من معالم الهجرة

عبد الله الهذيل

2569

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية اضف إلى رف الخطب

ملخص المادة العلمية

1- أهمية حدث الهجرة النبوية في تاريخ الأمة المسلمة. 2- هجرة الصحابة إلى المدينة فراراً بدينهم. 3- مؤامرة قريش على النبي . 4- النبي وصاحبه في غار ثور.

أيها الأحبة في الله، رابع أربعة من أيام عام حل علينا، بعد أن طويت صفحات عام مضى، كما طويت صفحات أعوام. مضى بما يحمل في طياته، وبما سطر في سجلاته، تاريخ يُحصى صغيرهُ وكبيرهُ، وأحداث تحفظ حدثاً حدثاً، وإن نسيت أو تنوسيت.

وإن مُضي عام ومجيء عام، ليُحدث بأحداث عظام، مرت بتاريخ الأمة، ذلك التاريخ الذي له وزنه وثقله في تاريخ الأمم أجمع.

إن أمتنا لها ما يميزها في تاريخها، وفي نهجها، وفي جميع شؤونها، فليست صدى يردد عادات أمم وتقاليدها، ولا ظلاً يحكي تحركات تلك الأمم، بل أمة هي أعظم الأمم على مرّ الأيام والأعوام.

فعار أيّ عار، أن يلتفت فئام من الأمة يمنة ويسرة فتأخذهم نشوة الإعجاب بحضارات زائفة! فيظلون ينعقون بالتطفل على موائدها، والسير سيراً حثيثاً في ركبها، وتلك ذلة يعيشونها في أنفسهم، لمّا أن ضعفت فيها أو انتفت مصادر العزة الأصيلة والحياة الطيبة.

أيها الأحبة، إن ذهاب عامٍ ومجيء آخر ليحدث بحدث عظيم، جد عظيم في ذلك التاريخ، لن تنساه الأمة مهما طال الزمان.

حدث جعله ذلك الإمام الملهم المحدث الفاروق عمر رضي الله عنه منطلقاً لتاريخ الأمة، وأقره الصحابة على ذلك، فكان إجماعاً لا يخرم على عظم ذلك الحدث وأهميته البالغة في حياة الأمة، ذاك حدث الهجرة الذي جاء بعد أن مكث النبي صلى الله عليه وسلم في مكة، يدعو إلى التوحيد وإخلاص العبادة لله وحده لا شريك له، دعوة أحيا لها ليله، وقضى بها نهاره، لم يثنه عنها كلمات يُرمى بها، ولا إهانات يتعرض لها، ولا إعراض يواجهه من كثير، بل مضى داعياً صابراً موقناً بنصرة ربه عز وجل، وأن دينه سيبلغ ما بلغ الليل والنهار، ويدخل كل بيت حجر ومدر بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز به الإسلام وأهله، وذلاً يذل به الكفر وأهله.

فقضى صلى الله عليه وسلم بدعوته هناك في مكة ثلاث عشرة سنة، ثم أذن للصحابة بالهجرة فهاجروا، ثم جاءه الأمر من ربه سبحانه بالهجرة فهاجر صلى الله عليه وسلم تاركاً أرضاً عاش في ربوعها، وداراً تنقل من جوانبها.

ولكن أمر الدعوة أعظم، وشأنها أعلى من أن تقيدها أرض يُضيّق عليه فيها، فيوم أن أخذت قريش على عاتقها حرب الدعوة والتضييق على أصحابها في أرضها، لم يخلد إلى الأرض على حساب الدعوة، بل الدعوة أولاً، وهي الأصل الأصيل، وإن تخلى عن الأرض، وإن فورق الأهل والأرحام.

لذلك لما خرج صلى الله عليه وسلم مهاجراً، نظر إلى مكة نظرة الحزين على فراقها، وهو يقول: ((والذي نفسي بيده إنك من أحب أرض الله إلى قلبي، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت))[1] هكذا يخاطب الأرض التي عاش فيها، ولكن الدعوة أحب إلى قلوب أصحابها، وحقيقة إخراجهم له أنهم ضيقوا عليه وآذوه وصبوا وابل الأذى على أتباعه، وإلا فهم كانوا على حذر من خروجه، لذلك لما علموا بخروجه جعلوا عطاءً ثميناً لمن يأتي به حياً أو ميتاً.

