.

اليوم م الموافق ‏18/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

من شمائل النبي

6020

سيرة وتاريخ

الشمائل

محمد بن سليمان المهنا

الرياض

23/7/1416

جامع الشيخ عبد الله العنقري

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- طيب الحديث عن الحبيب محمد . 2- منة الله تعالى على هذه الأمة بمحمد . 3- صفات النبي الخِلقية والخُلقية. 4- زهد النبي .

الخطبة الأولى

أما بعد: فيا أيها الناس، ما أطيب اللحظات وهي تُقضى مع خير المرسلين، وما أحلى الأوقات وهي تُمضى مع إمام المتقين، فبذكره يطيب الاستماع، وعلى سيرته يحلو الاجتماع، وباتباع سنته يزيد الإيمان وتزول الأحزان وتتآلف قلوب المؤمنين في كل زمان ومكان.

إنه الحديث عن رجل، ولكنَّ الله اصطفاه من بين الرجال، فجعله خير البرية وسيد البشرية، فما وطئ الثرى أكرم منه ، فهو مِنَّة الله على المؤمنين، لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ [آل عمران: 164].

أيها المسلمون، لا شكّ أن قلوبكم الآن قد اشتاقت لسماع أخباره، وأن نفوسكم قد تاقت لمعرفة آثاره، فهلمَّ ـ يا عباد الله ـ نستمع إلى أصحابه وهم يصفونه خلْقًا وخُلُقًا.

هذا البراء بن عازب يحدثنا عنه كما في الحديث المتفق عليه فيقول: كان رسول الله أحسن الناس وجهًا وأحسنهم خلْقًا، ليس بالطويل البائن ولا بالقصير. وفي رواية قال: كان مربوعًا بعيد ما بين المنكبين، له شعرٌ يبلغ شحمة أذنيه، رأيته في حُلَّة حمراء لم أر شيئًا أحسن منه.

وأخرج البخاري ومسلم أيضًا عن أنس رضي الله عنه قال: كان رسول الله أزهر اللون كأن عرقه اللؤلؤ. وقال أبو هريرة: كان رسول الله أبيض كأنما صنع من فضة. وعن جابر بن سمرة قال: رأيت رسول الله في ليلة إضحيان ـ يعني في ليلة مقمرة مضيئة ـ قال: فجعلت أنظر إليه وإلى القمر فَلَهَو عندي أحسن من القمر. صححه الألباني في مختصر الشمائل.

وكان ذا شعر يبلغ إلى قريب من منكبيه، وكان كثير شعر اللحية، ومع ذلك فقد توفي وعمره يزيد عن الستين ولما يشبْ من لحيته إلا أقل من عشرين شعرة، فإذا ادَّهن واراهنَّ الدُهن، أي: أخفاهن.

ومع جمال خلقته فقد حباه الله جمالاً في الأخلاق وكرمًا في الطباع وحسنًا في السيرة وصفاء في السريرة. كان دائم البشر كثير التبسط مع أصحابه، يلاطفهم ويمازحهم ويحسن معاملتهم. قال خادمه أنسٌ رضي الله عنه: خدمت النبي عشر سنين، فما قال لي قط: أفٍ، وما قال لشيء صنعتُه: لم صنعتَه؟ ولا لشيء تركتُه: لم تركتَه؟ كان من أحسن الناس خُلُقًا، ولا مسست خزًا قط ولا حريرًا ولا شيئًا كان ألين من كف رسول الله ، ولا شممت مسكًا قطُّ ولا عطرًا كان أطيب من عرق النبي . قال الترمذي: "حسن صحيح" وأوله في الصحيحين. وفي رواية للطبراني: قال أنس: خدمت رسول الله عشر سنين، فما دريت شيئًا قط وافقه ولا شيئًا قط خالفه رضًا من الله بما كان.

ولم يكن يغضب لنفسه ولا ينتقم لها بل كان حليمًا رحيمًا، قالت عائشة رضي الله عنها: ما ضرب رسول الله شيئًا قطُّ بيده ولا امرأة ولا خادمًا، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه، إلا أن يُنتهك شيءٌ من محارم الله فينتقم. أخرجه مسلم.

وكان سهلاً سمحًا عظيم التواضع، فعند البخاري عن أنس قال: إن كانت الأمة من إماء المدينة لتأخذ بيد النبي فتنطلق به حيث شاءت.

وكما كان للجدّ وقتٌ عند رسول الله فكذلك كان ربما عدل عنه إلى المزاح في بعض الأحيان، ففي يوم من الأيام جاءته عجوز من عجائز المسلمين وقالت له: يا رسول الله، ادع الله أن يدخلني الجنة، فأراد النبي أن يلاطفها ويمزح معها فقال لها: ((يا أم فلان، إن الجنة لا يدخلها عجوز))، فارتاعت العجوز وحزنت وظنّت أن العجائز لا يدخلن الجنة، فولّت تبكي، فلما رأى ذلك رسول الله قال: ((أخبروها أنها لا تدخل الجنة وهي عجوز))، يعني: ستدخلها وهي شابة لا عجوز، ثم قال لها: ((إن الله يقول: إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا)).

