.

اليوم م الموافق ‏23/‏شوال/‏1445هـ

 
 

 

عبادة منسية

5835

الإيمان, التوحيد

الربوبية, خصال الإيمان

جمال بن عبد الله الزهراني

تبوك

جامع الأمير فهد بن سلطان

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

ملخص الخطبة

1- إحياء عبادة التفكر. 2- فضل التفكر. 3- أنواع آيات الله تعالى. 4- التفكر عبادة الأنبياء. 5- اهتمام السلف الصالح بعبادة التفكر. 6- حث القرآن الكريم على استعمال العقل. 7- التفكر في الشمس وغير ذلك من مخلوقات الله تعالى.

الخطبة الأولى

أمّا بعد: فحديثنا معكم اليوم ـ إخوة الإيمان ـ عن أمرٍ تصلح به القلوب بعد فساد، وتَقرُبُ بعد ابتعاد، وتصفو بعد كدر، وتفرح بعد حزن وقلق. إنّها عبادة قلبية لا تُمارس إلا بالقلب، وقد تُشارِكُ فيها العين، وهي من العبادات التي قد هجرها كثير من الناس إلا من رحم ربك، وقليلٌ هم. وسنُحاول اليوم إحياءها في أنفسنا، كالبذرة نغرسها وحتما ستؤتي أكلها ولو بعد حين ثمارًا يانعة تتغذى بها أرواح المؤمنين.

هذه العبادة ـ أيها الناس ـ قد عمل بها الأنبياءُ من قبل، وانتهجها حبيبكم وإمامكم محمد ، حتى صارت صفة ملازمة له، كما سار عليها مِن بعده سلف الأمة وخير القرون المفضلة، كيف وبهذه العبادة يُعرفُ المهيمنُ العزيزُ الجبارُ المتكبرِ جل جلاله وتقدست أسماؤه؟! لأن فيها الدليل على معرفته والإيمان به. فهل عرفتم هذه العبادة أم ليس بعد؟

إنّها عبادة التَفَكُّرِ في خلق الله عز وجل، إنّها عبادة من أعظم العبادات، بها يدخل العِباد على الله فيملؤون قلوبهم إجلالاً وتعظيمًا له، فهل وقفت مرةً في حياتك أمام منظرٍ مما خلقه الله تتعمّدُ من النظر فيه أن تشاهد جلال الله وعظيم شأنه عز وجل حتى يقول قلبك بكل قوة وتعظيمٍ وإجلال: "لا إله إلا الله"، يخشع بها القلب ويذل ويخضع لجلال روعة وعظمة خلق الله جل في علاه؟ هل مارست هذه العبادة في حياتك؟ وهل مارستها كثيرًا؟

إخوة الدين والعقيدة، بهذه العبادة يُعرَفُ اللهُ فيُحَبّ، وبها يُعرف مراد الله من الخلق، وبهذه العبادة يرِقُّ القلب ويتّصل بالخالق عز وجل، وبها تُتركُ المعاصي؛ لأنَّ هذه العبادة هي الباب الموصل إلى الله تبارك وتعالى، قال ابن القيم رحمه الله: "معرفة الله سبحانه وتعالى نوعان: الأول: معرفة إقرارٍ بوجوده، وهذه يشترك فيها البر والفاجر والمطيعُ والعاصي، فكل الناس يقولون: إن الله موجود. وأمّا النوع الثاني: فمعرفة حياءٍ ومحبةٍ وشوق وأُنسٍ واتصالٍ ورغبةٍ وخشيةٍ وإقبال، وهذه يفتح الله بها على من أراد أن يعرفه به".

أخي المبارك، كيف نصل إلى معرفة الله جلَّ وتقدَّس؟ إننا بالإمكان أن نصلَ إلى معرفة الله بطريقين:

الأول: آيات الله المقروءة، ألا وهو كلام ربنا عن نفسه في كتابه القرآن.

والثاني: آيات الله المنظورة، وهي صفحة الكون وما فيها من حياة؛ لكي لا يكون لمن لا يُجيدُ القراءةَ والكتابة حجة على الله تعالى، فيقول: لم أعرفك لأنني لا أجيد القراءة والكتابة، لم أكن أفهم. سبحان الله! ألم تنظر حولك؟! أفلم ينظروا؟! أفلم يسيروا في الأرض فينظروا؟! أفلم يسمعوا؟! أفلم يروا؟!

