الملف العلمي لبدع الروافض

.

  الأمر بالاتباع وذم الابتداع: الفصل الثاني: ذم الابتداع:     الصفحة السابقة       الصفحة التالية     (الصفحة الرئيسة)

 

الفصل الثاني: ذم الابتداع:

المبحث الأول: الآيات في ذم الابتداع:

1.  قال تعالى: {وَأَنَّ هَـٰذَا صِرٰطِي مُسْتَقِيمًا فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام:153].

قال ابن جرير: "ولا تسلكوا طريقاً سواه، ولا تركبوا منهجاً غيره، ولا تبغوا ديناً خلافَه من اليهودية والنصرانية والمجوسية وغير ذلك من الملل، فإنها بدع وضلالات، فيشتِّت بكم إن اتبعتم السبل المحدثة التي ليست لله بسبيل ولا طرقٍ ولا أديان اتباعُكم إياها"[1].

2.   قال تعالى: {ٱتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مّن رَّبّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف:3].

قال ابن كثير: "أي: لا تخرجوا عما جاءكم به الرسول إلى غيره فتكونوا قد عدلتم عن حكم الله إلى حكم غيره"[2].

3.   قال تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَـٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مّنَ ٱلأَمْرِ فَٱتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاء ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ} [الجاثية:18].

قال ابن جرير: "فاتبع تلك الشريعة التي جعلناها لك، ولا تتبع ما دعاك إليه الجاهلون بالله الذين لا يعرفون الحق من الباطل فتعمل به فتهلك إن عملت به"[3].

قال ابن القيم: "وكل عمل وحبٍّ وذوق ووجد وحال لا تشهد له هذه الشريعة التي جعله عليها فباطل وضلال، وهو من أهواء الذين لا يعلمون، فليس لأحد أن يتبع ما يحبه فيأمر به ويتخذه ديناً وينهى عما يبغضه ويذمه إلا بهدى من الله، وهو شريعته التي جعل عليها رسوله، وأمَرَه والمؤمنين باتباعها، ولهذا كان السلف يُسمون كلَّ من خرج عن الشريعة في شيء في الدين من أهل الأهواء، ويجعلون أهلَ البدع هم أهلَ الأهواء، فيذمونهم بذلك، ويحذرون منهم ولو ظهر عنهم ما ظهر من العلم والعبادة والزهد والفقر والأحوال والخوارق"[4].

المبحث الثاني: الأحاديث في ذم الابتداع:

عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))[5].

قال النووي: "وهذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام، وهو من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، فإنه صريح في ردِّ كل البدع والمخترعات"[6].

قال ابن رجب: "وهذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام كما أن حديث ((الأعمال بالنيات))[7] ميزان للأعمال في باطنها وهذا ميزان للأعمال في ظاهرها، فكما أن كلَّ عمل لا يراد به وجه الله تعالى فليس لعامله ثواب، فكذلك كل عمل لا يكون عليه أمر الله ورسوله فهو مردود على عاملة، وكلُّ من أحدث في الدين ما لم يأذن به الله ورسوله فليس من الدين في شيء"[8].

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً خطاً ثم قال: ((هذا سبيل الله))، ثم خط خطوطاً عن يمينه وعن شماله ثم قال: ((هذه سُبُلٌ، على كل سبيلٍ منها شيطان يدعو إليه))، ثم تلا: {وَأَنَّ هَـٰذَا صِرٰطِي مُسْتَقِيمًا فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ} [الأنعام:153][9].

قال محمد بن نصر المروزي: "فحذرنا الله ثم رسوله صلى الله عليه وسلم المحدثاتِ والأهواءَ الصادَّةَ عن اتباع أمر الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم"[10].

عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من رغب عن سنتي فليس مني))[11].

قال الشوكاني: "أراد صلى الله عليه وسلم أن التارك لهديه القويم المائل إلى الرهبانية خارجٌ عن الاتباع إلى الابتداع"[12].

عن أبي رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا ألفين أحدَكم متَّكئاً على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: لا ندري، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه))[13].

قال الخطابي: "يحذر بذلك مخالفةَ السنن التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ليس له ذكر في القرآن على ما ذهب إليه الخوارج والروافض من الفرق الضالة، فإنهم تعلَّقوا بظاهر القرآن و تركوا السنن التي ضمنت بيان الكتاب فتحيَّروا وضلوا"[14].

المبحث الثالث: الآثار عن السلف الصالح في ذم الابتداع:

قال معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: (إن وراءَكم فتناً يكثر فيها المال ويفتح فيها القرآن حتى يأخذه المؤمن والمنافق والرجل والمرأة والصغير والكبير والعبد والحر، فيوشك قائل أن يقول: ما للناس لا يتبعوني وقد قرأت القرآن؟! ما هم بمتبعيَّ حتى أبتدع لهم غيره، فإياكم وما ابتُدع؛ فإن ما ابتدع ضلالة...)[15].

2- قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (إياكم وما يحدِث الناس من البدع؛ فإن الدينَ لا يذهب من القلوب بمرة، ولكن الشيطان يحدث له بدعاً حتى يخرج الإيمان من قلبه، ويوشك أن يدع الناس ما ألزمهم الله من فرضه في الصلاة والصيام والحلال والحرام ويتكلمون في ربهم عز وجل، فمن أدرك ذلك الزمان فليهرب، قيل: يا أبا عبد الرحمن، فإلى أين؟ قال: إلى لا أين؟ يهرب بقلبه ودينه لا يجالس أحداً من أهل البدع)[16].

3- قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (الصراط محتضَر يحضره الشياطينُ، ينادون: يا عبد الله هَلُم، يا عبد الله هَلُم هذا الطريق، ليصدوا عن سبيل الله، فاعتصموا بحبل الله)، قال: (حبل الله هو كتاب الله)[17].

4- عن محمد بن سيرين قال: "ما أخذ رجل ببدعة فراجع سنة"[18].

5- قال حسان بن عطية: "ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سنتهم مثلها، ثم لا يعيدها إليهم إلى يوم القيامة"[19].

6- عن أبي قلابة قال: "ما ابتدع رجل بدعة إلا استحلَّ السيف"[20].

7- عن ميمون بن مهران قال: "إياكم وكلَّ هوى يسمَّى بغير الإسلام"[21].


[1] جامع البيان (5/396).

[2] تفسير القرآن العظيم (4/208).

[3] جامع البيان (11/258).

[4] الكلام في مسألة السماع (281-282)، وانظر: بدائع التفسير (4/148).

[5] أخرجه البخاري: كتاب: الصلح، باب: إذا اصطلحوا على صلح جور فهو مردود (2697)، ومسلم في الأقضية (1718).

[6] شرح صحيح مسلم (12/16).

[7] متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها.

[8] جامع العلوم والحكم (1/114).

[9] أخرجه أحمد في المسند (1/435)، والدارمي في المقدمة، باب: في كراهية أخذ الرأي (208)، وابن حبان في المقدمة، ذكر الأخبار عما يجب على المرء من لزوم سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم (6)، والحاكم في المستدرك (2/318)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (1/80-81)، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في ظلال الجنة (16، 17).

[10] السنة (ص10).

[11] أخرجه البخاري: كتاب النكاح، باب: الترغيب في النكاح (5063)، ومسلم: كتاب: النكاح (1401).

[12] نيل الأوطار (6/123).

[13] أخرجه أبو داود: كتاب السنة، باب: لزوم السنة (4592)، والترمذي: كتاب العلم، باب: ما نهي عنه أن يقال عن النبي صلى الله عليه وسلم (2663)، وابن ماجه في المقدمة، باب: تعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (13)، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح"، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (3849).

[14] معالم السنن (4/276).

[15] أخرجه أبو داود: كتاب السنة، باب: لزوم السنة (4611)، وابن بطة في الإبانة (1/307-308)، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (1/88)، والحاكم في المستدرك (4/466)، وقال: "على شرط مسلم".

[16] أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (1/221).

[17] أخرجه المروزي في السنة (1/12).

[18] أخرجه الدارمي في المقدمة، كراهية أخذ الرأي (211).

[19] أخرجه الدارمي في المقدمة، باب: اتباع السنة (99).

[20] أخرجه الدارمي في المقدمة، باب: اتباع السنة (100).

[21] أخرجه ابن بطة في الإبانة (1/354).

 

.