الملف العلمي للأشهر الحرم

.

   الأشهر الحرم                                                                                      الصفحة السابقة                 الصفحة التالية   

 

 

الأشهر الحرم

 

 هي أربعة أشهر كما قال الله: {إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَـٰبِ ٱللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ ٱلسَّمٰوٰت وَٱلأرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [التوبة:36].

وقد فصّل النبي صلى الله عليه وسلم ما أجمله القرآن، وبيَّن أن هذه الأشهر هي: رجب وذو القعدة وذو الحجة ومحرم، قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان))[1].

وأكَّد حرمة شهر ذي الحجة فقال في حجة الوداع: ((أي شهر هذا؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ((شهر حرام))، قال: ((فإن الله حرم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا))[2].

وذكر القرآن حرمة شهر ذي القعدة، وذلك في قوله تعالى: {ٱلشَّهْرُ ٱلْحَرَامُ بِٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ وَٱلْحُرُمَـٰتُ قِصَاصٌ فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ} [البقرة:194]. فالآية نزلت في حبس قريش للمسلمين عام الحديبية عن البيت في شهر ذي القعدة الحرام، فاعتمر صلى الله عليه وسلم عمرة القضاء في السنة التالية في شهر ذي القعدة[3].

وسُمي رجب برجب مضر لأن ربيعة بن نزار كانوا يحرمون شهر رمضان ويسمونه رجباً، وكانت مضر تحرم رجباً نفسه، فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الذي بين جمادى وشعبان)) ليرفع ما وقع في اسمه من الاختلال[4].

كما كانت العرب تسميه: منْصِل الأسنة، فعن أبي رجاء العطاردي قال: فإذا دخل شهر رجب قلنا: منْصِل الأسِنَّة، فلم ندع رمحاً فيه حديدة ولا سهماً فيه حديدة إلا نزعناه وألقيناه[5].

وكانوا يسمونه أيضا رجب الأصم لسكون أصوات السلاح وقعقعته فيه[6].

والأربعة الحرم حرمها العرب في الجاهلية، وسبب تحريمهم القعدة والحجة ومحرم هو أداء شعيرة الحج، فكانوا يحرمون قبله شهراً ليتمكنوا من السير إلى الحج ويسمونه القعدة لقعودهم عن القتال فيه، ثم يحرمون ذا الحجة وفيه أداء مناسكهم وأسواقهم، ثم يحرمون بعده شهراً ليعودوا إلى ديارهم. وحرموا شهر رجب في وسط الحول لأجل زيارة البيت والإعمار، فيأمن قاصد البيت الغارة فيه[7].

وقد كانت بعض العرب تحرم ثمانية أشهر، وهم طائفة يقال لهم: البَسل[8].

وقوله صلى الله عليه وسلم: ((استدار كهيئته))، قيل: إنه تثبيت منه صلى الله عليه وسلم لعدة الشهور ومحلها، إذ كانت العرب تحج أكثر سنيها في غير ذي الحجة، وقد وافق حج النبي صلى الله عليه وسلم حجهم في ذي الحجة.

وقال ابن كثير: "أي الأمر اليوم شرعاً كما ابتدأ الله ذلك في كتابه يوم خلق السموات والأرض"[9]. وهو الصحيح لأن الصديق عندما حج إنما حج في ذي الحجة، وقد سماه الله الحج الأكبر، فالنسيء إنما كان في تأخير حرمة الشهر الحرام من محرم إلى صفر أو غيره، لا في تغيير أسماء الشهور[10].

ما جاء في القرآن عن حرمة الأشهر الحرم:

قال تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَـٰبِ ٱللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ ٱلسَّمٰوٰت وَٱلأرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذٰلِكَ ٱلدّينُ ٱلْقَيّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ} [ التوبة:36].

قوله: {عِندَ ٱللَّهِ} قال البغوي: أي في حكم الله، وقيل: في اللوح المحفوظ[11].

