عنوان الخطبة

من معجزاته صلى الله عليه وسلم زيادة الطعام والشراب

اسم الخطيب

عبد العظيم بن بدوي الخلفي

رقم الخطيب

54

رقم الخطبة

1103

اسم المسجد

مسجد النور

تاريخ الخطبة

 

ملخص الخطبة

وقائع وأحداث حصل فيها تكثير الطعام والشراب آية من آيات الله تعالى تصديقاً لرسوله صلى الله عليه وسلم.

الخطبة الأولى

عن سالم بن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله قال: ((عطش الناس يوم الحديبية ورسول الله بين يديه ركوة بتوضأ منها فقال له الناس: يا رسول الله ليس عندنا ماء نتوضأ به ولا نشرب إلا ما في ركوتك، قال: فوضع رسول الله يده في الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون، قال: فشربنا وتوضأنا، قال: فقلت: لجابر: كم كنتم يومئذ؟ قال لو كنا ألفا لكفانا، كنا خمس عشرة مائة)).

من معجزاته زيادة الطعام والشراب ببركته ، وهذا الحديث أحد الأحاديث المصرّحة بزيادة الماء ببركته ، وفي السنة أحاديث غيره تدل على ما دل عليه: عن عبد الله بن مسعود قال: ((كنا نعد الآيات بركة وأنتم تعدونها تخويفا، كنا مع رسول الله في سفر فقلّ الماء، فقال: اطلبوا لي فضلة من ماء)) فجاءوا بإناء فيه ماء قليل وأدخل يده في الإناء ثم قال: ((حي على الطهور المبارك، والبركة من الله تعالى))، فلقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله .

وعن أنس بن مالك قال: ((رأيت رسول الله وحانت صلاة العصر فالتمس الناس الوضوء فلم يجدوه، فأتى رسول الله بوضوء، فوضع رسول الله في ذلك الإناء يده وأمر الناس أن يتوضؤوا منه. قال: فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه ، فتوضأ الناس حتى توضؤوا من عند آخرهم)).

وعن عمران  بن حصين قال: ((كنا في سفر مع النبي ، وإنا أسرينا حتى إذا كنا في آخر الليل وقعنا وقعة، ولا وقعة عند المسافر أحلى منها، فما أيقظنا إلا حر الشمس، فكان أول من استيقظ فلان، ثم فلان، ثم فلان، ثم عمر بن الخطاب الرابع، وكان النبي إذا نام لم نوقظه حتى يكون هو يستيقظ، لأنا لا ندري ما يحدث له في نومه، فلما استيقظ عمر ورأى ما أصاب الناس، وكان رجلا جليدا، كبّر ورفع صوته بالتكبير، فما زال يكبر ويرفع صوته بالتكبير حتى استيقظ لصوته النبي ، فلما استيقظ شكوا إليه الذي أصابهم فقال: ((لا ضير، ارتحلوا)) فارتحل فسار غير بعيد ثم نزل، ودعا بالوضوء فتوضأ، ونودي بالصلاة فصلى بالناس، فلما انفتل من صلاته إذ هو برجل معتزل لم يصل مع القوم، فقال: ((ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم؟)) قال: أصابتني جنابة ولا ماء، قال: ((عليك بالصعيد فإنه يكفيك)). ثم سار النبي فاشتكى إليه الناس من العطش، فنزل فدعا فلانا، ودعا عليا، فقال: ((اذهبا فأتيا بالماء))، فانطلقا فتلقّيا امرأة بين مزادتين من ماء على بعير لها، فقالا لها: أين الماء؟ فقالت: عهدي بالماء أمس هذه الساعة، ونفرنا خلوف، فقالا لها: انطلقي إذا، قالت: إلى أين؟ قالا: إلى رسول الله ، قالت: الذي يقال له الصابئ؟ قالا: هو الذين تعنين، فانطلقي، فجاءا بها إلى النبي وحدثاه الحديث، قال: فاستنزلوها عن بعيرها، ودعا النبي بإناء، فأفرغ فيه من أفواه المزادتين وأوكأ أفواههما، وأطلق الغرالي، ونودي في الناس: اسقوا واستقوا، فسقى من شاء، واستقى من شاء، وكان آخر ذلك أن أعطى الذي أصابته الجنابة إناء من ماء فقال: ((اذهب فأفرغه عليك)). وهي قائمة تنظر إلى ما يفعل بمائها، وايم الله لقد أقلع عنها وإنه ليخيّل إلينا أنها أشد ملئة منها حين ابتدأ فيها، فقال النبي : ((اجمعوا لها))، فجمعوا لها من بين عجزة ودقيقة وسويقه، حتى جمعوا لها طعاما، فجعلوه في ثوب، وحملوها على بعيرها، ووضعوا الثوب بين يديها، وقال لها: ((تعلمين ما رزئنا من مائك شيئا، ولكن الله هو الذي أسقانا)).