أيها الأحبة في الله، هاجر صلى الله عليه وسلم الهجرة الحقة، من أجل الحق، هجرة لم يكن يعرفها العرب في جاهليتهم، فالعربي كان في جزيرته لا يعرف الهجرة إلا وراء العشب والكلأ ومواقع القطر، أو هجرة لاهث وراء معشوقة يهيم في هواها ويبكي على أطلال كانت تغشاها ويتنقل بين نظم ونثر في ذكراها، أو هجرة حروب دامية وعصبيات جاهلية تحكي خفة العقول و الادعاء الكاذب حين يقال:

وقـد علـم القبائـل من معـدّ                            إذا قبـب بأبطحهـا بنينـا

بأنـا المطعمـون إذا قـَدَرنـا                    وأنا المهلكـون إذا ابتلينـا

وأنـا المـانعون لمـا أردنـا                      وأنا النازلـون بحيث شـينا

وأنا التـاركون إذا سـخطنـا                    وأنا الآخـذون إذا رضـينا

وأنـا العاصمـون إذا أُطعنـا                     وأنا العازمـون إذا عُصـينا

ونشرب إن وردنا الماء صفواً                        ويشرب غيرنا كدراً وطيـناً

إذا ما الملك سام الناس خسفـاً                     أبينـا أن نُقـر الـذل فينـا

لنا الدنيا ومـن أمسـى عليهـا                             ونبطـش حين نبطش قادرينا

إذا بلـغ الفطـامَ لنـا صـبي                     تخر لـه الجبابر سـاجدينـا

ملأنا البـر حتـى ضـاق عنا                     وظهـر البحر نملؤه سفينـا

فتلك هي الحال التي كان يعيش، هواه وميوله مشدودة بترابه، وعبادته وتفكيره تقليد لخيالات الآباء والأجداد وما نحتوه من جهل وضلال، فتبْنى كل هجرة لأحدهم أو لجماعاتهم على ذلك الجرف الهار.

أما هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وهجرة صحابته رضوان الله عليهم، فقد كانت على أساس ثابت، قائم على محبة الله تعالى ورضوانه، فأثبتوا للدنيا أجمع أنهم لدينهم ولعقيدتهم، وأنهم ليسوا للتراب، ولا للأهواء ولا للعصبيات، وأن بناءهم لا يقوم على الحجر والطين، ولا يلقى ثقله على أموال اقترفوها ولا تجارة يخشون كسادها، ولا مساكن يرضونها، بل هي العقيدة الصافية الصادقة: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله). فأدرك الغويّ أبو جهل ومن وراءه إدراك الموقن بنفسه المعارض بلسانه، أنهم لم ينازعوهم في أرض ولا في مال ولا في عقار ولا في قمار، ولا في زعامة فاشلة تهدم ولا تبني، ولا في قبَلِيَّة عمياء جهلاء، بل نازعوهم في تلك العقيدة التي حملوها، وحملوا على عاتقهم نشرها والدعوة إليها رغم أنف أبي جهل ومن معه.

 فهاجروا وتركوا الأرض والديار والأهل؛ ولكن الإيمان أصيل يملأ القلوب، وآي التنزيل تنير لهم دُهْمَة[2] الليالي، وراية التوحيد تفتح أمامهم طرقاً كانت ضيقة، وتزيح أمامهم عراقيل الجبال الشوامخ، فإذا أفق طيبة الطيبة يتلألأ من بعيد وهو قريب، طابت بخير قادم عليها، فهام أوسها وخزرجها على روابيها بصدور رحبة، تحيي الأمين وصحبه فرحة بخير قادم عليها، والمحبة أوثق العرى مع من ربطتهم به (لا إله إلا الله، محمد رسول الله).

أيها الأحبة في الله، عقد المشركون مجلساً في آخر السنة الثالثة عشرة من البعثة، لما تيقنوا أن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم تهدد كيانهم، فعقدوه وبنوه على المؤامرة على تلك الدعوة وأصحابها. وهكذا أهل الباطل وإن اختلفت آراؤهم ومشاربهم إلا أنهم يجتمعون على الباطل، متناسين كل نعرة بينهم، فتبادلوا الآراء، ويشاركهم إبليس فيها على هيئة شيخ نجدي، وبعد أخذ وردّ استقر الرأي على مقالة فرعون هذه الأمة أبي جهل، بعد أن قال في النبي صلى الله عليه وسلم: إن لي فيه رأياً ما أراكم وقعتم عليه بعدُ، قالوا: وما هو؟ قال: أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شاباً جليداً نسيباً وسيطاً فينا ثم نعطي كل فتى منهم سيفاً صارماً ثم يعمدوا إليه فيضربوه بها ضربة رجل واحد فيقتلوه، فنستريح منه، فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعاً، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعاً، فرضوا منا بالعقل، فعقلناه لهم.

