الملف العلمي للأحداث الراهنة

.

  العدل: أولاً: تعريف وبيان:             الصفحة السابقة                 الصفحة التالية                (الصفحة الرئيسة)

 

أولاً: تعريف وبيان:

العدل لغةً: مصدر عدل يعدل عدلاً وهو مأخوذٌ من مادة (ع د ل) التي تدل على معنيين متقابلين: أحدهما يدل على الاستواء، والآخر على اعوجاج، ويرجع لفظ العدل هنا إلى المعنى الأول، وإذا كان العدل مصدراً فمعناه: خِلاف الجور وهو ما قام في النفوس أنه مستقيم، وقد يستعمل هذا المصدر استعمال الصفات، فيقال: رجلٌ عدلٌ، والعدل من الناس المرضِيُّ المستقيم الطريقة، ويستوي في هذا الوصف المفرد والمثنَّى والجمع والمذكّر والمؤُنَّث. يقال: رجل عدلٌ، ورجلان عدلٌ، ورجالٌ عدلٌ، وامرأةٌ عدلٌ، كل ذلك على معنى: ذو عدلٍ، أو ذوو عدلٍ، أو ذوات عدل.

ويرادف العدل في معناه المصدري العدالة والعدولة والمعْدَلة يقال: بسط الوالي عدله وعدالته ومعدلته بمعنى، وفلانٌ من أهل المعدلة أي من أهل العدل، وتعديل الشهود أن تقول إنهم عدولٌ، والعَدلُ والعِدلُ والعدِيل سواءٌ أي النظيرُ والمثيلُ، وقيل: هو المِثلُ وليس بالنظير عينه وفي التنزيل: {أَو عَدْلُ ذٰلِكَ صِيَاماً} [المائدة:95].

والعدل أيضاً الحُكم بالحق، وفي قول الله تعالى: {وَأَشْهِدُواْ ذَوَى عَدْلٍ مّنكُمْ} [الطلاق:2]، قال سعيد بن المسيب: ذوي عقلٍ، وقال إبراهيم النخعي: العدلُ الذي لم تظهر منه ريبة[1].

العدل شرعا:

1. قال ابن حزم: هو أن تُعطي من نفسك الواجب وتأخذه[2].

2. وقال الجرجاني: العدل الأمر المتوسط بين الإفراط والتفريط[3].

3. وقيل: بذل الحقوق الواجبة وتسوية المستحقين في حقوقهم[4].

ومن الألفاظ التي تطلق على العدل:

القسط:

قال الله تعالى: {شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَٱلْمَلَـٰئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ قَائِمَاً بِٱلْقِسْطِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ} [آل عمران:18].

قال ابن القيم: "أخبر بأنه لا إله إلا هو في أول الآية، وذلك داخل تحت شهادته وشهادة ملائكته وأولي العلم، وهذا هو المشهود به، ثم أخبر عن قيامه بالقسط وهو العدل، فأعاد الشهادة بأنه لا إله إلا هو مع قيامه بالقسط"[5].

الصراط المستقيم:

قال الله تعالى عن هود عليه السلام وهو يخاطب قومه الذين هددوه وخوفوه بآلهتهم: {قَالَ إِنِى أُشْهِدُ ٱللَّهِ وَٱشْهَدُواْ أَنّى بَرِىء مّمَّا تُشْرِكُونَ * مِن دُونِهِ فَكِيدُونِى جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ * إِنّى تَوَكَّلْتُ عَلَى ٱللَّهِ رَبّى وَرَبّكُمْ مَّا مِن دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ ءاخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبّى عَلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [هود:54-56].

أي: مع كونه سبحانه آخذا بنواصي خلقه وتصريفهم كما يشاء فهو على صراط مستقيم، لا يتصرف فيهم إلا بالعدل والحكمة والإحسان والرحمة، فقوله: ((ماض فيَّ حكمك)) مطابق لقوله: {مَّا مِن دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ ءاخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا}، وقوله: ((عدل فيَّ قضاؤك)) مطابق لقوله: {إِنَّ رَبّى عَلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ}[6].


[1] انظر: مقاييس اللغة لابن فارس (4/246)، والصحاح (5/1760)، ولسان العرب (5/2838)، ومفردات الراغب (325).

[2] مداواة النفوس (ص82).

[3] التعريفات للجرجاني (ص153).

[4] الرياض الناضرة والحدائق النيرة الزاهرة لعبد الرحمن بن ناصر السعدي (ص253).

[5] تهذيب السنن (5/182).

[6] الطب النبوي (ص 161).

 

.