فأتت أهلها وقد احتبست عنهم، فقالوا: ما حبسك يا فلانة؟ قالت: العجب، لقيني رجلان فذهبا بي إلى هذا الصابئ، ففعل كذا وكذا، والله إنه لأسحر الناس من بين هذه وهذه، وقالت بإصبعيها السبابة والوسطى، فرفعتهما إلى السماء تعني السماء والأرض أو إنه لرسول الله حقا.

فكان المسلمون يغيرون على من حولها من المشركين ولا يصيبون الصرم الذي هي منه.

فقالت يوما لقومها: ما أرى إلا أن هؤلاء القوم يدعونكم عمدا! فهل لكم في الإسلام؟.

وعن أبي قتادة الأنصاري قال: خطبنا رسول الله فقال: ((إنكم تسيروا من عشّيتكم وليلتكم وتأتون الماء إن شاء الله غدا)) فانطلق الناس لا يلوي أحد على أحد، قال أبو قتادة: فبينما رسول الله يسير حتى أبهار الليل وإني إلى جنبه، قال: فنعس رسول الله فمال عن راحلته، فأتيته فدعمته من غير أن أوقظه حتى اعتدل على راحلته، قال: ثم سار، حتى إذا تهور الليل مال عن راحلته، قال: فدعمته من غير أن أوقظه حتى اعتدل على راحلته. ثم سار حتى إذا كان من آخر السحر مال ميلة هي أشد من الميلتين الأوليين، حتى كاد ينجفل، فأتيته فدعمته، فرفع رأسه فقال: ((من هذا؟)) قال: أبو قتادة. قال: ((متى كان هذا سيرك مني؟)) قلت: ما زال هذا سيري منذ الليلة. قال: ((حفظك الله بما حفظت به نبيه))، ثم قال: ((هل ترانا نخفى على الناس؟)) ثم قال: ((هل ترى من أحد؟)) قلت: هذا راكب، ثم قلت: هذا راكب آخر، حتى اجتمعنا فكنا سبعة ركب، قال: فمال رسول الله عن الطريق فوضع رأسه، ثم قال: ((احفظ علينا صلاتنا))، فكان أول من استيقظ رسول الله والشمس في ظهره، قال: فقمنا فزعين، ثم قال: ((اركبوا)). فركبنا فسرنا حتى إذا ارتفعت الشمس نزل ثم دعا بميضأة كانت معي فيها شيء من ماء قال: فتوضأنا منها وضوءا دون وضوء، وبقي فيها شيء من ماء، ثم قال لأبي قتادة: ((احفظ علينا ميضأتك فسيكون لها نبأ))، ثم أذّن بلال بالصلاة، فصلى رسول الله ركعتين، ثم صلى الغداة، فصنع كما كان يصنع كل يوم. قال: وركب رسول الله وركبنا معه. قال: فجعل بعضنا يهمس إلى بعض: ما كفارة ما صنعنا بتفريطنا في صلاتنا؟ ثم قال: ((أما لكم فيّ أسوة حسنة؟)) ثم قال: ((أما إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجئ وقت الأخرى، فمن فعل ذلك فليصلها حين ينتبه لها، فإذا كان الغد فليصلها عند وقتها)). ثم قال: ((ما ترون الناس صنعوا؟))، قال: أصبح الناس فقدوا نبيهم، فقال أبو بكر وعمر: رسول الله بعدكم، لم يكن ليخلّفكم، وقال الناس: إن رسول الله بين أيديكم، فإن يطيعوا أبا بكر وعمر يرشدوا، قال: فانتهينا إلى الناس حين اشتد النهار وحمى كل شيء، وهم يقولون: يا رسول الله هلكنا عطشا، قال: ((لا هلك عليكم))، ثم قال: ((أطلقوا لي غمري))، قال: ودعا بالميضأة، فجعل رسول الله يصب، وأبو قتادة يسقيهم، فلم يعد أن رأى الناس ماء في الميضأة تكابوا عليها، فقال رسول الله : ((أحسنوا الملأ، كلكم سيروى)). قال: ففعلوا، فجعل رسول الله يصب وأسقيهم، حتى ما بقي غيري وغير رسول الله . قال: ثم صب رسول الله فقال لي: ((اشرب))، فقلت: لا أشرب حتى تشرب يا رسول الله، قال: ((إن ساقي القوم آخرهم)) قال: فشربت، وشرب رسول الله . قال: فأتى الناس جامّين رواء.