قوله: {فَلاَ تَظْلِمُواْ} فسروا الظلم بأنه فعل المعاصي وترك الطاعات، لأن الله سبحانه إذا عظم شيئاً من جهة واحدة صارت له حرمة واحدة، وإذا عظمه من جهتين أو جهات صارت حرمته متعددة، فيضاعف فيه العقاب بالعمل السيئ، كما يضاعف الثواب بالعمل الصالح.

قال قتادة: "العمل الصالح أعظم أجراً في الأشهر الحرم، والظلم فيهن أعظم من الظلم فيما سواهن، وإن كان الظلم على كل حال عظيماً".

وقال ابن عباس: (يريد استحلال الحرام والغارة فيهن).

وقال محمد بن إسحاق: "لا تجعلوا حلالها حراماً، ولا حرامها حلالاً كفعل أهل الشرك، وهو النسيء".

قوله: {فِيهِنَّ} قال البغوي: ينصرف إلى جميع شهور السنة، ونقل ذلك عن ابن عباس، وقيل: أي الأشهر الحرم ومال إليه ابن كثير، وقال: "لأنه آكد وأبلغ في الإثم من غيرها، كما أن المعاصي في البلد الحرام تضاعف وكذلك الشهر الحرام تغلظ فيه الآثام".

قال ابن العربي: "المسألة السابعة: قوله تعالى: {فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ} فيه قولان: أحدهما: لا تظلموا أنفسكم في الشهور كلها، وقيل في الثاني: المراد بذلك الأشهر الحرم.

واختلف في المراد بالظلم على قولين أيضا: أحدهما: لا تظلموا فيهن أنفسكم بتحليلهن، وقيل: بارتكاب الذنوب فيهن; فإن الله إذا عظم شيئا من جهة صارت له حرمة واحدة, وإذا عظمه من جهتين أو من جهات صارت حرمته متعددة بعدد جهات التحريم, ويتضاعف العقاب بالعمل السوء فيها, كما ضاعف الثواب بالعمل الصالح فيها; فإن من أطاع الله في الشهر الحرام في البلد الحرام والمسجد الحرام ليس كمن أطاعه في شهر حلال في بلد حلال في بقعة حلال. وكذلك العصيان والعذاب مثله في الموضعين والحالين والصفتين; وذلك كله بحكم الله وحكمته. وقد أشار تعالى إلى ذلك بقوله: {يٰنِسَاء ٱلنَّبِىّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَـٰحِشَةٍ مُّبَيّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} لعظمهن وشرفهن في أحد القولين"[12].

القتال في الأشهر الحرم:

اتفق العلماء على جواز دفع العدو وقتاله إذا قاتلنا في الشهر الحرام، واختلفوا في تحريم الابتداء بالقتال في الأشهر الحرم: هل نسخ أم لا؟

القول الأول: أنه منسوخ بقوله تعالى: {وَقَاتِلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَـٰتِلُونَكُمْ كَافَّةً} [التوبة:36]، وهذا هو الأشهر، فيجوز الابتداء بالقتال في شهر حرام، فقد حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف في ذي القعدة، ورجحه القرطبي.

القول الثاني: أنه حرام لم ينسخ لقوله تعالى: {لاَ تُحِلُّواْ شَعَائِرَ ٱللَّهِ وَلاَ ٱلشَّهْرَ ٱلْحَرَامَ} [المائدة:2]، وقوله: {ٱلشَّهْرُ ٱلْحَرَامُ بِٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ وَٱلْحُرُمَـٰتُ قِصَاصٌ فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ} [البقرة:194]، وعن جابر رضي الله عنهما: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو في الشهر الحرام إلا أن يُغزى أو يُغزَوا، فإذا حضر أقام ذلك حتى ينسلخ[13].

وقالوا عن حصار رسول الله صلى الله عليه وسلم للطائف: إنما هو من تتمة قتال هوازن وأهل الطائف، حيث جمعوا الرجال وتجهزوا للقاء النبي صلى الله عليه وسلم وذلك في شوال، فكان حصاره لهم أربعين يوماً استكمالاً للقتال لا ابتداءً له[14].

