الملف العلمي لأحداث التفجير

.

  محاسن الإسلام من خلال حفظه للضروريات الخمس: الفصل الخامس: محاسن حفظ المال:              الصفحة السابقة            (الصفحة الرئيسة)

 

الفصل الخامس: محاسن حفظ المال:

1) المال مال الله استخلف فيه عباده:

قال تعالى {ءامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ} [الحديد:7].

قال ابن جرير: "أي: أنفقوا مما خولكم الله من المال الذي أورثكم عمن كان قبلكم فجعلكم خلفاؤهم فيه"[1].

قال القرطبي: "فيه دليل على أن أصل الملك لله سبحانه، وأن العبد ليس له إلا التصرف الذي يرضي الله فيثيبه على ذلك بالجنة"[2].

فالذي يقع في يده المال وهو يعلم أن المالك في الأصل هو الله وأنه مستخلف فيه فلا ينفقه إلا فيما يرضيه ولا يجمعه إلا من حيث يرضيه، وأن أي تصرف يخرج عما يرضي الله في المال يكون تصرفاً غير مشروع. إن الذي يعلم ذلك ويلتزم بإذن الله في جمع المال وإنفاقه هو الجدير بحفظه، بخلاف الذي يغنيه الله ولا يشعر بهذه القاعدة فإنه يتصرف في المال تصرف السفيه وهو جدير بإضاعة المال وإن ظن أنه يحفظه[3].

2) الحث على الكسب:

قال تعالى: {هُوَ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلأَرْضَ ذَلُولاً فَٱمْشُواْ فِى مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رّزْقِهِ وَإِلَيْهِ ٱلنُّشُورُ} [الملك:15].

قال ابن جرير: "وكلوا من رزق الله الذي أخرجه لكم من مناكب الأرض"[4].

وقال ابن كثير: "أي: فسافروا حيث شئتم من أقطارها، وترددوا في أقاليمها وأرجائها في أنواع المكاسب والتجارات، واعلموا أن سعيكم لا يجدي عليكم شيئاً إلا أن ييسره الله لكم"[5].

وقال تعالى: {عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُمْ مَّرْضَىٰ وَءاخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِى ٱلأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ} [المزمل:20].

قال ابن كثير: "أي: مسافرون يبتغون من فضل الله في المكاسب والمتاجر"[6].

عن الزبير بن العوام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة الحطب على ظهره فيبيعها فيكفُّ الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه))[7].

قال النووي: "فيه الحث على الصدقة والأكل من عمل يده والاكتساب بالمباحات بالحطب والحشيش النابتين في موات"[8].

وقال ابن حزم: "وأجمعوا أن اكتساب المرء من الوجوه المباحة مباح"[9].

وقال ابن مفلح: "يسن التكسب ومعرفة أحكامه حتى مع الكفاية، نص عليه في الرعاية"[10].

إن الفرد لا يجب عليه أن يمشي في مناكب الأرض طالباً للرزق، بل يباح له ذلك إلا أنه إذا ترك السعي في طلب الزرق وترتب على ذلك فقره واضطراره إلى سؤال الناس واستجدائهم كان آثماً ووجب عليه حفظ ماء الوجه بطلب الرزق الحلال بكسب يده ما دام قادراً على ذلك، أما ترك الأمة كلها للمكاسب فإنه لا يجوز؛ لأنه خلاف مقصود الله من عمارة الأرض، فالسعي في طلب المال مشروع، وهو وإن كان مباحاً بالجزء فإنه ضرورة بالكل[11].

3) التزام السعي المشروع في الكسب واجتناب الكسب الحرام:

قال تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا رَزَقْنَـٰكُمْ وَٱشْكُرُواْ للَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة:172].

قال ابن كثير: "يقول تعالى آمراً عباده المؤمنين بالأكل من طيبات ما رزقهم تعالى وأن يشكروه تعالى على ذلك إن كانوا عبيده، والأكل من الحلال سبب لتقبل الدعاء والعبادة، كما أن الأكل من الحرام يمنع قبول الدعاء والعبادة"[12].

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: {يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيّبَـٰتِ وَٱعْمَلُواْ صَـٰلِحاً إِنّى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون:51] وقال: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ كُلُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا رَزَقْنَـٰكُمْ} [البقرة:172]))، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمدُّ يده إلى السماء يارب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذيَ[13]بالحرام فأنى يستجاب لذلك[14].

قال النووي: "فيه الحث على الإنفاق من الحلال والنهي عن الإنفاق من غيره، وفيه أن المشروب والمأكول والملبوس ونحو ذلك ينبغي أن يكون حلالاً خالصاً لا شبهة فيه"[15].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يتصدق أحد بتمرة من كسب طيب إلا أخذها بيمينه فيربيها كما يربي أحدكم فلوه أو قلوصَه، حتى تكون مثل الجبل أو أعظم))[16].

قال القرطبي: "وإنما لا يقبل الله الصدقة من المال الحرام لأنه غير مملوك من المتصدق، وهو ممنوع من التصرف فيه، فلو قبلت منه لزم أن يكون مأموراً به منهياً عنه من وجه واحد وهو محال، لأن أكل الحرام يفسد القلوب فتحرم الرقة والإخلاص فلا تقبل الأعمال"[17].

وقال الحافظ ابن حجر: "ومعنى الكسب المكسوب، والمراد به ما هو أعم من تعاطي التكسب أو حصول المكسوب بغير تعاط كالميراث، وكأنه ذكر الكسب، لكونه الغالب في تحصيل المال، والمراد بالطيب: الحلال لأنه صفة الكسب"[18].

4) تحريم إضاعة المال:

 قال تعالى {وَءاتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَٱلْمِسْكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ وَلاَ تُبَذّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ ٱلْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوٰنَ ٱلشَّيَـٰطِينِ وَكَانَ ٱلشَّيْطَـٰنُ لِرَبّهِ كَفُورًا} [الإسراء:26، 27].

قال عبد الله بن مسعود: (التبذير في غير حق وهو الإسراف)[19].

وقال ابن عطية: "التبذير إنفاق المال في فساد أو في سرف في مباح"[20].

وقال تعالى: {وكُلُواْ وَٱشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ} [الأعراف:31].

قال ابن عباس: (أحل الله الأكل والشرب ما لم يكن سرفاً أو مخيلة)[21].

قال ابن السعدي: "فإن السرف يبغضه الله ويضر بدن الإنسان ومعيشته حتى إنه ربما أدت به الحال إلى أن يعجز عما يجب عليه من النفاق"[22].

وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنع هات، وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال))[23].

قال النووي: "وأما إضاعة المال فهو صرفه في غير وجوهه الشرعية وتعريضه للتلف، وسبب النهي أنه فساد والله لا يحب المفسدين، ولأنه إذا أضاع ماله تعرض لما في أيدي الناس"[24].

وقال الحافظ ابن حجر: "ومنع منه لأن الله تعالى جعل المال قياماً لمصالح العباد، وفي تبذيرها تفويت تلك المصالح إما في حق مضيعها وإما في حق غيره، ويستثنى من ذلك كثرة إنفاقه في وجوه البر لتحصيل فوات الآخرة ما لم يفوت حقاً أخروياً أهم منه.

فالحاصل في كثرة الإنفاق ثلاثة أوجه:

الأول: إنفاقه في الوجوه المذمومة شرعاً فلا شك في منعه.

والثاني: إنفاقه في الوجوه المحمودة شرعاً فلا شك في كونه مطلوباً بالشرط المذكور.

والثالث: إنفاقه في المباحات بالأصالة كملاذّ النفس فهذا ينقسم إلى قسمين: أحدهما: أن يكون على وجه يليق بحال المنفق وبقدر ماله، فهذا ليس بإسراف، والثاني: ما لا يليق به عرفاً وهو ينقسم إلى قسمين: أحدهما ما يكون لدفع مفسدة إما ناجزة أو متوقعة فهذا ليس بإسراف، والثاني ما لا يكون في شيء من ذلك فالجمهور على أنه إسراف، وذهب بعض الشافعية إلى أنه ليس بإسراف؛ لأنه تقوم به مصلحة البدن وهو غرض صحيح، وإذا كان في غير معصية فهو مباح له، وقال ابن دقيق العيد: وظاهر القرآن يمنع ما قال إ.هـ وقد صرح بالمنع القاضي حسين وتبعه الغزالي وجزم به الرافعي وتبعه النووي، والذي يترجح أنه ليس مذموماً لذاته لكنه يفضي غالباً إلى ارتكاب المحذور كسؤال الناس وما أدى إلى المحذور فهو محذور"[25].

5) أداء الحقوق لأهلها:

وله أمثلة كثيرة منها:

1ـ أداء الزكاة إلى مستحقيها:

قال تعالى {إِنَّمَا ٱلصَّدَقَـٰتُ لِلْفُقَرَاء وَٱلْمَسَـٰكِينِ وَٱلْعَـٰمِلِينَ عَلَيْهَا} الآية [التوبة:60].

قال ابن كثير: "بين تعالى أنه هو الذي قسمها، وبين حكمها، وتولى أمرها بنفسه، ولم يكل قسمها إلى أحد غيره، فجزأها لهؤلاء المذكورين"[26].

قال ابن قدامة: "ولا يجوز صرف الزكاة إلى غير من ذكر الله تعالى من بناء المساجد والقناطر والسقايا وإصلاح الطرق وما أشبه ذلك من القرب التي لم يذكرها الله تعالى لقوله سبحانه: {إِنَّمَا ٱلصَّدَقَـٰتُ لِلْفُقَرَاء وَٱلْمَسَـٰكِين} و(إنما) للحصر والإثبات، تثبت المذكور وتنفي ما عداه"[27].

 2ـ أداء الديون لأصحابها:

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أخذ أموال الناس يريدها أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها اتلفه الله))[28].

قال ابن بطال: "فيه الحض على ترك استئكال أموال الناس والتنزه عنها وحسن التأدية إليهم عند المداينة، وقد حرم الله أكل أموال الناس بالباطل"[29].

وجاء الشرع بتحذير القادر على أداء الدين من تأخيره وجعله ظالماً بالتأخير.

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مطل الغني ظلم ومن اتبع على مليّ فليتبع))[30].

قال ابن المنذر: "هذا الخبر يدل على معان منها: أن من الظلم دفع الغني صاحب المال عن ماله بالمواعيد"[31].

وقال ابن بطال: "وفيه ما دل على تحصين الأموال"[32].

3ـ تعريف اللقطة:

عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: جاء أعرابي النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عما يلتقطه فقال: ((عرفها سنة ثم اعرف عفاصها ووكاءها فإن جاء أحد يخبرك بها وإلا فاستنفقها))، قال: يا رسول الله فضالة الغنم؟ قال: ((لك أو لأخيك أو للذئب))، قال: ضالة الإبل؟ فتمعَّر وجهُ النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((ما لك ولها؟ معها حذاؤها وسقاؤها، ترد الماء وتأكل الشجر))[33].

واللقطة هي المال الذي يجده المرء ساقطاً لا يعرف مالكه، فالواجب على واجده أن يعرفه ويعرف الوعاء الذي حفظ فيه من كيس ونحوه، وكذا العلامات التي يتميز بها، ويحفظ هذا المال عنده سنة كاملة يعرف به في المجامع العامة كالأسواق وأبواب المساجد ونحوها فإن جاء من يدعيها وذكر وصفها تاماً أداه إليه[34].

ولها أحكام أخرى كثيرة مذكورة في كتب الفقه.

6) حماية الأموال من السفهاء:

قال تعالى {وَلاَ تُؤْتُواْ ٱلسُّفَهَاء أَمْوٰلَكُمُ ٱلَّتِى جَعَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ قِيَـٰماً وَٱرْزُقُوهُمْ فِيهَا وَٱكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً} [النساء:5].

قال ابن كثير: "ينهى سبحانه وتعالى عن تمكين السفهاء من التصرف في الأموال التي جعلها للناس قياماً، أي: تقوم بها معايشهم من التجارات وغيرها"[35].

قال ابن سعدي: "السفهاء جمع سفيه، وهو من لا يحسن التصرف في المال، إما لعدم عقله كالمجنون والمعتوه ونحوها، وإما لعدم رشده كالصغير وغير الرشيد، فنهى الله الأولياء أن يؤتوا هؤلاء أموالهم خشية إفسادها وإتلافها، ولأن الله جعل الأموال قياماً لعباده في مصالح دينهم ودنياهم، وهؤلاء لا يحسنون القيام عليها وحفظها، فأمر الولي أن لا يؤتيهم إياها، بل يرزقهم منها ويكسوهم ويبذل منها ما يتعلق بضروراتهم وحاجاتهم الدينية والدنيوية، وأن يقولوا لهم قولاً معروفاً، بأن يعدوهم إذا طلبوها أنهم سيدفعونها لهم بعد رشدهم ونحو ذلك، ويلطفوا لهم في الأقوال جبراً لخواطرهم"[36].

7) الدفاع عن المال:

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من قتل دون ماله فهو شهيد))[37].

قال النووي: "فيه جواز قتل القاصد لأخذ المال بغير حق سواء كان المال قليلاً أو كثيراً"[38].

قال ابن بطال: "إنما أدخل البخاري هذا الحديث في هذه الأبواب ليريك أن للإنسان أن يدافع عن نفسه وماله، فإن كان شهيداً إذا قتل في ذلك كان إذا قتل من أراده في مدافعته له عن نفسه لا دية عليه فيه ولا قود"[39].

8) توثيق الديون والأشهاد عليها:

قال تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَٱكْتُبُوهُ} إلى قوله {وَٱسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مّن رّجَالِكُمْ} [البقرة:282].

قال ابن كثير: "هذا إرشاد منه تعالى لعباده المؤمنين إذا تعاملوا بمعاملات مؤجلة أن يكتبوها ليكون ذلك أحفظ لمقدارها وميقاتها وأضبط للشاهد فيها"[40].

وقال القرطبي: "لما أمر الله تعالى بالكتب والإشهاد وأخذ الرهان كان ذلك نصاً قاطعاً على مراعاة حفظ الأموال وتنميتها، ورداً على الجهلة المتصوفة ورعاعها الذين لا يرون ذلك فيخرجون عن جميع أموالهم ولا يتركون كفاية لأنفسهم وعيالهم، ثم إذا احتاج وافتقر عياله فهو إما أن يتعرض لمنن الإخوان أو لصدقاتهم أو أن يأخذ من أرباب الدنيا وظلمتهم وهذا الفعل مذموم منهي عنه"[41].

9) ضمان المتلفات:

قال ابن قدامة: "فمن غصب شيئاً وجب عليه رده... فإن تلف لزمه بدله لقوله تعالى: {فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ} [البقرة:194]؛ ولأنه لما تعذر رد العين وجب رد ما يقوم مقامها من المالية، فإن كان مما تتماثل أجزاؤه وتتفاوت صفاته كالحبوب وجب مثله لأن المثل أقرب إليه من القيمة وإن كان غير متقارب الصفات وهو ما عدا المكيل والموزون وجبت القيمة في قول الجماعة"[42].

ومن القواعد الفقهية قاعدة: الأصل في المتلفات ضمان المثل بالمثل والمتقوم بالقيمة[43].

وفي لزوم الضمان على المتلف لمال غيره ضمان من التعدي على الأموال والاستهانة بها، لأن الإنسان إذا علم أنه بغصبه أو بتفريطه في حفظ الوديعة ونحوها من أموال الناس يضمن مثلها أو قيمتها عند تعذر المثلية فإن ذلك يدعوه إلى التحرز والعناية والحفظ والانتباه وعدم الغفلة عنها، فتحفظ بذلك الأموال من الضياع[44].

10) تحريم السرقة وإيجاب الحد فيها:

قال تعالى: {وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَـٰلاً مّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة:138].

قال ابن جرير: "يقول جل ثناؤه: ومن سرق من رجل أو امرأة فاقطعوا ـ أيها الناس ـ يده"[45].

قال ابن كثير: "وقد كان القطع معمولاً به في الجاهلية فقرر في الإسلام، وزيدت شروط أُخر، كما كانت القسامة والدية والقراض وغير ذلك من الأشياء التي ورد الشرع بتقريرها على ما كانت عليه وزيادات هي من تمام المصالح"[46].

قال القاضي عياض: "صان الله تعالى الأموال بإيجاب القطع على السارق، ولم يجعل ذلك في غير السرق كالاختلاس والانتهاب والغصب؛ لأن ذلك قليل بالنسبة إلى السرقة، ولأنه يمكن استرجاع هذا النوع بالاستدعاء إلى ولاة الأمور، وتسهل إقامة البينة عليه، بخلاف السرقة فإنه تندر إقامة البنية عليها، فعظم أمرها واشتدت عقوبتها؛ ليكون أبلغ في الزجر عنها، وقد أجمع المسلمون على قطع السارق في الجملة، وإن اختلفوا في فروع منه"[47].

 وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،،،


[1] جامع البيان (11/671).

[2] الجامع لأحكام القرآن (17/238).

[3] الإسلام وضرورات الحياة (ص133).

[4] جامع البيان (12/169).

[5] تفسير القرآن العظيم (4/424).

[6] تفسير القرآن العظيم (4/468).

[7] أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب الاستعفاف عن المسألة (1471).

[8] شرح صحيح مسلم (7/131).

[9] مراتب الإجماع (ص 155).

[10] الآداب الشرعية 3(/265).

[11] الإسلام وضرورات الحياة (ص 135، 156) بتصرف.

[12] تفسير القرآن العظيم (1/210).

[13] قال النووي: بضم الغين وتخفيف الذال المكسورة. شرح صحيح مسلم (7/100).

[14] أخرجه مسلم في كتاب الزكاة (1015).

[15] شرح صحيح مسلم (7/100).

[16] أخرجه البخاري في الزكاة، باب الصدقة من كسب طيب (1410)، ومسلم في كتاب الزكاة (1014).

[17] المفهم (3/59).

[18] فتح الباري (3/327- 328).

[19] جامع البيان (15/73) ـ دار الفكر.

[20] المحرر الوجيز (3/450).

[21] جامع البيان (5/472).

[22] تيسير الكريم الرحمن (ص 287).

[23] أخرجه البخاري في كتاب الاستقراض، باب ما ينهى من إضاعة المال (2408)، ومسلم في كتاب الأقضية (1715 ).

[24] شرح صحيح مسلم (11/11).

[25] فتح الباري (10/422) بتصرف يسير.

[26] تفسير القرآن العظيم (2/378).

[27] المغني (4/125).

[28] أخرجه البخاري في كتاب الاستقراض، باب من أخذ أموال الناس يريد أدءها أو إتلافها (2387).

[29] شرح ابن بطال على البخاري (6/513).

[30] أخرجه البخاري في كتاب الاستقراض، باب مطل الغني ظلم (400)، ومسلم في كتاب المساقاه (1465).

[31] انظر: شرح ابن بطال على صحيح البخاري (6/415).

[32] شرح ابن بطال على صحيح البخاري (6/416).

[33] أخرجه البخاري في كتاب اللقطة، باب ضالة الإبل (2427)، ومسلم في كتاب اللقطة (1722).

[34] الإسلام وضرورات الحياة (ص178).

[35] تفسير القرآن العظيم (1/462).

[36] تيسير الكريم الرحمن (ص164).

[37] أخرجه البخاري في كتاب المظالم، باب من قاتل دون ماله (2480)، ومسلم في كتاب الإيمان (226).

[38] شرح صحيح مسلم (2/165).

[39] شرح ابن بطال على صحيح البخاري (6/607).

[40] تفسير القرآن العظيم (1/345).

[41] الجامع لأحكام القرآن (3/417).

[42] المغني (7/361).

[43] الأشباه والنظائر للسيوطي (2/2).

[44] مقاصد الشريعة الإسلامية وعلاقتها بالأدلة الشرعية (ص302).

[45] جامع البيان (4/569).

[46] تفسير القرآن العظيم (2/57).

[47] شرح صحيح مسلم للنووي (11/181).

 
.