.

اليوم م الموافق ‏19/‏رمضان/‏1445هـ

 
 

 

خطر القنوات الفضائية

6000

العلم والدعوة والجهاد

الإعلام

سعيد بن سالم السناني

الساحل

جامع الساحل

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- سلاح الشهوات. 2- مفاسد القنوات الفضائية. 3- تسخير الأعداء لهذه القنوات في حرب الإسلام والمسلمين. 4- من أهداف هذه القنوات وآثارها. 5- أخطار الهاتف.

الخطبة الأولى

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

عباد الله، أوصيكم أولا بوصية الله في الأولين والآخرين: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ.

 أيها المسلمون، إنّ شياطينَ الإنس يستخدمون سلاحًا لا يقلّ خطورةً ولا يهون أثرًا، ألا هو سلاح الشهوات، فتراهم يثيرون الغرائزَ في كلِّ نادي، ويهيِّجون الشهوات في كلِّ وادي، ولهم في ذلك أساليبُ ظاهرة وطرقٌ أخرى ماكِرة، لا تخفى على من أراد الله والدّارَ الآخرة، أفلامٌ تَفتلِم العقول، ومسلسلاتٌ تسلسِل الألباب، وبرامجُ حيّة شمطاء أسمُّ من حيّةٍ رَقطاء، وقنواتٌ إلى الفساد والرذيلة ممدودة، وعن الصلاح والفضيلة مسدودة، غناءٌ ماجن وفَنّ فاتِن، في عَرضٍ جمع بين الإزراء والإغراء، فلا زال مسلسل الإسفاف وتدمير الأخلاق والفضائل مستمرا، ولا زال شريط العهر والعري ونبذ القيم السامية والمثل العليا متواصلا.

إنها القنوات الفضائية المسمومة التي غزت البيوت وخربت العقول وقضت على الفضيلة وهيأت أسباب الرذيلة. إن أخطر ما يواجه المسلمون اليوم ذلك الغزو الوافد إلينا عن طريق القنوات الفضائية، إنه غزو الشهوات والمخدرات، غزو المرأة الفاتنة والرقصة الماجنة والشذوذ والفساد، غزو الأفلام والمسلسلات، إنه غزو لعقيدة المسلمين في إيمانهم بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره وأمور الغيب التي وردت في كتاب الله وصحت عن نبينا محمد ، إنها حرب شعواء على كلّ الأصعدة الدينية والأخلاقية والاجتماعية، تهدم العقائد الصحيحة والأخلاق الكريمة والعادات الحسنة والشمائل الطيبة والشيم الحميدة والخصال الجميلة, ومتى تخلت الأمة عن عقيدتها وأخلاقها وقيمها سقطت في بؤر الضياع والانحلال.

أما آن لهذه الفضائيات أن تكف عن هذا السيل العرم من المواد التي تعتمد على الإثارة الجنسية لدى الشباب والفتيات؟! أما آن لها أن تتّجه إلى العمل الجاد والطرح المفيد الذي يدفع بالأمة إلى التقدم والازدهار والرقي؟! أما آن لها أن تكف عن زعزعة العقائد وتعميق الخلافات وإشاعة الفوضى في المجتمعات الإسلامية؟! لقد اعترف الجميع بخطورة تلك القنوات على جميع شرائح المجتمع وبخاصة الشباب والفتيات والأطفال.

إنها المصيبة الكبرى والداهية العظمى التي تهدد مستقبل الشباب والفتيات ونحن في زمن كثرت فيه المغريات وتنوعت الشهوات، وترك المفسدون في قنواتهم ومجلاتهم مخاطبةَ العقول والأفهام، ولجؤوا إلى مخاطبة الغرائز وإثارة الحرام، فأصبح الشباب والفتيات حيارى بين مجلات تغري وشهوات تسري وقنوات تُعرّي وأفلام تزين وتجرّي.

