ". [جامع العلوم والحكم: 1/129].

3-   قال السندي: "ظاهر السَّوق يقتضي أنّ المراد بهم الصحابة، على أنّ التعريف للعهد، فالحديث مخصوص بإجماع الصحابة لا يعم إجماع غيرهم، فضلاً عن أن يعم رأي بعض، ثم الحديث مع ذلك موقوف غير مرفوع". [نقلاً عن تعليق الشيخ شعيب في طبعته للمسند: 6/85]، والسَّوق المراد منه: سياق الكلام.

4-   قال الشاطبيُّ: "إنّ هذا التقسيم أمر مخترع لا يدل عليه دليل شرعي، بل هو في نفسه متدافع؛ لأنّ حقيقة البدعة أن لا يدل عليها دليل شرعي، لا من نصوص الشرع، ولا من قواعده؛ إذ لو كان هنالك ما يدل من الشرع على وجوب أو ندب أو إباحة لما كان ثم بدعة، ولكان العمل داخلاً في عموم الأعمال المأمور بها أو المخيَّر فيها، فالجمع بين عدِّ تلك الأشياء بدعًا، وبين كون الأدلة تدل على وجوبها أو ندبها أو إباحتها جمع بين متنافيين"    [الاعتصام: 1/188-220].

 
.