انظر حولك، وانظر إلى بديع صنع الخالق جَلَّ وعلا وتقدّس، تأمّل صَنعة الباري وقل: سبحان باريها! جبالٌ شاهقة، وبحارٌ ومحيطات، وسماء قد مُلئت بالنجوم والكواكب الكثيرة، وأرضٌ متنامية الأطراف قد مُلئت بالأشجار والأحجار والدواب، وكائنات تُرى بالعين المجرَّدة، وأخرى لا تُرى إلا بالمجهر، وشيء نعلمه وأخرى لا نعلمها، آيات عِظام تبهرُ العقول والأبصار. فلا إله إلا الله! سبحان من خلق فسوى وقدَّر فهدى!

وفي ظل هذه الآيات المنظورة يَنقلُ هذا الأعرابي ما صوَّرتهُ عدسات عينه عندما سُئل عن وجود الله فقال بفطرته السليمة: "البَعرَةُ تدل على البعير، والأثر يدل على المسير، فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج ألا تدل على العزيز الخبير؟!". فلله ما أحسنه من استدلال! وما أعجبه من منطق وبيان!

هذا ولقد كانت آخرُ المراحل للنبي قبل بعثته هي عبارة عن تأمُّلٍ وتفكُّر، فقد جاء عن عائشة رضي الله عنها كما عند البخاري ومسلم الحديث الذي تروي فيه بدء الوحي فتقول: (ثُمَّ حُبّبَ إليه الخلاء، فكان يذهب إلى غار حراء يتحَنَّثُ فيه ـ أي: يتعبّد ـ الليالي ذوات العدد). فأي عبادة تلك ولم يكن ثَمَّةَ صلاة ولا صيام؟! فأي عبادة عرفها النبي قبل أن يكون نبيًا؟!

إنّها عبادة التأمل والتفكّر في خلق الله تبارك وتعالى، كان يمكث أيامًا طويلة يتفكر، حتى ازداد قُربه من ربه قبل بعثته؛ فكانت هذه العبادة بمثابة التهيئة من الله لنبيه ، ولم يكن يترك هذه العبادة أيضًا بعد بعثته، فقد جاء عن عائشة رضي الله عنها أنّ النبي قال لها ذات ليلة: ((يا عائشة، ذريني أتعبد الليلة لربي))، فقالت: والله إني أحب قربك وأحب ما يسرك، قالت: فقام فتطهر، ثم قام يصلي، قالت: فلم يزل يبكي حتى بل حجره، قالت: وكان جالسا فلم يزل يبكي حتى بل لحيته، قالت: ثم بكى حتى بل الأرض، فجاء بلال يؤذنه بالصلاة، فلما رآه يبكي، قال: يا رسول الله، تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر! قال: ((أفلا أكون عبدا شكورا؟! لقد أُنزلت علي الليلة آية، ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي الألْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [آل عمران: 190، 191])) حسنه الألباني في صحيح الترغيب.

ولم يكن النبي هو فقط مَن كان يؤدي هذه العبادة، بل باقي الأنبياء مِن قبله، فهذا إبراهيم الخليل عليه السلام يقول تعالى عنه: وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ [الأنعام: 75].

فيا عبد الله، إذا كنت تريد معرفة الله فتفكر في مخلوقاته، عندها يزداد قُربُك ويزداد يقينك، فإنه كلما تفكَّرَ العبد المؤمن زاد يقينه وعظُمَ إيمانه وارتقى إلى منازل المتقين، الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ [الأنبياء: 49].

سُئِلت أم الدرداء: ما كان أفضل عمل أبي الدرداء؟ قالت: التفكرُ والاعتبار. فانظر ـ يا رعاك الله ـ كيف كان التفكر في خلق الله تعالى مِن أفضل العبادات عند أبي الدرداء، ثمَّ انظر كم هي منسيةٌ هذه العبادة عند غيره. قال الإمام الحسن البصري: "تَفَكُرُ ساعة خير من قيام ليلة" أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف وابن المبارك في الزهد. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: (ركعتان مقتصدتان في تفكيرٍ خير من قيام ليلة والقلب ساه)، وقال عمر بن عبد العزيز: "الكلام بذكر الله عز وجل حسن، والفكرة في نعم الله أفضل العبادة"، وقال لقمان الحكيم: (إنّ طول الوحدة ألهم للفكرة، وطول الفكرة دليل على طَرْقِ باب الجنة)، وقال وهب بن المنبه: "ما طالت فكرة امرئ قط إلا فهم، ولا فهم امرؤ قط إلا علم، ولا علم امرؤ قط إلا عمل".

فهلا أعملنا هذا الفكر ـ أيها الأحبة ـ وأطلقنا له العنان يهيم في ملكوت الله؛ لعلّه يرجع بثمار المعرفة، فيتجدد بها الإيمان، ويُنال رضا الديّان، لتجلس في غرفتك بينك وبين نفسك، وشاهد خلق الله في نفسك، وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ، أو لعلّك تراقب يومًا شروق الشمس وغروبها، وتتأمل ـ يا رعاك الله ـ كيف يولج الله الليل في النهار ويُولج النهار في الليل.

تأمل فِي الوجود بعيْن فكر     ترَ الدنيا الدنيئة كالْخيـالِ

ومن فيها جميعًا سوف يفنى      ويبقى وجه ربك ذو الجلالِ

عباد الله، ولو مررنا بكتاب الله لوجدنا أنّه دائمًا يدعونا إلى إعمال العقل، كما في قوله تعالى: أَفَلا يَنظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ [الغاشية: 17-20]، فيأمر الله عِبَاده بِالنَّظَرِ فِي مَخْلُوقَاته الدَّالَّة عَلَى قُدْرَته وَعَظَمَته. ويقول سبحانه: إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِن دَابَّةٍ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ [الجاثية: 3-6].

فيا عبد الله، تفكَّر وتأمّل فيما حولك من الآيات العِظام، ألم تهزُزك معجزة الليل والنهار؟! ألم تُحرِّك شيئًا في وجدانك؟! ألم يؤثِّر فيك منظرُ السُّحب وقد تكومت كالجبال فأراقت ما بجوفها من ماءٍ منهمر؟! ألم يُظهر البهجةَ ما سرح به ناظرك حين أخذت الأرض زُخرُفَها وازّيَّنت؟! ألم تكن تلك الدقة المتناهية في تسيير الكون وعدم اضطرابه آيةً تُسيّر قلبك ولسانك ليلهج بالتسبيح لخالقها ومصَرّفها؟! أكُلُّ هذا لا يُحَرِّكُ مشاعرك؟! أكلُّ هذه الحياة وما يدور فيها من حولك مِن كثرة اعتيادك عليها لم يعُد منها شيء يثير إحساسك؟! إن هذا لهوَ أمرٌ في منتهى الخطورة على صاحبه؛ إذ كيف يخافُ اللهَ مَن لا يعرف قوَّته وعظمته؟! وكيف يُعَظَّّمُ الجبار عند قلوبٍ لا تعرف شيئًا مِن مُلكِ الله؟! وكيف يثق الإنسان بنصر الله وهو لم يتفكر في قدرته على تدبيره سبحانه وتصريفه للحياة؟!

وإليكم الآن ـ عباد الله ـ شيئًا مما يُظهِرُ نتائج التفكر المحمودةِ على القلوب، لنتأمّل ونتفكر سويًا في خلقه تعالى للشمس مثلاً في السماء، وما يدور في أفلاكها، وكيف أنَّ الشمس هي مصدر طاقتنا، ولولا الشمس لما كان هناك حياة على الأرض، يقول العلماء اليوم: إنَّ الشمس تتحرك بسرعة عجيبة، فهي تقطع في ثانية واحدة ما يقطعه الإنسان الماشي في خمسمائة سنة! هل تتخيل هذه السرعة الفائقة؟! واسمع لقوله تعالى: وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ [يس: 38]، وتأمل كلمة تَجْرِي، وليس (تتحرّك). فانظر بعد هذا وتفكر في عظمة شيء مِن ملك الله تعالى، فمن أنت ـ أيها المخلوق الضعيف ـ حتى تتكبر على الله؟! وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ.