يقول أحد الكفرة من أعداء الإسلام وهو يخاطب قومه يقول: "إنكم إذا أعددتم جيلا من المسلمين لا يعرف الصلة بالله ولا يريد أن يعرفها أخرجتم المسلم من الإسلام وجعلتموه لا يهتم بدينه"، وقالوا أيضا: "كأس خمر ومغنية راقصة تفعل بالأمة الإسلامية ما لا تفعله الصواريخ ولا الدبابات". هذا ما قالوه منذ ما يزيد على سبعين عامًا، ولا يزالون يعملون دون كلل أو ملل؛ لأنهم يرون ثمار مخططاتهم الخبيثة تزداد يوما بعد يوم، وعاما بعد عام، يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، يستميتون لتحقيق غاياتهم، ينفقون من أموالهم ويبذلون من أوقاتهم، فهذه مجلة سافرة وتلك مقالة فاجرة، وهذا برنامج يشكك في الحجاب، يشيعون الفاحشة في الذين آمنوا. لقد استطاع الأعداء من خلال الفضائيات اقتحام ديارنا وبيوتنا، تُغزَى أَفكَارُ أَبنَائِنَا في عُقرِ دِيَارِنَا، وَيُحَارَبُ دِينُنَا بِأَموَالِنَا، وَتُهدَمُ أَسوَارُنَا بِسَوَاعِدِنَا، وتُخرَبُ بُيُوتُنَا بِأَيدِينَا، فَاللَّهُمَّ إِنَّا نَشكُو إِلَيكَ ضَعفَ قُوَّتِنَا وَقِلَّةَ حِيلَتِنَا وَهَوَانَنَا على النَّاس، بل تعمل هذه القنوات على تفكيك الروابط الأسرية وفصم العرى الزوجية بما تبثه من مواد تحريضية للزوجة على زوجها وللزوج على زوجته.

انظروا مثلا إلى البرنامج الأجنبي المسمّى بـ(سنة الضياع) الذي ابتلي به كثير من المسلمين، هذا البرنامج من أخطر البرامج على النساء؛ حيث يعمل على تمرد المرأة على زوجها، ومن هنا تنشأ الخلافات الزوجية، بل تثبت إحدى المجلات العربية أن هذا البرنامج أدى إلى وقوع حالات كثيرة من الطلاق بما يصوّره من خيانات زوجيه وعلاقات محرمة. هذا هو تأثير القنوات على الأسرة، لم نسمع يوما أن فيلما حلّ مشكلة زوجية أو أرسى قاعدة أخلاقية، فكم حولت هذه القنوات بأزواج من سمات الطهر والعفاف المودة إلى صفات الدناءة والوقاحة. فالحذر الحذر ـ أيها المسلمون ـ من الانجراف وراء هذه البرامج الفاسدة.

عباد الله، ماذا ينتظر من الشاب المراهق إذا خلا بنفسه مع هذه القنوات وشاهد النساء الفاتنات والفتيات العاريات في مشاهد فاضحة يندى لها جبين الحياء ويصرخ من هولها وجه الحياء ويتفطر من بشاعتها قلب العفاف؟! وماذا ينتظر من الفتاة المراهقة إذا شاهدت أفلام الفحش والدعارة، والأطفال إذا شاهدو أفلام العنف والقتل والتدمير؟! كيف يطالب المصلحون والمربون الشباب بالاستقامة وهذه الفضائيات تبث سمومها ليلا ونهارا لتجعل الشباب غارقين في الشهوات والمنكرات؟! أهذا هو التقدم والرقي والمدنية التي ننشدها؟! أهذا هو البناء الحضاري والتنموي الذي نريد إقامة قواعده وأسسه؟!

بل إن هذه القنوات تضرب سمومها في عقيدة الولاء والبراء, فمن المعلوم في عقيدة الإسلام أن المسلم لا يحب إلا أهل الإيمان ولا يوالي إلا أهل الإسلام, لكن هذه الفضائيات قلبت الموازين، كيف لا وأنت ترى كثيرا من شباب المسلمين يحبّ هذا الفنان ولو كان فاجرا لا يؤمن بالله ورسوله، ويحب هذا المغني ولو كان لا يدين بالإسلام، ويوالي هذا اللاعب ولو كان كافرا ملحدا يسخر من الإسلام؟! والنبيّ عليه السلام يقول فيما رواه أحمد: ((لا يحب رجل قوما إلا جاء معهم يوم القيامة)).

وتعمد هذه القنوات الماجنة جاهدة على إثارة الغرائز والشهوات في نفوس المشاهدين وخاصة من الشباب المراهقين والفتيات المراهقات، فهي تدعو إلى الحب والغرام والعشق والهيام, فإذا رآها الشباب والفتيات حرّكت فيهم الساكن وأظهرت الباطن ونزعت الحياء وقرّبت البلاء، فمن رأى صور الفسق الفجور ومشاهد العهر والمجون اندفعت نفسه إلى تقليدها في كل حين، ولا يزال الشيطان يدعوه إليها ويحثه عليها حتى يقع في الفاحشة عياذا بالله، وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا.

