.

اليوم م الموافق ‏07/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

الحث على الإنفاق

6027

فقه

الزكاة والصدقة

محمد بن سليمان المهنا

لوس أنجلس

13/5/1422

مسجد الملك فهد

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- فضل الإنفاق في سبيل الله تعالى. 2- نماذج رائعة للإنفاق في سبيل الله. 3- من أوجه الإنفاق.

الخطبة الأولى

أما بعد: أيها الناس، فإن الناظر في كتاب الله وسنة رسوله يجد أن ثمة موضوعًا لا يكاد ينتهي الحديث عنه إلا ويرجع إليه. افتح صفحات أول سورة في القرآن بعد الفاتحة تجد عشرات الآيات خصصت للحديث عن أهمية ذلك الموضوع في حياة الأمة. إنه موضوع الإنفاق في سبيل الله عز وجل.

نعم، الإنفاق في كل طريق يرضي الله تبارك وتعالى سواءً كان إنفاقًا واجبًا أم مستحبًا، وفي ذلك يقول ربنا عز وجل: الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة: 274]. فمن كانت هذه حاله فليبشر بأعظم موعود وأكرم مورود كما في الحديث الصحيح الذي أخرجه الترمذي وابن ماجه عن عبد الله بن سلام أنه قال: أول ما قدم رسول الله انجفل إليه الناس، فكنت فيمن جاءه، فلما تأملتُ وجهه علمت أن وجهه ليس بوجه كذاب، قال: وكان أول ما سمعت منه: ((أيها الناس، أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس ينام تدخلوا الجنة بسلام)).

وربما أنفق الإنسان نفقة يظنها صغيرة حقيرة فإذا جاء يوم القيامة وجد تلك الصدقة الصغيرة كأمثال الجبال، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: قال : ((من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب فإن الله يقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوّه حتى تكون مثل الجبل)). ولا تعجب فأنت تتقرب إلى أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين.

وفي الصحيحين أيضًا عن عدي بن حاتم الطائي قال: قال رسول الله : ((ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله ليس بينه وبين ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر تلقاء وجهه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة)). نعم، نصف التمرة ينفعك، فكيف بما زاد على ذلك؟!

وثبت في الأحاديث الصحيحة أن الصدقة تطفئ غضب الرب سبحانه، وأنها تطفئ الخطيئة كما تطفئ الماء النار، وأنها تطفئ عن أهلها حر القبور. فأين الذين انغمسوا في الخطايا من تلك الصدقات التي تطفئها؟! وأين الخائفون من غضب الرب؟! وأين الخائفون من حر القبور؟! ألا يتقون ذلك بالصدقات؟! أين الطامعون في فضل الله؟! أين المشتاقون إلى الجنة؟! إلى هؤلاء جميعًا أسوق قول الله تعالى: لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ. كان ابن عمر يقرأ القرآن فمرّ بهذه لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ، قال: ففكرت فيما أعطاني الله فما وجدت شيئًا أحب إليّ من جاريتي رُميثة، فقلت: هي حرة لوجه الله. قال مولاه نافع: ما مات ابن عمر حتى أعتق ألف إنسان أو زاد.

واستمع إلى قصة أبي طلحة عندما سمع هذه الآية: قال أنس كما في الصحيحين: كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالاً من نخل، وكان أحب ماله إليه بيرحاء، وهو بستان يانعُ الثمار عذبُ الماء، حتى إن رسول الله كان يدخله أحيانًا يشرب من مائه الزُلال، قال: فلما نزلت هذه الآية لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ ذهب أبو طلحة إلى رسول الله فقال: يا رسول الله، إن الله يقول: لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ، وإن أحب أموالي إليّ بيرحاء، وإنها صدقة أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها ـ يا رسول الله ـ حيث أراك الله، فقال : ((بخٍ بخٍ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح)).

ومِن أبي طلحة ننطلق إلى طلحة بن عبيد الله أحد المبشرين بالجنة: أخرج الطبراني بإسناد صحيح عن سُعدى زوجة طلحة قالت: دخل عليَّ طلحة يومًا وهو خاثر النفس، فقلت له: ما لك كالح الوجه؟! ما شأنُك؟! فقال: المال الذي عندي قد كثُر وأكربني، فقالت: وما يُغمّك؟ ادع قومك ـ تعني فاقسمه بينهم ـ، فدعا طلحة قومه فقسم المال بينهم حتى لم يبق منه شيء، وكان أربعمائة ألف درهم.

