الملف العلمي لبدع الروافض

.

  فضائل الصحابة: الفصل الثامن: فضل الصحابة من أهل البيت عموماً وزوجات النبي خصوصاً: السابقة   التاليـة  (الصفحة الرئيسة)

 

الفصل الثامن: فضل الصحابة من أهل البيت عموماً وزوجات النبي صلى الله عليه وسلم خصوصاً:

المراد بأهل البيت لغة وشرعاً:

الأهل لغـة:

قال الخليل بن أحمد: "أهل الرجل زوجه والتأهل التزوج وأهل الرجل أخص الناس به وأهل البيت سكانه وأهل الإسلام من يدين به"[1].

وقال الراغب الأصفهاني: "أهل الرجل من يجمعه وإياهم نسب أو دين أو ما يجري مجراهما من صناعة وبيت وبلد، فأهل الرجل في الأصل من يجمعه وإياهم نسب، وتعورف في أسرة النبي صلى الله عليه وسلم مطلقاً إذا قيل أهل البيت لقوله عز وجل {إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيــراً} [الأحزاب:33]"[2].

قال ابن منظور: "وأهل المذهب: من يدين به وأهل الإسلام من يدين به وأهل الأمر ولاته، وأهل البيت سكانه وأهل الرجل: أخص الناس به، وأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه وبناته وصهره أعني علياً عليه السلام، وقيل: نساء النبي صلى الله عليه وسلم... إلى أن قال: والتأهل: التزوج، والآهل الذي له زوجة وعيال، والعزب الذي لا زوجة له... وآل الرجل أهله وآل الله ورسوله أولياؤه"[3].

وأما شرعـاً:

فقال القرطبي: "والذي يظهر من الآية أنها عامة في جميع أهل البيت من الأزواج وغيرهم، وإنما قال: {وَيُطَهّرَكُمْ} لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلياً وحسناً وحسيناً كانوا فيهم، وإذا اجتمع المذكر والمؤنث غلب المذكر فاقتضت الآية أن الزوجات من أهل البيت؛ لأن الآية فيهن، والمخاطبة لهن يدل عليه سياق الكلام"[4].

وقال الحافظ ابن كثير: "وقوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيــراً} نص في دخول أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في أهل البيت ها هنا لأنهن سبب نزول هذه الآية، وسبب النزول داخل فيه قولاً واحداً؛ إما وحده على قول أو مع غيره على الصحيح... ثم الذي لا يشك فيه من تدبر القرآن أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم داخلات في قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيــراً} فإن سياق الكلام معهن ولهذا قال تعالى بعد هذا كله: {وَٱذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىٰ فِى بُيُوتِكُـنَّ مِنْ ءايَـٰتِ ٱللَّهِ وَٱلْحِكْــمَةِ} [الأحزاب:34]"[5].

ما جاء في فضل أهل البيت عموماً وزوجات النبي صلى الله عليه وسلم خصوصاً:

1- قال تعالى: {ٱلنَّبِىُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوٰجُهُ أُمَّهَـٰتُهُمْ}.

قال القرطبي: "شرف الله تعالى أزواج نبيه صلى الله عليه وسلم بأن جعلهن أمهات المؤمنين أي: في وجوب التعظيم والمبرة والإجلال، وحرمة النكاح على الرجال، وحجبهن رضي الله عنهن بخلاف الأمهات"[6].

وقال الحافظ ابن كثير: "وقوله: {وَأَزْوٰجُهُ أُمَّهَـٰتُهُمْ} أي: في الحرمة والاحترام والتوقير والإكرام والإعظام، ولكن لا تجوز الخلوة بهن، ولا ينتشر التحريم إلى بناتهن وأخواتهن بالإجماع"[7].

2- قال تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ قُل لأزْوٰجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتّعْكُنَّ وَأُسَرّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً * وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ فَإِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَـٰتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً} [الأحزاب:28، 29].

هذا أمر من الله تبارك وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم بأن يخير نساءه بين أن يفارقهن فيذهبن إلى غيره ممن يحصل لهن عنده الحياة الدنيا وزينتها، وبين الصبر على ما عنده من ضيق الحال ولهن عند الله تعالى في ذلك الثواب الجزيل، فاخترن رضي الله عنهن وأرضاهن: الله ورسوله والدار الآخرة، فجمع الله تعالى لهن بعد ذلك بين خير الدنيا وسعادة الآخرة[8].

3- قال تعالى: {يٰنِسَاء ٱلنَّبِىّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مّنَ ٱلنّسَاء إِنِ ٱتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِٱلْقَوْلِ فَيَطْمَعَ ٱلَّذِى فِى قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً} [الأحزاب:32].

قال حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في بيان معنى الآية: ({يٰنِسَاء ٱلنَّبِىّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مّنَ ٱلنّسَاء} يريد ليس قدركن عندي مثل قدر غيركن من النساء الصالحات، أنتن أكرم علي وثوابكن أعظم لدي)[9].

4- قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أما بعد: ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به)) فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: ((وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي))[10].


[1] انظر: مقاييس اللغة (1/150).

[2] المفردات في غريب القرآن (ص 29).

[3] لسان العرب (11/29-30).

[4] الجامع لأحكام القرآن (14/183).

[5] تفسير القرآن العظيم (5/452-458).

[6] الجامع لأحكام القرآن (14/123).

[7] تفسير القرآن العظيم (5/425).

[8] تفسير القرآن العظيم (5/447).

[9] انظر:تفسير البغوي على حاشية الخازن (5/212).

[10] أخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة باب: فضائل علي بن أبي طالب (2408).

 

.