كَم نَسمَعُ وَنَقرَأُ مِنَ القصصِ المُبكِيَةِ وَالمَوَاقِفِ المُحزِنَةِ التي سَبَّبَتهَا هَذِهِ القَنَوَاتُ! فَهَذَا أَبٌ وَقَعَ على ابنتِهِ، وَهَذَا وَلَدٌ زَنى بِأُمِّهِ، وَذَاكَ شَابٌّ مَارَسَ الجِنسَ معَ أُختِهِ، وَهَؤُلاءِ أَطفَالٌ يَفعَلُونَ الفَاحِشَةَ وَهُم في سِنٍّ لم يَبلُغُوا فِيهِ شَهوَةً، وهذه فتاة مراهقة ترسل صورها العارية فتفضح أمام الناس، كُلُّهَا نَتَائِجُ وَاقِعِيَّةٌ وَتَطبِيقَاتٌ عَمَلِيَّةٌ لِمَا رَأَوهُ وَيَرونَهُ في هَذِهِ القَنَوَاتِ وَمَا يُمَارِسُونَهُ في تِلكَ الأَجهِزَةِ، فَلِمَاذَا ـ يَا أُمَّةَ الإِسلامِ ـ لماذا نَترُكُ هَذِهِ القَنَوَاتِ الهَابِطَةَ وَتِلكَ الأَجهِزَةَ المُدَمِّرَةَ تُرَبِّي أَبنَاءَنَا وَبَنَاتَنَا؟! هَل عَجَزنَا نحنُ عَن تَربِيَتِهِم أَم أَنَّنَا رَاضُونَ بِهَذِهِ التَّربِيَةِ الغَربِيَّةِ البَهِيمِيَّةِ الحَيَوَانِيَّةِ؟! كيف نرجو خيرا لشبابنا وفتياتنا؟! وأي مستقبل زاهر ننتظره منهم؟! وأي عز ومجد ينتظر أن يصنعه هؤلاء الأبناء وقد أصبحت الفضائيات هي المربي والموجه والمعلم لهم؟! عجبا أين دور الآباء والأمهات في التوجيه والإرشاد وقد سمحوا لأولادهم أن يتلقوا أخلاق الكفر والإلحاد والضياع؟! قال رسول الله : ((ما من عبد يسترعيه الله عز وجل رعية يموت يوم يموت وهو غاش رعيته ـ ماذا جزاءه؟ ـ إلا حرم الله تعالى عليه الجنة)) رواه البخاري ومسلم. أَلَيسَ مِنَ الغِشِّ إِدخَالُ القَنَوَاتِ الهَابِطَةِ في المنزِلِ؟! أَلَيسَ مِنَ الغِشِّ تَوفِيرُ أَجهِزَةِ البلاي ستيشن وستار أكاديمي وغيرها دُونَ رَقَابَةٍ وَفِيهَا مَا فِيهَا مِنَ الشَّرِّ وَالبَاطِلِ؟! يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُم وَأَنتُم تَعلَمُونَ، فالأب والأم مسؤولان أمام الله عن هذا التقصير والتفريط، ((كلكم راع، وكل راع مسؤول عن رعيته)).

بل والله قد ضيع كثير من الناس صلاة الجماعة بسبب هذه القنوات، الصلوات وخاصة صلاة الفجر تشتكي من قلة المصلين، ما عذرك أمام الله ـ أيها المسلم ـ في ترك صلاة الفجر؟! مباريات أفلام مسلسلات؟ كلها أعذار واهية، فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا. ألم تسمع قول رسول الله : ((لا تتركن صلاة مكتوبة متعمدا؛ فإن من ترك صلاة مكتوبة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله)) رواه أحمد؟! بل ألم تسمع قوله عليه السلام: ((من سمع النداء فلم يجبه فلا صلاة له إلا من عذر)) رواه الدارقطني؟!

ومن آثارها إضعاف مستوى التعليم، فالطالب الذي يقضي معظم ساعات نهاره وليله في متابعة القنوات كيف له أن يجد وقتا للبحث والدراسة والعمل الجاد نحو تحصيل علمي نافع؟! كما تثبت الدراسات الحديثة أن الأطفال يتعلمون العنف والكذب والتمرد والسرقة والتدخين والإدمان وفنون التقبيل والأساليب الجنسية وغيرها من السلوكيات الخاطئة، كم تعمل على تضييع الأوقات! كم من أوقات وساعات ضيعت في هذه الآفة! وكم من ليال سهرت في الفضائيات! في ماذا؟ في فيلم أو رقصة أو مسلسل ماجن، ولو أن هذه الأوقات استغلت في العلوم النافعة والصناعات المفيدة لارتفع شأن الأمة وقوي.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً.

