الملف العلمي للحج

.

  مناسك الحج (مفصل): ثامناً: مواقيت الحج والعمرة:                                   الصفحة السابقة                الصفحة التالية

 

ثامنا: مواقيت الحج والعمرة:

المواقيت جمع ميقات: وهو ما حدده ووقته الشارع للعبادة من زمان ومكان.

للحج والعمرة ميقاتان: زماني ومكاني.

أولاً: الميقات الزماني:

أ) للحج: وهو شوال وذو القعدة والعشر الأول من ذي الحجة، قال الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج}.

قال ابن عباس رضي الله عنهما: "وهن شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة، جعلهن الله سبحانه للحج، وسائر الشهور للعمرة فلا يصلح أن يحرم أحد بالحج إلا في أشهر الحج، والعمرة يحرم بها في كل شهر" رواه الطبري.

ب) للعمرة: وميقاتها الزماني جميع شهور السنة:

قال ابن عباس رضي الله عنهما: "والعمرة يحرم بها في كل شهر" رواه الطبري.

وقال الطبري: "فأما العمرة فإن السنة كلها وقت لها، لتظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه اعتمر في بعض شهور الحج، ثم لم يصح عنه بخلاف ذلك خبر".

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما العمرة فيحرم بها متى شاء لا تختص بوقت، لأن أفعالها لا تختص بوقت، فأولى أن لا يختص إحرامها بوقت".

ثانياً: الميقات المكاني للحج والعمرة:

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (وقّت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الحجفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان دونهن فمهله من أهله) متفق عليه.

وعن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يسأل عن المهل؟ فقال: سمعت (أحسبه رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم) فقال: ((مهل أهل المدينة من ذي الحليفة، والطريق الآخر الجحفة، ومهل أهل العراق من ذات عرق، ومهل أهل نجد من قرن، ومهل أهل اليمن من يلملم)) أخرجه مسلم.

تعريف موجز بالمواقيت:

ذو الحليفة: ميقات أهل المدينة، ويسمى الآن آبار علي، وهو أبعد المواقيت عن مكة، وتبلغ المسافة بينه وبين مكة (420كلم).

الجحفة: ميقات أهل الشام، كانت قرية عامرة ثم جحفتها السيول فصارت الآن خراباً فصار الإحرام من قرية رابغ الواقعة عنها غربا بمحاذاتها وتبعد عن مكة (186كلم)، ويحرم منها من هم في شمال المملكة ويحرم منها بلدان إفريقيا الشمالية والغربية وأهل لبنان وسوريا ومن في جهتهم.

قرن المنازل: ميقات أهل نجد، ويسمى الآن السيل الكبير ويبعد عن مكة (78 كلم)، ويحرم منه أهل المشرق كله من أهل الخليج والعراق وإيران وغيرهم، ومثله وادي محرم الواقع في الهدى في الجهة الغربية من الطائف وهذا هو أعلى قرن المنازل وهو ميقات نصاً لا محاذاة.

يلملم: ميقات أهل اليمن، ويقال لها السعدية، ويبعد عن مكة (120 كلم).

ذات عرق: ميقات أهل العراق، وهي مهجورة الآن لعدم وجود الطرق إليها، وتبعد عن مكة (100 كلم).

مسائل تتعلق بالمواقيت:

1. أن المواقيت الخمسة السابقة مواقيت أيضاً لمن مرّ عليها من غير أهلها، وهو يريد النسك حجاً كان أو عمرة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق:   ((هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)).

2. من كان مسكنه أقرب إلى مكة من الميقات كأهل جدة وعسفان فميقاته من موضع سكناه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((فمن كان دونهن فمهله من أهله)).

3.   يهل أهل مكة بالحج من بيوتهم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((حتى أهل مكة يهلون من مكة)).

وأما العمرة فإنهم يهلون لها من الحل (خارج مكة) فيخرجون إلى خارج حدود الحرم فيحرمون ثم يعودون؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج بعائشة في عمرتها من مكة إلى التنعيم، وهو أدنى الحل" متفق عليه.

4.   من سلك إلى الحرم طريقاً لا ميقات فيها، فميقاته المحل المحاذي لأقرب المواقيت إليه.

5.   لا يجوز لمن من مرّ بهذه المواقيت وهو يريد الحج أو العمرة أن يتجاوزها إلا محرما.

قال ابن عثيمين: "وعلى هذا فإذا كان في الطائرة وهو يريد الحج أو العمرة وجب عليه الإحرام إذا حاذى الميقات من فوقه، فيتأهب ويلبس ثياب الإحرام قبل محاذاة الميقات، فإذا حاذاه عقد نية الإحرام فوراً، ولا يجوز له تأخيره إلى الهبوط في جدة، لأن ذلك من تعدّي حدود الله".

6.   فإن جاوز مريد الحج أو العمرة الميقات دون أن يحرم منه فما الحكم؟

قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي: "أظهر أقوال أهل العلم عندي أنه إن جاوز الميقات ثم رجع إلى الميقات وهو لم يحرم أنه لا شيء عليه؛ لأنه لم يبتدئ إحرامه إلا من الميقات، وأنه إن جاوز الميقات غير محرم وأحرم في حال مجاوزته الميقات ثم رجع إلى الميقات محرماً أن عليه دماً لإحرامه بعد الميقات".

7.  من أراد دخول مكة لغير الحج أو العمرة كالزيارة والتجارة ونحوها لم يجب عليه الإحرام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((لمن أراد الحج أو العمرة))، والإحرام في حقه أفضل.

8.   من مرّ بالمواقيت وهو لا يريد حجاً ولا عمرة، ثم بدا له بعد ذلك أن يعتمر أو يحج فإنه يحرم من المكان الذي عزم فيه على ذلك، لقول ابن عباس: "فمن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ" رواه البخاري.

 

 

.