الملف العلمي لوفاة النبي صلى الله عليه وسلم

.

   وفاة النبي صلى الله عليه وسلم : ثانياً: معرفة النبي صلى الله عليه وسلم:                 الصفحة السابقة                 الصفحة التالية   

 

ثانيا: معرفة النبي صلى الله عليه وسلم باقتراب أجله:

بشر النبي صلى الله عليه وسلم باقتراب أجله في آيات عدة في القرآن الكريم، منها قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيّتُونَ} [الزمر:30]، وقوله سبحانه: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مّن قَبْلِكَ ٱلْخُلْدَ أَفَإِيْن مّتَّ فَهُمُ ٱلْخَـٰلِدُونَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ ٱلْمَوْتِ} [الأنبياء: 34، 35]، وقوله: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ أَفإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَـٰبِكُمْ} [آل عمران:144]، وقوله: {إِذَا جَاء نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ ٱلنَّاسَ يَدْخُلُونَ فِى دِينِ ٱللَّهِ أَفْوٰجاً * فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ وَٱسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوبَا} [سورة النصر].

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أنزلت هذه السورة: {إِذَا جَاء نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ} على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وسط أيام التشريق، وعرف أنه الوداع. [سنن البيهقي (9464)].

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن عمر رضي الله عنه سألهم عن قوله تعالى: {إِذَا جَاء نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ} قالوا: فتح المدائن والقصور، قال: ما تقول يا ابن عباس؟ قال: (أجَلٌ أو مَثَلٌ ضُرب لمحمد صلى الله عليه وسلم نعيت له نفسه) [البخاري (4969)].

وقال الله تعالى: {ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلأسْلاَمَ دِيناً} [المائدة:3]. قال ابن العربي: "وما من شيء في الدنيا يكمل إلا وجاءه النقصان ليكون الكمال الذي يراد به وجه الله" [العواصم من القواصم (ص59)].

وقد أشعر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في أكثر من موطن بقرب أجله وانتقاله إلى جوار ربه، فعن معاذ بن جبل قال لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن خرج معه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصيه، ومعاذ راكب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي تحت راحلته فلما فرغ قال: ((يا معاذ، إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا ـ أو قال: ـ لعلك أن تمر بمسجدي هذا أو قبري))، فبكى معاذ جشعاً لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم التفت فأقبل بوجهه نحو المدينة فقال: ((إن أولى الناس بي المتقون، من كانوا وحيث كانوا)) [ أحمد (21547)].

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: أقبلت فاطمة تمشي، كأن مشيتها مشي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مرحباً بابنتي))، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم أسر إليها حديثا فبكت، فقلت لها: لم تبكي؟ ثم أسر إليها حديثاً فضحكت، فقلت: ما رأيت كاليوم فرحاً أقرب من حزن، فسألتها عما قال، فقالت: ما كنت لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم فسألتها فقالت: أسر إليَّ: ((إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة، وإنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي، وإنك أول أهل بيتي لحاقاً بي)) فبكيت، فقال: ((أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين)) فضحكت لذلك. [البخاري (3624)، مسلم (2450)].

وعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يرموا بمثل حصى الخذف، وقال: ((لعلي لا أراكم بعد عامي هذا)) [الترمذي (886)].

 

.