ومن آثار الفضائيات تهوين الدين والتديّن في النفوس، فيأتون بأناس يدّعون العلم الشرعي، فيحلون ما حرم الله، ويجرِّئون الناس على ارتكاب المحرمات، فالموسيقى عندهم حلال، وحلق اللحى حلال، والنمص حلال، والاختلاط حلال، وهكذا يأتون بالرخص من هنا وهناك بدعوى عدم تنفير الناس من الإسلام، مع أنهم هم الذين ينفّرون الناس من الدين. ومن جملة التهوين بالدين يأتون بالمشعوذين ومدعي الغيب فيلبسون على الناس عقائدهم، كما يعملون على النقد والسخرية من الإسلام وتشريعاته.

ومن آثارها انتشار المعاكسات الهاتفية حتى وصل الأمر إلى وقوع حوادث وخيمة عن طريق المعاكسات الهاتفية، فكم من فتاة انتهك عرضها بسبب كلمة عابرة! وكم من زوجة مصونة تلوثت بالجريمة بسبب المعاكسة! وكم من أب وأم صرخوا بالآهات والويلات عندما حلت عليهم مصيبة الهاتف النقال! وكم من شاب وشابة دخلوا السجن وتحطم مستقبلهم بسبب مكالمة هاتفية! وكم من صور عارية للبنات والبنين نشرت عبر النقال!

أيها المسلمون، متى نستشعر أننا مستهدفون وأن أبنائنا في خطر عظيم؟ إننا نخشى أن ننتبه بعد فوات الأوان، وإذا بنا أمام جيل ربّته القنوات الأجنبية على كل رذيلة، وحارب كل ما لديه من فضيلة، جيل تحلّلت أخلاقه وانحرفت عقائده وتزعزعت مبادئه وقيمه، جيل همه شهوة بطنه وفرجه، فيضلّ الشباب، وتنحرف الفتيات، ويفسد الآباء، ويتمرد الأبناء، فيعصى الله الذي خلق، وتُكفر نعم الله الذي رزق. ولله در القائل:

يـا مـن جلبت الدش رفقا إنَّمـا      أفسدت ما في البيت من غلمان

خنت الأمانة فِي الشباب وفِي النسا     و جعلت بيتك منتدى الشيطان

خنت الأمانة فِي البنـات ولن ترى      منـهـن بـرّا إنهـن عـوانِي

ترضى لنفسك أن تكـون مفرطـا      في الديـن والأخـلاق والإيمان

ترضى لنفسك أن تكون مزعزعـا       لقواعـد الإسـلام و الإيمـان

ترضى لنفسك أن تكون مروّجـا        لبضاعة الكفـران والخسـران

أفسدتَ ما فِي البيت من أخلاقـه       أذهبت ما فِي البيت من إحسان

أدخلت فِي البيت الضلال مع الخنا      و الفسق بعد تـلاوة القـرآن

إن الحصاد المرّ للفضائيات وآثارها السلبية التي أفرزتها أعظم من أن تحويه هذه الخطبة، ولعلنا قد أشرنا إشارات سريعة إلى أم تلك الآثار السلبية، فلنتق الله ولنراقبه ولنستغل هذه الفضائيات في الأمور النافعة التي تنفعنا في ديننا ودنيانا وآخرتنا، ولنعمل جاهدين على تطهير بيوتنا من قنوات الفساد والرذيلة.

هذه ذكرى للأمة؛ لعل فيها براءة للذمة وإقامة للحجة، وقد كثر الفساد وعم وطم، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا، واصرف عنا يا الله المحن والزنا والزلازل وسوء الفتن ما ظهر وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين، اللهم أصلح شباب المسلمين واهدهم إلى الحق وإلى الطريق المستقيم، أنت ولي ذلك والقادر عليه.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على الرسول المجتبى، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

إن من الأخطار التي تهدد كثيرًا من البيوت سوء استخدام الهاتف، وعدم مبالاة أولياء الأمور مع من يتحدث أبناؤهم ومع من تتحدث بناتهم، حتى وصل الأمر إلى وقوع حوادث وخيمة عن طريق المعاكسات الهاتفية التي عمت بها البلوى في كثير من مجتمعات المسلمين، ولعل المعاكسة أشهر وأسهل داء اجتاح المجتمع بأكمله، وأصبحت عن طريق الجوال بصفة خاصة ظاهرة ملموسة وخطيرة.

لقد أصبح كثير من المراهقين والمراهقات يستخدمون النقال في العلاقات المحرمة بدون رقابة من الوالدين، غافلون تماما عن أبنائهم، فالثقة بالأبناء أكثر من اللازم تطيح بالأسرة وتهدمها، فكم من فتاة انتهك عرضها بسبب كلمة عابرة! وكم من زوجة مصونة تلوثت بالجريمة بسبب المعاكسة! وكم من أب وأم صرخوا بالآهات والويلات عندما حلت عليهم مصيبة الهاتف النقال! وكم من شاب وشابة دخلوا السجن وتحطم مستقبلهم بسبب مكالمة هاتفية! وكم من صور عارية للبنات والبنين نشرت عبر النقال! أهكذا تستخدم هذه الأجهزة العصرية؟!

إنها نعمة عظيمة، بدل من أن تسخر في الخير والنفع والتطور سخرت في الشر وتقريب الفواحش والمنكرات! فأين العقل؟! وأين الخوف من الله؟! أعداء الإسلام يصنعون الآلات والأجهزة المتطورة ويتفوقون علينا بالصناعات والعلوم ونحن ننغمس في المغازلات والمعاكسات واتباع الجديد من الموضات، نأخذ منهم الوسخ ونترك الذهب، ماذا أعددتم للقبور الموحشة؟! هل أعددتم عشرين أغنية وثلاثين صورة خليعة وخمسين فلما محرما؟! أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ.

إن تطهير المجتمع من هذه الآفات مسؤولية الجميع، كل حسب طاقته، ((كلكم راع، وكلم مسؤول عن رعيته))، وصح عن النبي أنه قال: ((إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه)) رواه أحمد.

فاتقوا الله أيها المسلمون، واعلموا أن هذه الأجهزة العصرية سلاح ذو حدين، فيها الخير والشر، والمسلم العاقل يستخدمها في الخير ويسخرها في نفع وطنه ومجتمعه، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها.

إن من المصائب العظام التي نواجهها انتشار الهاتف النقال في أيدي الصغار والمراهقين، والسؤال الوجيه الذي يطرح نفسه في أرض الواقع: في ماذا يستخدم هؤلاء المراهقون الهواتف النقالة؟! وهل أحسنوا استخدامها؟! كيف بك ـ أيها الشاب ـ إذا جاءك هادم اللذات ومنغص الشهوات وميتّم الأولاد والبنات فأخذك على غرة فأبكم منك اللسان وهدَّ منك الأركان وقرب منك الأكفان واحتوشك الأهل والجيران.

لقد تفشى في مجتمعاتنا مظاهر التبرج والسفور والاختلاط وانتشار العلاقات المحرمة والفواحش، ومن البلاء والفتن والفضائح ما الله به عليم, بل قد راح الشباب والفتيات يتسابقون إلى تقليد الغرب والكفار في عاداتهم، حرصوا على التشبه بهم في كل شيء؛ في الموضات والملابس وطريقة المشي والكلام والحركات الخليعة وقصات الشعر وغيرها، بدل أن يتشبهوا بنبيهم الكريم وأصحابه الأخيار تشبهوا بأهل الكفر والإلحاد.

والمصيبة الكبرى والداهية العظمى إضاعة صلاة الجماعة بسبب هذه الفضائيات, فجمهور كرة القدم والفضائيات الذين يصل عددهم إلى الآلاف يعكفون أمام الشاشات والفضائيات، ومنادي السماء ينادي: (حي على الصلاة حي على الفلاح)، ولكن أنى لهم أن يستجيبوا وقد تعطلت عقولهم وماتت أحاسيسهم؟! مقابل ماذا؟ مقابل التعصب المقيت للفرق الرياضية، فهذا يشجع فريقا وذاك يشجع فريقا آخر، وقد يصل هذا التشجيع إلى حد الشجار والنزاع! فمن يرضى هذا الضياع والفساد؟!

إن متابعة الفضائيات بدون ضوابط شرعية يؤدي إلى تفكك الأسرة وذهاب الغيرة ونشوء الخلافات الزوجية وتشتت الأولاد, فضلا عن ضياع الأوقات سدى.

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً