مصرع الظالمين

عبد العزيز بن عبد المطلب رجب

6482

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية اضف إلى رف الخطب

ملخص المادة العلمية

1- تحريم الظلم. 2- القصاص من الظالمين. 3- سبل الوقاية من الظلم وعقابه.

أولا: تحريم الظلم:

فالظلم حرام، حرمه الله على نفسه قبل أن يحرمه على عباده، فقال عز وجل في حديثه القدسي: ((يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته محرما بينكم فلا تظالموا)) أخرجه مسلم وابن حبان والحاكم وقال: "صحيح على شرط الشيخين"، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : ((اتقوا الله وإياكم والظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة)) رواه مسلم.

والتاريخ مملوء بقصص عن نهاية الطغاة الظالمين، وما جرى لهم من العذاب الأليم، والأمم التي أهلكها الله تعالى بسبب ظلمها وبغيها عديدة، كما قال سبحانه: كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ [الدخان: 25-29].

وهذه السنة الربانية المتكررة عبر، والظالمون يحتاجون إلى قراءتها وتدبرها وفهمها، لعلهم يرتدعون عن ظلمهم ويرعوون عن كفرهم، فيشكرون الله تعالى على ما مَنَّ به عليهم من القوة والسيادة في الأرض؛ بإقامة العدل ورفع الظلم وعدم استغلال ضعف الضعفاء بالتسلط عليهم ونهب ثرواتهم ومقدراتهم وتبديل دينهم.

وكما يحتاج الظالمون إلى معرفة السنة الربانية في إهلاك الظالمين لعلهم يجتنبون الظلم، فإن المظلومين في أَمَسّ الحاجة إلى معرفتها أيضًا، ولا سيما إذا كانوا من المسلمين أتباع الأنبياء عليهم السلام؛ لأن معرفتهم بعواقب المجرمين ومصارع الظالمين تزيدهم إيمانًا بدينهم، ويقينًا إلى يقينهم، وثباتًا عليه مهما كانت التبعات والتضحيات. كما أن فيها تسلية لهم، وفتحًا لأبواب الفرج والنصر، وكلما زاد ظلم الظالمين واستكبار المجرمين وأصروا على تغيير معالم الدين علم المؤمنون أن هلاك الظالمين بات وشيكًا، وأن سنة الله الماضية في الظلم وأهله قد أَزِفَ وقوعها؛ لتكون عذابًا على أعداء الديانة، ورحمة ونجاة لأتباع الرسل عليهم السلام، كما مضت سنة الله تعالى في الظالمين السابقين الذين هلكوا في أوج قوتهم وسيادتهم، واستفحال ظلمهم وطغيانهم، فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ فَقُطِعَ دَابِرُ القَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ [الأنعام: 44، 45]، وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود: 102].

ثانيا: القصاص من الظالمين:

ونتيجة للظلم الذي ارتكبوه فإن الله لن يتركهم أبدا يفرحون بظلمهم، بل سيعاقبهم أشد العذاب، فلن يتركهم الله أبدا، أين فرعون وهامان وجنودهما؟! أين كسرى وقيصر؟! أين أبو جهل وأبو لهب وأمية؟! أين هتلر وموسيلينى؟! أين الطغاة على مر العصور؟! وكيف كانت نهايتهم؟! هل ظنوا أن الله غافل عنهم؟! هل ظنوا أن الله تاركهم؟! لا ورب الكعبة، أبدا لن يتركهم، فعن أبي موسى قال: قال رسول الله : ((إن الله يملي للظالم، فإذا أخذه لم يفلته)) أخرجه الشيخان.

1- الظالم إلى زوال: فينتظر الظالم الهلاك، وسنة الله مطردة في هلاك الأمم الظالمة، قال تعالى: وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـكِن ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ مِن شَيْءٍ لَّمَّا جَاء أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود: 102].

2- ينتظر زوال ملكه: قال تعالى: وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ [هود: 117]، حتى ولو كانت مسلمة ظالمة، فإن الدولة الكافرة قد تكون عادلة بمعنى أن حكامها لا يظلمون الناس، والناس أنفسهم لا يتظالمون فيما بينهم، فهذه الدولة مع كفرها تبقى، إذ ليس من سنته تعالى إهلاك الدولة بكفرها فقط، ولكن إذا انضم إلى كفرها ظلم حكامها للرعية وتظالم الناس فيما بينهم.

قال الإمام الرازي في تفسيره: "إن المراد من الظلم في هذه الآية الشرك، والمعنى أن الله تعالى لا يهلك أهل القرى بمجرد كونهم مشركين، إذا كانوا مصلحين في المعاملات فيما بينهم، يعامل بعضهم بعضًا على الصلاح، وعدم الفساد".

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الدنيا تدوم مع العدل والكفر، ولا تدوم مع الظلم والإسلام، وذلك أن العدل نظام كل شيء، فإذا أقيم أمر الدنيا بالعدل قامت، وإن لم يكن لصحابها من خلاق أي في الآخرة وإن لم تقم بالعدل لم تقم، وإن كان لصحابها من الإيمان ما يجزي به في الآخرة".

قال أحد التابعين: "إذا مررت بأرض قد خربت، وبأهلها قد تفرقوا، وببهاء قد ذهب، وبمال قد فني، وبصحة قد سقمت، فاعلم أنها نتيجة الظلم"، ولذلك روى ابن كثير في تاريخه أن البرامكة الأسرة الشهيرة الخطيرة التي كانت تتولى الوزارة لهارون الرشيد في بغداد، بلغوا من الترف والرقي أن أحدهم كان يصبغ قصره من الداخل والخارج بماء الذهب والفضة، فكانت تلمع قصورهم مع الشمس، فلعبوا بالأموال وسفكوا الدماء وبغوا وطغوا؛ فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود: 102].

3- اللعنة من الله: ملعون أي مطرود من رحمة الله، قال تعالى: أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [هود: 18].

4- يجعل كيدهم في نحرهم: ذكر محمد بن عبدوس في كتابه "الوزراء" عن محمد بن يزيد قال: أمرني عمر بن عبد العزيز بإخراج قوم من السجن، فأخرجتهم، وتركت يزيد بن أبي مسلم كاتب الحجاج، فحقد علي، ونذر دمي، وبينما أنا بإفريقية، إذ قيل: قدم يزيد بن أبي مسلم كاتب الحجاج، صارفًا لمحمد بن يزيد مولى الأنصار، من قبل يزيد بن عبد الملك، وكان ذلك بعد وفاة عمر بن عبد العزيز، فهربت منه، وعلم بمكاني، فطلبني، فظفر بي، فلما دخلت إليه قال: لطالما سألت الله أن يمكنني منك، فقلت: وأنا والله لطالما سألت الله عز وجل أن يعيذني منك، فقال يزيد: ما أعاذك الله مني، والله لأقتلنك، ولو سابقني ملك الموت إلى قبض روحك لسبقته، ثم دعا بالسيف والنطع فأتي بهما، وأمر بي فأقمت في النطع، وكتفت، وشد رأسي، وقام ورائي رجل بسيف منتضى، يريد أن يضرب عنقي، وأقيمت الصلاة، فقال: امهلوه حتى أصلي، وخرج إلى الصلاة، فلما سجد، أخذته السيوف، فقتل، ودخل إلي من حل كتافي ورأسي، وخلى سبيلي، فانصرفت سالمًا.

5- ينتظر سوء الخاتمة: سعيد بن جبير والحجاج: لما دخل على الحجاج قال له: من أنت؟ قال: سعيد بن جبير، قال: بل أنت شقي بن كسير، قال: سمتني أمي، قال: شقيت، قال: الغيب يعلمه غيرك، فقال له الحجاج: لأبدلنك من دنياك نارًا تتلظى، فقال سعيد: لو علمتُ أن ذاك إليك ما اتخذتُ إلهًا غيرك، قال: ما تقول في الأمير؟ قال: إن كان محسنًا فعند الله ثواب إحسانه، وإن كان مسيئًا فلن يعجز الله، قال: فما تقول فيّ؟ قال: أنت أعلم بنفسك، فقال: بل أريد علمك أنت، فقال: إذن أسوءك ولا أسرك، قال: لا بد من أن أسمع منك، قال: ظهر منك جور في حد الله وجرأة على معاصيه بقتلك أولياء الله، قال: والله لأقطعنك قطعًا قطعًا ولأفرقن أعضاءك عضوًا عضوًا، قال: فإذن تفسد علي دنياي وأفسد عليك آخرتك والقصاص أمامك، قال: الويل لك من الله، قال: الويل لمن زحزح عن الجنة وأدخل النار، فقال: اذهبوا به واضربوا عنقه. فقال سعيد: إني أشهدك أني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، لتستحفظه حتى ألقاك بها يوم القيامة، فذهبوا به فتبسم فقال الحجاج: لم تبسمت؟! فقال: لجرأتك على الله تعالى، فقال الحجاج: اضجعوه للذبح، فأضجع، فقال: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض، فقال الحجاج: اقلبوا ظهره إلى القبلة، قال سعيد: فأينما تولوا فثم وجه الله، قال: كبوه على وجهه، فقال: منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى، ثم قال: اللهم لا تسلط الحجاج على أحد بعدي. فذبح من قفاه فبلغ ذلك الحسن البصري فقال: اللهم يا قاصم الجبابرة اقصم الحجاج. وعاش الحجاج بعده خمسة عشر يومًا وقع الدود في بطنه وكان يقول: ما لي ولسعيد بن جبير؟! كلما أردت النوم أخذ برجلي.

6- ولا يشفع فيه النبي : عن معقل بن يسار قال: قال رسول الله : ((رجلان من أمتي لا تنالهما شفاعتي: سلطان ظلوم غشوم، وآخر غال في الدين مارق منه)) أخرجه الطبراني.

7- عذابه يوم القيامة شديد: عرض الظالمين على رب العالمين: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [يس: 65]، وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [فصلت: 21]، إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ [الأعراف: 40، 41]، وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ مِّن وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ [إبراهيم: 15-17]، وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ [المؤمنون: 103-108]. وروى مسلم في صحيحه عن النبي : ((إنه يؤتى يوم القيامة بأنعم أهل الدنيا من أهل النار فيغمس في النار غمسة، ثم يقال له: هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا، وعزتك)).

ثالثا: سبل الوقاية من الظلم وعقابه:

وإذا كان الظلم سببًا في هلاك الأمة فمن الواجب شرعًا الإنكار على الظالم ومنعه من الظلم، وعدم الاستكانة له، ولا الركون إليه، وبهذا تنجو الأمة مما قد يحل بها من عقاب أو هلاك بسبب الظلم الواقع فيها، ونتكلم فيما يلي عن سبل الوقاية من الظلم وعقابه:

1- التصدي لهم: عن أبي بكر الصديق أنه قال: يا أيها الناس، إنكم تقرؤون هذه الآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ، وإني سمعت رسول الله يقول: ((إن الناس إذا رأوا ظالمًا فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه)) أخرجه ابن ماجه الترمذي وقال: "صحيح".

وقد أمر الله عز وجل أن نتصدى للظالمين، فقال: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ [البقرة: 193]، وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [الشعراء: 10]

ووصف النبي من يتصدى للظلم بسيد الشهداء، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : ((سيد الشهداء يوم القيامة حمزة، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله)) رواه أحمد.

بل هو أفضل الجهاد، فعن طارق بن شهاب أن رجلا سأل النبي : أي الجهاد أفضل؟ قال: ((كلمة حق عند سلطان جائر)) أخرجه النسائي.

2- عدم الاستكانة للظالم: قال تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ [الشورى: 39]. وفي تفسير القرطبي في هذه الآية: "أي: إذا نالهم ظلم من ظالم لم يستسلموا لظلمه".

وفي صحيح البخاري: قال إبراهيم النخعي: كانوا –أي: الصحابة- يكرهون أن يستذلوا، فإذا قدروا عفوا.

3- عدم الركون إلى الذين ظلموا: قال تعالى: وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ [هود: 113].

إنّ الميل إلى الظالمين يسبب مس النار والإحراق في نار جهنم، فكيف بالظالم نفسه الذي يعتدي على حرمات المسلمين وأموالهم وحرياتهم وحقوقهم وأعراضهم... إلخ.

4- لا يعان الظالم على ظلمه: أعوان الظالم ظلمة مثله، فلا تجوز إعانة الظالم، كما حصل لفرعون وأعوانه قال تعالى: فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ [القصص: 40].

وعن أبي سعيد عن النبي قال: ((يكون أمراء يغشاهم غواش وحواش من الناس يكذبون ويظلمون، فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه، ومن لم يدخل عليهم ويصدقهم بكذبهم ويعينهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه)) رواه أحمد وأبو يعلى.

5- لا يعان الظالم على بقائه: لا يعان الظالم على بقائه في مركزه الذي يمكنه على الظلم، ولا يُدعى له بالبقاء لأن في بقائه استمرارًا لظلمه، وقد جاء عن الحسن البصرى قال: "من دعا لظالم بالبقاء فقد أحب أن يعصى الله في أرضه"، وسئل الإمام سفيان الثوري عن ظالم أشرف على الهلاك في برية، هل يسقى شربة ماء؟ فقال: لا، فقيل له: يموت؟! فقال: دعه يموت.

6- الدعاء على الظالم: قال تعالى: لاَّ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوء مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا [النساء: 148]. قال ابن عباس رضي الله عنهما: (لا يحبّ الله أن يدعوَ أحد على أحد إلا أن يكون مظلومًا، فإنه قد أرخص له أن يدعو على من ظلمه وذلك قوله: إِلاَّ مَن ظُلِمَ وإن صبر فهو خير له).

بل ندعو عليه لأننا مظلومون، ودعوة المظلوم لا ترد، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : ((دعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين)) أخرجه أحمد والترمذي وقال: "هذا حديث حسن".

اللهم لا نهلك وأنت رجاؤنا، احرسنا بعينك التي لا تنام، وبركنك الذي لا يرام، يا سامعا لكل شكوى، ويا عالما بكل نجوى، يا كاشف كربتنا، ويا مستمع دعوتنا، ويا راحم عبرتنا، ويا مقيل عثرتنا، يا رب البيت العتيق، اكشف عنا وعن المسلمين كل شدة وضيق، واكفنا والمسلمين ما نطيق وما لا نطيق، اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم، اللهم اهزمهم وزلزلهم، اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم، اللهم فرج عنا وعن المسلمين كل هم وغم، وأخرجنا والمسلمين من كل حزن وكرب...

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية اضف إلى رف الخطب

إلى أعلى