وجاء عن ابن عمر كما عند مسلم أنه قال: رأيت رسول الله وهو على المنبر يقول: ((يأخذ الله عز وجل سماواته وأرضيه بيديه فيقول: أنا الله، ويقبض أصابعه ويبسطها: أنا الملك)) حتى نظرت إلى المنبر يتحرك من أسفل شيء منه، حتى إني لأقول: أساقط هو برسول الله ؟ وفي رواية: رأيت رسول الله على المنبر وهو يقول: ((يأخذ الجبار عز وجل سماواته وأرضيه بيديه)).

فتخيل هذه الأرض التي هي في قبضة الله، هل تعلم كم تساوي؟ إنّها نقطة في المجموعة الشمسية، والمجموعة الشمسية تساوي نقطة في المجرّة، ومجرّة درب التبانة تساوي نقطة في آلاف المجرات، وآلاف المجرات تساوي نقطة في السماء الأولى. لا إله إلا الله! فانظر أنت ـ أيها المخلوق الضعيف ـ كم تساوي في مُلك علام الغيوب، انظر كم هو حجمك وكيف تعصي، وتأمّل كيف أنّه سبحانه لا يخفى عليه بعد ذلك دبيب النملة السوداء على صفاة سوداء في ليلة ظلماء. أرأيت التفكر في خلق الله إلى ماذا يوصلك؟

إذًا فعلينا مراجعة الإيمانِ في قلوبنا، وأن نتعاهده بالتربية والرعاية، حتى نبني صرحًا متينا من الخوف والمراقبة لله تعالى.

بارك الله لي ولكم قي القرآن الكريم...

 

الخطبة الثانية

أما بعد: فيا إخوة الإيمان، لِمَ لا نُعطي أعيننا حظها مِن العبادة؟ فهذه الأعين قد مضى عليها سنين وهي تعصي الله عز وجل وتتمنى أن تعبُد، إلا أننا لا نعطيها الفرصة لذلك، فلنترك أعيننا تعبد الله قليلاً؛ فلعلها تجد الحياة والإيمان طويلاً، ولنتأمل في خلق الله وننظر لجمال خلق السماوات العُلى عملاً بقوله تعالى: أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ. فانظروا كيف يداعب هذا الكلام عقولنا وقلوبنا قبل أسماعنا، فهل نظرتَ يومًا إلى السماء ورأيت فيها شقًا أو ثقبًا؟! فسبحان القائل: الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ تفاوتٌ يعني: نَقْص أو عَيبٌ أو خَلَل، إلى أن قال تعالى: ثمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ. ولو كررت وأمعنت النظر كثيرًا فلن تجد أي خطأ في خلق الله عز وجل وتبارك، صُنعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ.

هذا هو خلق الله، فكلما عشت مع هذه المعاني تعلّقت به وعبدته أفضل، وكلما تعلّقت به أكثر أنستَ به أكثر، وكلما نظرت إلى الخلق زهدت فيهم مهما كانت قوَّتُهم وجبروتهم، فهل أخاف وأجزع من مخلوقٍ وأنسى خالق السماوات والأرض؟!

يا من ظننتم أنّكم أنتم مَن صنَع الحضارة، يا من تظنون أنَّ بأيديكم قيادة البشرية، اخسؤوا فالله خالق كلِّ شيء وهو على كلِّ شيء وكيل، هو المدبر وهو المتصرّف في هذا الكون كله.

إذًا، انظر ـ يا عبد الله ـ كيف تُرَبي العقيدة في قلبك، أرأيت كيف يُثمِرُ جمالُ خَلقِ الله في قلبك حين تفكَّرت، وكيف يقوَى تعلُّقكَ بالله، وهذا هو التفكر الذي نتكلم عنه، وهذه هي النتيجة التي نريد.

 

محامد و أدعية طباعة الخطبة بدون محامد وأدعية 

إلى أعلى

إذا كانت لديك أية ملاحظات حول هذه الخطبة، إضغط هنا لإرسالها لنا.

كما نرجو كتابة رقم هذه الخطبة مع رسالتك ليتسنى لنا التدقيق وتصويب الأخطاء

 
 

 2004© مؤسسة المنبر الخيرية للمواقع الدعوية على شبكة الإنترنت، جميع الحقوق محفوظة

عدد الزوار حالياً