فقال الشيخ النجدي ـ إبليس ـ: القول ما قال الرجل، هذا الرأي، لا أرى غيره.

وانعقد إجماعهم على ذلك، فأجمعوا كيدهم ونزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم بخبرهم، وأمر بالخروج من مكة، فذهب إلى أبي بكر وقال له: قد أذن لي في الخروج، فقال أبو بكر: الصحبة بأبي أنت يا رسول الله ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((نعم))[3].

وفي عتمة من الليل أحاط الجمع ببيته صلى الله عليه وسلم يرصدونه حتى يثبوا عليه جميعاً.

فأمر النبي صلى الله عليه وسلم علياً أن يبقى مكانه؛ ليؤدي ودائع لأناس في مكة[4].

وخرج النبي صلى الله عليه وسلم من بين الجموع، كل معه سيفه، ولكن حسبوا أنهم على شيء. خرج صلى الله عليه وسلم واخترق صفوفهم، وأخذ حفنة من تراب فجعل يذره على رؤوسهم، وقد أخذ الله أبصارهم عنه فلا يرونه وهو يتلو قول الله تعالى: وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأغْشَيْنَـٰهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ [يس:9] [5].

فلم يبق رجل منهم إلا وقد وضع التراب على رأسه، وهم ينتظرون ساعة الصفر، ويشيع لهم في القبائل ذكر، وتلهج بأسمائهم المجالس، وسرعان ما تجلت لهم الخيبة، وضاع أملهم أدراج الرياح، فقد جاءهم رجل ممن لم يكن معهم، ورآهم ببابه، فقال لهم: ما تنتظرون؟ قالوا: ننتظر محمداً، فقال: قد خبتم، والله قد مر بكم وذرّ على رؤوسكم التراب، وانطلق لحاجته، قالوا: والله ما أبصرناه. وقاموا ينفضون التراب عن رؤوسهم.

وذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى منزل أبي بكر رضي الله عنه، فخرجا منه، وذهبا إلى غار ثور، وكان عبد الله بن أبي بكر يبيت عندهما، ويأتيهما بنبأ القوم، وكان عامر بن فهيرة مولى أبي بكر يرعى عليهما منحة من غنم، وكان يتبع بغنمه آثار عبد الله بعد ذهابه، لئلا يستدل بها.

أما قريش فقد جن جنونها، وطاش طيشها، وبذلت كل وسيلة في البحث والتنقيب، وجعلت كل الطرق تحت المراقبة، وجعلت مكافأة ضخمة قدرها مائة ناقة بدل كل واحد منهما لمن يأتي بهما.

وجدّت الفرسان في ذلك طلباً للجائزة حتى وصلوا إلى باب الغار، ولكن الله غالب على أمره.

روى البخاري عن أنس عن أبي بكر رضي الله عنهما قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار فرفعت رأسي فإذا أنا بأقدام القوم، فقلت: يا نبي الله لو أن أحدهم طأطأ بصره رآنا، قال: ((اسكت يا أبا بكر، اثنان الله ثالثهما))[6]، وفي لفظ: ((ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما))[7].

هكذا اليقين الذي يملأ شغاف القلب، وصدق الثقة والتوكل على الله عز وجل، درس من أجلّ دروس هذه الرحلة، ليعلم كل داعية أنه ما دامت دعوته إلى الله وعمله لله وأمره مفوض إلى الله، فأي خوف يعتريه وأي تهديد يوهن قواه؟!

فيمضي موقناً أن العاقبة للمتقين.

((ما ظنك باثنين الله ثالثهما))، هاجرا لله وتركا الأهل والديار من أجل الله، فما الظن برب رؤوف رحيم بيده كل شيء وعنده خزائن السموات والأرض، أيخذل أولياءه؟! ويسلمهم إلى أعدائه؟! لا والله، سبحانه وتعالى علواً كبيراً.

أيها الأحبة في الله، ومكثا في الغار ثلاثة أيام، ثم تابعا الطريق إلى المدينة، ودليلهم عبد الله بن أريقط، فأخذ بهما طريق الساحل.

وقبل مغادرة الغار أتتهما أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما بسفرتهما، ونسيت أن تجعل لها عصاماً، فشقت نطاقها باثنين، فعلقت السفرة بواحدة، وانتطقت بالآخر، فسميت ذات النطاقين.

فانطلقا في مسيرهما بحفظ من الله تعالى.

وقطعا الطريق حتى أشرف على المدينة نورها وضياؤها وعزها، وكبر المسلمون فرحاً بمقدم النبي صلى الله عليه وسلم، وخرجوا للقائه، فأحدقوا حوله محيطين به، والسكينة تغشاه، وكانت المدينة كلها قد زحفت لاستقباله، وكان يوماً لم تشهد المدينة مثله، فكانت البيوت والسكك ترتج بالتحميد والتكبير والترحيب بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، ومما ذكر في ترحيبهم:

أشرق البدر علينـا                        من ثنيـات الـوداع

وجب الشكر عليـنا                       مـا دعـا للـه داع

أيها المبعوث فينـا                         جئت بالأمر المطاع

وكان الضيف خير ضيف قدم على المدينة، وكان أهلها خير مُضِيف. فأمة أنعم بها من أمة! وبلد أكرم به وبأهله!

أيها الأحبة في الله، هذه معالم من الهجرة، لا نريدها مناسبات تغرد فيها الأناشيد، وتردد فيها الأغنيات، وتكون سبيلاً للابتداع في الدين.

ولكن نريدها دروساً وعبراً، يُنهل من معينها العذب الزلال، لتصحح الأمة مسيرها، وتستدرك أخطاءها، وتعلم يقيناً أنها لن تتقدم ويصلح حالها بنجوم فن زائف أو ملاعب ترفع فيها رايات سافلة أو أقلام تطوي في جنباتها الحقد الدفين لا بذلك ولا بأمثاله أبداً.

ولكن لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، فذاك تاريخ أولها أبلج، ليله كنهاره، فهل من مدّكر؟!

أيها الأحبة في الله، وهكذا تمر السِّنون سريعة .. سنة بعد سنة .. والزمان يتقارب .. وإنه لعلم للساعة .. كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان، فتكون السنة كالشهر، والجمعة كاليوم، ويكون اليوم كالساعة، وتكون الساعة كاحتراق السعفة))[8].

وكل صفحة في سرعة ذلك الطيّ، ليسجل على المرء ما عمل فيها, فإن خيراً فخيرٌ يلقاه, وإن شراً فلا يلومن إلا نفسه, وغداً سيعلم قدر الغبن الذي أصابه.

إذ لا عود، فيستدرك ما فات, فالآن الآن لمن أراد الاستدراك، وكما في الحديث: ((الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني))[9].

أخي الحبيب ..

سنة مضت ..

وكذا السنين ..

مضيُّها طيف بسرعته خفت ..

تمضي .. وتحكي كل حادثة سرت ..

تمضي .. وقد كتبت من العجب العجاب وسطرت ..

تمضي .. وتفشي سرها ..

وتنوح لو هي أسمعت ..

يا صاح .. قد بحت حبال الصوت ..

بل هي بالصراخ تمزقت ..

أمضي عليك .. وأنت في الغفلات ..

قد منيت نفسك ما اشتهت ..

أمضي عليك ..

وجعبتي ملأى ..

وفي أحشائي الحرا .. تجارب هذه الدنيا

وأنت .. أنت لا قلب وعى عبراً ...

ولا أذان صغت ..

أخي الحبيب:

مضت السنة, فأي شيء قدمته لدينك؟! أي شيء قدمته لأمتك؟!

أبذلت الجهد والوسع؟!

أم كنت ذلك المتكئ على أريكته يَعْذر نفسه بـ (أي شيء في يدي) و(ماذا أقدم؟) و(لست مؤهلاً للتقديم), ونحو ذلك.

ألا يسعك ((نضر الله امرأً سمع منا شيئاً فبلغه كما سمعه...))[10] الحديث.

ألا يسعك ((بلغوا عني ولو آية))[11].

ألا يسعك ((من بنى لله مسجداً ولو كمفحص قطاه بنى الله له بيتاً في الجنة))[12].

ألا يسعك ((طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه مغبرة قدماه، إن كان في الساقة كان في الساقة، وإن كان في الحراسة كان في الحراسة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع))[13].

ألا يسعك هذا؟! وأمثاله كثير.

فلا تكن أسيراً لوحي المثبطين, بل بيدك الكثير, ولكن هل عقدت العزم على العمل والبذل؟! ذاك أول الطريق, وبعده تتفتح أبواب الخير أمامك بإذن الله تعالى.

ثم -أخي الحبيب- نفسك التي بين جنبيك, أي شيء قدمته لها في عجالة هذا الزمن, أكان السعي فيها بما يرضي الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فتكون العقبى أحسنها وأطيبها؟ أم أن السبيل فيها بما لا يرضاه الله ورسوله وأنت أعلم بعقباها؟.

فانصحها وانصح لها, وحاسبها محاسبة العائد من ذنبه, المستدرك لتفريطه, وتلك حال المؤمنين مع نفوسهم, لا على مرور سنة بعد سنة, بل في اللحظة بعد اللحظة, وغداً يحمد القوم السرى, وكما ورد عن بعض السلف: "أيها الناس: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتزينوا للعرض الأكبر".

 



[1] صحيح، أخرجه أحمد (4/305)، والترمذي: كتاب المناقب – باب في فضل مكة، حديث (3925)، وقال : حديث حسن غريب صحيح، وأخرجه أيضاً ابن ماجه: كتاب المناسك – باب فضل مكة (3108). وصححه ابن حبان (3708)، والحاكم (3/7) والحافظ في الفتح (3/67) والألباني ، صحيح سنن الترمذي (3082).

[2] الدُّهْمَة: السّواد، (القاموس، مادة دهم).

[3] صحيح، أخرجه البخاري : كتاب البيوع – باب إذا اشترى متاعاً أو دابة ... حديث (2138).

[4] حسن، أخرجه ابن إسحاق بدون سند (سيرة ابن هشام 2/485)، ومن طريق ابن إسحاق أخرجه البيهقي في سننه (6/289) بإسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع. وفي موضع آخر في السنن (7/187) أخرجه بإسناد حسن، من طريق ابن إسحاق أخبرني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عويم بن ساعدة عن رجال من أصحاب النبي ، وعبد الرحمن بن عويم ولد في حياة النبي وروى عن عمر ، ووثقه ابن حبان. انظر الطبقات الكبرى لابن سعد (5/78) والثقات لابن حبان (5/75، 103). فالحديث حسن إن شاء الله.

[5] ضعيف، أخرجه إسحاق بدون إسناد (سيرة ابن هشام (2/483).

[6] صحيح، صحيح البخاري : كتاب المناقب ، باب هجرة النبي .

[7] صحيح، أخرجه البخاري: كتاب المناقب – باب مناقب المهاجرين وفضلهم ومنهم أبو بكر حديث (3653).

[8] صحيح، مسند أحمد (2/537)، وأخرجه أيضاً الترمذي: كتاب الزهد – باب ما جاء في تقارب الزمان وقصر الأمل، حديث (2332)، وقال : غريب من هذا الوجه. قلت: صححه ابن حبان (6842) والألباني، صحيح سنن الترمذي (1901).

[9] ضعيف، أخرجه أحمد (4/124)، والترمذي : كتاب صفة القيامة والرقائق ... تابع باب ما جاء في صفة الحوض، حديث (2459) وقال : حسن. وابن ماجه: كتاب الزهد – باب ذكر الموت والاستعداد له، حديث (4206)، والحاكم (1/57) وصححه، وتعقبه الذهبي بقوله : لا والله! أبو بكر واهٍ. قلت: مدار الإسناد على أبي بكر هذا، وقد ضعفه الحافظ أيضاً، كما في التقريب، فالحديث ضعيف.

[10] صحيح، أخرجه أحمد (1/436)، والترمذي : كتاب العلم – باب ما جاء في الحث على تبليغ السماع، حديث (2657) وقال : حديث صحيح، وأخرجه أيضاً أبو داود: كتاب العلم – باب فضل نشر العلم، حديث (3660)، وابن ماجه: المقدمة – باب من بلّغ علماً ، حديث (230) وصححه ابن حبان (66)، والبوصيري في مصباح الزجاجة (3/206) وعزاه المنذري للبزار، وحسن إسناده، الترغيب (1/23) ولم أجده في المطبوع، وصححه الألباني، صحيح الترغيب (4/89).

[11] صحيح ، أخرجه البخاري : كتاب أحاديث الأنبياء – باب ما ذكر عن بني إسرائيل، حديث (3461).

[12] صحيح، أخرجه أحمد (1/241)، وابن ماجه: كتاب المساجد والجماعات – باب من بنى لله مسجداً... حديث (738)، والطبراني في الأوسط (1857)، وصححه ابن خزيمة (1292)، وابن حبان (1610)، وصحح إسناده البوصيري في الزوائد (1/94)، وقال في مجمع الزوائد (2/7): رجاله ثقات. وقواه الحافظ في الفتح (1/545) وصححه الألباني في صحيح الترغيب (269، 271، 272).

[13] صحيح، أخرجه البخاري: كتاب الجهاد والسير – باب الحراسة في الغزو في سبيل الله ، حديث (2887)..

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية اضف إلى رف الخطب

إلى أعلى