وعن البراء بن عازب قال: ((كنا مع النبي أربع عشرة مائة، والحديبية بئر، فترحناها فلم نترك فيها قطرة، فبلغ ذلك النبي ، فأتاها فجلس على شفيرها، ثم دعا بإناء من ماء، فتوضأ، فمضمض ودعا، ثم صبّه فيها، فتركناها غير بعيد، ثم إنها أصدرتنا ما شئنا نحن وركائبنا)).

وعن أبي هريرة قال: لما كان يوم غزوة تبوك أصاب الناس مجاعة، فقالوا: يا رسول الله! لو أذنت لنا فنحرنا نواضحنا فأكلنا وادهنا، فقال : ((افعلوا)) فجاء عمر فقال: يا رسول الله! إن فعلنا قلّ الظهر، ولكن ادع بفضل أزوادهم ثم ادع الله لهم عليها بالبركة، لعل الله أن يجعل في ذلك، فقال : ((نعم))، قال: فدعا بنطع فبسط، ثم دعا بفضل أزوادهم، فجعل الرجل يجئ بكفّ ذرة، ويجئ الآخر بكسرة، حتى اجتمع على النطع من ذلك شيء يسير.

قال: فدعا رسول الله بالبركة، ثم قال: ((خذوا في أوعيتكم)).

قال: فأخذوا في أوعيتم حتى ما تركوا في العسكر وعاء إلا ملأوه قال: فأكلوا حتى شبعوا وفضلت فضلة، فقال رسول الله : ((أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيحجب عن الجنة)).

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:

لما حُفر الخندق رأيت برسول الله خمصا، فانكفأت إلى امرأتي فقلت: هل عندك شيء؟ فإني رأيت برسول الله خمصا شديدا، فأخرجت إلي جرابا فيه صاع من شعير، ولنا بهيمة داجن فذبحتها وطحنت، ففرغت إلى فراغي، وقطّعتها في برمتها، ثم ولّيت إلى رسول الله ، فقالت: لا تفضحني برسول الله ومن معه! فجئته فساررته فقلت: يا رسول الله! ذبحنا بهيمة لنا، وطحنت صاعا من شعير كان عندنا، فتعال أنت ونفر معك.

فصاح النبي وقال: ((يا أهل الخندق! إن جابرا قد صنع سؤرا، فحيهلا بكم)).

فقال رسول الله : ((لا تنزلن برمتكم، ولا تخبزن عجينتكم حتى أجئ)) فجئت، وجاء رسول الله يقدم الناس، حتى جئت امرأتي، فقالت: بك، وبك، فقلت: قد فعلت الذي قلت، فأخرجت عجينا فبصق فيه وبارك، ثم عمد إلى برمتنا، فبصق وبارك ثم قال: ((ادعو لي خابزة فلتخبز معك، واقدحي، من برمتكم، ولا تنزلوها))، وهم ألف، فأقسم بالله! لأكلوا حتى تركوه وانحرفوا، وإن برمتنا لتغط كما هي، وإن عجيننا ليخبز كما هو.

وعن أبي هريرة قال: آلله الذي لا إله إلا هو، إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع، ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجون منه، فمر أبو بكر، فسألته عن آية من كتاب الله؟ ما سألته إلا ليستتبعني، فمر فلم يفعل، ثم مر عمر، فسألته عن آية من كتاب الله؟ ما سألته إلا ليستتبعني فمر فلم يفعل، ثم مر بي أبو القاسم ، فتبسم حين رآني وعرف ما في وجهي وما في نفسي، ثم قال: ((يا أبا هر؟)) قلت: لبيك يا رسول الله! قال: ((إلحق)). ومضى فاتبعته، فدخل فاستأذن، فأذن لي، فدخل فوجد لبنا في قدح، فقال: ((من أين هذا اللبن؟)) قالوا: أهداه لك فلان أو فلانة.

قال: ((أبا هر!)) قلت: لبيك يا رسول الله، قال: ((إلحق إلى أهل الصفّة فادعهم لي)).

قال: وأهل الصفّة أضياف الإسلام، لا يأوون إلى أهل ولا مال، ولا إلى أحد، إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئا، وإذا أتته هدية أرسل إليهم، وأصاب منها وأشركهم فيها، فساءني ذلك، وقلت: وما هذا اللبن في أهل الصفة؟ كنت أحق أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها، وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن؟ ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله بُدٌ. فأتيتهم فدعوتهم، فأقبلوا واستأذنوا فأذن لهم، وأخذوا مجالسهم من البيت، فقال: ((يا أبا هر!)) قلت: لبيك يا رسول الله! قال: ((خذ فأعطهم ))، قال: فأخذت القدح، فجعلت أعطيه الرجل، فيشرب حتى يروي، ثم يرد علي القدح، فأعطيه الآخر، فيشرب حتى يروي، ثم يرد علي القدح، فأعطيه الآخر، فيشرب حتى يروي، ثم يرد علي القدح، حتى انتهيت إلى النبي ، وقد روي القوم كلهم، فأخذ القدح، فوضعه على يده، فنظر إلي فتبسم، فقال: ((يا أبا هر!))، قلت: لبيك يا رسول الله! قال: ((بقيت أنا وأنت)). قلت: صدقت يا رسول الله. قال: ((فاقعد فاشرب))، فقعدت فشربت، فقال: ((اشرب)). فشربت، فما زال يقول: ((اشرب)) حتى قلت: لا والذي بعثك بالحق، ما أجد له مسلكا، قال: ((فأرني))، فأعطيته القدح، فحمد الله وسمّى، وشرب الفضلة.

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: ((أن رسول الله جاءه رجل يستطعمه فأطمعه شطر وسق شعير، فما زال الرجل يأكل منه وامرأته وضيفهما حتى كاله ففني، فأتى النبي فقال: لو لم تكله لأكلتم منه، ولقام لكم)).

وعنه : أن امرأة كانت تهدي للنبي في عكة لها سمنا، فيأتيها بنوها فيسألون الأدم، وليس عندهم شيء، فتعمد إلى العكة التي كانت تهدي منها للنبي فتجد فيها سمنا، فما زالت تقيم لها أدم بيتها حتى عصرتها، فأتت النبي فقال: ((عصرتيها؟)) قالت: نعم، قال: ((لو تركتيها ما زال قائما)).

وعن سلمة بن الأكوع قال: ((خرجنا مع رسول الله في غزوة فأصابنا جهد، حتى هممنا أن ننحر بعض ظهرنا، فأمرنا نبي الله فجمعنا مزاودنا، فبسطنا له نطعا، فجمع زاد القوم على النطع، قال: فتطاولت لأحزره كم هو؟ قال: حزرته، فإذا هو كربضة العنز، ونحن أربعة عشرة مائة، قال: فأكلنا حتى شبعنا جميعا، ثم حشونا جربنا، فقال نبي الله : ((فهل من وضوء؟))، قال: فجاء رجل بإداوة فيها نطفة، فأفرغها في قدح فتوضأنا كلنا، ندغفقه دغفقة، أربع عشرة مائة، قال: ثم جاء بعد ثمانية فقالوا: هل من طهور؟ فقال رسول الله : ((فرغ الوضوء)).