تغليظ الدية:

اختلف العلماء في تغليظ الدية في القتل في الشهر الحرام:

القول الأول: قال الأوزاعي: القتل في الشهر الحرام تغلظ فيه الدية فيما بلغنا وفي الحرم، فتجعل دية وثلثاً، ويزاد في شبه العمد في أسنان الإبل.

وقال الشافعي بتغليظ الدية في النفس والجراح، وذلك مروي عن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله والزهري وغيرهم، كما روي ذلك في عثمان من الصحابة.

وروي عن عمر رضي الله عنه إنه زاد ثلث الدية في الشهر الحرام[15].

القول الثاني: أن القتل في الحل والحرم سواء، وفي الشهر الحرام وغيره سواء، وهو قول جماعة من التابعين، وبه قال مالك وأبو حنيفة وأصحابهما وابن أبي ليلى، ورجحه القرطبي.

واستدل القرطبي لترجيحه بما سنّه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الديات من غير أن يفرق بين الحرم وغيره، وبين الشهر الحرام وغيره من الشهور.

قال مالك: إنه بلغه أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار سُئلا: أتغلظ الدية في الشهر الحرام؟ فقالا: لا، ولكن يزاد فيها للحرمة، فقيل لسعيد: هل يزاد في الجراح كما يزاد في النفس؟ فقال: نعم. قال مالك: أُراهما أرادا مثل الذي صنع عمر بن الخطاب في عقل المدلجي حين أصاب ابنه[16].

قال الباجي: "الكفارة حق لله تعالى، والدية حق للآدميين، فإذا لم يتغلظ حق الله تعالى بالحرم والشهر الحرام فبأن لا تتغلظ به الدية ـ وهو حق للآدميين ـ أولى وأحرى"[17].

وتغليظ الدية الذي قال به التابعيان للحرمة إنما هو لحرمة القتيل كالأب يقتل ابنه فيدرأ عنه القود فتغلظ الدية عليه، وكذلك في جراحه.

صيام الأشهر الحرم:

لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء في استحباب وتخصيص الأشهر الحرم بالصيام.

وأما حديث أبي السليل عن مجيبة الباهلية عن أبيها أو عمها أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وفي آخره قال له صلى الله عليه وسلم: ((صم من الحُرُم واترك، صم من الحُرُم واترك، صم من الحُرُم واترك))، وقال بأصابعه الثلاثة فضمها ثم أرسلها، فحديث ضعيف[18].

 وقد ورد عن بعض السلف مشروعية صيام الأشهر الحرم كلها.

منهم ابن عمر، قال عبد الله مولى أسماء: أرسلتني أسماء إلى ابن عمر أنه بلغها أنك تحرم أشياء ثلاثة: العَلَم في الثوب وميثرة الأرجوان وصوم رجب كله! فقال: أما ما ذكرتَ من صوم رجب فكيف بمن يصوم الأبد؟! وأما ما ذكرت من العلم في الثوب فإني سمعت عمر رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة))[19]، أي أنه لا يرى صيام رجب إلا لمن يصوم الدهر، وقد نص على ذلك أحمد[20].

 وقد ورد عن عدد من السلف صيام الأشهر الحرم جميعاً منهم الحسن البصري وأبو إسحاق السبيعي، وقال الثوري: "الأشهر الحرم أحب إلي أن أصوم فيها"[21].

وروي النهي عن تخصيص رجب بالصوم دون سائر الشهور، فعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام رجب، لكن لا يصح[22].

قال ابن تيمية: "أما تخصيص رجب وشعبان جميعاً بالصوم أو الاعتكاف فلم يرد فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء ولا عن أصحابه، ولا أئمة المسلمين... وأما صوم رجب بخصوصه فأحاديثه كلها ضعيفة بل موضوعة"[23].

وصح عن عمر رضي الله عنه أنه كان يضرب من يصوم عن طعامه في رجب، ويقول: (كلوا، فإنما هو شهر كان يعظمه أهل الجاهلية)[24].

النسيء في الأشهر الحرم:

النسيء هو تأخير حرمة شهر من الشهور الحرام إلى غيره من الشهور.

وسبب النسيء أن العرب كان يشق عليهم أن يمكثوا ثلاثة أشهر لا يغيرون فيها، فكانوا ينسؤون المحرم ليقاتلوا فيه، وكانوا يعلنون ذلك في شهر ذي الحجة إذا اجتمعت العرب للموسم ليكون في ذلك بلاغ لكل العرب.

كانوا إذا أحلوا شهراً من الحرام حرموا مقابله شهراً في الحلال ليوافقوا العدد الذي جعله حراماً؛ {يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرّمُونَهُ عَامًا لّيُوَاطِئُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ} [التوبة:37].

واختلفوا في أول من نسأ النسيء فقال ابن عباس وغيره في التابعين: هم بنو مالك بن كنانة، وأولهم أبو ثمامة جناد بن عوف الكناني.

قال الكلبي: أول من فعل ذلك رجل من بني كنانة يقال له: نعيم بن ثعلبة، وكان يكون أميراً على الناس بالموسم، فإذا همّ الناس بالصدر قام فخطب الناس فقال: لا مرد لما قضيت، أنا الذي لا أعاب ولا أجاب، فيقول له المشركون: لبيك، ثم يسألونه أن ينسأهم شهراً يغيرون فيه، فيقول: فإن صفر العام حرام، فإذا قال ذلك حلوا الأوتار ونزعوا الأسنة والأزجة، وإن قال: حلال عقدوا الأوتار وشدوا الأزجة وأغاروا. وكان من بعده جنادة بن عوف وقد أدركه النبي صلى الله عليه وسلم[25].

قال ابن العربي: "المسألة الثانية: كيفية النسيء ثلاثة أقوال:

الأول: عن ابن عباس أن جنادة بن عوف بن أمية الكناني كان يوافي الموسم كل عام, فينادي: ألا إن أبا ثمامة لا يعاب ولا يجاب, ألا وإن صفرا العام الأول حلال, فنحرمه عاما, ونحله عاما, وكانوا مع هوازن وغطفان وبني سليم. وفي لفظة أنه كان يقول: إنا قدمنا المحرم وأخرنا صفرا, ثم يأتي العام الثاني فيقول: إنا حرمنا صفرا وأخرنا المحرم; فهو هذا التأخير.

الثاني: الزيادة; قال قتادة: عمد قوم من أهل الضلالة فزادوا صفرا في الأشهر الحرم, فكان يقوم قائمهم في الموسم فيقول: ألا إن آلهتكم قد حرمت العام المحرم, فيحرمونه ذلك العام, ثم يقوم في العام المقبل فيقول: ألا إن آلهتكم قد حرمت صفرا فيحرمونه ذلك العام, ويقولون: الصفران. وروى ابن وهب وابن القاسم عن مالك نحوه، قال: كان أهل الجاهلية يجعلونه صفرين, فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا صفر))[26]، وكذلك روى أشهب عنه.

الثالث: تبديل الحج; قال مجاهد بإسناد آخر: {إِنَّمَا ٱلنَّسِىء زِيَادَةٌ فِى ٱلْكُفْرِ} قال: حجوا في ذي الحجة عامين, ثم حجوا في المحرم عامين, ثم حجوا في صفر عامين, فكانوا يحجون في كل سنة في كل شهر عامين حتى وافت حجة أبي بكر في ذي القعدة, ثم حج النبي في ذي الحجة, فذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح في خطبته: ((إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض))[27]. ورواه ابن عباس وغيره قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيها الناس, اسمعوا قولي, فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد يومي هذا في هذا الموقف. أيها الناس, إن دماءكم وأموالكم حرام إلى يوم تلقون ربكم, كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا, في بلدكم هذا, وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم. وقد بلغت, فمن كان عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها, وإن كل ربا موضوع, ولكم رؤوس أموالكم, لا تظلمون ولا تظلمون, قضى الله أن لا ربا, وإن ربا عباس بن عبد المطلب موضوع كله, وإن كل دم في الجاهلية موضوع, وإن أول دمائكم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب, كان مسترضعا في بني ليث فقتلته هذيل, فهو أول ما أبدأ به من دماء الجاهلية. أما بعد: أيها الناس, فإن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم, ولكنه إن يطع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم فقد رضي به, فاحذروه ـ أيها الناس ـ على دينكم, وإن النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا... ـ إلى قوله: ـ ما حرم الله. وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات والأرض, وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا, منها أربعة حرم; ثلاث متواليات، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان)) وذكر سائر الحديث[28].

وقد استقامت الشهور وانضبطت في حجة النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: ((ألا إن الزمان استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً، منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان))[29].


 

 [1] أخرجه البخاري في بدء الخلق (3197)، ومسلم في القسامة (1679) من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.

[2]  أخرجه البخاري في الحج (1742) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

[3]  انظر ما نقله ابن كثير في تفسيره (1/330) عن ابن عباس رضي الله عنهما.

[4]  انظر: الجامع لأحكام القرآن (8/133).

[5]  أخرجه البخاري في المغازي (4377).

[6]  انظر: تفسير الطبري (4/300 ـ شاكر)

[7]  انظر: تفسير القرآن العظيم (4/89).

[8]  انظر: تفسير القرآن العظيـم (4/89).

[9]  تفسير ابن كثير (4/86).

[10]  انظر: تفسير ابن كثير (4/93).

[11]  انظر: تفسير البغوي (4/4).

[12]  أحكام القرآن(2/500).

 [13] أخرجه أحمد (3/334)، والطبري في تفسيره (2/346-347)، والحارث في مسنده (645 ـ بغية الباحث)، والطحاوي في شرح المشكل (4879) من طريق الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنهما، وهذا إسناد على شرط مسلم، قال الهيثمي في المجمع(6/66): "رجاله رجال الصحيح".

[14]  انظر: تفسير ابن كثير (4/90).

[15]  أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند (5/327) من طريق إسحاق بن يحيى بن الوليد بن عبادة عن عبادة رضي الله عنه في حديث طويل فيبعض أقضية النبي صلى الله عليه وسلم وعمر رضي الله عنه، قال الهيثمي في المجمع (4/205): "إسحاق لم يدرك عبادة".

[16]  الموطأ (2/867).

[17]  المنتقى.

[18]  أخرجه أحمد (5/28)، وأبو داود في الصوم (2428) واللفظ له، ومجيبة الباهلية لم يرو عنها غير أبي السليل، وأخرجه ابن ماجه في الصيام (1741) بلفظ: ((وصم أشهر الحرم))، لكن وقع فيه: عن أبي السليل عن أبي مجيبة الباهلي عن أبيه أو عن عمه، على أنه رجل، وفي الكبرى للنسائي (2743): عن أبي السليل عن مجيبة الباهلي عن عمه، قال المنذري في مختصر سنن أبي داود (3/306-307): "وقد وقع فيه هذا الاختلاف كما تراه، وأشار بعض شيوخنا إلى تضعيفه لذلك، وهو متوجه"، وبين الشيخ الألباني فيه علة أخرى، انظر: تمام المنة (ص 413).

 [19] أخرجه مسلم في اللباس والزينة (2069)، وأحمد (1/26) واللفظ له.

[20]  انظر: المغني (3/167).

 [21] انظر: لطائف المعارف (ص 123-124) .

[22]  أخرجه ابن ماجه في الصيام (1743)، وقال البوصيري في الزوائد: "في إسناده داود بن عطاء وهو ضعيف متفق على ضعفه"، ورمز له السيوطي بالضعف، وقال الألباني: "ضعيف جدا".

[23]  مجموع الفتاوى (25/290-291).

[24]  أخرجه عبد الرزاق في المصنف (3/102)، وصححه الألباني في الإرواء (4/113).

[25]  انظر: تفسير البغوي (4/46).

[26]  أخرجه البخاري في الطب (5717)، ومسلم في السلام (2220) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

[27]  متفق عليه، وقد تقدم تخريجه.

[28]  أحكام القرآن (2/504).

[29]  متفق عليه، وقد تقدم تخريجه.

 

 

.