وأخرج الترمذي بإسناد صحيح عن أنس أن رجلاً من أهل البادية اسمه زاهر، وكان النبي يحبه وكان رجلاً دميمًا، وفي يوم من الأيام كان زاهرٌ في السوق وكان يبيع متاعًا له، فأتاه النبي من خلفه وزاهر لا يدري، فأمسكه رسول الله فقال زاهر: من هذا؟ أرسلني، يعني: اتركني، ثم التفت فعرف النبي ، فأمسكه وقال: ((من يشتري هذا العبد؟ من يشتري هذا العبد؟)) فقال زاهر: يا رسول الله، إذًا والله تجدني كاسدًا، فقال : ((لكنك عند الله ليس بكاسد)) أو قال: ((أنت عند الله غالٍ)).

يا لها من أخلاق عالية! أكرم الخلق على الله يأتي إلى السوق فيجد أحد أصحابه فيمسك به من خلفه أمام الناس يمازحه، وكأنه يريد أن يبيعه، فيضحك الرجل وينظر الناس إلى ذلك النبيّ الكريم وهو يمازح صاحبه ويلاطفه. فأين المتكبرون؟! وأين المتجبرون الذين لا يكادون ينظرون إلى الناس فضلاً عن تكليمهم فضلاً عن ملاطفتهم؟!

ولقد كان النبي يظهر البِشر والسرور مع ما كان عليه من ضيق العيش وقلة ذات اليد، فربما بات طاويًا لا يجد ما يسدُّ جوعته، وربما خرج من بيته من شدة الجوع، وربما قضى الأيام الطوال وليس له طعام إلا رديء التمر. يقول عروة بن الزبير: قالت عائشة وكانت خالته: والله يا بن أختي، إن كنا لننظر إلى الهلال ثم الهلال ثم الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقد في أبيات رسول الله نار، قلت: يا خالة، فما كان يعيشكم؟! قالت: الأسودان: التمر والماء. متفق عليه. وأخرج البخاري ومسلم أيضًا عنها رضي الله عنها قالت: ما شبع آل محمد من خبز شعيرٍ يومين متتابعين حتى قُبض. وفي صحيح مسلم عن النعمان بن بشيرٍ قال: لقد رأيت نبيكم وما يجد من الدقل ما يملأ به بطنه. والدقل: التمر الرديء.

وخرّج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: خرج رسول الله ذات يوم أو ليلة فإذا هو بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فقال: ((ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟)) قالا: الجوع يا رسول الله، فقال : ((وأنا والذي نفس بيده لأخرجني الذي أخرجكما))، ثم قال: ((قوما))، فقام أبو بكر وعمر رضي الله عنهما معه فأتوا رجلاً من الأنصار، فإذا هو ليس في بيته، فلما رأته المرأة قالت: مرحبًا وأهلاً، فقال لها رسول الله : ((أين فلان؟)) قالت: ذهب يستعذب لنا الماء، فجاء الأنصاري فنظر إلى رسول الله وصاحبيه ثم قال: الحمد لله، ما أحدٌ اليوم أكرمُ أضيافًا مني، فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب، فقال: كلوا، وأخذ المدية، فقال له رسول الله : ((إياك والحلوب))، فذبح لهم فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق وشربوا، فلما أن شبعوا ورووا قال رسول الله لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما: ((والذي نفسي بيده، لتُسألنَّ عن هذا النعيم يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم الجوع ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم)). الله أكبر! ما أعجب تلك الحال من أولئك الرجال الذين تركوا الضياع والأموال طلبًا لما عند الله مما أعده لعباده الصالحين.

ولم يكن الجوع وضيق الحال ليحولا بين النبي وبين عبادة ربه سبحانه، بل كان في كل أحيانه متعبدًا متخشّعًا قانتًا لربه، حتى لقد ذكروا من عبادته ما يُقضى منه العجب، فكان يطيل القيام ويكثر الصيام ويديم الذكر والاستغفار، فربما قام في الليل فقرأ سُدُسَ القرآن في ركعة، بل كان يطيل القيام وهو مريض وجع . فعند أبي يعلى والحاكم أنه قرأ ليلةً وهو وجِع السبعَ الطوالَ، والسبع الطوال هي: سورة البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف والتوبة. وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه صلَّى مع النبي يومًا فأطال النبي القيام، قال ابن مسعود: فلم يزل قائمًا حتى هممت بأمر سوء، قيل: وما هممت به؟ قال: هممت أن أجلس وأدعه. متفق عليه.

وكان كثيرًا ما يبكي من خشية الله، فربما قرأ القرآن فبكى، وربما قُرئ عليه القرآن فذرفت عيناه، وربما جلس على شفير القبر فبكى حتى بلّ الثرى من الدموع، وكان إذا صلى سُمع لصدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء.

وجمله القول أنه ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء أكرمَ على الله من عبده ورسوله محمدٍ ، فاللهم لك الحمد كل الحمد أن جعلتنا من أمته وأتباعه.

لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم...

 

الخطبة الثانية

لم ترد.

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً