الملف العلمي للبحوث المنبرية لفقه وآداب وأحكام العيد     

.

    ملخص أحكام العيد وآدابه: ثانيًا: من آداب العيدين:                                                                   قائمة محتويات  هذا الملف   

 

 من آداب العيدين:

1-  التهنئة وحكمها وما يقال فيها:

التهنئة التي يتبادلها الناس فيما بينهم أيا كان لفظها، مثل قول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنكم، وما أشبه ذلك من  عبارات التهنئة. فهذا قد رُوي عن طائفة من السلف أنهم كانوا يفعلونه، فعن جبير بن نفير قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد، يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك([1]). ورخص فيه الأئمة كأحمد وغيره.

لكن روي عن الإمام أحمد أنه قال: أنا لا أبتدئ أحداً، فإن ابتدأني أجبته.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأما الابتداء بالتهنئة فليس سنة مأموراً بها، ولا هو أيضاً مما نُهي عنه، فمن فعله فله قدوة، ومن تركه فله قدوة([2]).اهـ.

ولا ريب أن هذه التهنئة من مكارم الأخلاق، ومحاسن المظاهر الاجتماعية بين المسلمين، ولها أثر طيب في تقوية الصلات الوشائح، وإشاعة روح المحبة بين المسلمين، فأقل ما يقال فيها أن تهنئ من هنأك، وتسكت إن سكت([3]).

2-  زيارة الأهل والأقارب وصلة الرحم:

هذا مستحب مندوب إليه في كل وقت لكنه يتأكد في هذه الأيام، خاصة الوالدين لأن فيه إدخال أعظم السرور عليهما وهو من تمام الإحسان إليهما الذي أمر الله به في كتابه.

3-  التوسعة في الأكل والشرب فيها:

لا حرج في التوسعة في الأكل والشرب والنفقة في هذه الأيام من غير سرف، لقوله صلى الله عليه وسلم في عيد الأضحى عند مسلم وغيره: ((أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل)).

كما يباح اللهو المباح:

لحديث أنس عند أبي داود، والنسائي بسند صحيح، قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وجدهم يحتفلون بعيدين، فقال عليه الصلاة والسلام: ((كان لكم يومان تلعبون فيهما ، وقد أبدلكم الله خيراً منها: يوم الفطر ويوم الأضحى))([4]).

وأخرج الشيخان وأحمد عن عائشة قالت: (إن الحبشة كانوا يلعبون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم عيد فاطلعت من فوق عاتقه فطأطأ لي منكبيه فجعلت أنظر إليهم من فوق عاتقه حتى شبعت ثم انصرفت).

وأما الغناء المباح فلما أخرجه الشيخان وأحمد من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث – وفي رواية -: وليستا بمغنيتين، فاضطجع على الفراش وحوّل وجهه. ودخل أبو بكر فانتهرني، وقال: مزمارة الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم ! فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: دعهما – وفي رواية – فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر، إن لكل قوم عيداً، وهذا عيدنا)).

قال القرطبي: "(قولها وليستا بمغنيتين) أي ليستا ممن يعرف الغناء كما يرفعه المغنيات المعروفات بذلك، وهذا منها تحرز عن الغناء المعتاد عند المشتهرين به، وهو الذي يحرك الساكن ويبعث الكامن، وهذا النوع إذا كان في([5]) شعر في وصف محاسن النساء والخمر وغيرهما من أمور المحرمة، لا يختلف في تحريمه"([6]).

قال الحافظ: وفي هذا الحديث من الفوائد مشروعية التوسعة على العيال في أيام الأعياد بأنواع ما يحصل لهم بسط النفس، وترويح البدن من كلف العبادة، وأن الإعراض عن ذلك أولى، وفيه أن إظهار السرور في الأعياد من شعائر الدين[7]).


 

([1]) قال الإمام أحمد: إسناده جيد،وحسن الحافظ إسناده في الفتح (2/517)،وانظر أيضاً تمام المنة للألباني (ص354-356).

([2]) مجموع الفتاوى (24/253).

([3]) انظر وقفات للصائمين لفضيلة الشيخ سلمان العودة حفظه الله (ص99).

([4]) تقدم تخريجه (ص4).

([5]) كذا بالأصل ولعلها (فيه) والله أعلم.

([6]) نقلاً عن فتح الباري (2/513).

([7]) فتح الباري (2/514).

 
.