أيها المسلمون، كأني بنفوس المؤمنين ـ أسأل الله أن يجعلنا جميعًا منهم ـ كأني بها قد اشتاقت إلى البذل والإنفاق في سبيل الله تقربًا إلى الله وطلبًا للدخول في رحمته؛ ولذلك فإني أسوق إليكم أصنافًا من مشاريع الخير ووجوه البر وطرق الإحسان.

فمن أعظمها وأشرفها بناء المساجد، فعن عثمان بن عفان قال: قال رسول الله : ((من بنى لله مسجدًا يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتًا في الجنة)) أخرجاه في الصحيحين، وفي رواية لابن ماجه: ((ولو كمحفص قطاة أو أصغر)). أتدرون ـ يا عباد الله ـ ما مفحص القطاة؟ إنها الحفرة التي تحفرها القطاة لتضع فيها بيضها. فلو كان المسجد بقدر تلك الحفرة أو أصغر بنى الله لبانيه بيتًا في الجنة.

فما أسعد ذلك المسلم الذي وفقه الله لبناء مسجدٍ بالأجر العظيم من الله، فوالله إنه لا يصلي فيه مصل ولا يتعبّد لله متعبد من قارئ للقرآن أو عالم أو متعلم أو معتكفٍ إلا كان له من أجره نصيب، فأين الطالبون فضل رب العالمين؟!

ومن أعظم أعمال البر نشر العلم النافع سواء كان عن طريق طباعة الكتب أو شرائها وتوزيعها أو توزيع الأشرطة النافعة المشتملة على التلاوات القرآنية والدروس العلمية والدعوة إلى الله عز وجل. حدث أحد الدعاة في بلاد غير إسلامية فيها أقلية إسلامية يقول: كنا في جاهلية وبدع وضلال حتى جاءنا الحجاج ومعهم كتب فيها العقيدة الصحيحة فقرأناها وصلحت عقائدنا بعدها ولله الحمد.

ومن أعظم الأعمال العناية بتعليم أبناء المسلمين، وذلك بنشر المدارس الإسلامية لا سيما في بلاد الكفر. ووالله يا عباد الله، إنّ المسلمين في بلاد الكفر ليعانون معاناة شديدة بسبب دراسة أولادهم في مدارس الكفار؛ إذ ينسى أولئك الطلاب لغتهم ويتعلمون عقائد القوم وأخلاقياتهم، والأدهى من ذلك والأمرّ إذا اقترب الفتى أو الفتاة من سنّ البلوغ فهنا تبدأ المأساة الحقيقية. إنها والله، مسؤوليتنا جميعًا سواءً المقيمون في تلك البلدان أو أخوانهم في بلاد الإسلام أن نسعى في حلّ تلك المشكلات، ومفتاح ذلك بذل المال في سبيل الله.

ومثل ذلك وربما أعظم منه نشرُ حلق تعليم القرآن بين المسلمين، ولئن كانت حال المسلمين في بلاد الإسلام حالاً مُرضية نوعًا ما فإنَّ حال المسلمين في بلاد الكفر حال سيئة للغاية، فبعض المسلمين الجدد لا يقرأ الفاتحة في صلاته إلا مترجمة. أما أولاد المسلمين فلا يكادون يحفظون من القرآن شيئًا مع أن تعليم القرآن حلمٌ يتمناه آباؤهم وأمهاتهم. فالذي ينبغي على المسلمين أن يتكاتفوا في نشر تلك الحلق، لا سيما وهي لا تكلف شيئًا سوى مرتب المدرسين عند عدم وجود المتبرعين.

هذه ـ يا عباد الله ـ أنواع من طرق الخير ووجوه الإحسان، اكتفيت بها خشية الإطالة، وإلا فالأنواع كثيرة جدًا، ويكفي من القلادة ما أحاط العنق.

أيها المسلمون، لا يقولن قائل: أنا غير مُستطيع إلا أن يكون فقيرًا، فإن لم يكن فقيرا فلينفق بحسب استطاعته ولو بشيء يسير بين الحين والحين.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا [الإنسان: 8-12].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...

 

الخطبة الثانية

لم ترد.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً